صحيفة عبرية: حماس ستنجو من الحرب وسيبقى الوضع بغزة كما كان قبل 7 أكتوبر

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

في إطار تقييم الإعلام العبري للعدوان المتواصل على قطاع غزة، ومدى نجاح جيش الاحتلال في تحقيق أهدافه، نشرت صحيفة عبرية تقريرا تطوف فيه على السياقات الدولية والإقليمية التي تكتنف الحرب. 

واستبعدت صحيفة "زمان إسرائيل" أن تؤدي دوامة التصعيد الحالية إلى تغيير جذري في المشهد الجيوسياسي مقارنة بما كان عليه الحال قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ولفتت إلى أن التقييم الأكثر صدقا وواقعية فيما يتعلق بمصير حماس يأتي من وثيقة استخباراتية إسرائيلية تُوزع على نطاق واسع على المستوى السياسي. وتخلص هذه الوثيقة إلى أن "حماس سوف تنجو من هذه الحملة التي يشنها جيش الدفاع الإسرائيلي". 

نقطة تحول جوهرية
 

تبدأ الصحيفة تقريرها بالتأكيد على حقيقة أن "الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 يُعتقد أنه حدث قد يؤدي إلى نقطة تحول جوهرية في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والشرق الأوسط".

وتابعت: "وقد أدى الرد الإسرائيلي -الذي يتضمن حصار غزة، الذي حرم السكان الفقراء بالفعل من الاحتياجات الأساسية، إضافة إلى أسابيع من الغارات الجوية وأشهر من القتال البري- إلى مقتل ما يقرب من 30 ألف فلسطيني، حوالي ثلثيهم من النساء والأطفال".

وبحسب الصحيفة، فإن التقديرات الإسرائيلية تقول إن "حوالي 10 آلاف منهم كانوا من عناصر حماس".

وبشأن الأحداث التي تبعت الحرب على غزة، تقول: "إن لم تكن هذه الأحداث -مثل التصعيد من جانب حزب الله وهجمات الحوثيين- كافية للإعلان عن تحول كبير في المنطقة، فمن المفترض أن يكون الهجوم على القوات الأميركية في سوريا والعراق ولبنان -وهو الشيء الذي لم يشهده الشرق الأوسط من قبل- مقدمة لحرب إقليمية حقيقية".

وباستثناء الحرب بين إسرائيل والدول العربية عام 1948، فإن الحرب بين إسرائيل وحماس هي بالفعل أطول حرب خاضتها إسرائيل. ونتيجة لذلك، رأى كثيرون أن أحداث 7 أكتوبر ستؤدي إلى انقلاب حتمي في المنطقة.

وفي هذا الصدد، أشار الرئيس الأميركي جو بايدن في تصريح له أثناء الحرب إلى أنه "لا سبيل للعودة إلى الوضع الذي كان قائما في 6 أكتوبر 2023".

من جانبه، قال مايكل هرتزوغ، سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إن "إسرائيل كانت دولة في 6 أكتوبر وأصبحت دولة أخرى في 7 أكتوبر". 

وفي الوقت نفسه، حذر العاهل الأردني الملك عبد الله من أن "المنطقة برمتها على حافة السقوط في الهاوية".

والآن، بعد حوالي ستة أشهر من الأزمة، تعبر الصحيفة العبرية عن استنكارها من أن "إسرائيل لا تعرف حتى أين وصلت من التقدم المحرز في الصراع، أو إلى أين يقودها هذا الصراع". 
 

ومع ذلك، ترى الصحيفة العبرية أن "الشرق الأوسط غالبا لا يمكن التنبؤ به". 

وتتوقع أن "تغير الأزمة بالفعل ساحة اللعب"، موضحة أنه "في كثير من الأحيان يكون لذلك عواقب وخيمة، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية".

وفي هذا السياق، توضح أن "كل اختراق في الساحة الإسرائيلية العربية كان يسبقه عنف شديد". 

فعلى سبيل المثال، أدت حرب 1973 إلى السلام بين إسرائيل ومصر، وأدى غزو صدام حسين للكويت إلى انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، إضافة إلى أن الانتفاضة الأولى انتهت باتفاقات أوسلو.

ومع ذلك، تحذر الصحيفة العبرية من أن الوضع هذه المرة قد يكون أقل حظا من المرات السابقة.

ولذلك، ترى أنه “من الجدير أن نتساءل إذا ما كانت المقاومة الإقليمية للتغيير، مع الافتقار إلى الزعماء الراغبين في خوض مجازفة حقيقية، بما في ذلك أولئك الموجودون في واشنطن، من شأنها أن تنتج وضعا مستقبليا أشبه بالوضع الذي يأمل كثيرون في تغييره؟”

وأردفت: "ورغم أن العديد من الأمور لا تزال غير واضحة، إلا أن بعض المصادر تثير الشكوك في أن الشرق الأوسط ما بعد الأزمة قد يبدو مشابها بشكل ملحوظ للشرق الأوسط القديم".

تجنب الحرب الكبرى

وتدعي الصحيفة العبرية أنه "في ظل الحرب الحالية، تستغل إيران الأزمة في غزة لتفعيل محور المقاومة الخاص بها لإثارة المشاكل لإسرائيل والولايات المتحدة".

ومع ذلك، فإن السمة البارزة للصراع الحالي -وفق الصحيفة- هي "ضبط النفس النسبي لدى المنخرطين، باستثناء الحوثيين".

وفي هذا الإطار، تذهب الصحيفة العبرية إلى أن "اللاعبين الرئيسين لديهم الكثير مما قد يخسرونه في الحرب، ولذلك يشيرون سرا وعلنا إلى أنهم يفضلون تجنبها".

وتابعت: "وبدلا من ذلك، فإنهم راضون بمستوى ثابت من العنف؛ أقل قليلا من عتبة التصعيد". لكن تحذر الصحيفة -في ذات الوقت- من أن "خطر التصعيد غير المتعمد لا يزال مستمرا".


 

وأوضحت أنه "منذ بداية الأزمة، مهدت الجهود الدبلوماسية التي بذلتها الولايات المتحدة وفرنسا الأساس لتسوية رسمية أكثر استقرارا حول الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان".

وذكرت أن "هذا الأساس يتضمن انسحاب القوات التابعة لحزب الله من الخط مقابل تنازلات إقليمية لصالح لبنان". 

وتابعت: "ومن ناحية أخرى، في العراق، عرضت أكبر مليشيا مرتبطة بإيران وقف إطلاق النار، وتلاشت الدعوة لسحب القوات الأميركية من المياه في الخليج العربي".

مضيفة: "كما أشارت السعودية والإمارات إلى أن الحرب بين الولايات المتحدة وإيران غير مرغوب فيها بالنسبة لهما".

وفي سوريا، تشير الصحيفة إلى أن "القوات الجوية الإسرائيلية تواصل إحباط المناورات الإيرانية".

وأردفت: "كما تؤدي الضربات الأميركية والبريطانية في مضيق باب المندب إلى تآكل البنية التحتية الساحلية للحوثيين، والتي ستؤدي في النهاية إلى وضع حد للاضطرابات في البحر الأحمر".

وخلاصة القول من وجهة نظر الصحيفة، فإن "دوامة التصعيد -التي من شأنها أن تغير بشكل جذري الديناميكيات الجيوسياسية التي كانت سائدة قبل الحرب- ليست في الأفق". 

"وحتى في غزة، حيث تواصل إسرائيل قمعها العسكري، فمن الصعب أن نتوقع تغييرا سياسيا"، وفق رأي الصحيفة.

حماس لن تنتهي

في النهاية، تلفت "زمان إسرائيل" إلى أن "التقييم الأكثر صدقا فيما يتعلق بمصير حماس يأتي من وثيقة استخباراتية إسرائيلية تُوزع على نطاق واسع على المستوى السياسي". 

ووفق هذه الوثيقة، "يمكن القول إن حماس ستنجو من هذه الحملة، التي يشنها جيش الدفاع الإسرائيلي، بصفتها منظمة حرب عصابات". 

وفي الوقت نفسه، تزعم الوثيقة أنه "ليس هناك شك في أن حماس قد ضعفت بشكل كبير كمنظمة عسكرية، وقدرتها على تنفيذ عملية أخرى -كطوفان الأقصى- أُضعفت إلى حد كبير".

وأكملت: "وفي حال قُضي على القيادة العليا لحماس في غزة، فإن قدرتها على الاستمرار في الوجود سوف تتضرر".

وهذا لا يعني -بحسب الوثيقة- أن "قدرة حماس على التأثير على السياسة الفلسطينية داخل غزة وخارجها قد تآكلت حتى النخاع، وأنها لن تكون عاملا رئيسا في اليوم التالي للحرب".

في المقابل، نقلا عن استطلاع للرأي "موثوق" نُشر أخيرا، تلفت الصحيفة إلى أن "غالبية الفلسطينيين في غزة يعتقدون أن حماس ستنتصر في الحرب وتستعيد حكمها".

وهنا، تتساءل الصحيفة: “لماذا لا تزال حماس ذات أهمية بالنسبة للفلسطينيين إذا كانت سياساتها جلبت كل هذه المعاناة لهم؟”

وتجيب بالقول إن "أغلب الفلسطينيين يعتقدون أن هجوم حماس كان مبررا بسبب الاحتلال الإسرائيلي". 

إضافة إلى ذلك، ترى الصحيفة أن "صمود حماس يرتبط بـ (خلل السلطة الفلسطينية) وبالشعور بأن أي حكومة ستُشكل بعد الحرب يجب أن تقوم على إجماع وطني يضم جميع الفصائل، بما في ذلك حماس".

وفي هذه النقطة تحديدا، تشير إلى حقيقة وصفتها بـ "الغريبة"، والتي تفيد بأن "السلطة الفلسطينية، سواء الحالية أو غيرها، لا تملك فرصا كثيرة للعودة إلى حكم غزة دون موافقة حماس".

وفي الختام، سلطت الضوء على "الحقيقة المزعجة بالنسبة لإسرائيل"، وهي أنه "في غياب حركة وطنية فلسطينية تلتزم بحكومة فاعلة وتسيطر على الضفة الغربية وقطاع غزة مع احتكار الاستخدام المشروع للقوة، فإنه لا يمكن تصور السيادة وإقامة دولة مستقلة".