رغم الخلافات والتناقضات.. ما سر العلاقة الوثيقة بين نيوزيلندا والصين؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

في ضوء الزيارة التي أجراها مستشار الدولة ووزير الخارجية الصينية وانغ يي، إلى نيوزيلندا، يتحدث موقع "الصين. نت" عن حرص البلدين على إبقاء خطوط التواصل والتعاون رغم الخلافات بينهما.

في 18 مارس/ آذار 2024، دُعي وانغ يي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ووزير الخارجية، لإجراء زيارة إلى نيوزيلندا.

نموذج للتعاون

وبحسب الموقع الصيني، خلال هذه الزيارة، أجرى وانغ يي محادثات مع رئيس وزراء نيوزيلندا كريستوفر لوكسون، ووزير الخارجية وينستون بيترز، ووزير التجارة تود ماكلاي. 

ويقول إن "هذه الزيارة تُعد الأولى من نوعها بين مسؤولين رفيعي المستوى من البلدين منذ أن تولت الحكومة النيوزيلندية الجديدة مهامها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023".

وفي يونيو/ حزيران 2023، خلال زيارة رئيس وزراء نيوزيلندا السابق كريس هيبكنز للصين، أشار الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى أن العلاقات بين بلاده ونيوزيلندا كانت منذ فترة طويلة (تقود) علاقات بكين مع الدول المتقدمة. 

وقال شي جين بينغ: "على مدار 51 عاما من العلاقات الدبلوماسية بين الصين ونيوزيلندا، التزمنا دائما بالاحترام المتبادل والتسامح، وسجلنا العديد من السجلات (الأولى) والأرقام القياسية".

ولفت إلى أن "نيوزيلندا كانت (أول) دولة متقدمة توافق على انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، كما كانت (أول) دولة متقدمة تعترف بوضع اقتصاد السوق لبكين".

إضافة إلى "كونها (أول) دولة متقدمة تتوصل إلى اتفاقية تجارة حرة ثنائية مع الصين، و(أول) دولة توقع اتفاقية تعاون مع بكين بشأن مبادرة (الحزام والطريق)".

وفي هذا السياق، يلفت الموقع الصيني إلى أن "عام 2024 يصادف الذكرى السنوية العاشرة لإقامة الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين ونيوزيلندا". 

وفي السياق الحالي الذي يتسم بتزايد عدم اليقين العالمي، يصف الموقع الصيني العلاقة المستقرة وطويلة الأمد بين الصين ونيوزيلندا بأنها "نموذج للتعاون المربح بين البلدان ذات الأنظمة والثقافات ومراحل التنمية المختلفة".

تعاون بروح "السعي"

وبإلقاء نظرة عميقة على العلاقات بين البلدين، يخلص الموقع إلى أن التعاون الاقتصادي والتجاري يُعد هو القوة الدافعة لتنميتها، كما يرى أن "اقتصاد الصين ونيوزيلندا متكاملين إلى حد كبير".

فمن ناحية، تلبي منتجات الألبان واللحوم وغيرها من المنتجات الزراعية النيوزيلندية طلب الشعب الصيني المتزايد على الأغذية عالية الجودة.

في حين تمثل المنتجات الميكانيكية والكهربائية والمنسوجات الصينية صادرات رئيسة إلى نيوزيلندا من الناحية الأخرى. 

ومنذ أن وقعت الصين ونيوزيلندا اتفاقية التجارة الحرة عام 2008، ارتفع حجم التجارة الثنائية من 4.4 مليارات دولار أميركي في 2008 إلى 25.4 مليار دولار عام 2022، بمتوسط ​​معدل نمو سنوي قدره 13 بالمئة. 

ويضيف الموقع أنه "منذ عام 2013، أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لنيوزيلندا لمدة 10 سنوات متتالية".

كما أطلقت الصين ونيوزيلندا، عام 2016، مفاوضات لتحديث اتفاقية التجارة الحرة، بهدف مواصلة خفض الحواجز التجارية وتحرير الوصول إلى الأسواق للخدمات والسلع. 

وفي الأول من يناير/ كانون الثاني 2024، طبقت الصين تعريفات جمركية صفرية على منتجات الألبان المستوردة من نيوزيلندا، مما يمثل التنفيذ الكامل لاتفاقية التجارة الحرة بين البلدين.

وفي هذا السياق، يتحدث الموقع عن أن "اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ونيوزيلندا تُعد مثالا ناجحا للتبادلات الودية والتعاون بين الجانبين".

وأشاد بأن هذا التبادل يتجاوز الاختلافات المؤسسية والثقافية ويمضي قدما بروح السعي لتحقيق المصالح المشتركة.

وبينما يواصل التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ونيوزيلندا تسجيل أرقام قياسية جديدة، فقد حقق أيضا منافع ملموسة لشعبي البلدين. 

وهنا، يوضح الموقع الصيني أن نيوزيلندا دولة نموذجية موجهة نحو التصدير. 

وبحسب الإحصاءات، فإن ربع فرص العمل في نيوزيلندا يوفرها قطاع التصدير، وتعتمد سبل عيش ما يقرب من 630 ألف نيوزيلندي على التجارة الخارجية. 

ومن خلال الاستفادة من التعميق المستمر للتجارة بين الجانبين، اتجهت نيوزيلندا نحو توقيع وتنفيذ الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP).

بالإضافة إلى أنها استجابت بشكل إيجابي لطلب الصين الانضمام إلى الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة العابرة للمحيط الهادئ (CPTTP). 

 علاقة رائدة

وبشأن العوامل المؤثرة في العلاقات الثنائية، يقول الموقع إن "تعميقها وترسيخها بين الصين ونيوزيلندا لا يرجع فقط إلى الارتقاء المستمر بالتعاون الاقتصادي والتجاري".

ولكنه يرجع أيضا -من وجهة نظره- إلى أن "كلا البلدين من دعاة وممارسي التعددية الحقيقية". 

وعلى الرغم من أن نيوزيلندا عضو في تحالف "العيون الخمس" (استخباري يشمل أيضا يشمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا)، إلا أن سياستها تجاه الصين لا تتأثر بالولايات المتحدة والدول الغربية.

وفي يونيو/ حزيران 2020، عندما خططت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لإصدار ما يسمى "البيان المشترك بشأن هونغ كونغ" باسم تحالف "العيون الخمس"، رفضت نيوزيلندا ذلك بحجة ضيق الوقت.

وانتهى الأمر -كما يوضح الموقع- بـ "بيان الدول الخمس" ليصبح "بيان الدول الأربع". 

وفي هذا الصدد، يخلص الموقع الصيني إلى أن "نيوزيلندا، التي تنتهج روحا عملية، تدرك أهمية التعاون مع الصين".

ويؤكد أنها "غير راغبة بالتسبب في تكبد بلادها خسائر اقتصادية فادحة بسبب التحيز الأيديولوجي، ناهيك عن العمل كبيدق في اللعبة بين القوى الكبرى". 

وخلال الانتخابات العامة النيوزيلندية نهاية 2023، ناقش رئيس الوزراء الحالي لوكسون ورئيس الوزراء السابق كريس هيبكنز أيضا من يمكنه تمثيل نيوزيلندا بشكل أفضل في تطوير التعاون مع الصين. 

وفي يوم توليه منصبه، أعرب لوكسون عن دعمه للبناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق" ورحب كثيرا بمساعدة الصين وتعاونها.

وفي النهاية، يبرز الموقع الصيني حقيقة أنه "رغم المحيطات الشاسعة التي تفصل بين الصين ونيوزيلندا، إلا أن تعاونهما وإصرارهما على التعددية الحقيقية جعل البلدين قريبين من بعضهما البعض".

وعلى الرغم من الخلافات والتناقضات بشأن الأمن الإقليمي وقضايا أخرى، إلا أن الموقع يؤكد أنه "من خلال التبادلات والحوارات الصريحة، سيتمكن البلدان من تجاوز خلافاتهما وتعميق الثقة والتفاهم المتبادل".

ولفت إلى أن هذا هو أصل الصداقة الدائمة بين الصين ونيوزيلندا، وسر العلاقة "الرائدة" طويلة الأمد بينهما.