نفوذ تركيا في سوريا ودعمها حماس.. هل يؤدي لمواجهة مباشرة مع إسرائيل؟

تركيا قد تكون الهدف المقبل لإسرائيل
يمثل الهجوم الإسرائيلي الأخير على الدوحة الذي يعد انتهاكا واضحا للقانون الدولي، دليلا واضحا على السلوك المنفلت للكيان الصهيوني، الأمر الذي أثار مخاوف جدية لدى دول المنطقة.
فإسرائيل التي تمتلك سجلا طويلا من الاعتداءات على لبنان وسوريا وإيران واليمن، فضلا عن صراعاتها السابقة مع الأردن ومصر، وتجربتها في حرب الأيام الستة، تُظهر استعدادا دائما لتوسيع نطاق التوتر مع دول الشرق الأوسط.
ويعتقد موقع "الدبلوماسية الإيرانية" أن هذا النهج الإسرائيلي، لا سيما استهداف قطر، "أطلق جرس إنذار بالنسبة لدول إقليمية كبرى مثل تركيا وباكستان".
إذ تظهر تحركات إسرائيل الأخيرة أنها لا تتردد في إثارة التوترات مع الدول التي تربطها علاقات دبلوماسية، أو حتى مع حلفائها الغربيين الإستراتيجيين.
وفي هذا السياق، استعرض الموقع أبرز نقاط الخلاف والتوتر بين تركيا وإسرائيل، مسلطا الضوء على التداعيات الكارثية المحتملة في الإقليم والعالم، حال اندلاع مواجهة مباشرة بينهما.

تصعيد التوتر
وأشار الموقع إلى أن "تحليلات صحف عبرية، وعلى رأسها صحيفة (هآرتس)، تتحدث عن أن تركيا قد تكون الهدف المقبل لإسرائيل؛ بسبب دعمها العلني لحركة حماس وتعزيز وجودها العسكري في سوريا".
وبحسب الصحيفة العبرية تسعى إسرائيل إلى إضعاف محور المقاومة، وعلى رأسه حركة حماس، عبر توسيع نطاق عملياتها العسكرية.
ويقدر الموقع أن "هذا النهج لا يؤدي فقط إلى زعزعة الاستقرار، بل يحفز ردود فعل مضادة قد تؤدّي إلى مواجهات أوسع".
وتابع: "الهجمات المتكررة على قواعد عسكرية في سوريا، بما في ذلك استهداف معدات مراقبة تركية، تُظهر سعي إسرائيل للسيطرة على مواقع إستراتيجية".
وأردف: "هذه العمليات، إلى جانب تصريحات نتنياهو العدائية، تُسهم في تصعيد التوتر مع تركيا، التي باتت ترى نفسها في مرمى النيران".
"ورغم عدم وجود حدود برية مشتركة، فإن إسرائيل تعتمد على الضربات الجوية والعمليات الاستخباراتية لفرض نفوذها، ما يجعل أي نقطة في المنطقة عرضة للاستهداف". وفق تقييمه.
ويقدر الموقع الفارسي أن "احتمال الصدام يزداد قوة في ظل تصاعد التوترات بين الطرفين، وتبادل التصريحات العدائية، بما في ذلك اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالإبادة الجماعية للأرمن، وهو ما أثار غضب أنقرة".
وأضاف: "ومع غياب قنوات اتصال رسمية لاحتواء التوتر، وتصاعد النشاط العسكري في سوريا، يتزايد خطر اندلاع مواجهة مباشرة".
"لا سيما أن غياب الحدود البرية المشتركة بين الدول لم يعد عائقا أمام المواجهة؛ إذ تمتلك إسرائيل القدرة على إثارة الصراع في أماكن بعيدة من خلال الغارات الجوية والعمليات الاستخباراتية والسيبرانية والحروب بالوكالة". وفق التقرير.
وتناول الموقع الدور التركي في دعم المقاومة الفلسطينية قائلا: "في السنوات الأخيرة، برزت تركيا كأحد أبرز الداعمين لحركة حماس؛ حيث وفرت لها مساحة للعمل داخل أراضيها، إلى جانب تقديم دعم مالي ولوجستي".
ووفق التقرير، فإن "هذا الدعم، الذي عززه موقف أردوغان المناهض لإسرائيل، يُميز تركيا عن دول إقليمية أخرى مثل قطر".
وتابع موضحا: "فعلى عكس الدوحة، التي تبرر استضافتها حماس لأغراض دبلوماسية، تدعم تركيا عمليات الحركة بنشاط".
وعقب الموقع: "دعم أنقرة لحماس، وإن كان شرعيا من منظورها السياسي، يفتح الباب أمام إسرائيل لتوظيفه كذريعة لتكثيف إستراتيجيتها العدوانية".
وأوضح أن "خطابات الرئيس التركي، التي اتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة، ترافقها خطوات عملية على الأرض مثل فرض قيود تجارية وتشديد الحصار البحري، وهو ما اعتبره بعض المراقبين إجراءات ذات طابع حربي وفق القانون الدولي".
في المقابل، ذكر الموقع أن "جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) كشف عن إحباط مخطط لحماس في تركيا يستهدف اغتيال مسؤول إسرائيلي". الأمر الذي رأى الموقع أنه "يعزّز التكهنات حول إمكانية انتقال المواجهة إلى الأراضي التركية نفسها".

الساحة السورية
ولا يقتصر التوتر بين تركيا وإسرائيل على دعم حماس فحسب، بل وبحسب الموقع، "تُعد الساحة السورية في مرحلة ما بعد الأسد إحدى بؤر التوتر الرئيسة بين تركيا وإسرائيل، ما يجعلها عاملا محوريا في احتمالات التصعيد".
وعزا ذلك إلى "الوجود العسكري التركي في ظل الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، إلى جانب العمليات الإسرائيلية في جنوب سوريا، وغياب قنوات رسمية لتخفيف التوتر".
كما لفت إلى أن "استعداد أنقرة لدعم فصائل سورية محلية مناهضة لإسرائيل، يهدد بمزيد من التوتر، ويعكس بوضوح ملامح هذا الصراع المتنامي".
ويقدر أن "وساطة أذربيجان، في أبريل/ نيسان 2025، رغم أنها أسهمت في احتواء بعض الاشتباكات العرضية، فإنها لم تعالج جذور الأزمة".
"كما أن التعاون المتنامي بين تركيا وقطر في سوريا، خصوصا بعد سقوط النظام السابق، أثار قلقا متزايدا في تل أبيب". وفقا له.
واستشهد بصحيفة “يسرائيل هيوم” التي وصفت هذا التعاون بأنه "تهديد إستراتيجي"، وترى أنه "قد يغير ميزان القوى في المنطقة لصالح محور المقاومة".
ونوّه الموقع إلى أن "ذلك يأتي في ظل تعزيز تركيا لقدراتها العسكرية والدفاعية وتقليص اعتمادها على الغرب، عبر إنشاء منظومات دفاع جوي مثل (القبة الفولاذية) ومحاولتها تصنيع مقاتلات محلية، ومساعيها الحثيثة للحصول على مقاتلات (إف-35)، ما يظهر استعدادها لمواجهة أي تهديدات إسرائيلية محتملة".
وأردف: "لكن هذه الإجراءات، رغم أهميتها لحماية مصالحها القومية، قد تُقرأ في إسرائيل كإشارات استفزازية، ما يعني أن دوامة التصعيد مرشحة للاستمرار".
ومع تزايد خطر المواجهة المباشرة بين الجانبين، يرى الموقع الفارسي أن "أي صدام مباشر بين تركيا وإسرائيل ستكون له تداعيات كارثية على المنطقة والعالم، نظرا للمكانة الإستراتيجية لكلا الطرفين".
وأكمل: "فتركيا عضو في حلف الناتو، وإسرائيل حليف رئيس للغرب، وأي مواجهة بينهما قد تربك التحالفات الإقليمية والدولية".
واستطرد: "صحيفة (هآرتس) حذرت من أن حربا كهذه قد تمتد إلى البحر المتوسط، وتهدد البنية التحتية للطاقة الإسرائيلية، وتترافق مع هجمات سيبرانية وعمليات بالوكالة".
"كما أن مثل هذا السيناريو من شأنه أن يجرّ قوى كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين إلى قلب المواجهة". وفق تقديره.
من الناحية العسكرية، أشار الموقع إلى أنه "رغم تفوق إسرائيل في التكنولوجيا المتقدمة وترسانتها النووية، فإن الجيش التركي، بصفته أحد أكبر جيوش الناتو، قادر على خلق تحديات خطيرة لإسرائيل".
علاوة على ذلك، يعتقد التقرير أن "علاقات تركيا الوثيقة مع دول عربية مثل السعودية تعقد المشهد الإقليمي أكثر".
وأوضح أن إسرائيل تسعى للاحتفاظ بتفوقها الجوي في الإقليم، فقال: "تعكس جهود إسرائيل لمنع الولايات المتحدة الأميركية بيع مقاتلات (إف-35) لتركيا، قلق تل أبيب من تعزيز أنقرة لقدراتها العسكري".
وتوقع أن "يؤدي هذا السباق التسليحي، إلى جانب التوترات السياسية، إلى زعزعة استقرار الناتو وتغيير توازن القوى العالمي".
أما دول المنطقة مثل مصر واليونان، فقدر أنها "قد تجد نفسها مضطرة لاتخاذ موقف في حال اندلاع هذا الصراع، وهو ما يحمل تبعات سياسية واقتصادية وخيمة عليها".
خطوات جادة
في هذا الصدد، يرى التقرير أنه "لتفادي اندلاع صراع كارثي بين تركيا وإسرائيل قد يشعل منطقة غرب آسيا بأكملها، يجب إنشاء قنوات دبلوماسية فعالة وخطوات جادة لخفض التوتر".
وأضاف: "من خلال التركيز على الدبلوماسية والوساطة في النزاعات الإقليمية، يمكن لتركيا أن تلعب دورا بناء".
"كما أن تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة والعودة إلى برنامج (إف-35) من شأنه أن يسهم في الحد من عزلة أنقرة الإقليمية". وفق تعبيره.
واستدرك: "لكن المشكلة تكمن في إصرار إسرائيل على نهجها الهجومي، بما في ذلك تنفيذ ضربات داخل أراضي دول أخرى، وهو ما يقوض أي جهود للتهدئة".
ولفت إلى أن "إنشاء آليات دولية لمراقبة الأنشطة العسكرية في سوريا قد يُسهم بالفعل في تقليل خطر الاشتباكات العرضية، إلا أنه لا يضمن وقف الاعتداءات الإسرائيلية".
مضيفا: "حتى القوى الكبرى مثل أمريكا وأوروبا قد لا تنجح في منع توسع الصراع إلى البحر المتوسط وما بعده".
وخلص الموقع في ختام تقرير إلى أنه "في ظل تصاعد الخطاب العدائي، والتنافس العسكري، وانعدام الثقة المتبادل، تبقى الصورة المستقبلية ضبابية".