لوموند: الأسباب الخفية لشرعنة ترامب الاستيطان الإسرائيلي 

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن شرعنة الولايات المتحدة للاستيطان الإسرائيلي هو جزء من استمرارية "دبلوماسية الإدارة الأمريكية" في الشرق الأوسط والتي تعود إلى عدة أسباب داخلية.

وأعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أن الولايات المتحدة "أصبحت تعارض موقف الإدارات الأمريكية السابقة من إنشاء المستوطنات الإسرائيلية، وباتت تعتبر إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية عملا لا يتعارض مع القانون الدولي".

وقال نتنياهو تعليقا على القرار: إن "إدارة الرئيس ترامب صححت ظلما تاريخيا ووقفت إلى جانب الحقيقة والعدل، أشكر الرئيس ترامب ووزير الخارجية بومبيو، هذا هو يوم عظيم لدولة إسرائيل، وهذا الإنجاز سيبقى للأجيال".

إجراء ممنهج

ورأت الصحيفة الفرنسية: أنه "في بعض قضايا السياسة الخارجية، فإن إدارة دونالد ترامب المشوشة في كثير من الأحيان تسير بشكل منهجي تجاه بعض القضايا، ومن بينها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".  

وأضافت: "يوم الاثنين الموافق 18 نوفمبر/ تشرين الثاني، وجه وزير الخارجية مايك بومبيو ضربة جديدة لموقف الولايات المتحدة القديم المتمثل في أن بناء مستوطنات للمدنيين الإسرائيليين في الضفة الغربية ليس مخالفا للقانون الدولي" وهو إعلان استفزازي للجانب الفلسطيني.

لجأ مايك بومبو إلى تصريح للرئيس السابق رونالد ريجان، الذي قال في اجتماع مع الصحفيين بعد وقت قصير من وصوله إلى البيت الأبيض في 2 فبراير/ شباط 1981: إنه لا يرى أن هذه المستوطنات "غير قانونية"، ثم اتخذ خطوة ضد الإدارة الديمقراطية السابقة لجيمي كارتر، التي اعتبر مستشارها القانوني، هربرت هانسيل، أن نقل السكان إلى الأراضي المحتلة يعد انتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة.

كما لفتت لوموند كذلك إلى أن وزير الخارجية الأمريكي ذكر أيضا بما تمت إضافته وقت الرئيس الجمهوري، وهو أن استمرار استعمار الأراضي الفلسطينية المحتلة من حرب عام 1967 كان "غير حكيم" و"استفزازي لا لزوم له". 

ودعا رونالد ريجان آنذاك إلى تجميد الاستيطان. وفي الواقع، كان موقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة، الديمقراطية والجمهورية على السواء، هو اعتبار الاستعمار "عقبة أمام السلام".

ورغم ذلك، لم يوقف هذا التحفظ، بحسب الصحيفة، النمو الهائل للمستوطنين في الضفة الغربية، باستثناء شرق القدس، من 16200 شخص وقت إعلان رونالد ريجان إلى 427800 عام 2018، وفقا لمنظمة "السلام الآن" الإسرائيلية.

 وهذا النمو، بحسب الصحيفة، جعل من الصعب على نحو متزايد إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.

تحول مفاجئ

وأكدت أن إدارة ترامب التي يمثلها في إسرائيل سفير يميني، هو ديفيد فريدمان، الداعم لـ"الاستعمار الإسرائيلي"، أول من لا ينتقد الاستيطان المستمر في الضفة الغربية، وأن هذا التحول جزء من منطق يتحدى ما كانت عليه منذ نصف قرن مفاوضات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وذكرت "لوموند" أنه بناء على تحريض من دونالد ترامب، اعترفت واشنطن من جانب واحد بالقدس عاصمة لإسرائيل، دون أن تعلن حدودها الجغرافية، حيث تريد السلطة الفلسطينية أن يكون الجزء الشرقي من المدينة، الذي جرى احتلاله عسكريا عام 1967، عاصمة للدولة التي تطالب بها.

كما سعت الولايات المتحدة إلى تحدي وضع اللاجئ المعترف به للاجئين الفلسطينيين النازحين في أول حربين عربيتين إسرائيليتين، مشددة على أن هذه الانحرافات أدت إلى انفصال غير مسبوق بين واشنطن والجانب الفلسطيني.

لكن في المقابل بقي الرئيس الأمريكي معزولا إلى حد كبير في هذا المشروع، خاصة أن الاتحاد الأوروبي رد على إعلان واشنطن أحادي الجانب تجاه المستوطنات بالتذكير بأن موقفه "من سياسة الاستيطان الإسرائيلية واضح ولا يزال من دون تغيير".

وقالت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية فيديريكا موجيريني: إن "كل نشاط استيطاني هو غير قانوني بموجب القانون الدولي ويقوض إمكانية حل الدولتين واحتمالات سلام دائم، كما أكده قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334" الذي تم تبنيه في عام 2016.

شيك مفتوح

ورأت أنه بالنسبة لمايك بومبيو الإنجيلي، كما هو الحال مع دونالد ترامب، فإن هذا الشيك المفتوح الممنوح للاستعمار الإسرائيلي له بعد مزدوج أيضا في السياسة الداخلية، فهو يهدف إلى تحويل الانتباه عن القضية الأوكرانية المتهم فيها الرئيس وتستهدف إلى عزله لإساءة استخدامه للسلطة.

كما أنها تشكل أيضا تعهدا لليمين الصهيوني الأمريكي بسبب اعتقاد الأخير في "المجيء الثاني للمسيح، الذي يجب أن يسبق عهد الله على الأرض. إن قراءة نهاية العالم هذه تمنح اليهود مهمة استعادة مملكة داود في الأرض المقدسة، قبل المواجهة بين الخير والشر"، وفق الصحيفة. 

وتؤكد "لوموند" أنه على الرغم من أن هذه الرؤية تحولت كنتيجة طبيعية للناجين اليهود إلى المسيحية، إلا أنها تفسر الدعم المتحمس لأي عنصر يعزز قبضة الدولة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.

وذكرت الصحيفة الفرنسية أن عنصر المفاجأة الذي يظهر في هذا القرار هو الخطة التي اختارها مايك بومبيو، لافتة إلى أن الإعلان عن شرعنة الاستيطان جاء قبل تقديم خطة السلام التي أعدها جاريد كوشنر، صهر ومستشار ترامب.

وخلصت إلى أنه في حين جرى تأجيل الخطة، بالنظر إلى عجز الأحزاب الإسرائيلية عن تشكيل حكومة ائتلافية في الوقت الحالي بعد الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في سبتمبر/ أيلول، فإن قرار عدم اعتبار المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية يجعل استئناف المفاوضات تحت رعاية واشنطن أمر غير واقعي بشكل كبير.