تخطف المعارضين وتنصب موالين.. تعرف على خطة روسيا لوأد المقاومة الأوكرانية

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "إيل بوست" الإيطالية، أن روسيا تلجأ إلى عدة طرق لإحكام سيطرتها على المدن والبلدات التي احتلتها في جنوب وشرق أوكرانيا، بينها اختطاف المسؤولين المعارضين وتنصيب موالين لها مكانهم.

وشككت الصحيفة الإيطالية، استنادا إلى عدة تقارير دولية، في نجاح هذه المساعي في وأد المقاومة الأوكرانية في تلك المناطق التي توقعت روسيا أنها ستسيطر عليها بسهولة نظرا لأن أغلبية سكانها من المتحدثين بالروسية، لكنها قوبلت بالعكس.

رؤية الاحتلال

وذكرت الصحيفة الإيطالية أنه منذ بداية غزو أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022، تمكن الجيش الروسي من السيطرة على عدة مناطق في شرق وجنوب البلاد.

وعلى الرغم من أن المعلومات المتعلقة بالنزاع غالبا ما تكون غير مكتملة ويصعب التحقق منها، إلا أن شيئا ما بات معروفا عن التحركات الأولى للروس في المدن التي تم احتلالها.

وأوضحت في هذا الصدد أن عدة صحف دولية أفادت بأن روسيا تعزل السياسيين المحليين بالقوة وتستبدلهم بحلفائها، كما تقمع المعارضة باستخدام القوة أيضا.

وكتبت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، أن "السياسيين المحليين يختفون بينما تعتبر السلطات الجديدة، الاحتجاجات أعمالا متطرفة في حين يواصل بعض الأوكرانيين المقاومة".

عموما، يخشى أن ما يحدث في المدن المحتلة يمكن أن يمتد قريبا إلى جميع أنحاء البلاد.

وبينما لا تزال العاصمة كييف تحت السيطرة الأوكرانية، تمكن الجيش الروسي من الاستيلاء على بعض المدن الكبيرة مثل خيرسون وميليتوبول وبيرديانسك في الجنوب.

فضلا عن عدد من البلدات الصغيرة، خاصة شمال مدينة ماريوبول التي تعتبر إستراتيجية للسيطرة على المنطقة الواقعة بين شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس بالشرق.

وأوضحت بأن الجيش الروسي يستخدم بعض المناطق التي نجح في السيطرة عليها كنقطة ارتكاز لمزيد من التقدم بينما يحاول فرض سلطته على مناطق أخرى باستخدام القوة أيضا.

وذكرت الصحيفة، نقلا عن شهود عيان، أن هذا حدث على سبيل المثال، في مدينتي ميليتوبول ودنيبرورودين الواقعتين في جنوب شرق أوكرانيا، واللتين تم اختطاف رئيسي بلديتيهما المنتخبين ديمقراطيا.

من جانبها، قالت السلطات الأوكرانية إن رئيسي البلدتين عارضا الاحتلال الروسي وحثا السكان على المقاومة.

ويدعى عمدة مدينة ميليتوبول التي تتحدث أكثر اللغة الروسية، إيفان فيدوروف، وهو أيضا ينحدر من أصل روسي.

مفاجأة ميدانية

لهذا السبب، كما هو الحال في مناطق أخرى في شرق أوكرانيا، كان من المتوقع أن يتم الترحيب بالجيش الروسي دون مقاومة تقريبا ولكن هنا كما في أي مكان آخر لم يحدث ذلك، توضح الصحيفة الإيطالية.

وأكدت السلطات الأوكرانية أن فيدوروف تعرض إلى عملية اختطاف في وسط ميليتوبول حيث قام عشرات المسلحين باقتياده وهو مغطى الرأس بكيس بلاستيكي.

فيما أفادت وكالة الأنباء الروسية "تاس"، وهي جزء من آلة الدعاية الحكومية الروسية بأن تهما عديدة وجهت له من بينها الإرهاب، والتي غالبا ما توجهها السلطات الروسية إلى معارضيها.

وعين الروس  محله غالينا دانيلشينكو، العضو السابق في مجلس مدينة ميليتوبول، وفي أول خطاب عام لها، زعمت أنها أعادت المدينة إلى وضعها الطبيعي وحثت المواطنين على عدم الانخراط في "أعمال متطرفة".

ويذكر أن دانيلشينكو كانت قد تزعمت المعارضة ضد فيدوروف وتنتمي إلى حزب سياسي موال لروسيا تأسس عام 2014 من تحالف أحزاب عارضت المظاهرات المؤيدة لأوروبا في تلك الفترة.

وتعليقا على ذلك، اعتبرت الصحيفة الإيطالية أن ما حدث في ميليتوبول يجعلها نوعا من "مختبر لمبادرة فلاديمير بوتين السياسية في المدن المحتلة في أوكرانيا".

وكانت وزارة الخارجية الأوكرانية أول من أعلن عن خبر اختطاف رئيس بلدية دنيبرورودين، يفين ماتفييف في 13 من مارس/ آذار 2022، ولا يعرف إلى حد اللحظة من سيحل محله.

ووصف جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، اختطاف ماتفييف بأنه "هجوم آخر على المؤسسات الديمقراطية الأوكرانية" ومحاولة أخرى من جانب روسيا لتنصيب حكومة محلية بديلة في أوكرانيا.

نهج قمعي

من جانب آخر، لاحظت الصحيفة الإيطالية، أن المحاولات الروسية لحكم المناطق التي تم احتلالها بالقوة تميزت بقمع الاحتجاجات والمعارضة السكانية المحلية.

وبينت أن الاحتجاجات تتعلق بشكل أساسي بخيرسون، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة، وأكبر مدينة غزاها الروس حتى الآن، وميليتوبول، حيث تظاهر مئات الأشخاص ضد اختطاف رئيس البلدية، بالإضافة إلى بيرديانسك.

ونوهت الصحيفة بأن جميع هذه المدن التي بات يحتلها الروس لها أهمية إستراتيجية كبيرة، إذ تعد ميليتوبول وبيرديانسك من بين المراكز الرئيسة في منطقة زابوريزهزهيا، والتي إذا تم احتلالها بالكامل ستحرم أوكرانيا من منفذ على بحر آزوف وبالتالي الحد من إمكانية تلقي المساعدة عن طريق البحر.

 وذكرت أن الجيش الروسي اعتقل في هذه المدن مئات الأشخاص وأطلق بضع طلقات تحذيرية دون أن تتسبب في الوقت الحالي في سقوط قتلى.

ولفتت الصحيفة إلى أن الجيش الروسي ينفذ في خيرسون عمليات شبيهة بما نفذه في الماضي في شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي احتلتها روسيا وضمتها إليها في عام 2014.

وعلى سبيل المثال، أبلغت السلطات المحلية  في 7 مارس 2022 عن اختفاء ناشط يدعى أولكسندر تاراسوف قبل إطلاق سراحه بعد 24 ساعة.

وبحسب مجلة ذي إيكونوميست البريطانية، تكررت ظاهرة اختفاء نشطاء المعارضة في شبه جزيرة القرم منذ ضمها لروسيا، ووفقا لمنظمة "سوس القرم "غير الحكومية المحلية، اختفى ما لا يقل عن 24 شخصا في شبه الجزيرة منذ عام 2014

.

وفي خيرسون أيضا، قال رئيس البلدية إيغور كوليخاييف إنه رفض قبول استفتاء اقترحه الجيش الروسي لتحويل خيرسون إلى "جمهورية خيرسون الشعبية" على غرار الجمهوريات الانفصالية لوهانسك ودونيتسك في دونباس.

من جهته، صرح الرئيس الأوكراني  فولوديمير زيلينسكي، أن "روسيا تحاول هناك تكرار التجربة المحزنة لتشكيل الجمهوريات الزائفة، إنهم يبتزون الزعماء المحليين ويمارسون الضغط على النواب ويبحثون عن شخص ما لتقديم رشوة له".

وأكد أن المناطق التي تعلنها روسيا جمهوريات مستقلة، ستواجه الفقر والعزلة الدولية.

وترى الصحيفة أن العنف الذي تمارسه روسيا قد يجعل من الصعب عليها الحفاظ على السيطرة على الأراضي الأوكرانية بمرور الوقت، خصوصا وأن "الأوكرانيين متحدون الآن ضد الغزاة"، وفق ما كتبت الإيكونوميست.

وفي الختام، أكدت أن سيناريو اليوم مختلف تماما عما حدث مع شبه جزيرة القرم في عام 2014 التي وقع احتلالها عمليا "على حين غرة" وبعنف أقل بكثير من اليوم، لذلك سيكون من المستحيل فعليا لحكومة دمية يفرضها بوتين في أوكرانيا أن تحكم دون مساعدة الاحتلال العسكري.