أسلحة أمريكية.. هدية السعودية والإمارات للحوثيين

منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

منذ إطلاق السعودية "عاصفة الحزم" عام 2015 في اليمن وحتى الآن، تصل الأسلحة إلى ميليشيا "الحوثي" وأفراد من تنظيم "القاعدة" بشكل مستمر، رغم إعلان التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات حصاره كل المنافذ التي قد يدخل منها السلاح إلى الميليشيات في اليمن.

يأتي هذا، في الوقت الذي أصدر فيه فريق الخبراء المعني باليمن في الأمم المتحدة تقريرا، حصلت "الاستقلال" على نسخة منه، يقول أحد بنوده "لا يزال انعدام وجود مصالح مشتركة داخل التحالف ضد الحوثيين يفاقم تقسيم البلد، ويجعل من استعادة سلطة الحكومة على جميع أرجاء اليمن بعيد المنال". فما الذي يصنعه تحالف الرياض أبو ظبي وما الذي يريده؟

السعودية تشتري ولاء الميلشيات بالأسلحة الأمريكية

"بِيعت لحليف ووصلت إلى عدو" كان هذا عنوان تقرير استقصائي أعدته شبكة "سي إن إن" الأمريكية في فبراير/ شباط المنقضي، كشفت فيه عن أسلحة أمريكية باعتها الولايات المتحدة للسعودية والإمارات، وتم العثور عليها مع الحوثيين وميلشيات أخرى تتبع تنظيم القاعدة.

وقال التقرير، إن "كلا من المملكة العربية السعودية والإمارات، الحليفين الرئيسيين للولايات المتحدة، استخدما الأسلحة الأمريكية في شراء ولاءات الميليشيات والقبائل في اليمن؛ للتأثير على المشهد السياسي المعقّد، وفقا لقادة محليين تحدثوا لـ"سي إن إن".

وأضاف المصدر ذاته، أن مدرعات أمريكية وصواريخ مضادة للدبابات، وأنظمة دفاع حرارية تعمل بالليزر، وجدت مع الحوثيين، وكان رئيس ما يسمى بـ"اللجنة الثورية العليا" التابعة للحوثيين قد ظهر على متن عربة MRAP أمريكية وسط العاصمة صنعاء.

وكشف تحقيق استقصائي مصور لقناة "دويتشه فيله" الألماني بعنوان "المستخدم الأخير"، عن حصول الحوثيين على بنادق هجومية من طراز "جي" مصنّعة في السعودية بترخيص من شركة "هتلر آند كوخ" الألمانية، وذلك بعد إسقاطها في عملية إنزال جوي في اليمن.

وعند سؤال المحقق الصحفي شركة تصنيع الأسلحة عن كيفية وصول الأسلحة ليد الحوثيين، تجاهلت الشركة الرد، بينما ردت وزارة الاقتصاد الألمانية بأنه لا أدلة على وجود أسلحة ألمانية في اليمن، وأنها ملتزمة بقوانين عدم تصدير السلاح لجهة ثالثة.

كيف وصلت الأسلحة؟

في 2018، شوهدت عربة أمريكية مدرعة من نوع "إم آر أي بي"، مع قيادي حوثي كبير في مدينة الحديدة، وبحسب تقرير "سي ان ان"،  فإن الرقم التسلسلي الخاص بالعربة قد كشف أنها كانت جزءا من صفقة بقيمة 2.5 مليار دولار أبرمتها الولايات المتحدة مع الإمارات في  2014.

إثر ذلك تحدث قادة محليون لـ"سي ان ان"، عن أن قادة الميليشيات والتشكيلات المسلحة المدعومة من السعودية والإمارات قاموا ببيع تلك الأسلحة التي تلقوها من الدولتين، لتجد بعد ذلك طريقها للحوثيين. وباعت تلك الميلشيات، حسب المصدر ذاته، كل أنواع الأسلحة التي حصلت عليها من البندقية وحتى الدبابة، وكانت تعرضها للبيع لتكون من نصيب من يدفع السعر الأعلى، بصرف النظر عن انتمائه وولائه والجهة التي يتبعها أو ينتمي لها.

ووثقفت شبكة "أريج"، المختصة بالتحقيقات الاستقصائية، في تحقيق صحفي لها منح السعودية والإمارات مدرعات وأسلحة أمريكية وبريطانية وإسبانية وألمانية وسويسرية ونمساوية وبلجيكية، لمجموعات مسلحة تعمل خارج السلطة الشرعية، كفصائل المقاومة الشعبية، والفصائل التي تسعى للانفصال في جنوب اليمن، في إشارة للحزام الأمني. وهي تشكيلات مسلحة مدعومة من الإمارات تعمل خارج سلطة الدولة اليمنية، وقد استعرض التحقيق بيانات ومواصفات تلك الأسلحة، وأماكن العثور عليها بالتفصيل.

الأسلحة الأمريكية في إيران

بانتقال الأسلحة الأمريكية إلى إيران عبر الحوثيين، لا يكون الحديث مقتصرا عن سرقتها، بل عن سرقة التكنولوجيا الأمريكية من قبل الاستخبارات الإيرانية، فقد كشف تقرير لـ"سي إن إن"، أن الحوثيين قاموا بنقل تلك التكنولوجيا العسكرية الأمريكية إلى طهران.

وقال عضو من "الأمن الوقائي" التابع للحوثيين لـ"سي إن إن"، لم يكشف عن هويته لأسباب أمنية بحسب المصدر ذاته، إن مستشارين عسكريين من إيران وحزب الله حصلوا بالفعل على مدرعات أمريكية وأسلحة أمريكية أخرى، وأن الاستخبارات الإيرانية تقوم بفحص كل الأسلحة الأمريكية ومعرفة تفاصيلها.

وكان مسؤول أمريكي قد تحدث لـ"سي إن إن"، قائلا إن عربة "إم آر آي بي" من الأسرار العسكرية التي ينبغي أن لا تسقط في يد أي عدو، حتى لا يتمكن من معرفة نقاط ضعفها.

الأسلحة الأمريكية وتنظيم القاعدة

في أغسطس/ آب 2018 نشرت وكالة "أسوشيتد برس" تحقيقا صحفيا مطولا، ذكرت فيه أن صفقة سرية تم إبرامها بين الإمارات وتنظيم القاعدة، نصّت على خروج التنظيم من محافظتي شبوة وحضرموت (جنوبي اليمن) مقابل حصول قادة التنظيم على أموال دفعتها لهم الإمارات.

وأضاف التقرير أن الصفقة تضمنت، بالإضافة إلى الأموال المدفوعة للتنظيم، اتفاقا بضم 10 آلاف من رجال القبائل المحليين، بمن في ذلك 250 فردا من عناصر تنظيم القاعدة، إلى الحزام الأمني (التشكيل المسلح المدعوم من الإمارات في عدن والمحافظات الجنوبية).

ذكر المصدر، أن خروجهم تم بعلم الولايات المتحدة، التي قامت بتأمينه بما استولوا من أسلحة وبما حازوا من أموال، مضيفا أن قوات التنظيم خرجت بعد ذلك بأسراب من الشاحنات المحملة بمدافع آلية تعج بالمسلحين الملثمين.

وصورت الشبكات التلفزيونية التابعة للإمارات، بحسب التقرير، السيطرة على المناطق التي كان يتواجد فيها أعضاء التنظيم، كعملية انتصار للإمارات، التي قالت إنها تمكنت -بعد ثلاثة أشهر من شن عملية هجومية أطلق عليها (السيف الخاطف)- من هزيمة تنظيم القاعدة وملاحقتهم، ليظهر بعد ذلك السفير الإماراتي في الولايات المتحدة يوسف العتيبة، ويتحدث عن النصر الإماراتي في تعطيل شبكة التنظيم الإرهابي وإضعاف قدرته على شن هجمات مستقبلية.

أتاحت تلك الصفقة الإماراتية لأفراد التنظيم الانتشار في المحافظات اليمنية التي تشهد نزاعا مسلحا، وعلى وجه الخصوص المدن التي تمتلك فيها الإمارات تشكيلات مسلحة تقوم بدعمها، ككتائب أبي العباس السلفية في تعز، وألوية العمالقة السلفية في الساحل الغربي.

وكان تقرير "المستخدم الأخير" الذي أعده تلفزيون "دويتشه فيله" قد تحدث عن حيازة أفراد من تنظيم القاعدة لأسلحة أمريكية في تعز. وذكر تقرير "سي إن إن"، أن تنظيم القاعدة شق طريقه إلى الخطوط الأمامية في تعز عام 2015، وهي الفترة التي كان قد خرج فيها من محافظات حضرموت وشبوة إثر الصفقة الإمارتية. وشكّل تحالفات قوية مع المليشيات الموالية للسعودية، وكذلك ميلشيات أبي العباس المدعومة من الإمارات في تعز.

وكانت شبكة "أريج" قد ذكرت في تحقيقها الاستقصائي أنها وجهت أسئلة للسلطات السعودية والإماراتية؛ عن كيفية حصول فصائل مسلحة وأفراد من تنظيم الدولة والقاعدة على أسلحة أمريكية، لكنها لم تتلق ردا.

كتائب أبي العباس

كتائب "أبو العباس" تشكيلات مسلحة تم إنشاؤها بدعم من الإمارات العربية المتحدة، ثم تم استيعابها ضمن اللواء 35 مدرع التابع للشرعية والمدعوم من تحالف الرياض-أبو ظبي، يرأس الكتائب القائد "السلفي" عبده فارع المكنى أبو العباس، الرجل الذي أدرجته وزارة الخزانة الأمريكية في قوائم الإرهاب لديها بتاريخ 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2017؛ لانخراطه في العمل مع تنظيمات إرهابية، وارتباطه بأنشطة تمويلية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتنظيم الدولة في العراق والشام، بحسب بيان الخزانة الأمريكية.   

تدعم الإمارات هذه الكتائب وتمولها بالسلاح والأموال، وتسعى من خلالها لتشكيل حزام أمني على محافظة تعز؛ للقضاء على حزب الإصلاح في المحافظة والحد من نفوذه، على غرار الحزام الأمني الذي تم تشكيله في عدن والمحافظات الجنوبية المجاورة.

وقد تحدث تقرير "سي إن إن" عن امتلاك كتائب أبي العباس لأسلحة أمريكية، وعربات مدرعة من طراز "أوشكوش" تم الاستعراض بها في المدينة عام 2015.

ميلشيات أخرى

في فبراير/ شباط الماضي، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا بعنوان "عندما تحيد الأسلحة عن وجهتها:  تحويل نقل الأسلحة إلى الميليشيات.. خطر جديد يحدق باليمن".

اتهمت فيه المنظمة، بشكل صريح، الإمارات "بتزويد ميلشيات مسلحة في اليمن متهمة بارتكاب جرائم حرب بكم هائل من الأسلحة الثقيلة والخفيفة بطرق غير مشروعة وبشكل متهور"، بحسب تعبير المنظمة.

وأشارت إلى أن "الميلشيات هي الحزام الأمني وقوات النخبة الشبوانية وألوية العمالقة، وهي ميلشيات أمنية وعسكرية موازية للقوات الحكومية قامت الإمارات بتشكيلها ودعمها، حيث يسيطر الحزام الأمني على المحافظات الجنوبية، وعلى وجه الخصوص محافظات عدن، لحج، أبين، بينما تحكم قوات النخبة الشبوانية، سيطرتها على محافظة شبوة، أما العمالقة فهو عبارة عن قوات مكونة من أربعة ألوية عسكرية تم تشكيلها من المقاومة الجنوبية المدعومة من الإمارات، وتحكم سيطرتها على الساحل الغربي التهامي".