شبل الزيدي.. زعيم مليشيا عراقي معاقب أميركيا وسعوديا يتحدى تركيا عسكريا

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

"تصنفه الولايات المتحدة والسعودية على لوائح الإرهاب، لعلاقته بإيران وأذرعها بالمنطقة" ذلك هو قائد مليشيا "كتائب الإمام علي" في العراق شبل الزيدي، أحد أبرز المقربين من الجنرال الإيراني، قاسم سليماني الذي قتل في غارة أميركية عام 2020.

الزيدي نشر تغريدة في 17 يونيو/حزيران 2022، عد فيها تركيا ومصالحها بأنها "أصبحت أهدافا معادية" في العراق، وذلك على خلفية هجمات تنفذها أنقرة ضد تواجد "حزب العمال الكردستاني" (بي كا كا) في العراق، وتحديدا في مناطق سنجار وإقليم كردستان شمال البلاد.

صنيعة إيرانية

وكتب زعيم مليشيا "كتائب الإمام علي" الشيعية، عبر "تويتر" قائلا: "إِنّا لَقَومٌ أَبَت أَخلاقُنا شَرَفا أَن نَبتَدي بِالأَذى مَن لَيسَ يُؤذينا"، وذيل تغريدته، بالقول إن "تركيا ومصالحها أهداف معادية".

وعلى أثر ذلك، أفادت وسائل إعلام عراقية في اليوم ذاته، بسقوط 5 صواريخ من نوع غراد على معسكر زليكان الذي تتخذه القوات التركية قاعدة لها في الموصل شمال العراق، مشيرة إلى أن الصواريخ "انطلقت من موقع خلف أكاديمية شرطة نينوى يسيطر عليه لواء تابع لقوات الحشد الشعبي".

وشبل محسن عبيد الزيدي، الذي يعرف محليا بـ"الحاج شبل" من مواليد العراق عام 1968، برز اسمه إبان تشكيل مليشيا "جيش المهدي" عام 2004، التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ويُزعم أنه أحد أكثر قادته المذهبيين شراسة.

سجنته القوات الأميركية التي كانت تحتل العراق (2003 إلى 2012) بعد معارك ساندت فيها الأخيرة الجيش العراقي في قتاله ضد "جيش المهدي" في عملية أطلق عليها "صولة الفرسان" في مارس/آذار 2008.

ويتهم "جيش المهدي" بقيادة الصدر، بارتكاب جرائم قتل فظيعة ضد أهل السنة في العراق، إضافة إلى تهجيرهم وهدم وحرق مساجدهم، وذلك أثناء سنوات الحرب الطائفية بالبلد التي استمرت من 2006 وحتى 2008، وراح ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين.

لكن الحكومة العراقية بقيادة نوري المالكي أطلقت سراح الزيدي عام 2010، ليحظى بعدها بدعم من إيران مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، حيث تولى قيادة مجاميع من مليشيات موالية لها للقتال في سوريا مع رئيس النظام بشار الأسد.

وعام 2014، وعندما اجتاح "تنظيم الدولة" ثلث مساحة العراق، وإعلان المرجع الشيعي، علي السيستاني، "الجهاد الكفائي" لقتال التنظيم، أعلن الزيدي تأسيس مليشيا أطلق عليها اسم "كتائب الإمام علي" ضمن تشكيلات "الحشد الشعبي" الذي يضم العشرات من المليشيات الشيعية في العراق.

وبرز نشاط المليشيات الموالية لإيران بقيادة الزيدي في مناطق، آمرلي وطوزخورماتو وديالى في العراق، حيث أظهرت مقاطع فيديو ارتكابهم انتهاكات بحق أهل السنة في هذه المناطق، ولا سيما على يد أحد قادته العسكريين، أيوب الربيعي المعروف إعلاميا بـ"أبو عزرائيل".

ونشر مقاتلو "كتائب الإمام علي" صورا وفيديو، تظهر ارتكابهم جرائم حرب ضد الشعب العراقي؛ حيث أظهرت أشرطة فيديو قيام عناصر تلك الكتائب بقطع الرؤوس لخصومها على طريقة "تنظيم الدولة".

وفي نهاية مايو/أيار 2015، انتشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يكشف عناصر من مسلحي كتائب "الإمام علي"، وهم يحرقون شخصا، بعد تعليقه فوق نار أوقدوها في إطار شاحنة.

صديق سليماني

"الزيدي" عرف بقربه الشديد من قائد فيلق القدس الإيراني، سليماني، وأظهرت العديد من الصور على منصات التواصل الاجتماعي أثناء الحرب ضد "تنظيم الدولة" من 2014 إلى 2017، وجود الزيدي وسليماني معا في عدة مناطق بالعراق.

وفي عام 2016 تعرض الزيدي إلى إصابة بالغة أثناء المعارك ضد "تنظيم الدولة" في قضاء تلعفر بمحافظة نينوى (مركزها الموصل) كادت أن تودي بحياته، ونقل إلى بغداد بطائرة مروحية لتلقي العلاج، وتعافى بعد ذلك.

وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أصدر مكتب الأصول الأجنبية التابع للخزانة الأميركية لائحة اتهام بحق الزيدي، منها العمل نيابة عن قوات "الحرس الثوري" الإيراني.

ومن الاتهامات أن الزيدي عمل منسقا ماليا بين "الحرس الثوري" والجماعات المسلحة في العراق، وساعد في تسهيل الاستثمارات العراقية نيابة عن قائد الحرس الثوري، سليماني.

وبحسب التقرير، فإن الزيدي نسّق تهريب النفط من إيران، وتهريب النفط إلى سوريا لصالح إيران، وإرسال مقاتلين عراقيين إلى سوريا بناء على طلب من الحرس الثوري.

كما سجل التقرير الأميركي ظهورا علنيا متكررا للزيدي ​​مع سليماني -أربع مرات على الأقل-.

وأشار إلى أن الزيدي حافظ على علاقات عمل وثيقة مع مسؤولي "حزب الله" ومموله، أدهم طباجة.

وشملت هذه الأنشطة، توفير الحماية للشركات في العراق التي يزعم التقرير أن حزب الله يمولها، وتيسير انتقال تمويل الحزب إلى العراق من أجل الاستثمارات.

ووفقا للتقرير، فإن الزيدي قام مع كبار مسؤولي "حزب الله" بتحويل مبالغ كبيرة من المال إلى لبنان للمساعدة في تمويل مشاركة الحزب بالنزاع السوري.

وأكد أن الزيدي نقل مبالغ كبيرة من المال إلى "طباجة"، وعمل مع شخص اسمه "محمد المختار كلاس" لتسهيل حركة المبالغ النقدية بالجملة من العراق إلى لبنان لصالح "طباجة".

وذكر تقرير الخزانة الأميركية، أن الزيدي شريك ومؤسس لشركة (سارل) العالمية، المملوكة أو المسيطر عليها من "طباجة".

وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أصدرت رئاسة أمن الدولة في السعودية، بيانا، اتهمت فيه عدة أشخاص وجهات من إيران ولبنان والعراق ودول أخرى بـ"دعم الإرهاب"، معلنة صدور لائحة لشركات وكيانات اقتصادية وشخصيات تتهمها الرياض بدعم الحرس الثوري وحزب الله.

وحل زعيم مليشيا "كتائب الإمام علي"، الزيدي، في الترتيب 23 ضمن المتهمين في القائمة، التي تضم 28 جهة وشخصا، حيث اتهم البيان الجهات والشخصيات المذكورة بالانتماء لشبكات النظام الإيراني، وتوفير الدعم المالي لقوات "الباسيج" الإيرانية التابعة للحرس الثوري، والذي تتهمه السعودية بتنفيذ هجمات إرهابية في المنطقة.

وأكدت الرياض أن البيان صدر بالتنسيق مع شركائها في "مركز استهداف تمويل الإرهاب"، والذي يضم حكومات دول الخليج الست، إضافة إلى الولايات المتحدة، مما يعني اتخاذ إجراءات قانونية وأمنية ضد المدرجة أسماؤهم في القائمة بعدة دول في العالم.

مُختطف الناشطين

وفي 4 يناير/كانون الثاني 2020، وبعد يوم واحد من مقتل سليماني، تعرض موكب لقيادات في الحشد الشعبي إلى استهداف بغارة أميركية، في منطقة التاجي شمال بغداد، أدى إلى مقتل ست شخصيات من الحشد الشعبي، بينهم ثلاثة من القيادات البارزة، وكان الزيدي أحد الأسماء التي جرى تداولها من وسائل إعلام محلية وعربية.

الأمر الذي استدعى من "كتائب الإمام علي" إصدار بيان نفت فيه استهداف سيارة "الحاج شبل الزيدي" وأكدت أن أمينها العام بخير، وأن كل الأنباء المتداولة عن استهدافه عارية عن الصحة.

وخلال المظاهرات الشعبية الواسعة التي اندلعت بالعراق في أكتوبر/تشرين الأول 2019، ضد الفساد المستشري في البلد وسيطرة قوى موالية لإيران على مقاليد الحكم بالبلد، نالت اتهامات الزيدي بالمساهمة مع مليشيات أخرى يدريها سليماني، بقمع المتظاهرين.

واتهم الزيدي بإنشاء سجن في مزرعته بمنطقة الزعفرانية في بغداد، لإخفاء الناشطين في المظاهرات بعد اختطافهم على يد مليشيات موالية لإيران.

وقال الصحفي العراقي، علي الجابري، خلال تغريدة على "تويتر" في ديسمبر/كانون الأول 2019، إن مصادر أبلغته بـ"وجود 9 مختطفين، من ضمنهم المصور عدي الخفاجي في مزرعة الزيدي ببغداد".

وفي 27 فبراير/شباط 2020، نشر موقع قناة "الحرة" الأميركية تقريرا كشف فيه عن اجتماع عقدته قادة المليشيات العراقية الموالية لإيران في مزرعة الزيدي، ليلة الهجوم على السفارة الأميركية ببغداد في 30 ديسمبر/كانون الأول 2019.

ونقلت القناة عن مصادر أمنية عراقية رفيعة (لم تكشف هويتها) أن الاجتماع ضم مجموعة من كبار قادة الميليشيات وعناصر في أمن وإعلام الحشد الشعبي ونواب ومتحدثين باسم أحزاب، وحصل من أجل تنسيق الجهود لتنفيذ الاعتداء على السفارة الأميركية.

وأفادت بأن الاجتماع حضره قائدان أمنيان إيرانيان، هما علي أكبر محمدي وآغا شاهين، بحضور القيادي البارز في مليشيا "كتائب حزب الله"، أبو مهدي المهندس، الذي قتل في ضربة جوية أميركية رفقة سليماني في 3 يناير/كانون الثاني 2020.