فوائد ضخمة.. هذا ما ستجنيه تركيا حال نجحت وساطتها بين روسيا وأوكرانيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

استبشر موقع إيطالي بوجود بصيص صغير من الأمل لإنهاء الصراع الروسي الأوكراني بعد الجولة الأولى من المحادثات بين الروس والأوكرانيين التي استمرت ثلاث ساعات في إسطنبول في مارس/آذار 2022. 

وذكر موقع "إيل سوسيداريو" أن كبير المفاوضين الروس فلاديمير ميدينسكي، أكد اتخاذ خطوات ملموسة بعد أن اقترحت أوكرانيا إمكانية الحياد، ولكن تحت مظلة أمنية تضمنها قوات دولية، بينما تحدثت موسكو عن فرضية انسحاب قواتها من كييف التي بدأت بغزوها في 24 فبراير/شباط.

وتساءل إن كان الفضل في ذلك يمكن أن ينسب إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وضع لبنة أولى لإمكانية التوصل إلى اتفاق على الرغم من أن احتمال عقد لقاء بين نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي لا يزال مستبعدا.

أوراق دبلوماسية

ترى أستاذة التاريخ المعاصر في جامعة ماتشيراتا الإيطالية ميكالا ميركوري، أن هذه "العلامات المشجعة قد تعني أن تركيا لديها العديد من الأوراق الدبلوماسية لتلعبها أكثر من أوروبا، لكن هذا لا يعني أن أردوغان تمكن من الفوز بالمباراة رغم أدائه الممتاز حاليا"، وفق ما قالت للموقع.

وعما إذا كان أردوغان قادرا على لعب دور الوسيط وذلك بعد أن استضافت تركيا للمرة الثانية منذ بدء الحرب مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، وصفت الخبيرة الإيطالية الرئيس التركي بـ"شخصية توازن تحاول لعب جميع أوراقها على طاولتين، مع الطرف الروسي وكذلك مع جانب حلف شمال الأطلسي- الناتو".

وأوضحت الخبيرة أن تركيا "لديها بالتأكيد أوراق في متناول اليد أكثر من أوروبا خاصة أن أنقرة تعد الشريك التجاري الأول لشركة غازبروم الروسية التي وقعت معها حزمة من الاتفاقيات للتزود بالغاز".

وفي عام 2021 وحده، زادت الإمدادات الروسية لتركيا بمقدار 5.8 مليارات متر مكعب.

كما أن روسيا باعت أنظمة صواريخ إس 400 لتركيا، وهو ما تسبب في توترات مع الولايات المتحدة. لهذه الأسباب أيضا، غضت موسكو الطرف عن بيع طائرات بدون طيار تركية إلى أوكرانيا، تضيف الخبيرة الإيطالية.

ومضت قائلة إن "أنقرة عضو في الناتو وتستضيف العديد من القواعد على أراضيها، لذلك يدرك الحلف جيدا الفائدة الجيوستراتيجية لها".

وتلعب تركيا دورا حاسما فيما يتعلق بتدفقات الهجرة، خاصة وأنها منعت العديد من اللاجئين من الوصول إلى أوروبا عبر طريق البلقان.

وعن هدف أردوغان من محادثات إسطنبول والمكاسب السياسية والدبلوماسية التي يريد أن يجنيها، أجابت الخبيرة "من سيساهم في تحقيق السلام أو على الأقل التوصل إلى اتفاق بين بوتين وزيلينسكي، سيكتسب دورا رمزيا ولكنه سياسي أيضا".

وبينت أن الرجل الذي سيتمكن من حل المشكلة سيكون مهما جدا في نظر النظام الدولي بأكمله، الذي يراقب ما يحدث في أوكرانيا.

وبهذه الطريقة، يريد أردوغان بالتأكيد التخلص من صورة "الديكتاتور المرتبط به، وتقديم نفسه على وجه التحديد كوسيط"، وفق وصفها.

وفيما يتعلق بمصالح روسيا وتركيا في ليبيا وما يمكن أن يتغير في التوازن بين البلدين، أوضحت ميركوري بأن الأمر لا يتعلق بطرابلس فحسب.

ولكن يمتد إلى جميع المسارح التي يسجل فيها البلدان حضورهما تقريبا، من البحر الأسود إلى البلقان.

تنافس لا تصادم

وأكدت وجود "تنافس كبير بين البلدين لكن لن يصل إلى مرحلة التصادم، فلم تعد خططهم نحو البحر الأبيض المتوسط ​​تتعارض كما كانت منذ قرون، وإنما يسعيان لاكتساب عمق إستراتيجي فيه باستغلال غياب الولايات المتحدة وضعف الاتحاد الأوروبي في لعبة تنافسية مربحة للجانبين"، على حد تعبيرها.

وقالت إنها لا تعتقد "أن بإمكان أردوغان الاستفادة من دور الوسيط في ليبيا لكن بإمكانه الحفاظ على نوع العلاقات التي ذكرتها سابقا مع روسيا". 

واعتبرت "أن روسيا باتت أضعف من بعض النواحي في ليبيا، خاصة من الناحية العسكرية وذلك بعد أن نقلت العديد من مرتزقة فاغنر إلى أوكرانيا، لدرجة أن الوجود الروسي اليوم بات أقل ثباتا من التركي".

وعن العواقب بالنسبة لإيطاليا في حال وقوع هذا السيناريو، أي تعزيز تركي محتمل في ليبيا على حساب روسيا الضعيفة، أشارت الخبيرة الإيطالية إلى أن "هناك أخبارا مرت بهدوء" في إشارة إلى لقاء رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دغراي مع أردوغان على هامش قمة الناتو الأخيرة في مارس/آذار 2022. 

وذكرت بأن الزعيمين "لم يناقشا فقط الحرب في أوكرانيا وتطوراتها المحتملة، ولكن بحثا أيضا الوضع في البحر الأبيض المتوسط ​​مع إيلاء اهتمام خاص لليبيا" مضيفة أن دراغي "صرح بأن اللقاء سار على ما يرام".

وتابعت: "في الواقع، قررت إيطاليا وتركيا، وكذلك فرنسا، استئناف الحوار الذي بدأ منذ سنوات لإنشاء منتدى ثلاثي الأطراف لمعالجة المسائل الليبية". 

ولهذا السبب، تتوقع الخبيرة الايطالية أن تتحسن العلاقات بين روما وأنقرة  في ليبيا بعد أن حلت تركيا محل إيطاليا التي رفضت إعطاء رئيس الوزراء السابق فايز السراج أسلحة في الحرب ضد الجنرال العسكري خليفة حفتر. 

وترجح الأكاديمية الإيطالية أنه في حال نجحت وساطة تركيا في الحرب في أوكرانيا، فسينتقل أردوغان إلى وضع مفيد.

وفي هذه الحالة يجب "إيلاء اهتمام خاص لحقيقة أن أنقرة يمكن أن تستفيد من ضعف روسي محتمل في المسرح الأوكراني، وتشعر بأنها باتت تستطيع زيادة مطالباتها وطموحاتها في الملف السوري". 

ولا تستبعد "اهتماما تركيا أكبر بالمناطق الشمالية الشرقية من البلاد، حيث كان هدفها دائما إنشاء منطقة عازلة على حدودها لمناهضة الأكراد".

وأكدت أنه بالنظر إلى الوضع الدراماتيكي للحرب في أوكرانيا، فإن أي وساطة مرحب بها، معتقدة بأنه "لكي تتحدث تركيا نيابة عن الناتو وليس كعضو فيه وهنا الفارق جوهري، يجب أن تجرى لقاءات مع أعضاء الحلف أولا للتوافق على نقاط المفاوضات المحتملة وإلا فسيكون من الصعب عليها أن تتولى دور المتحدث نيابة عنه."

وعما إذا كانت الحرب في أوكرانيا تشكل عائقا أمام خطط أردوغان، تعتقد ميركوري أنه "من الصعب التكهن في حال نجحت الوساطة، ما إذا كان أردوغان سيحاول الاستفادة من ذلك لتوسيع خططه في البلقان". 

وبينت أن "الرئيس التركي يريد تنفيذ تعاون ثنائي مع بلغراد، لا سيما في صادرات الأسلحة لأن ذلك سيسمح من ناحية بتحديث القوات المسلحة الصربية، ومن ناحية أخرى، سيعطي حضورا أكبر لصناعات تركيا العسكرية في قلب أوروبا حيث يبلغ حجم مبيعاتها، وفقا لبعض المحللين، حوالي 15 مليون يورو".

وأضافت أن أردوغان يريد توسيع دائرة نفوذه واستثماراته أيضًا نحو آسيا والخيارات التي جرى تبنيها تظهر بوضوح هذه الرغبة في توسيع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع هذه المنطقة. 

وأشارت إلى أن ذلك يتجلى في الاستثمارات الضخمة بربط آسيا الوسطى بالأناضول من خلال البنى التحتية الرئيسة مثل السكك الحديدية والموانئ على بحر قزوين ومنشآت طاقية، عبر كازاخستان إلى الصين، وهو ما من شأنه أن يعزز دور أنقرة كمركز إقليمي للطاقة.