مصالح قصيرة المدى.. منظمة دولية تكشف سر صمت بايدن على انتهاكات ابن سلمان

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

توقفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عند الوضع في نحو 100 دولة، وسلطت الضوء على تدهور حقوق الإنسان في البلدان الشمولية "في وقت تغض فيه البلدان الديمقراطية النظر عن هذه الحقيقة، خدمة لمصالحها الخاصة".

وقالت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية، إن تيرانا حسن، المديرة التنفيذية بالإنابة في "هيومن رايتس ووتش"، إحدى المنظمات الدولية الرائدة في حقوق الإنسان، والتي تعمل في أكثر من 90 دولة، تعتبر أن "أزمات حقوق الإنسان لا تظهر بين ليلة وضحاها".

وأشارت إلى أن "المنظمة تنشر سنويا تقرير نتاج عمل مكثف يحلل التقدم أو التراجع في حقوق الإنسان في ما يقرب من 100 دولة"، معلقة: "في الإجمال، لا تبشر النتائج بالتفاؤل".

حكومات مستبدة

ونقلت الصحيفة الإسبانية عن حسن أن "الحكومات التي لا تحترم التزاماتها القانونية لحماية حقوق الإنسان على أراضيها تزرع بذور السخط وعدم الاستقرار والأزمات في نهاية المطاف".

وشددت على أنه "في حال لم يوضع حد لهذا التجاوز، تزداد الاختلالات التي ترتكبها الحكومات المتعسفة".

وأكدت المسؤولة أن "تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان له تكلفة باهظة، ولا ينبغي الاستهانة بآثارها".

ونقلت بوبليكو أن "التقرير المرتقب يسلط الضوء على الوضع الداخلي المتآكل في روسيا، وغزوها لأوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط 2022، وانعدام الحريات، واضطهاد الأقليات على يد النظام الاستبدادي الصيني، والقمع الوحشي للاحتجاجات في إيران، أو التدهور الحاد في أفغانستان التي تحكمها حركة طالبان".

في الآن ذاته، ينتقد التقرير "استخفاف" قادة الدول الديمقراطية الذين يتفاوضون مع هذه "الحكومات المستبدة" من أجل مصالح قصيرة المدى، متجاهلين انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبونها.

ومن الأمثلة الصارخة على هذا الاستخفاف، يبرز اللقاء بين رئيس الولايات المتحدة، جو بايدن، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في محاولة من بلاد العم سام للوصول إلى اتفاقات لاحتواء ارتفاع أسعار النفط.

ولفت التقرير إلى أن "اللقاء انتُقد ليس فقط لندرة الحريات في الدولة العربية، ولكن أيضا بسبب الجريمة التي ارتكبها ابن سلمان ضد الصحفي جمال خاشقجي في السفارة السعودية بإسطنبول عام 2018".

وتابع: "عموما، لا تعد هذه القصة المثال الوحيد للمعايير المزدوجة في الولايات المتحدة".

وشدد التقرير على أن "إدارة بايدن، رغم أن خطابها يعطي الأولوية للديمقراطية وحقوق الإنسان في آسيا، خفف من انتقاداته للانتهاكات والاستبداد المتزايد في الهند وتايلاند والفلبين وأماكن أخرى في المنطقة لأسباب أمنية واقتصادية، بدلا من الاعتراف بأن كل هذه المشاكل مرتبطة ببعضها".

علاوة على ذلك، يضع التقرير النفاق أو المعايير المزدوجة لأوروبا تحت المجهر، خاصة فيما يتعلق بمسألة الهجرة واستقبال ملايين اللاجئين الأوكرانيين مع وضع عراقيل أمام استقبال طالبي اللجوء السوريين والأفغان والفلسطينيين والصوماليين وغيرهم.

وأشار إلى أن "تهور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرجع، في جزء كبير منه، إلى حقيقة أنه تمكن منذ فترة طويلة من التصرف بحرية مع الإفلات من العقاب".

كما يذكّر بأن عمليات قتل المدنيين في أوكرانيا، مثل مذبحة بوشا أو قصف ماريوبول، سبقها دعم عسكري روسي لنظام بشار الأسد في سوريا سنة 2015.

عموما، بعد الغزو الروسي، كانت الإدانة والعزلة والعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية شبه إجماع بين المجتمع الدولي، وهي خطوة أظهرت أنه "من الممكن" مساءلة المتجاوزين وتوفير الحماية للمدنيين، وفق التقرير.

لكن، نبهت "هيومن رايتس ووتش" إلى أنه "كان على الحكومات التفكير في الاحتمالات الممكنة إذا تصرف المجتمع الدولي بطريقة منسقة لمحاسبة بوتين قبل ذلك بكثير"، على سبيل المثال عندما بدأت الحرب في دونباس في أوكرانيا خلال سنة 2014.

مفرط وقاتل

وبحسب المنظمة، حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2022، كانت مجموعات حقوقية مختلفة تحقق في مقتل ما لا يقل عن 341 شخصا شاركوا في احتجاجات إيران، بينهم 52 طفلا.

وتشهد إيران موجة من الحشود قوبلت بالقمع الهائل عقب وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر/أيلول 2022، على يد "شرطة الأخلاق".

وبشكل عام، كان الردّ على الاحتجاجات السلمية من جانب حكومة النظام "مفرطا وقاتلا"، استعملت فيه "الخراطيش والبنادق والأسلحة النارية".

ويضاف إلى ذلك سجن مئات الأشخاص "بتهم غير مبررة" وإصدار 16 حكما بالإعدام، أربعة منهم نفذوا، بعد محاكمات موجزة.

وفي هذا السياق، لخصت الباحثة الإيرانية في هيومن رايتس ووتش، تارا سبهري، المسألة في هذا التقرير بـ"القمع الهائل، والانتخابات غير العادلة، والفساد الظاهر وسوء الإدارة، تحكم الأوتوقراطية الإيرانية بما تبقى لها: القوة الغاشمة".

ولفتت المنظمة غير الحكومية إلى أن "إيران اعتقلت أكثر من 15 ألف متظاهر، دون اتباع الإجراءات القانونية اللازمة، ووسط العديد من الاتهامات بالتعذيب، كما اعتقل صحفيون ونشطاء ومحامون بتهمة دعم الاحتجاجات".

كما يولي التقرير اهتماما خاصا لوضع النساء في أفغانستان بعد عودة طالبان إلى السلطة.

وفي غضون عامين، تم تقييد تعليم الفتيات، ووصول النساء إلى الجامعة، وفرض حظر على عمل النساء.

ولخصت باحثة "هيومن رايتس ووتش" في أفغانستان، فريشتا عباسي، بالقول: "كل هذا يسير جنبا إلى جنب مع قمع واسع النطاق وسجن الصحفيين بسبب تغطيتهم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في البلاد أو توجيه انتقادات لحكومة طالبان".

وذكر التقرير أن "أكثر من 90 بالمئة من السكان الأفغان عانوا من انعدام الأمن الغذائي على مدار العام، وهو الأمر الذي يؤثر بشكل خاص على النساء والفتيات اللواتي منعن من العمل".

وعلقت عباسي: "يجب على سلطات طالبان الامتثال لالتزاماتها القانونية الدولية والسماح للنساء والفتيات بالتعلم والعمل والتحرك بحرية".

من جانب آخر، يثير الوضع في أميركا اللاتينية قلق المنظمة، "في سياق انتخابي متقلب".

وبين التقرير أن أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة تواجه أحد "أسوأ السيناريوهات في السنوات الأخيرة، مع تدهور خطير للغاية لسيادة القانون في عدة دول، واعتداءات مباشرة على الأنظمة الانتخابية وضد القضاء والصحافة المستقلة والمجتمع المدني". 

ويضاف ذلك إلى "المشاكل المزمنة" في المنطقة مثل انعدام الأمن والفساد والفقر وعدم المساواة وأزمة المناخ.