عدم استقرار.. مجلة إيطالية: لهذه الأسباب لا توجد بدائل طاقة لدى أوروبا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

رأت مجلة إيطالية أنه لا يمكن الحديث عن احتياجات الطاقة لروما وأوروبا التي نشأت عن الصراع الروسي الأوكراني والتوجه إلى البحث عن مصادر بديلة للتوريد، دون التطرق إلى استقرار أزمتين معقدتين مثل تونس وليبيا.

 هذا فضلا عن مشاكل زعزعة الاستقرار في منطقة الساحل الإفريقي وكذلك تأثير التوترات بين المغرب والجزائر. 

وأكدت مجلة "فورميكي" أنه في الواقع كل ما يحدث في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​الموسع مترابط.

عدم استقرار

وأوضحت أنه من ناحية، ينظر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى إفريقيا كمصدر للمساعدة في تحقيق الاستقلال الأوروبي عن الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية وتنويع مصادر التوريد.

 ويتضح ذلك من زيارة رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي ووزير الخارجية لويجي دي مايو إلى الجزائر العاصمة في 11 أبريل/نيسان، نيابة عن كل من روما وبروكسل.

وكان رئيس الوزراء الإيطالي قد وقع على اتفاق خلال لقائه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لزيادة واردات الغاز بهدف تقليص التبعية لروسيا على إثر غزوها أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022. 

وتعد الجزائر ثاني مزود للغاز إلى إيطاليا التي تستورد نحو 95 بالمئة من احتياجاتها منه، كما أنها من أكثر الدول الأوروبية اعتمادا على الغاز الروسي بنحو 45 بالمئة من احتياجاتها فيما تزودها الجزائر بنحو 30 بالمئة.

 ومن ناحية أخرى، أكدت المجلة الإيطالية على الحاجة إلى معالجة ظواهر عدم الاستقرار ذات الانعكاسات الإقليمية المحتملة، مشددة أن الاهتمام الأكبر يجب أن ينصب على ما يحدث في تونس وليبيا.

وقالت إن البلدين يعيشان المرحلة الأكثر أهمية في الاثني عشر شهرا الأخيرة المعقدة. 

وبينت بالقول "في تونس، يبدو قرار الرئيس قيس سعيد حل البرلمان بمثابة ضغط سلطوي يميل إلى الانفتاح على سيناريوهات الاحتجاج والاضطرابات، التي قد تكون تداعياتها أوسع بكثير من الديناميكيات المباشرة البسيطة للبلاد". 

وأضافت أنه في ليبيا، منح برلمان طبرق في الشرق الثقة إلى حكومة جديدة يرأسها وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا لتحل محل حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة. 

وحذرت المجلة من أن وضعيات مماثلة في ليبيا أدت في السابق إلى صراعات مسلحة تدخلت فيها جهات خارجية خاضت خلالها حربا بالوكالة.

بدون معالجة هذه الوضعيات والأزمات، يصبح من الصعب خلق مقاربات للمنطقة ومن الأكيد التفكير في سياسات واسعة، أي إطار يعالج جميع الملفات بالكامل، وفق تحليل المجلة. 

وشددت على أنه "دون تحقيق الاستقرار في المنطقة المراد توريد عبرها الحاجيات من الطاقة، كل شيء آخر يأخذ قيمة نسبية". 

من جهته، يشرح جيمس كفرناو من مؤسسة هيريتيج، البحثية الأميركية بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "رفضت حتى الآن تولي دور قيادي واضح وتجاهلت محاولة للتوسط في اثنتين من أسوأ أزمات شمال إفريقيا". 

وعلى ضوء ذلك، قالت فورميكي إن هناك اعتقادا سائدا بشأن دور مركزي يقع على عاتق الاتحاد الأوروبي في حل الخلافات.

أزمة معقدة

وتصف عدم الاستقرار المرتبط بهذين الملفين بأنه مشكلة صعبة للغاية، لأنه سيخلق مناخا إقليميا معقدا للاتفاقيات والتعاون والاستثمارات. 

علاوة على ذلك، ليبيا دولة منتجة للنفط، إذ تُدار حقولها من قبل شركات أوروبية وأميركية. وكانت في السابق قد دفعت بالفعل ثمن الحصار العسكري على حقول وآبار النفط، تضيف المجلة.

من جانبها، تستضيف تونس خط أنابيب الغاز "إنريكو ماتي" المعروف باسم "ترانسميد"، والذي يمر عبر أراضيها وتهدف إيطاليا وأوروبا إلى تحديثه لزيادة إمدادات الغاز الطبيعي الجزائري لتعويض الغاز الروسي.

وللإشارة، تبلغ طاقة أنبوب الغاز أنريكو ماتي، الشخصية الإيطالية التاريخية صديقة الجزائر، 33،15 مليار متر مكعب سنويا.

أردفت المجلة الإيطالية بأن عدم الاستقرار في شمال إفريقيا يشمل أيضا التوترات بين الجزائر والمغرب حول قضية الصحراء الغربية.

ولفتت إلى أن هذه التوترات أدت بدورها إلى تداعيات على أوروبا وكذلك مسألة الغاز.

وفي هذا إشارة إلى قرار السلطات الجزائرية عدم تجديد عقد توريد الغاز لإسبانيا عبر أنبوب الغاز أوروبا-المغرب العربي، المار عبر الأراضي المغربية " جي أم إي"، وذلك في أكتوبر/تشرين الأول 2021. 

وأكدت المجلة بالقول: "يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن عدم الاستقرار هذا على طول الضفة الجنوبية للبحر المتوسط يمتد جنوبا، إلى منطقة الساحل الإفريقي التي تعرفها الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي إيمانويلا ديل ري، على أنها الحدود الجنوبية لأوروبا".

وأشارت إلى أنه في بلدان مثل مالي وتشاد وبوركينا فاسو، في خضم عدم الاستقرار المؤسسي، وجدت بعض الأطراف المنافسة لأوروبا مثل روسيا مجالا واسعا للتسلل وهو ما من شأنه أن يخلق تداعيات سلبية.

وكذلك الصين، كما يتجلى من شحنات الأسلحة الثقيلة المرسلة إلى صربيا، لذلك يصبح من المستحيل ترك أماكن مثل البلقان أو إفريقيا بدون مراقبة لأنها مناطق رئيسة للتغلغل الصيني، وفق وصفها.

وذكرت تعليق رئيس اللجنة العسكرية الأوروبية الجنرال الإيطالي كلاوديو غرازيانو، في مارس/آذار 2022 قائلا: "تؤدي الحروب دائما إلى إحداث تأثير الدومينو لزعزعة الاستقرار، السياسة الخارجية لا تتوقع الثغرات لكن الآخرون يملأونها".

 ترجح المجلة أن "الولايات المتحدة مهتمة بمعالجة هذه الملفات المعقدة، ولكن من دون أولويات على جدول الأعمال، وهنا ينشأ المزيد من المساحات والفرص لوضع السياسات الأوروبية موضع التنفيذ".

من جانبه، أكد ماركو مينيتي، رئيس مؤسسة "ميد أور" الإيطالية، متحدثا عن إستراتيجية ذاتية أن أوروبا "تحتاج إلى دفاع مستقل وقدرة خاصة على الإسقاط أيضا لتصبح نقطة مرجعية لمنطقة إستراتيجية أوسع تشمل البحر الأبيض المتوسط ​​وإفريقيا والشرق الأدنى". 

وأضاف "هناك صلة بين ما يحدث في أوكرانيا ومستقبل البحر المتوسط ​​وعدم فهم ذلك سيكون خطأ مأساويا".