رضا حجازي.. وزير جلبه السيسي لإدارة تعليم مصر فأصبح إمبراطور فساد

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

رضا السيد محمود حجازي وشهرته "رضا حجازي"، هو رابع وزير للتربية والتعليم خلال حكم رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، لكنه يعد أكثرهم جدلا وإثارة للمشاكل. 

الوزير الذي تولى مسؤولية أحد أهم الحقائب الوزارية، بداية من 14 أغسطس/ آب 2022، بدأت تطاله وقائع فساد متعددة مدعومة بالوثائق، إضافة إلى إخفاقه في عدة ملفات حيوية على رأسها جودة المدارس والعملية التعليمية. 

فساد ممنهج 

وفي 19 مارس/ آذار 2024، كشف موقع "ذات مصر" المحلي، عن رسائل ووثائق موجهة إلى القيادة السياسية، تتضمن وقائع فساد كبرى تمت داخل وزارة التربية والتعليم، وعلى رأس المسؤولين الذين طالتهم، يأتي الوزير رضا حجازي.

الاستغاثات حملت عنوان "الفساد الممنهج والمستمر في التعليم المصري"، وذكرت أنه بعد إخلاء مبنى الوزارة وسط القاهرة، والانتقال إلى العاصمة الإدارية ارتكبت جريمة إهدار مال عام. 

فبدلا من تسليم المبنى بمحتوياته الأثرية إلى "الصندوق السيادي"، حسب التعليمات الصادرة بهذا الصدد، جرى الاستيلاء على الممتلكات العينية والأثرية الموجودة بالقصر والمتحف.

وذلك بعد فك كاميرات المراقبة والاستيلاء عليها، قبل إتمام عملية النقل لإخفاء الجريمة، وبينت الشكوى أن الممتلكات عبارة عن نجف بلجيكي، وتكييفات مركزية، وسجاد عتيق، وتابلوهات أثرية، ورخام ثمين، وأنتيكات مختلفة، وتماثيل رخامية ثمينة.

وبحسب "ذات مصر" أِشارت قيادات الوزارة فى الاستغاثة إلى أن تكلفة نقل محتويات القصر والمتحف وصلت إلى نحو 700 ألف جنيه، منوهين بأن قيمة تلك المحتويات تصل إلى ملايين الجنيهات، وأنه لا يعلم وجهتها حتى الآن.

وذكرت الشكوى أن الواقعة تدل على إهدار المسؤولين في الوزارة على رأسهم الوزير رضا حجازي للمال العام. 

وأوضحت أن الواقعة تستحق المساءلة القانونية لسرعة إعادة الممتلكات الأثرية وتسليمها إلى الصندوق السيادي، خاصة أنه لم تشكل لجنة من قبل الوزير لحصر وجرد هذه الممتلكات من الأساس. 

لم تقف الشكاوى والتسريبات الخارجة من أروقة وزارة التربية والتعليم على فقدان ممتلكات أثرية قيمة، بل ذهبت إلى وجود فساد إداري متعمد. 

حيث انتقدت الشكوى وجود إدارات متعددة يمكن دمجها ببعضها، في مقدمتهم الإدارة المركزية لمدارس التعليم الفني، والإدارة المركزية لتطوير التعليم الفني، إضافة إلى الإدارة المركزية لتكنولوجيا التعليم.

وقالت إن هذه الإدارات تكشف الفساد الإداري وكيفية إهدار المال العام، وخصت الشكوى بالذكر  الإدارة المركزية للتعليم بمصروفات .

وأشارت إلى أن الأخيرة تعد نموذجا صارخا لتكريس الطبقية والتمييز في التعليم والمجتمع، ومخالفة للدستور الذي ينص على مجانية التعليم.

إذ تنص المادة "19" من الدستور المصري، أن الدولة تكفل مجانية التعليم بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى.

وبينت الشكوى أنه من العجب وجود إدارة مركزية للتعليم العام يتبعها 7 إدارات عامة، وإدارة مركزية للتعليم بمصروفات يتبعها 8 إدارات.

كارثة قومية 

إخفاقات حجازي تجاوزت اتهامات الفساد الإداري، إلى إخفاقات أصبحت تمثل خطرا على الأمن القومي المصري. 

ففي 14 فبراير/ شباط 2024، نشر موقع "المنصة" المحلي، تقريره عن أعداد الطلاب المتسربين من التعليم. 

وذكر نقلا عن مسؤول داخل الوزارة أن عدد الطلاب المنقطعين عن الدراسة خلال العام الدراسي 2023/ 2024، قفز إلى 68 ألفا.

ويتم وصف الطالب المنقطع بأنه "الذي لم يذهب إلى المدرسة لمدة عام دراسي سابق وآخر لاحق".

وأضاف التقرير أن الأرقام الصادرة الواردة إليهم من المديريات بشأن معدلات الانقطاع خلال العامين الماضي والحالي غير مرضية.

وأوضح أن محافظة القاهرة وحدها بها 21 ألف منقطع من إجمالي مليونين و554 ألف طالب في مدارس العاصمة، وهناك إدارات تعليمية صغيرة بها أربعة آلاف منقطع". 

وأتبع أن العدد الأكبر من المنقطعين، في المرحلة الابتدائية بقرابة 42 ألف طالب، وباقي النسبة موزع على الصفوف الإعدادية.

ولا تكمن الأزمة في الطلاب وحدهم، فهناك إشكالية كبرى تتعلق بتوفر المعلمين، حيث تعاني المدارس من عجز كبير في المعلمين وصل إلى 400 ألف معلم في مختلف التخصصات

وذلك وفق ما أعلنه نقيب المعلمين خلف الزناتي أمام لجنة التعليم بالحوار الوطني خلال مايو/ أيار 2023.

تراجع بالأرقام 

تلك الحالة أدت إلى تراجع تصنيف مصر في مؤشرات جودة التعليم، فبالنظر للخريطة التعليمية في مصر للعام 2022/ 2023، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم، جاءت إحصائية بأعداد المدارس والطلاب والمعلمين والفصول بالمدارس الحكومية والخاصة.

وأظهرت الإحصائية أن هناك 25 مليونا و494 ألفا و232 طالبا وطالبة، كما وصل عدد أعضاء هيئة التدريس إلى 958 ألفا و753 معلما ومعلمة، كما وصل عدد المدارس إلى 60 ألفا و254 مدرسة، بإجمالى 551 ألفا و815 فصلا دراسيا.

ومن بين تلك الأرقام، فإن عدد طلاب المدارس الخاصة على مستوى الجمهورية يقدر بمليون ونصف مليون طالب، وعدد المدارس الخاصة يصل إلى نحو 10 آلاف مدرسة.

وكشفت بيانات وزارة التربية والتعليم خلال عام 2022 أن كثافة فصول المدارس الحكومية تصل إلى 32 طالبا، وفي الخاصة تصل إلى 26 طالبا. 

وبحسب موقع البنك الدولي لعام 2022، أنفقت مصر 2.5 بالمئة فقط من ميزانيتها على التعليم، واحتلت المرتبة الـ 53 عالميا في التعليم ما قبل الجامعي.

وفي 13 مايو/ أيار 2022، احتلت مصر المرتبة 42 عالميا في جودة التعليم، بحسب تصنيف مجلة "يو إس نيوز" الأميركية، المتخصصة في التصنيفات التعليمية. 

يذكر أن السيسي، أقر في مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2017، بـ"عدم وجود تعليم جيد في مصر".

وقال "ينفع التعليم في إيه مع وطن ضايع"، ما عرضه لجملة من الانتقادات اللاذعة، وتحميله مسؤولية تردي تلك المنظومة بأكملها.

وتعليقا على المشهد، قال الخبير التعليمي الدكتور خالد خيري، إن الفساد الظاهر حاليا في واحدة من أهم الوزارات، هو نتاج الوزير نفسه رضا حجازي، فوجود حجازي في حد ذاته على رأس المنظومة التعليمية، يمثل دلالة واضحة على الفساد.

وأضاف لـ"الاستقلال": "للأسف نحن في حالة مستمرة منذ بداية الحكم العسكري لمصر عام 1952، فمصر التي كان يتولى مسؤولية التعليم فيها رجال مثل علي مبارك، ورفاعة الطهطاوي، وطه حسين، آلت أمورها إلى أن يقود التعليم فيها جنرالات أو أشباه موظفين ومن ورائهم مستشارون عسكريون". 

وأتبع: "رضا حجازي لا يعدو أن يكون موظفا فاسدا، وغير كفء، جيء به لأنه سيخدم أجندة رئيسه، وينفذ المطلوب بولاء كامل وانصياع شديد". 

وأضاف خيري: "نحن نحتاج أن ننظر حولنا، لا أقول إلى أوروبا أو ماليزيا وتركيا، بل إلى دول شقيقة مثل السعودية والإمارات وقطر والكويت، كنا نصدر إليهم خبراتنا التعليمية، الآن تفوقوا علينا بمراحل، وأصبحوا يمتلكون منظومات تعليمية هائلة ومتطورة".