حتى وهو مسجون.. لوموند: علاء عبدالفتاح شوكة في خاصرة النظام المصري

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن الناشط المصري علاء عبد الفتاح الحاصل على الجنسية البريطانية حديثا، سيواصل إضرابه عن الطعام حتى زيارة سفارة لندن في القاهرة، والسماح له بالحصول على حقوقه.

وأوضحت الصحيفة أن عبدالفتاح (40 عاما)، الذي يعد واحدا من أبرز وجوه ثورة 25 يناير/ كانون الأول 2011، لا يزال شوكة في خاصرة نظام عبد الفتاح السيسي العسكري في مصر، رغم أنه قابع في السجن منذ سنوات.

إضراب متواصل

وذكرت الصحيفة الفرنسية أن الناشط اليساري عبد الفتاح رفض تناول الطعام لمدة تجاوزت خمسين يوما. وهو أمضى ثماني سنوات من السنوات التسع الماضية في السجن.

لكنه حتى وراء القضبان، لا يزال عبد الفتاح شوكة في خاصرة الحكومة المصرية.  

فبعد نشر كتاب "أنت لم تهزم بعد" في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بدعم من عائلته، نقل الناشط الذي قضى منذ 2013 معظم وقته في السجن، من سجن طرة شديد الحراسة في القاهرة  في 18 مايو/ أيار 2022.

وهو الآن يخوض نضالا في سجن جديد في وادي النطرون، الذي تروج له السلطات المصرية على أنه مركز اعتقال نموذجي.

تنفست والدته ليلى سويف الصعداء، عبر الهاتف، وعبرت عن ارتياحها بعد زيارته حيث صرحت بقولها: "سنواصل النضال من أجل إطلاق سراح علاء".  

وأضافت: "على الأقل يمكن أن يتلقى الرعاية الصحية في وادي النطرون، إنه ضعيف جسديا، لكنه أفضل من الناحية النفسية".

وتأمل والدته أنه سيكون لديه حق الوصول إلى الكتب، ويمكنه أحيانا مغادرة زنزانته، وهي "الحقوق التي حرموه منها وراء قضبان سجن طرة".

ويقع سجن النطرون البعيد، في واد على بعد 150 كيلومترا شمال غرب العاصمة المصرية.

لكن بالنسبة لوالدة علاء، المتخصصة في الرياضيات، وهي التي كانت ولا تزال أحد رموز النضال اليساري المصري، فإن "الشيء المهم هو أن يكون علاء في ظروف أفضل من الاعتقال، وأنه لا يخضع لثأر شخصي من قبل سلطات السجن، كما كان الحال في سجن طرة".

وكان علاء، وهو المتخصص في البرمجيات الحاسوبية، رائدا من المدونين المصريين ووجها لثورة 2011 التي أطاحت بنظام حسني مبارك قبل أن يعود هذا النظام إلى السلطة مع انقلاب العسكر في عام 2013. 

استهداف شخصي

وحكم على علاء في ديسمبر/ كانون الأول 2021 بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة "نشر معلومات كاذبة". 

ولم يستطع فريق الدفاع المكلف بالمرافعة عن علاء الوصول إلى الملف الخاص به.

ووقع اعتقال علاء من جديد، وهو الوالد لصبي في مقتبل العمر، في 2019 عندما كان تحت المراقبة القضائية، وحدثت احتجاجات نادرة ضد السلطة، وحملة اعتقالات واسعة أصابت المجتمع المدني.

تقول ليلى سويف: "نقله يشير إلى أنه كان هناك قرار على مستوى السلطات، في التوجه نحو التصعيد".  

تمثل ليلى سويف، مع ابنتيها، لسان حال وصوت علاء وكذلك سجناء سياسيين آخرين يواجهون مصيرهم داخل المعتقلات والسجون المصرية.

ووقعت أمهات سجناء مصريات على عريضة تضامن مع علاء عبد الفتاح. 

ويقول حسين بيومي من منظمة العفو الدولية إن "تأثير الضغط الوطني والدولي واضح، يجب الإفراج عن علاء بدون شروط، إذ إنه حتى في وادي النطرون، يعد اعتقاله تعسفيا".

وكان الهدف من افتتاح معتقل وادي النطرون الشاسع مؤخرا،  تخفيف الاكتظاظ السجني الذي تعاني منه باقي سجون مصر.

في الوقت الذي يتم الترويج لهذا المعتقل من قبل السلطات المصرية "على أنه دليل على رغبة السلطات في تحسين ظروف الاعتقال"، كما يقول بيومي.  

وكانت قد نددت العديد من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بما وصفوه بـ "سوء المعاملة" والتعذيب الذي يمارس في السجون المصرية الذي يقبع داخلها ما يزيد عن 60 ألفا من السجناء السياسيين.  

وتنفي القاهرة بشكل دوري الاتهامات الموجهة إليها حول الاكتظاظ في تلك السجون.  

وحاول المسؤولون المصريون أيضا زرع بذور الشك، من خلال وسائل الإعلام، عن واقع الإضراب عن الطعام لعلاء عبد الفتاح، من خلال الترويج له إعلاميا على أنه محاولات لإثارة الشغب داخل أسوار تلك السجون.

ظلم واضح

وتقول ليلى سويف إن علاء "سيواصل إضرابه عن الطعام ما لم ترفع أسباب الظلم المسلطة عليه وما لم يتلق زيارة من السفارة البريطانية في مصر" .   

وكانت أسرة علاء قد تقدمت بشكوى ضد سجن طرة حول مسؤولة المكلفين عن إدارة السجن في الاعتداء على الناشط اليساري.   

وحصل علاء في أبريل/ نيسان 2022 على الجنسية البريطانية التي تحملها والدته بالفعل.

وفي ظل انعدام الآفاق في رؤيته خارج أسوار السجون المصرية، يأمل أقارب عبد الفتاح في أن تكون جنسيته المزدوجة حلا يساعده في الإفراج عنه.

كما حدث في بعض الحالات من مزدوجي الجنسية الذين تم ترحيلهم إلى بلدانهم صاحبة الجنسية الجديدة.  

ويقول عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان محمد أنور السادات، وهو كيان حقوقي تعين الدولة أعضاءه، إن احتمال خروج علاء من السجن عن طريق الجنسية الثانية وارد، لكنه احتمال أكثر تعقيدا بالنسبة لمسار مثل الذي لدى علاء.

لأنه قد حكم عليه بالفعل، في حين أن الآخرين الذين قد أفرج عنهم عبر جنسيتهم الثانية قد كانوا في فترة إيقاف تحفظي.

واسم عبد الفتاح من بين مئات الأسماء المقدمة من قبل المجلس القومي لحقوق الإنسان في إطار لجنة العفو الرئاسية.

أمل عريض

ويتوقع السادات أن يتم الإعلان عن إطلاق سراح العديد من المعتقلين السياسيين قبيل "الحوار الوطني" المزعوم الذي دعا إليه مؤخرا رئيس النظام عبد الفتاح السيسي.  

ويمكن أن يقع تدشين هذا الحوار الذي يأتي في شكل مناقشات بين السلطات المصرية ومعارضيها بداية يونيو/ حزيران 2022.

وهذه النقاشات بوادر خجولة من الانفتاح يقودها النظام الذي يبدو عليه الخوف من الآثار الاجتماعية للأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب في أوكرانيا.

في هذا السياق دعا المعارضون في مصر السلطات إلى "بناء الثقة" في وقت مبكر عن طريق الدعوة إلى وضع حد للاعتقال التعسفي. 

بحسب بيومي فإن "المراقبة والاعتقالات التعسفية للمعارضين والمنتقدين مستمرة". 

بينما يقول السادات، إن "العفو سيكون علامة على حسن النية السياسية".  

وفي الوقت الذي يشكك الآخرون في هذا الحوار، يعتقد  السادات أن "يأتي هذا الحوار متأخرا أفضل من أن لا يكون له وجود بالأساس".

ويضيف: "لقد كنا ندعو لمثل هذا الحوار لسنوات، لكن المهم اليوم هو كيف سيتحقق ".

بالنسبة إلى ليلى سويف فإنها لا تعتقد أن ابنها، المصنف منذ 2020 على "قائمة إرهاب" أعدتها القاهرة، سوف يستفيد من هذا العفو.

وأضافت "سيكون هذا العفو، إن حدث، رائعا".

وهناك تزايد واضح في عدد المثقفين وأعضاء البرلمان في المملكة المتحدة الذين يعبرون عن رغباتهم في إطلاق سراح علاء.

وتدعو ليلى سويف، في هذا السياق، لتحركات أكبر وتقول: "أتوجه بطبيعة الحال إلى الحكومة المصرية المسؤولة عن اعتقال ابني، ولكن أيضا إلى الحكومات الغربية، من خلال الدعم الهائل الذي تقدمه إلى السيسي".