السوريون خائفون من سحب الجنسية السودانية.. هذه هي الأسباب

الخرطوم - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

حذرت السلطات السودانية من استمرار إقامة الأجانب بشكل غير قانوني ومن بينهم السوريون ودعتهم إلى تسوية أوضاعهم

وبدأت السلطات السودانية الجديدة تنفيذ حملة لما أسمته "ضبط الوجود الأجنبي" في البلاد قد تسفر عن تعرض آلاف اللاجئين السوريين لخطر الترحيل خارج السودان.

كانت السلطات السودانية قد أصدرت حزمة قرارات جديدة منتصف سبتمبر /أيلول الماضي، قضت بمراجعة الوجود الأجنبي في الأراضي السودانية، ومنحت المخالفين مهلة 30 يوما تسري من تاريخ 11 سبتمبر/أيلول 2019 لتسوية أوضاعهم، وتفادي تطبيق الإجراءات القانونية ضدهم والتي قد تصل إلى الترحيل وتسليمهم للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

سفير سوريا في الخرطوم حبيب عباس طالب السلطات السودانية بمنح السوريين مهلة لا تقل عن 6 أشهر لتسوية أوضاعهم، خصوصا أن الآلاف منهم يعيشون أوضاعا صعبة وبالغة التعقيد، ومن الصعوبة معالجة أوضاعهم بشكل قانوني خلال 30 يوما فقط، حد قوله.

لجأ عشرات الآلاف من السوريين إلى السودان، بعد أن تسببت الحرب المندلعة في البلاد بتشريد نحو 7 مليون لاجئ في أنحاء العالم، ونزوح نحو 6 مليون و400 ألف داخل الأراضي السورية، وهو العدد الذي يمثل أكثر من 60 % من إجمالي سكان سوريا، حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

آخر إحصائية رسمية لعدد السوريين المقيمين في السودان مطلع العام 2016، أشار إليها وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، إلى أن بلاده تستضيف 107 آلاف لاجئ سوري، من أصل مليوني لاجئ من دول الجوار والمحيط الإقليمي.

وحسب الأناضول، فإنه لا توجد إحصاءات دقيقة وحديثة عن أعداد السوريين اللاجئين في السودان، غير أن تقديرات لمنظمات غير حكومية تفيد بتجاوز عددهم 200 ألف مقيم.

 

تسهيلات وتحذيرات

بعد أن عملت على استثنائهم والوعد بمنحهم إقامة "إكرامية" مجانية، نظرا لظروف الحرب والأوضاع التي تمر بها سوريا، حذرت السلطات السودانية من استمرار إقامة الأجانب بشكل غير قانوني، ومن ضمنهم السوريون، ودعتهم إلى تسوية أوضاعهم. وبدأت السلطات تطبيق إجراءات لتنظيم الوجود الأجنبي، كان من بينها: 

  • إلزام السوريين العاملين بالحصول على "تصريح عمل"، واستثناء السوريين الحاصلين على الجنسية السودانية، واعتبارهم سودانيين كاملي المواطنة.
  • إعطاء السوريين أصحاب المحلات التجارية والمطاعم مهلة 30 يوما لاستخراج أوراق قانونية لممارسة العمل التجاري في عموم مدن السودان، كما أعطت أصحاب أرباب العمل السوريين مهلة 7 أيام لتوفيق أوضاع العاملين في المحلات والمطاعم.
  • استثناء من هم دون سن الـ 20 عاما، وفوق الـ 50 عاما، من استخراج تراخيص عمل. وأكدت السلطات السودانية أنها سوف تقوم بإيقاف كل سوري مخالف، سواء كان عاملا أو غير عامل، بعد انتهاء المهلة التي ستنتهي في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2019.

وتقوم الشرطة السودانية، منذ بداية المهلة، بتنفيذ حملات واسعة لمراقبة الوجود الأجنبي، والسوريين على جه الخصوص، وفحص أوراق إقامتهم.

كان الرئيس السابق عمر البشير قد أصدر عدة قرارات في العام 2017 قضت بإعفاء السوريين المتضررين من الحرب الدائرة في بلادهم، كما وجه بمعاملة السوريين الموجودين في المدن السودانية كمواطنين سودانيين في حقوق التعليم والخدمات الصحية والإقامة المفتوحة.

مطعم سوري في الخرطوم

نزع الجنسية

أثار الحديث عن قرار السلطات السودانية بمراجعة ملفات الأجانب الحاصلين الجنسية السودانية، قلق السوريين، وكانت أنباء قد تحدثت عن قرار صادر لمدير عام الشرطة السودانية بمراجعة سجل الجنسيات الممنوحة لأجانب، عن طريق لجنة أمنية مخولة بفحص سجل الوثائق الممنوحة خلال عهد البشير، وذلك بموجب المادة 9 من قانون الجنسية السودانية، للتأكد من استيفاء تلك الوثائق للضوابط القانونية.

وتحدث مسؤولون سودانيون عن عمليات فساد كبيرة في منح الجواز السوداني لمقيمين أجانب، وحسب موقع عربي بوست، فقد بيع الجواز السوداني في بداية الأزمة السورية بنحو 10 آلاف دولار، ثم تناقصت قيمته لتصل إلى نحو 4 آلاف دولار للجواز الواحد، عبر القنوات الرسمية السودانية، لتتحول قيمته بعد ذلك إلى الاتفاق على سعره عبر المساومة بين البائع والمستفيد.

ويجري الحديث عن تزعم عبدالله البشير شقيق الرئيس السوداني السابق، لشبكة المتاجرة بالوثائق السودانية، وتقديم تسهيلات حكومية قائمة على استغلال النفوذ، وتشير التقديرات إلى أن عدد الحاصلين على جوازات سودانية بطريقة غير قانونية يتجاوز 50 ألف شخص، من بينهم عرب وأفارقة وآسيويون، فضلا عن منح بعض السوريين جنسية سودانية من قبل الرئيس السابق بشكل استثنائي.

يُذكر أن معظم السوريين الحاصلين على الجواز السوداني يستخدمونه للسفر خارج السودان، والأقل هم الذين يقيمون في السودان، بعد منحهم الجنسية.

آلاف السوريين قلقون من نزع الجنسية السودانية عنهم

وإزاء تلك المخاوف من نزع الجنسية يقول المحامي السوداني محمد الزين في لقاء تلفزيوني: إن وزارة الداخلية لا تستطيع قانونيا نزع الجنسية أو جواز السفر من حامله إلا وفق إجراءات قضائية، وبعد أن يثبت للمحكمة أن حامل الوثيقة أخل بشروط الاستحقاق.

يضيف الزين: أنه يحق للمحكمة البحث في كيفية الحصول على الوثيقة، كما يحق لها إصدار حكم قضائي بحرمانه من حقه الدستوري، بصفته حاز على الوثيقة عن طريق الرشوة، وهو الأمر الذي يعد تهديدا للأمن القومي، رغم كونها قانونية فترة سريانها، حتى يتم نزعها بحكم قضائي.

غير أن وكالة الأنباء السودانية "سونا" نقلت تصريحا للناطق الرسمي باسم قوات الشرطة العميد عمر بشير نفى فيه أي اتجاه لتغيير أو إلغاء جواز السفر السوداني، وأن ما تم تداوله مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعى بهذا الشأن عار تماما عن الصحة.

وأضاف الرسمي في تصريح لـ"سونا": أن المدير العام لقوات الشرطة قد شكل في وقت سابق لجنة لمراجعة شهادات القيد المدني لطالبي الجنسية بالتجنس، وأضاف: أن الفترة المقبلة ستشهد خدمات إضافية نوعية في استخراج الجواز خارج السودان للجاليات الكبيرة.  

ورغم تلك التطمينات إلا أن القلق مازال يساور الكثير من المقيمين السوريين، الذين يخشون من انتزاع الجنسية وسحب وثيقة السفر التي حصلوا عليها، خصوصا أن الموضوع لم يتم البت فيه، وما زال يشهد خلافا حادا في أروقة الأجهزة الأمنية والقضائية السودانية.

خبرات شامية

نقل السوريون خبراتهم الصناعية والتجارية والزراعية إلى السودان، وأحدثوا تغييرا فارقا وملحوظا في النشاط الاستثماري في المدن السودانية، فحسب إحصائيات رسمية احتلت الاستثمارات السورية المرتبة الثانية في السودان حتى العام 2018.

أحدث السوريون نشاطا زراعيا ملحوظا في المدن السودانية

ويقدر عدد المستثمرين السوريين الذين لجأوا إلى السودان بعد اندلاع الثورة السورية بـ 3 آلاف تاجر ورجل أعمال، وتركزت استثماراتهم بشكل أساسي في مجال صناعة البلاستيك والتعدين وصهر الحديد، بالإضافة إلى صناعة الملبوسات والمنسوجات والأحذية والمنظفات والأوراق، كما وصلت نسبة الاستثمار السوري في قطاع الزراعة بالسودان إلى 70 بالمئة من الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع، بينما تركز قطاع التجارة في مجال الملبوسات والمواد الغذائية بالإضافة إلى المطاعم وصالونات الحلاقة.  

أما في مجال الصناعات الغذائية فاستطاع السوريون تغطية طلب السوق المحلية السودانية، وكانت الحكومة السودانية قد أصدرت قرارا في نهاية العام 2017 بإيقاف استيراد السلع الغذائية من مصر المجاورة لها، وذلك بسبب وجود البديل المحلي الذي تنتجه المصانع السورية في السودان بعد دراسة للسوق السوداني واحتياجاته.

يعمل بقية السوريين في الأعمال الحرفية كصناعة الأثاث والموبيليا، وطباعة الأوراق، وفي أعمال ومهن أخرى تتوزع بين المطاعم والكافيهات، وصالونات الحلاقة بالإضافة إلى أعمالهم في قطاعات البناء والتشييد، ويتركز معظم العاملين السوريين في العاصمة بمدنها الثلاث (أم درمان، بحري، الخرطوم).