محمود الهباش.. مستشار فاسد لعباس يستخدم الدين لإباحة قتال حماس

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

عاد محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية إلى دائرة الضوء مجددا من خلال الهجوم على حركة المقاومة الإسلامية حماس.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم يترك الهباش منبرا دينيا ولا سياسيا إلا وتطرق فيه إلى مستقبل القطاع المحاصر وحركة حماس.

محاسبة حماس

وفي مقابلة مع قناة العربية السعودية في 20 ديسمبر/كانون الأول 2023، قال الهباش إنه "سيكون هناك حديث قاسٍ ومحاسبة قاسية (لحركة حماس بعد انتهاء العدوان)".

وتابع: "100 ألف إنسان استشهدوا وجرحوا وهناك مئات آلاف المباني المدمرة (..) هذا لن يمر مرورا عابرا، ولا أحد فوق النقد والمحاسبة".

مستشار الرئيس الفلسطيني محمود الهباش لـ #العربية: ستكون هناك "محاسبة قاسية" لكن ليس الآن.. لا أحد فوق النقد ولا أحد فوق المحاسبة#غزة pic.twitter.com/uplAXWC5ms

— العربية (@AlArabiya) December 20, 2023

وبعد يومين، أي في الجمعة التي تلت هذا التصريح، اعتلى الهباش منبر أحد المساجد في مدينة رام الله بالضفة الغربية لإلقاء الخطبة، لكن عددا من الناس غادروا قبل أن يبدأ، وذلك في احتجاج ورفض منهم لتصريحاته بشأن حماس.

��أراد محمود الهباش مستشار الرئيس عباس أن يحاكم المقاومة الباسلة، فجاءته أسرع محاكمة من المصلين الذين غادر معظمهم المسجد بمجرد صعوده على المنبر..
�� وما أدراكم ما الهباش...!! pic.twitter.com/n8NfLpE2TE

— محسن الإفرنجي Mohsen Alafranji (@MohsenAlafranj) December 22, 2023

وفي الثامن من نفس الشهر، نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن الهباش، قوله إن الرئيس محمود عباس أدان حركة حماس في كل مكالمة واجتماع عقده مع قادة العالم منذ عملية طوفان الأقصى، لكنه لن يفعل ذلك علنا بينما تستمر الحرب على غزة.

وأصر الهباش على أنه “في أكثر من 70 مكالمة هاتفية ولقاء مع قادة من جميع أنحاء العالم، أكد عباس دائما على أنه ضد ما فعلته حماس في 7 أكتوبر وأن الحركة لا تمثل الشعب الفلسطيني”.

ونفذت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في التاريخ المذكور عملية في مستوطنات غلاف غزة أدت إلى مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي، وذلك ردا على الانتهاكات المستمرة بحق الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى.

وتابع الهباش: “لم نكن نريد هذه الحرب أو نحتاج إليها"، متسائلا: "ماذا كان الهدف؟ هل تخيلت حماس أن بإمكانها أن تنتصر؟”.

وفي كل عدوان على غزة، يخرج مستشار عباس الذي ينبذ المقاومة المسلحة بتصريحات شبيهة، ملقيا اللوم على الحركة في المعاناة التي يتعرض لها القطاع المحاصر.

فعلى سبيل المثال، قال الهباش في مارس/آذار 2019 خلال مقابلة تلفزيونية مع فضائية الحدث السعودية إن "حركة حماس وإسرائيل تقومان بلعبة قذرة ثمنها الدم الفلسطيني".

وجاءت تصريحاته في خضم تصعيد إسرائيلي بدأ بشن مقاتلات حربية في 25 مارس غارات جوية استهدفت عدداً من المواقع التابعة للمقاومة في غزة، وذلك بعد إطلاق صاروخ من غزة على تل أبيب أدى إلى إصابة 7 اسرائيليين بجراح.

ورأى المسؤول الفلسطيني وقتها أن "الاحتلال وحماس مستفيدان من الوضع الحالي في قطاع غزة وأن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو لا يريد إقصاء الحركة من المشهد"، وفق زعمه.

فنتنياهو "عدوه الأساسي هو السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، التي تتبنى المشروع الوطني، وإستراتيجية الدولة الفلسطينية المستقلة عبر إنهاء الاحتلال"، على حد قول الهباش.

واستدرك قائلا: "حماس لديها مشروع كيان هزيل في قطاع غزة، ولا تريد تغيير الوضع بالذهاب إلى وحدة وطنية حقيقية".

وأضاف أن "التقاء مصالح حماس مع إسرائيل يدفع ثمنه المواطن الفلسطيني البسيط، ويجعلنا نبقى ندور في هذه الحلقة المفرغة من هذه اللعبة القذرة السخيفة"، بحسب تعبيره.

 

من هو؟

ولد محمود صدقي الهباش عام 1963 في مدينة غزة، وهو لاجئ من قرية جورة عسقلان المهجرة عام 1948.

خلال دراسته الجامعية، كان الهباش أحد القيادات الطلابية والوطنية في الجامعة الإسلامية، ليتابع دراسته ويحصل على شهادة الدكتوراه في مجال العلوم الإسلامية.

يشغل حاليا منصب قاضي قضاة فلسطين، ومستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، فيما شغل سابقًا عدة مناصب منها: وزيرا للشؤون الاجتماعية، وللزراعة، وللأوقاف والشؤون الدينية.

وقبل التحاقه بالعمل الحكومي، شارك في تأسيس عدة مؤسسات وإدارتها، فكان المؤسس لمركز السبيل للدراسات والإعلام، ودار القرآن الكريم في غزة.

وشغل منصب رئيس تحرير صحيفة النصيحة ومجلة الاتحاد، كما عمل أيضًا محاضرًا في مجال الشؤون الفلسطينية والإسلامية في جامعتي الأقصى والقدس المفتوحة. 

كان له حضور سياسي وديني في الساحة الفلسطينية والإقليمية، فهو  أحد قيادات الانتفاضة الأولى، ومن قيادات الحركة الأسيرة في معتقلي "عتليت" و"النقب" الإسرائيليين، وفق ما يقول موقع "ديوان قاضي القضاة".

وفي تعريفه للهباش، يخفي الموقع فترة مهمة من حياته وهي ارتباطه السابق بحركة حماس، وذلك بعد تحوله إلى صف السلطة الفلسطينية.

انضم الهباش إلى حركة حماس عام 1994، لكنه خرج من صفوفها لاحقا ليقدم نفسه كمستقل ثم أسس حزب الاتحاد من أجل ممارسة العمل السياسي.

لم يكتب لحزبه النجاح، وبعد إنشاء السلطة الفلسطينية في نفس العام، انضم إلى حركة فتح التي يرأسها أيضا الآن محمود عباس.

فيما تقول مصادر في غزة إن "الفجور في الخصومة" من طرف الهباش ضد حماس، يعود إلى عدم تمكنه من الصعود داخل الحركة إلى مناصب قيادية.

ومع أحداث الانقسام الفلسطيني التي جرت بعد عدم تمكين حركة حماس من السلطة إثر فوزها بالانتخابات التشريعية لعام 2006، كان الهباش ممن غادر قطاع غزة نحو الضفة الغربية.

ويسود أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) انقسام سياسي منذ يونيو/حزيران 2007، بسبب الخلافات الحادة بين حركتي التحرير الوطني "فتح" و"حماس"، فيما لم تفلح الوساطات الإقليمية والدولية في إنهائه.

ومنذ خروجه من قطاع غزة، بدأ الهباش في تسخير الآيات القرآنية والأحاديث والشواهد الدينية وتطويعها من أجل إدانة حماس عبر منابر المساجد والخطب السياسية.

ومن على منبر المسجد، قال في أكتوبر 2018 إن إنهاء حكم كيان حماس في قطاع غزة، فريضة شرعية، وضرورة وطنية، وفق زعمه.

وأضاف وقتها: "غزة ستعود إلى أصلها بعد أن يتخلص أهلها من هذا العار والدمار الذي جلبته حماس، فهذه الحركة أصبحت أداة رخيصة في يد إسرائيل وأميركا"، بحسب تعبيره.

وفي تصريحات خلال ذات الشهر لموقع "دنيا الوطن"، أوضح أن "كل يوم يمُر على هذا الانقلاب (طرد السلطة الفلسطينية من غزة)، هو عار، في تاريخ حماس ومن يقف خلفها ويدعمها ويمولها، وأولهم جماعة الإخوان المسلمين".

الهباش: إنهاء حماس فريضة شرعية وواجب وطني ويجب تحرير قطاع غزة منها. pic.twitter.com/x3w2JXWuap

— وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) October 12, 2018

وفيما يخص المسجد الأقصى، ألف الهباش  كتاب “زيارة القدس فضيلة دينية وضرورة سياسية” عام 2012، والذي تحدث خلاله عن فضائل شد الرحال إليه.

وهو موقف يخالف الكثير من المجاميع العلمائية العربية والإسلامية التي تنهى عن زيارة القدس تحت الاحتلال وبإذن إسرائيلي لأنها "تدخل في إطار التطبيع".

شخصية فاسدة

وعن خروجه من حماس، تقول منتديات تابعة للحركة مثل "شبكة فلسطين للحوار" إنها طردته بعد أن ثبتت عليه سرقات واختلاسات، "وهو أمر اعترف به عند التحقيق معه".

وفي فبراير/شباط 2014، عرضت فضائية الأقصى التابعة لحركة حماس ملفات فساد مالي للهباش عندما كان وزيرا لأوقاف سلطة رام الله.

الوثائق التي حصلت عليها الفضائية من أحد مقربي الهبّاش, كشفت عمليات اختلاس أموال بشكل نقدي وعيني, وتوزيع مناصب ووظائف مرموقة داخل وخارج الأراضي الفلسطينية لأفراد عائلته.

كما أوضحت الوثائق مهمات مشبوهة للهباش, تتعدّى عمله في وزارة الأوقاف ومهامها المتعلقة بإدارة المساجد والحج والعمرة, لتفصح عن تحريض على تنفيذ مهمات أمنية ضد حركة حماس في قطاع غزة, بالإضافة للتعاون الأمني مع الاحتلال.

وأظهرت علاقة متينة للهباش مع جهاز الأمن العام الإسرائيلي"الشاباك", وعقده العديد من الاجتماعات مع قادته لتبادل المعلومات الأمنية بين الطرفيْن. كما أفصحت عن عملية اختلاس مساعدات من إحدى الشخصيات السعودية للفلسطينيين.

وقالت الفضائية وقتها: "يمتلك الهباش الذي هرب من غزة عام 2007, عقارات تتضمن أراضي وشققا, بالإضافة للتستر على فساد لموظفين كبار بوزارة الأوقاف".

وفي تلك الفترة، نشب العديد من الخلافات بين الهباش ورئيس حكومته آنذاك رامي الحمد لله, حيث طالب الأخير بإدراج ميزانية الأوقاف ضمن ميزانية الحكومة في وزارة المالية.

إلا أن الهباش رفض ذلك بشدة, وخرج من آخر اجتماع للحكومة غاضباً. وهو ما ألمحت فيه فضائية الأقصى إلى فساده، حيث كان يريد التحكم بشكل أكبر في الأموال.

وفي أكتوبر 2019، انتشر عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عدد من الصور الفاضحة لمحمد ابن قاضي قضاة فلسطين محمود الهباش.

وبحسب ما نشر موقع "فلسطين الآن" المحلي وقتها، أظهرت الصور المنتشرة محمد الهباش وهو في أحد الملاهي الليلية في فندق الموفنبيك برام الله وبرفقته عدد من الفتيات.

وألقي القبض على محمد في الشهر الذي سبقه من قبل جهاز مكافحة المخدرات وبحوزته مواد مخدرة في منطقة أمنية مشددة في رام الله لا تبعد كثيراً عن منزل رئيس السلطة محمود عباس.

إلا أن شقيقه أنس الذي يشغل منصب وكيل النيابة تدخل وعمل على الإفراج عنه خلال أقل من ساعة، وفق الموقع نفسه.

ولا يقتصر الأمر على ابنه محمد فقط، ففي شهر يوليو/تموز من نفس العام، وفي حفل زفاف الابن الأكبر أنس انتشرت مقاطع له وهو يفحط بسيارته ويعربد في أحد شوارع رام الله دون محاسبة من أحد.

كل هذا جاء بعد أن عين الهباش ابنه الذي تخرج من الثانوية العامة بنسبة 53 بالمئة ودرس بكلية الشرطة في مصر، في منصب معاون وكيل نيابة، وبعد سنة جرت ترقيته لمنصب وكيل نيابة عامة.

وفي السياق ذاته، رقى الهباش ابنته إسراء في ديوان قاضي القضاة إلى منصب "مدير" دون أن يكون هناك ترقيات في المكان.

وفي ديسمبر 2013، أطلق مجهولون الرصاص بكثافة على مكتب الهباش في رام الله دون وقوع إصابات أو معرفة المنفذين.

واليوم يريد الهباش أن يعود إلى قطاع غزة فيما يبدو بعد انتهاء حكم حماس، وهو الهدف "من هذه الحرب"، وفق الرواية الإسرائيلية.

وكشف أن السلطة الفلسطينية مستعدة لتحمل المسؤولية الكاملة في غزة شرط أن يكون ذلك جنبا إلى جنب مع الضفة الغربية وليس كمقاول لحساب إسرائيل، على حد تعبيره.

وأوضح مستشار عباس في التصريحات المشار إليها سابقا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل أن "قوات الأمن الفلسطينية قادرة على ضبط الأوضاع في غزة تماما مثل الضفة الغربية".

لكنه أقر بأن هناك حاجة إلى فترة انتقالية مدتها 6 أشهر على الأقل حتى تتمكن من إعادة التأهيل قبل أن تتمكن من العودة إلى حكم القطاع.

وتابع مستشار عباس أنه خلال تلك الفترة، سنوافق على وجود قوة دولية أو عربية للمساعدة بإدارة الشؤون المدنية والأمنية في غزة حتى تصبح السلطة جاهزة لتولي المسؤولية.