سليمان موسوي فر.. معمم إيراني موّل حزب الله اللبناني من أوروبا فطردته ألمانيا

يوسف العلي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

"ذراع إيران وداعم المليشيات" هكذا وصفت وسائل الإعلام الألمانية نائب رئيس مركز هامبورغ الإسلامي "سليمان موسوي فر"، بعد قرار بطرده صدر في 18 يونيو/ حزيران 2022 بتهمة "دعمه المليشيات الشيعية".

وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، قالت صحيفة "بيلد" الألمانية، أن سليمان موسوي فر، غادر ألمانيا على متن طائرة إلى دبي، بعد طرده من ألمانيا "لدعمه المليشيات الشيعية المتطرفة".

وحاول موسوي فر البقاء في ألمانيا حتى نهاية يناير/ كانون الثاني 2023، لأن أطفاله اضطروا للذهاب إلى المدرسة هناك، لكن السلطات الداخلية في هامبورغ رفضت ذلك بسبب ضغط نيابي كبير.

"ذراع خامنئي"

قرار الطرد الألماني الذي صدر بحق موسوي فر، جاء بسبب "دعمه لمنظمات متطرفة، ونشره مقاطع فيديو ترويجية لها عبر حسابه في فيسبوك، وجمعه تبرعات مالية لجماعة حزب الله اللبناني"، حسبما ذكرت صحيفة "هامبورغ مورغن بوست" الألمانية.

وأوضحت الصحيفة الألمانية في 18 يونيو/ حزيران 2022 أن "موسوي له علاقات وثيقة مع مسؤولي حزب الله اللبناني"، واصفة مركز هامبورغ الإسلامي بأنه "ذراع إيران الممدودة في أوروبا".

وأشارت إلى أنه "وفقا للقانون في ألمانيا، يجب على رجل الدين الإيراني مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن، وإذا خالف أمر الترحيل يمكن سجنه لبضع سنوات"، مؤكدة أنه "فرض حظر الدخول والإقامة على موسوي في ألمانيا، وإذا انتهك القرار فقد يواجه عقوبة تصل إلى السجن لثلاثة أعوام".

ولفتت الصحيفة الألمانية إلى أن "موسوي شارك في مظاهرات معادية للسامية قبل أربعة أعوام، وكان على اتصال بأعضاء حزب الله اللبناني".

وكانت وزارة الداخلية الألمانية قد أعلنت في عام 2021 معاقبة أي شخص يدعم بشكل واضح "المنظمات الإرهابية أو ممولي الإرهاب"، وكل ما يشكل تهديدا خطيرا لأمن أراضيها، مهددة بالطرد أولا.

وفي يونيو/ حزيران 2022، ذكر موقع "فردا" الإيراني المعارض، أن المركز "الإسلامي في هامبورغ" يعد من أهم المؤسسات الإسلامية في ألمانيا وأقدم مسجد للطائفة الشيعية في أوروبا، وتموله إيران.

وأشار إلى أنه "في عام 2021 جرى إزالة المركز الإسلامي الإيراني من المجلس التنفيذي لمجلس المجتمعات الإسلامية في مدينة هامبورغ"، وقد تم تسميته مسجد "الإمام علي"، ويعد من أقدم المساجد الشيعية في أوروبا.

ونقل الموقع عن مسؤول في وزارة الداخلية الألمانية (لم يكشف هويته) أن "أي شخص يدعم بشكل واضح المنظمات الإرهابية أو ممولي الإرهاب، يشكل تهديدا خطيرا لأمننا من وجهة نظري"، مضيفا أن "النتيجة المباشرة تكون الطرد".

من جانبها وصفت وكالة "أنباء فارس"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني قرار الحكومة الألمانية طرد رجل الدين سليمان موسوي فر، بأنه "يتماشى" مع التوجهات الإسرائيلية.

يذكر أن ألمانيا قررت في 30 أبريل/ نيسان 2020 حظر حزب الله اللبناني على أراضيها، مصنفة إياه "منظمة إرهابية"، وذلك بعدما كانت تفرق في السابق بين الذراع السياسي للحزب ووحداته العسكرية التي تقاتل في سوريا.

"عش التجسس"

وصل سليمان موسوي فر البالغ من العمر 46 عاما إلى ألمانيا أواخر عام 2016 بتأشيرة "خريج جامعي" للعمل كرجل دين شيعي في المركز الإسلامي الإيراني بهامبورغ.

وانضمت إليه زوجته وطفلاه في يناير 2017. وولد له طفلان آخران في ألمانيا، بحسب صحيفة "بيلد".

ويحمل موسوي فر درجة علمية تسمى "حجة الإسلام والمسلمين"، وهو لقب في الحوزة العلمية الشيعية يعطى لمن بدأ في حضور دروس "السطوح العالي"، وهو ما يسمى في عرف الحوزة الشيعية بـ"المراهق للاجتهاد".

وفي يونيو/ حزيران 2022 أصدر "الاتحاد الأوروبي لعلماء الشيعة" بيانا احتج فيه على قرار طرد سليمان موسوي فر.

وأشار الاتحاد إلى أنه عضو نشط في هذا الاتحاد، وزعم أنه كان دائما شخصا معتدلا وملتزما بالقانون أثناء إقامته ونشاطه في ألمانيا وأوروبا، وله صفة واضحة.

وأضاف أن موسوي فر له سجل حافل في نبذ أي نوع من التطرف أثناء محاولته التقريب بين الأديان الإسلامية وتطوير الحوار بين الأديان السماوية في ألمانيا.

كما زعم أنه تجنب دائما السلوك غير القانوني، واصفا "الاتهامات الموجهة لموسوي بأنها "غير مبررة".

ومع ذلك أصر عدد كبير من النواب الألمانيين على مغادرة البلاد، بعدما تقدم بطلب للبقاء حتى يناير 2023.

ونقلت صحيفة بيلد عن السيناتور الألماني آندي غروت العضو بالحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم أن "موسوي فر لا يمكنه البقاء في ألمانيا لمدة يوم واحد".

ويعد المركز في هامبورغ الذي يعمل فيه موسوي فر الذراع الطويلة للنظام الإيراني في أوروبا، ويرجع تاريخ تأسيسه إلى ثلاثينيات القرن العشرين بدعم حسين علي الطباطبائي البروجردي، أحد أبرز مراجع الشيعة في قم، ويصدر أمر تعيين رئيس المركز من المرشد علي خامنئي.

وعرف عن المركز الإيراني بأنه ينظم مناسبات شيعية وإيرانية، ذات طابع سياسي، بما يتنافى مع القوانين الألمانية، حيث أقيم حفل تأبين لقاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس، الذي اغتيل بغارة أميركية قرب مطار بغداد في يناير 2020، والذي كان مدرجا ضمن قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي.

وفي تقريره السنوي الذي صدر في يونيو 2022، كتب المكتب الدستوري الألماني نحو أربع صفحات عن الأنشطة الاستخبارية التي تقوم بها وزارة الاستخبارات الإيرانية، وسفارة إيران في برلين، والمركز الإسلامي في هامبورغ، وكذلك الحرس الإيراني وفيلق القدس.

وأكد التقرير أن "النظام الإيراني يعد من الحكومات الرئيسة التي تقوم بأنشطة تجسس ضد ألمانيا، وأحد أهداف سياسته الخارجية الرئيسة هو الاستمرار في تصدير الإرهاب إلى دول أخرى".

وأضاف: "يعد المركز الإسلامي في هامبورغ، إلى جانب السفارة الإيرانية، أهم تمثيل في ألمانيا ومركز الدعاية المهم لإيران في أوروبا. وبمساعدة هذا المركز تحاول إيران ربط الشيعة من جنسيات مختلفة بنفسها".

ولفت إلى أنه "لا تزال وزارة الاستخبارات تلعب دورا رئيسا في أنشطة النظام الإيراني في ألمانيا. وينصب التركيز الرئيس لهذه الخدمة على مجموعات المعارضة الإيرانية النشطة في ألمانيا. إضافة إلى ذلك، تظهر الأنشطة الاستخباراتية داخل البلاد وخارجها أن وزارة المخابرات مهتمة باستمرار بالتحقيق في السياسة الخارجية والأمنية".

في السياق ذاته، طالب مسؤول السياسة الخارجية لحزب "الخضر" الألماني، النائب بالبرلمان الألماني من أصول إيرانية أوميد نوريبور الحكومة الألمانية بإغلاق المركز الإسلامي في هامبورغ.

ووصف النائب في البرلمان الألماني المركز الإسلامي في هامبورغ بأنه "عش للتجسس" لإيران في البلاد.

وفي سبتمبر/ أيلول 2022، نظمت لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الألماني جلسة استماع حول تمويل المركز الإسلامي في هامبورغ، إذ ذكر تقرير اللجنة أن "هناك مؤشرات على تمويل حكومي مباشر للمركز الإسلامي في هامبورغ من إيران".

"رجل التمويل"

وفقا لتقارير استخباراتية ألمانية، فإن رجل الدين الإيراني موسوي فر، لعب دورا كبيرا في دعم المنظمات الشيعية المتطرفة والمتشددة وجمع الأموال لحزب الله اللبناني، وكان على اتصال مباشر مع أعضاء الحزب.

وكشفت وثائق في عام 2021 أن المركز الإيراني في هامبورغ هو بمثابة مكتب خارجي لطهران في أوروبا.

وقال المتحدث باسم المكتب الإقليمي لهيئة حماية الدستور في هامبورغ ماركو هاسه، إن "الوثائق الإيرانية المتاحة حاليا لدى هيئة حماية الدستور تبين التزام مدير المركز محمد هادي مفاتح بتعليمات النظام الإيراني".

وأوضح هاسه خلال تصريحات له في 17 يوليو 2021 أن "ادعاء المركز بأنه مؤسسة دينية بحتة مستقلة عن إيران يعد لذلك غير جدير بالتصديق"، لافتا إلى أن الوثائق "أكدت على نحو شبه رسمي أن مفاتح يعد نائبا رسميا لخامنئي".

وأردف: كما يرى مكتب حماية الدستور أدلة على أن "مفاتح مرتبط مباشرة بمكتب قائد الثورة، إضافة إلى ذلك فقد عُثر على أدلة على وجود صلات بين المركز وحزب الله اللبناني المصنف على أنه منظمة إرهابية".

وفي يونيو/ حزيران 2022، نشر موقع "ژورنال" الإيراني المعارض تقريرا أشار فيه إلى أن "المركز الإيراني في هامبورغ يعد أحد أهم مراكز تكاثر المتشددين في أوروبا، كون هذا المركز يعمل في التجسس وتنظيم الإرهاب في أوروبا وألمانيا".

ولفت الموقع إلى أن "أسد الله أسدي، المسجون حاليا بتهمة تنظيم عملية إرهابية، وكان يعمل في سفارة النظام (الإيراني) في فيينا، قام بزيارة هذا المركز ونظم العملية بمساعدة هؤلاء الملالي".

أسد الله أسدي كان الدبلوماسي الثالث لسفارة إيران في النمسا، واعتقل أثناء عودته إلى مقر إقامته في النمسا على الطريق السريع في ولاية بافاريا الألمانية في 10 يونيو 2018، بتهمة التورط بمحاولة تفجير تجمع لحركة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في مدينة فيلبانت شمال باريس، ولم يكن لهذا الدبلوماسي حصانة سياسية على التراب الألماني.

وأشار إلى أنه دأب "على فضح هذا المركز وأنشطته منذ سنوات، ونظم مرات عديدة تجمعات أمام المركز الإيراني مع معارضي الحكومة الإيرانية. وقلنا أن مفاتح هو ممثل خامنئي وتمتد يده في أوروبا وألمانيا، ونفى مفاتح ذلك أمام الإعلام الألماني".

واستدرك: "لكن الشرطة الألمانية، التي تراقب هذه الأحداث مرة أخرى بسبب الاحتجاجات، أعلنت مؤخرا أن مفاتح هو ممثل خامنئي، وأن موسوي فر جمع مساعدات مالية لحزب الله اللبناني، وهو متعاون مع الحزب والعديد من المنظمات الأخرى المحظورة في ألمانيا".

وعد الموقع المعارض أن "ترحيل موسوي فر من ألمانيا هو بداية للهجوم على هذا التنظيم"، معربا عن أمله إعلان مركز هامبورغ غير قانوني، وطرد كل هؤلاء المتشددين من ألمانيا، وفي مقدمتهم مفاتح.