Tuesday 19 March, 2024

صحيفة الاستقلال

اغتيال واشنطن لسليماني.. لماذا أشعل التوترات في سوريا والعراق؟

منذ 2020/01/17 16:01:00 | تقارير
التصعيد الذي أعقب مقتل سليماني شمل الولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا ما أثار التوترات في العراق وسوريا
حجم الخط

مثّل مقتل الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، حلقة جديدة من حلقات الصراع في سوريا والعراق، وقاد إلى تصعيد كبير بين الولايات المتحدة وإيران، وتوتر يصعب التكهن بمساراته أو رسم صورة لنهايته في المدى المنظور، في وقت غابت فيه احتمالات نجاح الجهود الدولية والإقليمية في الوصول إلى تهدئة شاملة.

بحسب فيليب جوردون، منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط والخليج في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، فإن عملية مقتل سليماني تعد "إعلان حرب" على إيران من جانب الأمريكيين. 

وتعتقد الإدارة الأمريكية أن اغتيال قاسم سليماني وقادة آخرين، بضربات استباقية، سينجح في منع  تهديدات "مفترضة" على المصالح والأفراد الأمريكيين في المنطقة، وعلى وجه الخصوص سوريا والعراق.

وزير الجيش الإسرائيلي الجديد نفتلي بينيت صرح قائلا: "ينبغي علينا الانتقال من العمل الوقائي الاستباقي إلى العمليات الهجومية كونها الطريقة الوحيدة لإخراج إيران من سوريا".

وبعد مقتل سليماني في 3 يناير/ كانون الثاني 2019، عززت الولايات المتحدة من تواجدها العسكري، إذ أرسلت حاملة الطائرات "هاري ترومان" قبالة الساحل السوري شرقي المتوسط، ترافقها حاملة صواريخ كروز، وغواصة نووية من الأسطول السادس، وعدة مدمرات وضعت جميعها على أهبة الاستعداد للتحرك عند الاحتياج.

وبالتزامن مع ذلك، وصلت سفينة الصواريخ "مارشال أوستينوف" التابعة للبحرية الروسية والتي أرسلت دون تخطيط مسبق، وذلك للتعامل مع احتمال وقوع مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تم تكليف عناصرها بمراقبة المجالين الجوي والبحري في شرق البحر الأبيض المتوسط.

إسرائيل تصعد

رغم نفي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضلوع بلاده في عملية تصفية سليماني، إلا أنه من المرجح أن تكون الاستخبارات الإسرائيلية قد لعبت دورًا أساسيًا سواء في حملة التصعيد العسكري التي تشمل كلا من سوريا والعراق.

قائد هيئة الأركان الإسرائيلية الجنرال أفيف كوتسافي صرح أن الوقت قد حان لإخراج الصراع مع إيران إلى العلن، والتحضير للسيناريوهات الأسوأ، وقال كوتسافي: "كل الجبهات حولنا مشتعلة، وفي كل واحدة منها تلقينا ما لا يقل عن إنذارين بالحرب فيما يتدفق السلاح بحرية من العراق ولا يمكن لإسرائيل البقاء مكتوفة الأيدي".

وتأكيدا لتلك التوجهات صرح قائد سلاح الجو الإسرائيلي الجنرال أميكام نوركين بقوله: "فيما يدور الحديث في الأروقة الأمنية والعسكرية بواشنطن حول فشل الإستراتيجية السابقة في ردع إيران عن الاستمرار في تعزيز قدراتها القتالية في العراق وسوريا ولبنان، ومنعها من تزويد الميلشيات الحليفة لها بصواريخ نوعية رغم الضربات الممنهجة التي تشن ضد المواقع العسكرية الإيرانية في تلك البلدان.

وحسب المرصد السوري، فإن مصادر أمنية صرحت بأن المقاتلات الإسرائيلية قصفت منشآت إيرانية في محيط البوكمال، فيما استهدفت مقاتلات أمريكية منشآت أخرى شمال محافظة دير الزور.

أتى ذلك عقب رصد عمليات إيرانية غير معتادة في مناطق مختلفة بسوريا، أبرزها زيارة وفد من الحرس الثوري الإيراني لمحافظة السويداء، وبحث إمكانية إنشاء قاعدتين للطائرات المسيرة بهدف جمع المعلومات الإستخباراتية وشن هجمات ضد مواقع في الأردن وإسرائيل.

دور إستخباراتي

لم يقتصر دور إسرائيل على عملية التصعيد ضد الأهداف الإيرانية في المنطقة، بل اضطلع بعملية تصفية سليماني، وأخذ شكلا استخباراتيا، فبحسب صحيفة جيروزاليم بوست، في عددها الصادر 13 يناير/كانون الثاني 2020، فإن الموساد الإسرائيلي كان له دور استخباراتي في العملية، وإن كواليس رصد تحركات سليماني شملت وجود مخبرين يعملون لدى الموساد في سوريا ولبنان.

وتحدثت الصحيفة عن كيفية رصد تحركات سليماني في الرحلة التي انتهت باغتياله بالتفصيل، حيث قالت إن سليماني غادر طهران، وكانت العملية ستلغى بسبب تأخّر الطائرة التي أقلّته عن موعدها بثلاث ساعات، لولا أن المخبر في مطار دمشق قام بدوره في التحديثات المتعلقة بتأجيل الرحلة وتفاصيل عنها، وحسب الصحيفة، فإن هذا المخبر يعمل، على الأرجح، مع الأجهزة الإسرائيلية.

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الإثنين 13 يناير/كانون الثاني 2020، تقريرا قالت فيه إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو الزعيم الوحيد من بين حلفاء الولايات المتحدة الذي تم إبلاغه بالعملية قبل تنفيذها من جانب وزير خارجية ترامب مايك بومبيو".

بالإضافة إلى ذلك نقلت شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، أن الاستخبارات الإسرائيلية شاركت في عملية 3 يناير (كانون الثاني 2020)، حيث زودت الأمريكان بمعلومات إستخبارية مهمة.

وأشارت الشبكة إلى تلقي وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) معلومات من مخبرين في مطار العاصمة السورية دمشق حول موعد إقلاع طائرة سليماني في طريقها إلى بغداد، والاستخبارات الإسرائيلية ساعدت في تأكيد التفاصيل.

وأوضحت بقولها: "عندما هبطت طائرة تابعة لخطوط أجنحة الشام، طراز "إيرباص A320"، أكد عملاء أمريكيون في مطار العراق الرئيسي، الذي يضم عسكريين أمريكيين، مكانها بالضبط".

روسيا على الخط

قال تقرير لفورن بولسي إن "روسيا ستستغل فرصة مقتل قاسم سليماني وذلك لتعزيز مكانتها في الشرق الأوسط". وأشار التقرير إلى أن مساعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيادة نفوذه في الشرق الأوسط بدأت في 2015 عبر دعم نظام الأسد، إلا أن التصعيد الأخير والذي كاد أن يتطور إلى حرب بين الولايات المتحدة وإيران، منح فرصة جديدة لروسيا لتحقيق هدفين مهمين: تقويض مصداقية واشنطن، وتوسيع نفوذ موسكو.

وأضاف التقرير أن بوتين "يرى الضغط الذي تتعرض له الأحادية الأمريكية فرصة شخصية بالنسبة له، وهو بالطبع شخص انتهازي لأبعد الحدود". وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أدان عملية اغتيال سليماني وقال إنها "انتهاك صارخ للقانون الدولي".

وأدى الصدام بين واشنطن وطهران لموجة نشاط دبلوماسي في موسكو، حيث اتصل لافروف، بكل من نظرائه في الولايات المتحدة، وإيران، والصين، وتركيا، فيما توجه بوتين في السابع من يناير/كانون الثاني 2020 لزيارة مفاجئة إلى دمشق لإظهار الدعم الروسي للنظام.

وعلى خلفية التقارير التي تلقاها ترامب حول توجه موسكو لإنشاء منطقة حظر جوي بالتفاهم مع كل من أنقرة وطهران، وتمكين إيران من السيطرة على حقول النفط والغاز، قررت الإدارة الأمريكية إرسال قواتها لاستعادة السيطرة على حقول النفط والغاز قبل وصول مهندسي الطاقة الإيرانيين للصيانة والتشغيل.

وترغب واشنطن في تأهيل تلك الحقول والاستفادة من ريعها لتحقيق عدة أهداف تتمثل في: تغطية تكاليف بقاء القوات الأمريكية، وإعادة تأهيل قوات "قسد"، وتطوير البنى التحتية في إقليم الحكم الذاتي الكردي، ومنع النظام من الحصول على أية إيرادات من النفط، الأمر الذي أغضب بوتين من جهة، ودفع بمستشارة بشار الأسد، بثينة شعبان، للتصريح بأن حكومة نظامها تنظر في احتمال رفع قضية على واشنطن لسرقتها نفط سوريا من جهة ثانية.

أجرت إيران وروسيا مناورات "حزام الأمن البحري" في 27 ديسمبر/كانون الأول 2019، بالاشتراك مع الصين في الجزء الشمالي من المحيط الهندي والتي انطلقت من ميناء "تشابهار" بإقليم سيستان جنوب شرق إيران، وأكد مساعد شؤون العمليات في القوات البحرية للجيش الإيراني الأدميرال غلام رضا طحاني أن: "المناورات أثبتت أنه لا يمكن عزل إيران".

مصالح أمريكية

في مقابل ذلك، لا يبدو أن أيران مستعدة للمغامرة والدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وحلفائها في ظل ضعفها الاقتصادي، ولن تتورط بمواجهة عسكرية مع واشنطن، ومن المحتمل أن  تلجأ لخوض معارك وعمليات محدودة في العراق وسوريا، وتستهدف مصالح أمريكية أو جنودا أمريكيين عبر ميلشيات عراقية وسورية.

وحسب الأناضول، "يتمركز في العراق منذ انتهاء العمليات القتالية الرئيسية ضد تنظيم الدولة نهاية عام 2017، أكثر من 5 الآف جندي يجري تعزيزهم بجنود إضافيين يقدرون بالمئات اتجهوا إلى العراق ودول المنطقة بعد محاولة اقتحام السفارة الامريكية في بغداد، في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2019".

ومطلع يناير/كانون الثاني 2020، عززت الولايات المتحدة قواتها الموجودة في العراق بنحو 100 جندي، بالإضافة إلى نشر أكثر من 750 جنديا من القوات المحمولة جوا في الكويت لضمان الاستجابة السريعة للرد على أية هجمات جديدة محتملة.


تحميل

المصادر:

1

مسؤول روسي: اغتيال سليماني ينذر بحرب أمريكية شيعية في العراق

2

كيف سيؤثر مقتل قاسم سليماني على الأوضاع في العراق؟

3

اغتيال رجل إيران القوي في العراق وتغيير قواعد اللعبة )

4

بعد مقتل سليماني: صفحة جديدة من الصراع في سوريا والعراق

5

نذر تصعيد المواجهة الإيرانية مع الأمريكيين بالعراق والمنطقة (تحليل)

6

Putin Moves to Heighten Russia’s Role After Suleimani Killing

7

Israeli intel helped the US assassinate Soleimani - report

8

even Days in January: How Trump Pushed U.S. and Iran to the Brink of War

9

كواليس اغتيال سليماني.. دور إسرائيل وجاسوس مطار دمشق والطلاق مع أوروبا وأسرار أخرى

10

الكشف عن دور إسرائيلي في عملية اغتيال قاسم سليماني

11

هل أبلغت واشنطن إسرائيل وحلفاءها العرب قبل اغتيال سليماني؟

12

مقتل قاسم سليماني: هل ينفذ العراق قرار البرلمان بإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في البلاد؟

كلمات مفتاحية :

أوروبا إسرائيل إيران العراق الولايات المتحدة سوريا قاسم سليماني واشنطن