"حرب حقيقية".. هل تفرض الولايات المتحدة حظرا تجاريا شاملا على روسيا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة روسية الضوء على إمكانية فرض الولايات المتحدة حظرا تجاريا شاملا على موسكو، حيث يمكن لواشنطن أن تمنع وصول روسيا إلى الطرق البحرية الدولية، وذلك على خلفية غزوها العسكري لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022.

وتساءت الصحيفة عبر مقالة للكاتبة، نيكيتا فولوموف، "هل ستتخذ الولايات المتحدة هذا القرار أم أنها ستتجنب المواجهة المباشرة مع روسيا؟ وهل واشنطن مستعدة حقا لاتخاذ هذه الخطوة؟ وما هي العواقب التي ستؤثر على العالم بأسره؟".

أزمة مالية

وقال نائب وزير الخزانة الأميركي، والي أدييمو، لشبكة "سي إن بي سي" إن واشنطن "ستواصل الضغط على الاقتصاد الروسي لحرمان الرئيس فلاديمير بوتين من الموارد المستخدمة لغزو أوكرانيا".

وأضاف أدييمو: "سنواصل اضطهاد النخبة الروس لنأخذ الموارد من الرئيس بوتين".

وعن استجابة الإدارة الأميركية لمطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمنع روسيا من الوصول إلى ممرات الشحن الدولية وفرض حظر تجاري كامل على موسكو، أجاب أدييمو أن "الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات تتفق مع أهداف زيلينسكي"، دون مزيد من التفاصيل.

وأشار مصدر (لم تسمه) في حديث مع شبكة "سي إن بي سي" إلى أن "العقوبات الغربية تسببت بالفعل في أزمة مالية في روسيا، وهو الأمر الذي يجبر الحكومة على اتخاذ قرارات صعبة بشأن الحصول على تمويل إضافي للعملية العسكرية وسط ضغوط العقوبات".

ونقلت الكاتبة عن ليان فيسيلوف، مؤسس قناة "وان بيج يونيون" على تطبيق "التليغرام" قوله إن "من الصعب جدا التنبؤ بأي شيء في وضعنا هذا، بل وأكثر صعوبة التمييز بين الإجراءات الحقيقية والتهديدات، نظرا لمدى سهولة تنفيذ التهديدات".

وأضاف فيسيلوف "لا أستطيع أن أقول إن هذين الإجراءين غير واقعيين، فمن المرجح أن تفرض الولايات المتحدة حظرا تجاريا، مما يتيح لها التصرف بشكل أكثر حسما بغض النظر عن موقف الدول الأخرى".

وأشار في مقابلة مع صحيفة "غازيتا دوت رو" إلى أنه "في حال إغلاق طرق التجارة، هذا يعني فرض العقوبات على الأسطول التجاري الروسي، وكذلك عقوبات ثانوية أخرى محتملة ضد أي موانئ ستصلها السفن، وبالتالي ستتأثر أيضا الدول الأخرى التي تتعامل مع الاتحاد الروسي".

ضغط نفسي

كما نقلت الكاتبة وصفا للسياسي الأميركي، مالك دوداكوف، لفرض حظر تجاري على روسيا، بأنه "عنصر الضغط النفسي". 

وقال دوداكوف: "من الواضح أن الدول الغربية قد استنفدت حد العقوبات بالكامل، فالإجراءات الجذرية هي كل ما تبقى لهم، فحتى لو تم فرض الحظر لن يطبق على جميع دول العالم، حيث من الواضح أن أجزاء أخرى من العالم ستستمر في التجارة مع روسيا".

وأضاف "لقد لاحظنا بالفعل موقفا تم فيه اتخاذ القرارات بناء على المشاعر، فعلى سبيل المثال، قرار إغلاق المجال الجوي، رغم ذلك قد مر  بالفعل جزء كبير من نقل البضائع عبر روسيا، وذلك لأنها بلد كبير".

وأوضح دوداكوف أن "الحظر التجاري سيزيد بشكل كبير من تكلفة العلاقات التجارية في جميع أنحاء العالم".

وتابع: "لا يمكن استبعاد الإجراءات التي أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية، حيث تحاول واشنطن إخبار موسكو بكل طريقة ممكنة عن أنها مستعدة للمحاربة حتى النهاية لوقف عملية جيشها في أوكرانيا".

وأشارت الكاتبة فولوموف إلى أنه "مع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، شددت واشنطن بشكل حاسم في خطابها ضد موسكو على فرض عقوبات على سياسيين وصحفيين ورجال أعمال وإدارات بأكملها".

ومع ذلك، فإن فرض حظر تجاري وإغلاق طرق التجارة البحرية يختلف تماما عن القيود المفروضة سابقا، لأن حالة التجارة العالمية على المحك، والتي بالكاد تعافت من جائحة فيروس كورونا.

ولفت فيسيلوف إلى أنه "لا يزال من الصعب تحديد ما سيصبح (خطا أحمر) لواشنطن، فبعد أن تحدد ستفرض حظرا تجاريا".

وقال "أولا، نرى أن العقوبات تتصاعد الآن مع استمرار القتال لمحاولة إخضاع روسيا، لذلك من المحتمل أن يتم تأجيل هذه العقوبات التجارية إلى تاريخ ما، وثانيا، قد تكون العقوبات ردا على اشتداد القتال مثل القصف المكثف لمدن أوكرانية كبيرة أو في حال استخدام موسكو أسلحة غير تقليدية".

حرب حقيقية

من جانبه، قال دوداكوف: "على أية حال أصبح من الواضح أن الدولة الأوكرانية ستنتهي، والأميركيين سيحاولون تقديم آخر الإجراءات الراديكالية لمنع روسيا من تحقيق نصر عسكري وسياسي كامل".

من جهته، أشار مدير "مركز أبحاث المجتمع ما بعد الصناعي"، فلاديسلاف إينوزيمتسيف، في مقابلة مع صحيفة "غازيتا دوت رو"، إلى أن "حصار الموانئ البحرية قد يؤدي لاحقا إلى المزيد من العواقب الكارثية".

وأوضح أنه "حسب قانون الأمم المتحدة، يعد هذا عملا عدوانيا، فهو ليس عقوبة اقتصادية ولكنه في الواقع خطوة عدوانية، لا أعتقد أنهم سيفعلون ذلك، لأنهم يخشون مواجهة مفتوحة مع روسيا مباشرة، وفي هذه الحالة فسيتوقفون وإلا ستبدأ حرب حقيقية".

وأشارت الكاتبة إلى أن فيسيلوف لفت الانتباه قائلا: "إذا تحدثنا عما سيترتب على هذه العقوبات، فمن الضروري فصل الحظر عن العقوبات البحرية، حيث يشير إلى أنه في حال فرض حظر، سيتم حظر جميع واردات وصادرات البضائع بين الولايات المتحدة وروسيا".

وأوضح أنه "بالنسبة لأميركا، تبلغ الواردات إلى روسيا حوالي 1 بالمئة (30.8 مليار دولار) والصادرات 0.37 بالمئة (6.4 مليارات دولار)، حيث تعتمد واشنطن على بعض السلع من روسيا، مثل اليورانيوم لتشغيل محطات الطاقة النووية (حوالي 15 بالمئة من إجمالي الواردات لأميركا) ، وأيضا البلاتين، ولكن مع وفرة الموردين سيستطيعون تدبر الأمر".

وبالنسبة لروسيا، تبلغ الصادرات إلى الولايات المتحدة حوالي 3 بالمئة (أي 1.6 مليار دولار)، بينما تبلغ الواردات 3.9 بالمئة (9.2 مليارات دولار).

وختم فيسيلوف حديثه بالقول "بينما تصدر روسيا بشكل أساسي الهيدروكربونات والمعادن والأسمدة والمواد الكيميائية إلى الولايات المتحدة، فإنها في المقابل تستورد الطائرات والإلكترونيات والمعدات الصناعية والمركبات، أي أن روسيا أكثر اعتمادا على واردات التكنولوجيا الفائقة، والتي سيكون من الصعب الحصول عليها من مكان آخر".