فوز كاغامي بولاية رئاسية رابعة.. يعزز الديمقراطية أم الاستبداد برواندا؟

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

توجّه تسعة ملايين ناخب في رواندا في 15 يوليو/ تموز 2024 إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، لانتخاب الرئيس والبرلمان المقبلين للبلاد، وسط توقعات واسعة بفوز الرئيس الحالي بول كاغامي بفترة ولاية رابعة.

ويواجه كاغامي مرشحين اثنين من المعارضة، لكنه حصل على أكثر من 90 بالمئة من الأصوات في كل الانتخابات السابقة. 

وكاغامي (67 عاما) يتولى رئاسة رواندا منذ عام 2000، لكنه يتولى عمليا قيادة رواندا منذ عام 1994. 

وفي ذلك الوقت، كزعيم للجبهة الوطنية الرواندية، سار كاغامي إلى رواندا من المنفى في أوغندا وأنهى الإبادة الجماعية التي ارتكبتها مليشيات الهوتو ضد التوتسي، وكان في ذلك الوقت وزيرا للدفاع ونائبا للرئيس.

وفي تقرير عن هذه الانتخابات وآفاقها، تساءلت صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو" الإيطالية عن مستقبل هذا البلد الإفريقي ملحمة إلى احتمال انحرافه أكثر نحو الاستبداد في حال فاز كاغامي بولاية جديدة في ظل انتقادات له بشأن قمع المعارضة وانتهاك حقوق الإنسان. 

انتخابات شبه محسومة 

وانطلقت الحملة الانتخابية الرئاسية رسميا في 22 يونيو/حزيران 2024، ويتنافس الرئيس كاغامي مرشح الجبهة الوطنية الرواندية مع مرشحين اثنين هما رئيس حزب الخضر الديمقراطي فرانك هابينيزا والمرشح المستقل فيليب مباييمانا.

وعدت الصحيفة الإيطالية المرشح فرانك هابينيزا، زعيم حزب المعارضة الوحيد المعترف به في رواندا، العقبة الأبرز أمام الرئيس الحالي بين المعارضين السياسيين.

وسبق لهابينيزا الترشح للانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2017 وخسر فيها بحصولها 0.47 فقط من الأصوات أمام خصمه آنذاك الرئيس الحالي الذي فاز بنسبة تجاوزت 98 بالمئة. 

المنافس الثالث الذي يتعين على كاغامي مواجهته للفوز بأصوات الناخبين هو المرشح المستقل فيليب مباييمانا وهو موظف في وزارة الوحدة الوطنية والمشاركة المدنية.

بدوره، يحاول مباييمانا للمرة الثانية الوصول إلى السلطة بعد خوضه غمار انتخابات 2017 وحصوله على 0.72 بالمئة من الأصوات فقط.

كاغامي الغامض

وفي أبريل/نيسان 2024، أحيت رواندا الذكرى الثلاثين للإبادة الجماعية التي ارتكبها متطرفون من عرق الهوتو ضد أقلية التوتسي ومعتدلين من الهوتو وسقط خلالها قرابة 800 ألف قتيل على مدى مئة يوم.

واندلعت الإبادة الجماعية إثر وفاة الرئيس جوفينال هابياريمانا، وهو من الهوتو، عندما أُسقطت طائرته فوق مطار كيغالي في 6 أبريل/ نيسان 1994 واستمرت حتى شهر يونيو/حزيران من نفس العام.

على إثر ذلك، تمكنت مليشيات الجبهة الوطنية الرواندية بقيادة بول كاغامي من إعادة السيطرة على العاصمة كيغالي والإطاحة بالمسؤولين عن ارتكاب الإبادة الجماعية.

واليوم بعد مرور 30 عاما على تلك المأساة الرهيبة، قالت الصحيفة الإيطالية إن "الروانديين يعدون كاغامي البطل الذي حرر البلاد من المذبحة".

ومن إنجازاته المعترف بها، تذكر "إلغاء شرط التنصيص على العرق ومكافحة الفقر والنزاعات العرقية وتعزيز برنامج الرعاية الصحية وما فعله لصالح مشاركة المرأة في الحياة السياسية."

وقد دعمت الدول الغربية خاصة فوزه ورأت في الرئيس الرواندي حليفا ثمينا في القارة الإفريقية، وفق الصحيفة

كما ذكرت أن كاغامي تعرض "في كثير من الأحيان لانتقادات من قبل الرأي العام بسبب نهجه الاستبدادي والمثير للجدل إلى حد ما على الرغم من كونه زعيما يحظى بتقدير خاص في الغرب".

وأشارت إلى تصويره على "أنه شخصية غامضة وتعتمد على أساليب التخويف والترهيب بينما يقدم نفسه في المقابل على أنه بطل العدالة وإعادة إحياء البلاد".

وتتعلق الانتقادات الموجهة إلى الرئيس الروندي خاصة بأساليبه القمعية والعنيفة وهو ما دفع المجتمع الدولي إلى الإعراب مرارا وتكرارا عن "قلقه العميق" إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في رواندا.

 كما انتقد الموقف الذي اتخذته حكومة كيغالي فيما يتعلق بالوضع الصعب الذي تعيشه جمهورية الكونغو الديمقراطية ودعمها الجماعات المتمردة مثل الجماعة المسلحة "أم "23 التي سيطرت في السنوات الأخيرة على مقاطعة كيفو الشمالية الشرقية.

شكوك كبيرة

وبحسب الصحيفة الإيطالية، القيود المفروضة على الحريات الشخصية، فضلا عن المواقف "الوحشية والقاسية" التي غالبا ما يتم تبنيها تجاه المعارضين، تعد أكثر ما يثير أكبر قدر من الشكوك.

ويتهم كثيرون كاغامي بأنه حاول في عدة مناسبات تعديل الدستور للبقاء في السلطة وكثيرا ما لجأ إلى ممارسات قسرية واستخدم أساليب الترهيب ضد معارضيه.

وخلال الانتخابات الرئاسية عام 2010، تعرض زعماء أحزاب المعارضة الرئيسة إلى الاعتقال ووجهت ضدهم تهم الفساد وهو ما مهد الطريق لكاغامي لتحقيق فوز كاسح بنسبة 95 بالمئة من الأصوات. 

في هذا الصدد، يُذكر اعتقال فيكتوار اينغابير المعارضة الرواندية التي أعلنت ترشحها إلى الانتخابات الرئاسية في نفس العام بتهمة "التعاون مع منظمة ارهابية" و"إنكار وقوع الإبادة".

وقد لاذ رئيس جهاز المخابرات الخارجية السابق، باتريك كاريجيا، الذي اتخذ مواقف انتقادية تجاه الرئيس، بالفرار قبل أن يُعثر عليه مقتولا في جنوب إفريقيا في عام 2013.

كما تعرضت الحكومة الرواندية لانتقادات شديدة على إثر إبرامها خطة ترحيل لاجئين من بريطانيا إلى أراضيها مثيرة للجدل في عام 2022. 

وينص الاتفاق على إمكانية نقل طالبي اللجوء الذين دخلوا المملكة المتحدة بشكل غير قانوني إلى رواندا كل ما كان ذلك ضروريا لدراسة طلباتهم.

وقد أثارت هذه الخطة لإدارة تدفقات الهجرة معارضة قوية خاصة من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وعدت الاتفاق غير قانوني لأنه مخالف لاتفاقية جنيف التي تنص على دراسة طلب اللجوء على أراضي الدولة التي يقدم إليها هذا الطلب.

وعدت الصحيفة هذه الخطة المثيرة للجدل "بمثابة تهديد خطير لحقوق الإنسان خاصة أنها تعيق قدرة المملكة المتحدة على توفير اللجوء لطالبيه وتعرضهم لتهديد البقاء في ظروف محفوفة بالمخاطر للغاية."

في الختام، أكدت الصحيفة على ضرورة التساؤل ما إذا كان فوز كاغامي في انتخابات يوليو 2024 يهدد بجر البلاد نحو نظام سياسي استبدادي رغم تقديمه في صورة الرئيس النموذجي الذي نجح في إنقاذ بلاده وأخرجها من نفق الإبادة الجماعية.