زيارة متأخرة.. هل ينجح رئيس وزراء العراق في تحقيق ما يحمله إلى واشنطن؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

في زيارة هي الأولى من نوعها منذ توليه منصبه قبل أكثر من عام ونصف، يستعد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، للمغادرة إلى الولايات المتحدة، للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن في 15 أبريل/نيسان 2024، وذلك بناء على دعوة رسمية وجهت إليه.

الزيارة المرتقبة أثارت العديد من التساؤلات بخصوص أبرز ما سيحمله السوداني فيها، وهل يمكن أن يشكل اللقاء بينه وبين الرئيس الأميركي انتقالة في العلاقات بين البلدين، وخصوصا بالجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية؟

وجرت العادة في كل الحكومات التي تعاقبت على السلطة في العراق بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، أن توجه واشنطن دعوة إلى رئيس الحكومة بعد تشكلها مباشرة في نوع من الدعم لمن يتولى رئاسة الوزراء، وللعملية السياسية التي أنشأتها بالبلد.

"شراكة شاملة"

في 22 مارس/آذار، أعلنت الإدارة الأميركية، أنه "في 15 أبريل 2023، سيرحب الرئيس جو بايدن برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في البيت الأبيض للتنسيق بشأن الأولويات المشتركة وتعزيز الشراكة الثنائية القوية بين الولايات المتحدة والعراق".

وأضاف بيان البيت الأبيض أن "القادة سيؤكدون من جديد التزامهم باتفاقية الإطار الإستراتيجي، وسيعملون على تعميق رؤيتهم المشتركة لعراق آمن وذي سيادة ومزدهر ومندمج بالكامل في المنطقة الأوسع".

ولفت إلى أن "بايدن والسوداني، سيتشاوران حول مجموعة من القضايا خلال الزيارة، بما في ذلك الالتزام المشترك بالهزيمة الدائمة لتنظيم الدولة وتطور المهمة العسكرية بعد ما يقرب من عشر سنوات من تشكيل التحالف العالمي الناجح لهزيمته".

وأكد البيان الأميركي أنهما "سيناقشان أيضا الإصلاحات المالية العراقية الجارية لتعزيز التنمية الاقتصادية والتقدم نحو استقلال العراق في مجال الطاقة وتحديثه".

من جهتها، أعلنت الحكومة العراقية، في 22 مارس، أن "اللقاء يبحث في أفق العلاقة المستقبلية بمرحلة ما بعد التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، وأفضل السبل للانتقال إلى شراكة شاملة في ضوء اتفاقية الإطار الإستراتيجي بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والثقافية والتعليمية والأمنية". 

ولفتت إلى أن "السوداني وبايدن سيتشاوران حول مجموعة من القضايا خلال الزيارة، بما في ذلك أهم الملفات الإقليمية، وجهود ترسيخ الاستقرار في المنطقة".

ووقع العراق والولايات المتحدة، اتفاقية الإطار الإستراتيجي عام 2008، وتضمنت عدة محاور، من بينها تنظيم وجود القوات الأميركية في البلاد، بالإضافة لبنود تتعلق بتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية.

وكان السوداني التقى في نيويورك 18 سبتمبر/أيلول 2023، على هامش حضوره اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ونقل الأخير له دعوة بايدن لزيارة البيت الأبيض من أجل المزيد من التباحث في العلاقات الثنائية بين البلدين.

وأكد السوداني خلال لقاء بلينكن على أهمية استئناف أعمال اللجنة العراقية الأميركية المشتركة، فيما يخص اتفاقية الإطار الإستراتيجي بين البلدين، وشدد على أهمية التعاون المشترك في المجال الأمني لمحاربة تنظيم الدولة.

انسحاب مستبعد

وبخصوص مدى تحقيق الزيارة هدف الانسحاب الأميركي من العراق، رأى الباحث في الشأن العراقي، لؤي العزاوي، أن "الأمر مستبعد، لكني أعتقد أن يجري تغيير مواقع للقوات الأميركية بشكل تكتيكي، بمعنى اختزال تواجدهم في قواعد محددة في البلاد بدلا من مغادرتهم".

وأضاف العزاوي لـ"الاستقلال" أنه "في مثل هذه الزيارات درجت العادة على أن توجه واشنطن رئيس الحكومة العراقية، وتضبط بوصلته في حال ابتعد عنها وذهب باتجاه إيران، مع توقيع عدد من الاتفاقيات التي تثبّت أميركا بالعراق سياسيا وعسكريا واقتصاديا".

وتوقع الباحث أن "تصب الزيارة في صالح إقليم كردستان العراق، الذي سبق أن رفع شكواه إلى واشنطن عبر زيارة رئيس حكومته مسرور البارزاني، وحديثه عما يواجهون من ضغوطات السلطات المركزية في بغداد، سواء فيما يتعلق بالموازنة المالية، أو تدخلات المحكمة الاتحادية".

وكان رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، مسرور البارزاني، قد أجرى زيارة إلى واشنطن استمرت أسبوعا بدءا من 25 فبراير/شباط 2024، بدعوة رسمية من إدارة بايدن، التي التقى خلالها بلينكن، وعددا من أعضاء الكونغرس وكبار السياسيين.

وفي 18 مارس، أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان، "عدم الاشتراك في الانتخابات التشريعية للإقليم، التي تقام خلافا للقانون والدستور وتحت مظلة نظام انتخابي مفروض"، مؤكدا أنه لا يريد "إضفاء الشرعية على انتخابات غير دستورية ولا ديمقراطية".

كما انتقد الحزب "جميع الخروقات الدستورية التي تمارس من المحكمة الاتحادية ضد إقليم كردستان ومؤسساته الدستورية عامة، وخصوصا ما يتعلق بتعديلات قانون انتخاب برلمان الإقليم، مهددا "بالانسحاب من العملية السياسية في بغداد، ما لم يتم "تطبيق الدستور".

من جهته، قال مدير مركز "الرفد" للإعلام والدراسات الإستراتيجية، عباس الجبوري، إن "زيارة السوداني إلى الولايات المتحدة الأميركية تحمل أبعادا عدة، فهي الأولى التي يقوم بها منذ أن تولى منصبه، وسيحمل عددا من الملفات المهمة والشائكة والصعبة".

وأوضح الجبوري خلال حديث لوكالة "شفق نيوز" العراقية في 23 مارس، أن "أولى هذه الملفات هو ملف التواجد الأميركي داخل العراق وتحديد موعد الانسحاب من خلال ما وضعت له اللجنة التي تشكلت قبل أكثر من شهر".

وتابع: "كما سيتم مناقشة المبالغ العراقية المودعة في البنك الفيدرالي الأميركي، وكذلك بحث العلاقات الثنائية والتبادل الاقتصادي والتجاري. إضافة إلى توقيع عدد من البروتوكولات بين الحكومتين تتعلق باستخراج النفط والاستثمار، وأيضا بمشاريع أخرى مهمة وحيوية وإستراتيجية".

"كسب الدعم"

وعن صمت المليشيات الموالية لإيران عن الزيارة، نقلت وكالة "موازين نيوز" العراقية عن مسؤول حكومي (لم تكشف هويته)، أن "الأخيرة مجبرة على القبول بها، وهذا جاء بعد تعهدات من السوداني بوضع ملف إخراج القوات الأميركية أولوية، في زيارته لواشنطن".

وأكد المسؤول الحكومي للوكالة في 24 مارس، أن "الوفد المرافق للسوداني سيكون وزاريا ومحددا"، في إشارة إلى موافقة مشروطة من الخارجية الأميركية للوفد المرافق مع رئيس الوزراء العراقي.

في المقابل، يرى رئيس "المركز العراقي" للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل، أن "زيارة السوداني المرتقبة إلى واشنطن، ستكون بروتوكولية، ولن تكون زيارة اتفاقات جديدة سواء أمنية أو اقتصادية كما يروج البعض".

ونقلت صحيفة "العالم الجديد" عن فيصل في 25 مارس، قوله إن "السوداني يريد من زيارته لواشنطن كسب دعم أميركي حقيقي لحكومته خاصة بملف الاقتصاد، فهو يريد رفع العقوبات الأميركية عن بعض المصارف، بعد أن كان للعقوبات تأثيرات سلبية كبيرة على الواقع المالي والاقتصادي للعراق".

وأشار الخبير العراقي إلى أن "زيارة السوداني إلى واشنطن لن تشهد عقد أي اتفاق جديد بشأن التواجد الأميركي، وهذا الملف ستتم مناقشته والحوار بشأنه من دون أي اتفاق جديد".

و"خصوصا في ظل عدم وجود أي رغبة أميركية حقيقية للانسحاب، كما أن الموقف الأميركي واضح بهذا الصدد، عكس ما ترّوج له بعض الأطراف العراقية سواء الحكومية أو السياسية".

وتأتي الزيارة في وقت تجري فيه بغداد وواشنطن محادثات مشتركة لإخراج قوات التحالف الدولي.

وقد أفضت الجولة الأولى للحوار الثنائي التي عقدت في بغداد، في 27 يناير/كانون الثاني 2024، إلى تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية، وقد بدأت اللجنة أعمالها في 11 فبراير.

وجاءت المحادثات بسبب ضغوط تعرضت لها حكومة السوداني من المليشيات الموالية لإيران والجهات السياسية المرتبطة بها، إذ طالبت بإخراج قوات التحالف الدولي من العراق، على إثر تنفيذ واشنطن ضربات انتقامية أدت إلى اغتيال قيادات بارزة في هذه الفصائل.