"ميلي غازيت" تعلّق على حظوظ الحزب التركي الجديد بالحياة السياسية

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "ميلي غازيت" التركية، مقالا للكاتب زكي جيهان، ناقش فيه الأنباء المتداولة عن قرب إنشاء حزب سياسي جديد في تركيا، برئاسة السياسي علي باباجان وزير الاقتصاد السابق، الذي كان من المقربين من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وتساءل الكاتب في بداية مقاله، ما إذا كان هذا الحزب هو الذي سيقوم بإحياء مؤسسيه، وهل يمكن أن ينقل الحزب الجديد مؤسسيه إلى السلطة بشكل منفرد أم على أقل تقدير يمكن أن ينقلهم إلى أن يكونوا شركاء في السلطة؟

ليس بقوة "العدالة والتنمية"

ورأى زكي جيهان، أن الإجابة على هكذا أسئلة صعبة، وربما بالفعل، يعمل الحزب المزمع الإعلان عنه على إحياء قيادييه من جديد. ويقصد الكاتب هنا، أن يقدمهم إلى السلطة من جديد ويعيدهم للواجهة السياسية، لكنه في ذات الوقت سيضعهم في موقف صعب للغاية، فهو يفصلهم عن شخصياتهم بشكل أو بآخر.

ونقل الكاتب عن مراقبين قولهم، إنه على الرغم من أنه ليس متوقعا لأي حزب جديد أن يكون بنفس قوة "العدالة والتنمية" في بداياته، فإن ذلك ليس مطمئنا للأخير في ظل حالة الاستقطاب وتقارب الحظوظ في المحطات الانتخابية الأخيرة، وفي ظل توحد بعض قوى المعارضة مؤخرا.

وعند هذه النقطة، يؤكد الكاتب: في ذات المسألة، وبغض النظر عن كمية الأصوات التي سيحصل عليها الحزب في أي انتخابات مقبلة، فإن بقية الأحزاب الأخرى سوف تتأثر به، خاصة وأن البقية هذه، تدافع عن النظام الرئاسي الحالي الموجود في تركيا.

ولفت إلى أن آراء سياسية، ذهبت باتجاه أن الكتلة الداعمة للحزب الجديد، لن تقتصر على ناخبي حزب "العدالة والتنمية" إذ أن الناخبين الذين يصوتون لأحزاب "الشعب الجمهوري" و"الجيد/الصالح" و"الحركة القومية" نظرا إلى عدم وجود بديل، إضافة إلى عدم رضاهم عن أحزابهم، وربما يمثّل الحزب الجديد البديل المناسب إليهم".

وكانت تركيا تحولت في 24 يونو/حزيران 2018 إلى النظام الرئاسي الذي تم التصويت عليه أواسط عام 2017 ودخل منذ ذلك الوقت حيز التنفيذ؛ وسط رفض بعض الأحزاب لهذا التحول؛ وللنظام الذي يستند على أغلبية بسيطة وهي 50 بالمئة +1.

النظام الرئاسي

وانتقل الكاتب بشكل أكثر تفصيلا ليعلق على النظام الرئاسي في الدولة، مبديا عدم ترحيبه بهذا النظام وقال: "نعم، لقد تم دائما النظر إلى النظام الرئاسي وإظهاره كضمان للاستقرار، لكن هذا الاستقرار لم يتحقق؛ على العكس تماما، لقد حل عدم الاستقرار تماما بدل الاستقرار في هذا النظام".

وأضاف: "قد يكون النظام الماضي وهو النظام البرلماني، ليس ذلك النظام المثالي في تركيا، ولكن لم تعش تركيا هذه الكمية الكبيرة من المشاكل بالقدر الذي عاشته في ظل النظام الرئاسي".

وشن الكاتب في مقاله هجوما عنيفا على النظام الرئاسي، فقد قال إن "الجميع اليوم يستند على نظام الشخص الواحد، ينتظر التعليمات منه، ويحاول أن يستقي التطورات من ذلك الشخص"، في إشارة واضحة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وأوضح الكاتب أنه عندما يصبح كل شيء مرتبطا بكلمة من شخص واحد، فإن الاستقرار المزعوم لا يمكن أن يحدث.

ولعل الكاتب هنا، يتوافق مع زعيمة الحزب "الجيد" ميرال أكشنار، والتي تشن بين الفينة والأخرى هجوما عنيفا على النظام الرئاسي وتطالب بالتحول الى النظام البرلماني مرة أخرى، أكشنار كانت ضمن الصفوف الأولى لحزب "الحركة القومية" بزعامة دولت بهتشلي وهو المتحالف مع الرئيس أردوغان في كل الفترات الانتخابية الماضية؛ وانشقت عنه مؤسسة الحزب الجيد متحالفة مع المعارضة وحزب الشعب الجمهوري.

ولفت زكي جيهان إلى أن أصحاب نظرية "الرأي الوسط" لم يعودوا صالحين للعمل السياسي، فهم، بدأوا الأمر كذلك، لكن بعد ذلك، انفضّ المجلس كما يقال وباتت كلمة شخص واحد في تركيا هي التي تسري، وفي ظل هكذا وضع فإن الاستقرار أبعد ما يكون عن البلاد.

هل يضعف "العدالة والتنمية"؟

وبعد هذه الآراء حول السلطة القائمة في تركيا، يعود الكاتب لمستجدات الحزب الجديد ومؤسسيه الذين قدموا من قلب حزب "العدالة والتنمية" الحاكم وبالدرجة الأساسية علي باباجان، وزير الاقتصاد السابق والذي كان من أقرب المقربين من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وبحسب الكاتب، فإن الحزب الجيد قد لا يتمكن من نقل مؤسسيه إلى السلطة بمفردهم أو بشكل مشترك؛ لكنه يؤثر بشكل واضح على السلطة الحاكمة في تركيا، فبالكاد يستطيع أن يتولى زمام الأمور في تركيا، ولذلك يبحث عن اتفاقات وائتلافات، فكيف ويجري الحديث عن انشقاقات في الحزب الحاكم وتكوين حزب جديد من شخصيات كانت لامعة في صفوف "العدالة والتنمية".

وخلص الكاتب إلى أن "الحزب الجديد لن يعني أكثر من مجرد حركة انشقاق عن حزب السلطة، فهي -أي الحكومة- استمرت بالبقاء في السلطة من خلال تخويف الناخبين والمواطنين الأتراك من البديل، قائلة: إن ذهبنا هم سيأتون".

وتساءل جيهان في ختام مقاله بالقول: أليس من الواضح أن أولئك الذين هم في السلطة سيفقدون فرصهم مع تأسيس الحزب الجديد؟ وإجاب بالعودة إلى ذات النقطة التي بدأ فيها مقالة، وهي أن "الحزب الجديد قد لا ينقل بالفعل مؤسسيه إلى السلطة، لكنه سيهز عجلات الحكم القائم في تركيا".

وتتكهن بعض وسائل الإعلام التركية، بأنه من الممكن أن تشهد البلاد تشكل أحزاب عدة أخرى، وجميعها على يد سياسيين سابقين بالعدالة والتنمية، أبرزهم أحمد داود أوغلو الذي يختلف في تصوراته عن البقية ولا يزال عضوا بالحزب الحاكم، ووزير المالية السابق وصاحب التصريحات المثيرة محمد شيشمك، وآخرهم المستقيل حديثا من "العدالة والتنمية" علي باباجان.


المصادر