بينما يتواصل التحذير منها.. هل بدأت الحرب العالمية الثالثة بالفعل؟

منذ ٦ أشهر

12

طباعة

مشاركة

وسط صراعات تجرى في أوكرانيا وسوريا والسودان، فضلا حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، يتساءل موقع ألماني إذا ما كانت تعني هذه الحروب أن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت بالفعل.

ويؤيد هذه الاتجاه المثير للجدل أصوات سياسية واقتصادية عديدة من روسيا وأميركا، قام موقع "تيليبوليس" بعرضها، محاولا تفسير الوضع الحالي في الشرق الأوسط والعالم، عبر تحليل الأحداث الماضية التي أدت للوصول إلى اللحظة الراهنة.

حالة من الخوف 

يبدأ الموقع تقريره مشيرا إلى "حالة الخوف التي تسود العالم بسبب خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة، حيث زادت هذه المخاوف منذ بداية الحرب في أوكرانيا عام 2022 وأصبح السؤال حول ما إذا كانت هذه الحرب قد بدأت بالفعل، موضع نقاش واسع ومثير للجدل".

فهناك تصور يقول إنه "إذا استمرت الحروب الحالية واتسعت دائرتها دون أن تصل إلى حرب نووية شاملة ومدمرة، فقد يُنظر إلى الوضع الحالي في المستقبل على أنه بداية للحرب العالمية الثالثة".

وهذا التصور يتشابه مع فكرة قدمها المؤرخ البريطاني الأسترالي كريستوفر كلارك في كتابه (السائرون وهم نيام)، الذي تناول فيه كيف بدأت الحرب العالمية الأولى.

وقد تحدثت أصوات عديدة حول العالم بالفعل حول هذا الموضوع، وتحديدا في الغرب، إذ يدعم بعض الشخصيات فكرة أن الحرب العالمية الثالثة جارية بالفعل، ومن أبرزهم جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك (جي بي مورغان تشيس).

وفي خطاب ألقاه أخيرا بمعهد التمويل الدولي، قال ديمون: “الحرب العالمية الثالثة قد بدأت فعلا، هناك معارك برية يتم التنسيق لها عبر عدة دول”.

مشيرا إلى الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، وقد أدلى بهذا التصريح قبل الأحداث التي حدثت لاحقا في سوريا.

وأوضح ديمون أن روسيا وكوريا الشمالية وإيران تُشكل ما أسماه (محور الشر)، الذي يسعى، بالتعاون مع الصين، إلى إلحاق الضرر بدول حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وعلى الجهة الاخرى في روسيا، حيث تختلف رواية الخير والشر التي يروّج لها النظام، توجد أصوات بارزة تشارك على الأقل التقييم بأن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت بالفعل.

فعلى سبيل المثال، فلاديمير سولوفيوف، الذي يقدم برنامجا حواريا مساء الأحد على التلفزيون الرسمي الروسي، صرح في يناير/ كانون الثاني 2024: (نحن نتحرك نحو الحرب العالمية الثالثة. وفي رأيي، هي جارية بالفعل)".

ووفقا للإعلامي الروسي، "فإن ترامب يعتقد الشيء نفسه".

ويعقب الموقع قائلا: "في الواقع، اتّهم ترامب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، مرارا وتكرارا بأنه يثير احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة".

بدوره، "حذر رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 26 سبتمبر/ أيلول، من أن (الحرب العالمية الثالثة ممكنة)".

مزيج متفجر

ويعتقد الكاتب أن هناك “مزيجا من ثلاثة صراعات كبيرة تتخذ شكلا قابلا للتفجير، تشكل ملامح هذه الحرب”.

وهذه الصراعات هي الحرب الروسية ضد أوكرانيا، والحرب الأخيرة بين إسرائيل وغزة، والنزاع الداخلي في السودان، حيث تشارك أيضا روسيا والولايات المتحدة، وتدعم فصائل عسكرية متناحرة بعضها البعض.

ويرصد الموقع موقف أوروبا من الحروب الثلاثة قائلا: “أكد ميشيل تقديم دعم إضافي لأوكرانيا (وهو مستمر طالما كان ذلك ضروريا)”.

وفيما يتعلق بالحرب بين إسرائيل وغزة، دعا إلى (وقف فوري لإطلاق النار وفقا لأمر المحكمة الدولية).

وفيما يخص السودان، طالب بوقف إمدادات الأسلحة إلى الفصائل العسكرية مصرحا: (يمكننا إنهاء هذا النزاع إذا أردنا).

في الشرق الأوسط، تتبنى بعض الجهات كذلك فرضية بداية الحرب العالمية الثالثة بالفعل.

حيث يشير الموقع إلى “اعتقاد الأكراد الانفصاليين منذ فترة طويلة بأن الحرب العالمية الثالثة جارية بالفعل”.

ويتابع الموقع: "يعتقد البعض أنه يحدث بالفعل صراع مشابه للحرب العالمية الثالثة في منطقة الشرق الأوسط. وهذا صحيح".

وأردف: “ففي كل حرب عالمية كانت هناك تغييرات، والقتال الحالي يسبب تغييرات في النظام”. 

فمثلا في الحرب العالمية الأولى، برزت الدول الوطنية، وفي الحرب العالمية الثانية، أصبح النظام العالمي ثنائيا، وانتهى هذا النظام في عام 1990، مما أدى إلى الحاجة إلى نظام جديد، ويُشار الآن إلى عملية إعادة الترتيب بأنها الحرب العالمية الثالثة.

وفي هذا النظام الجديد، يمكن أن تتغير الكثير من الأمور، مثل السيادة والحدود والدولة والحكومة، وغيرها.

وهذا التغيير مستمر منذ عام 2010، وما يحدث الآن هو جزء من هذه العملية.

الحداثة الرأسمالية

ويتبنى الموقع نظرية تفترض أن الشرق الأوسط هو من أشعل الحريق المؤدي إلى الحرب العالمية الثالثة.

ويضيف: "كل شيء قد بدأ في الشرق الأوسط الذي يلعب دورا رئيسا ومؤثرا في توازن القوى العالمي".

ويشرح تلك الفرضية مصرحا: "بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، بدأت تترنح توازنات القوى في الشرق الأوسط، حيث نشأ فراغ".

ويكمل: "الولايات المتحدة، التي تعد نفسها القوة الرائدة في الحداثة الرأسمالية، تدخلت في الشرق الأوسط لملء هذا الفراغ، مما أدى إلى بدء الحرب العالمية الثالثة".

وأردف: "ثم استُبدلت الحكومات الإقليمية التي لم تتوافق مع التوقعات، وبدأت عملية تركيب قادة جدد يتماهون مع النظام".

ووصف الحرب العالمية الثالثة المستمرة، بأنها "صراع بين القوى المهيمنة في الحداثة الرأسمالية على القيادة على المستوى الإقليمي والعالمي".

حيث يرى أن القيم التي ترفعها الأطراف المشاركة مجرد غطاء، ويرى أن الحرب تعد "صراعا حول إعادة ترتيب مصادر الطاقة ومسارات التجارة والإستراتيجيات الجيوسياسية. في الوقت نفسه، يعكس هذا الصراع أيضا عمق أزمة نظام الحداثة الرأسمالية".

واستطرد: "تسعى قوى الحداثة الرأسمالية لتمديد وجودها من خلال الحرب العالمية. ولذلك، ليس هذا صراعا بين الحكام والدول فحسب، بل إنها أيضا صراع ضد المجتمعات والشعوب".