أنور قرقاش.. مستشار محمد بن زايد القريب من إسرائيل وعدو قطر  

داود علي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

في إطار حملة التغييرات الواسعة التي بدأت مع وصول محمد بن زايد إلى رئاسة دولة الإمارات ف 14 مايو/أيار 2022، بقيت شخصيات بعينها ضمن دوائره القريبة، وما زالت محتفظة بنفوذها وسطوتها، منهم مستشاره الدبلوماسي أنور قرقاش. 

قرقاش إحدى الشخصيات البارزة في السياسة الخارجية الإماراتية وقد تدرب في أجهزة مخابراتها، ومكنته خلفيته الاستخباراتية من مواصلة العمل في الدوائر الأمنية الإماراتية لسنوات طويلة. 

وفي 29 مارس/آذار 2023 نجا أنور قرقاش من المتغيرات الكبيرة التي أحدثها ابن زايد في دولاب الدولة عبر الإطاحة بمجموعة من الشخصيات وتعيين أخرى في مناصب رفيعة، أهمهم نجله خالد الذي أصبح وليا لعهد أبوظبي. 

موجة الإحلال والتجديد لم تمس أنور قرقاش، واستمر في لعب دور رئيسي في السياسة الخارجية والملفات الاستخباراتية، لا سيما بعد تاريخه المثير للجدل ودوره البارز في حملة حصار قطر والحرب على اليمن، ثم التقارب الإماراتي مع إيران. 

من قرقاش؟

ولد أنور محمد في دبي 28 مارس 1959، لعائلة "قرقاش" التجارية الشهيرة ذات الأصول الإيرانية، وهي جزء من أقلية الهولة في الإمارات. 

والهولة تطلق على تجمعات قبلية جاءت نتاج هجرات مختلفة ومتتالية سواء من شبه الجزيرة العربية أو إيران والعراق، واستقروا في مناطق على الشاطئ الشرقي للخليج العربي، وسميت مناطقهم بـ "بر فارس". 

وعائلته لها تاريخ طويل في الاقتصاد والاستثمار، فمجموعة قرقاش هي إحدى شركات إمبراطورية العائلة التي تأسست عام 1918 على يد سلفه علي الحاج عبد الله عوازي قرقاش.

وحاليا يرأس سمير قرقاش (شقيق أنور) بعض أعمال العائلة النافذة، وهو عضو سابق في القوات المسلحة الإماراتية تلقى تدريباته في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية البريطانية. 

ومنذ عام 2019، أصبحت "مجموعة قرقاش" الموزع الحصري للسيارات التي تصنعها مجموعة GAC Motors الصينية.

أما عن حياة أنور الشخصية فقد بدأ دراسته الابتدائية في المدرسة الأحمدية بالكويت نظرا لعراقتها، لكنه أكمل دراسته بثانوية دبي ثم ثانوية جمال عبد الناصر في نفس المدينة الإماراتية.

بعدها سافر إلى الولايات المتحدة لدراسة العلوم السياسية، وتخرج بدرجتي البكالوريوس والماجستير في جامعة جورج واشنطن في الأعوام 1981 و1984.

ثم حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة كامبريدج، بالمملكة المتحدة البريطانية عام 1990.

صعوده السياسي

بدأت حياته المهنية عام 1990 فور حصوله على الدكتوراه، وعودته للإمارات مرة أخرى، إذ عمل في سلك التدريس الجامعي في جامعة الإمارات العربية المتحدة في العين.

حينها عمل على تدريس مواد حوكمة وسياسة الدولة، ونظم المقارنة وكذلك القضايا المتعلقة بأمن الخليج.

وفي عام 1995 عمل بجوار عمله الأكاديمي، في القطاع الخاص وكان عضوا في مجلس إدارة غرفة تجارة دبي، والمجلس الاقتصادي بالإمارة ذاتها وعضو مجلس إدارة أبوظبي للإعلام.

وانضم قرقاش إلى الحكومة الاتحادية الإماراتية عام 2006 كوزير للدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي.

وفي 17 فبراير/شباط 2008، اختاره محمد بن زايد، وزيرا للدولة للشؤون الخارجية ووزيرا للدولة لشؤون المجلس الوطني. 

وما يؤكد مدى ثقله داخل منظومة الحكم الإماراتية، أنه شغل إلى جانب عمله الوزاري، منصب رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات.

إذ أشرف على الانتخابات التي عقدت في الإمارات أعوام 2006 و2011 و2015، في إشارة إلى انتخابات المجلس الوطني الاتحادي (استشاري له سلطات برلمانية محدودة).

وكان حينها أيضا رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة العويس الثقافية، وكذلك عضوا في مجلس أمناء أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، ورئيس فريق عمل دولة الإمارات العربية المتحدة للمراجعة الدورية لحقوق الإنسان.

وهو ما يؤكد أنه كان ذا حظوة وموفور الثقة لدى محمد بن زايد، وبقية حكام الدولة.

دور قرقاش

اختاره محمد بن زايد شخصيا لقيادة الدعاية الإماراتية ضد قطر على الساحة الدولية، حتى إنه ذهب إلى حد اتهام وزير الخارجية القطري  محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال قمة مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر/ كانون الأول 2017 بتمويل مليشيا الحوثي باليمن. 

وجاء ذلك بعد أشهر قليلة من فرض الإمارات والسعودية والبحرين ومصر حصارا على قطر، في 5 يونيو/ حزيران 2017

خلال تلك المرحلة، استعان قرقاش بديفيد ريج، أحد معارفه القدامى الذي عمل لدى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير والمعروف بتأسيسه شركة "Project Associates". 

وذكرت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المعنية بشؤون الاستخبارات، في تقرير لها 31 مارس 2023، أن قرقاش أسهم عام 1997 بتأسيس الشركة في لندن، واستعان بديفيد ريج لشن العديد من الحملات الإماراتية المعادية لقطر والإخوان المسلمين.

وقالت: "يوصف مستشارو (Project Associates) في دوائر استخبارات لندن وباريس بأنهم ضباط استخبارات إماراتيون خاصون يحملون جوازات سفر أوروبية". 

وخلال هندسته لحملة تشويه قطر آنذاك، شن قرقاش هجوما على قطر لاستضافتها القيادة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية حماس. 

الوزير الإماراتي وصف وجود قيادة الحركة في قطر أنها مشكلة للمنطقة بأكملها، وحذرها من احتضانها لمن "ينشر الفكر المتعصب والمتطرف"، وفق وصفه.

سياسة القتل 

ولم يسلم قرقاش من تعرضه لانتقادات واحتجاجات بسبب منهجيته ومنهجية دولته في العديد من القضايا الإقليمية 

ففي 24 أكتوبر/تشرين الأول 2017، اعترض محتجون سيارة أنور قرقاش، بعد خروجه من فندق "سانت بانكراس" وسط لندن، للتعبير عن غضبهم من سياسة الإمارات في اليمن، وهتف المحتجون ضده ووصفوه بـ "قاتل اليمنيين" و"عميل إسرائيل".

وكان قرقاش بطبيعة الحال داعما للانقلاب العسكري في مصر الذي وقع في 3 يوليو/ تموز 2013، وكانت الإمارات من القوى الإقليمية المحركة لذلك الانقلاب، بقيادة وزير الدفاع (آنذاك) ورئيس النظام المصري حاليا، عبد الفتاح السيسي. 

وفي عام 2021 هاجم قرقاش بشدة الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء سابقا ووزير الخارجية القطري السابق، بعد أن ألمح إلى ضلوع الإمارات في انقلاب السودان، على الرئيس السابق عمر البشير، ودعمها قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو. 

وحمل قرقاش على عاتقه العداوة المطلقة لجماعة الإخوان المسلمين وشن حملات ضدها وضد من يتعاطف معها.

فقد شن هجوما حادا على الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، بسبب تقاريره ومقالاته المناهضة للإمارات، والمدافعة عن جماعة الإخوان، تحت بند أنها جاءت إلى الحكم في العالم العربي بطريقة ديمقراطية وانتخابات حرة. 

وغرد قرقاش في 18 فبراير 2017: "الترويج الغربي للإخوان إبان الربيع آثاره كارثية، ودفاع هيرست عنهم وتطاوله على قياداتنا في سياق من يدعي أن له الحق أن يشكل عالمنا على هواه."

دبلوماسية التطبيع 

كلف قرقاش من قبل محمد بن زايد، بالإشراف على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وعينه الرئيس (كان وقتها وليا للعهد) للترحيب بأول وفد إسرائيلي يزور أبو ظبي بعد إبرام اتفاقات "أبراهام" في سبتمبر/أيلول 2020، حيث ضم الوفد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات، والأميركي روبرت أوبراين.

وفي 5 أبريل/ نيسان 2023 جدد قرقاش تأكيد بلاده تعزيز السلام مع إسرائيل، وذلك رغم اقتحام شرطة الاحتلال للمسجد الأقصى، وإخراج المرابطين والمعتكفين منه بالقوة، ما أسفر عن إصابة واعتقال المئات.

وفي تغريدة له عبر حسابه بموقع "تويتر"، قال: "إن ابن زايد أكد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اتصال هاتفي ضرورة تبني خيار السلام والتنمية واعتبار هذا النهج الأمثل لمستقبل زاهر لشعوب المنطقة".

وكذلك لعب قرقاش دورا في التقارب بين أبو ظبي وطهران في ديسمبر 2021، وذلك بعد مفاوضات مكثفة مع مسؤولي إمارة دبي.

كما نظم سرا زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد المفاجئة إلى إيران. 

وفي 16 مارس 2023، ظهر جنبا إلى جنب مع حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم خلال لقائه بمستشار الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، الذي زار الإمارات عقب التقارب الأخير بين طهران والرياض.

وكان قرقاش جزءا من الوفد الإماراتي الذي استقبل رئيس النظام السوري بشار الأسد، خلال زيارة الأخير إلى أبوظبي في 18 مارس 2023.

وهي الزيارة التي لاقت انتقادات واسعة، بسبب جرائم الأسد المروعة في حق الشعب السوري على مدار أكثر من 10 سنوات. 

ويعد أنور قرقاش من السياسيين الإماراتيين النافذين، فرغم أنه لا ينتمي إلى السلالة الحاكمة، لكنه حاز على امتيازات واسعة. 

حتى إنه كوفئ بمنصب مستشار السياسة الخارجية للرئيس الإماراتي محمد بن زايد، منذ 10 فبراير 2021.

وأعيدت تسمية أكاديمية الإمارات الدبلوماسية باسم "أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية"، حيث تدرب الإمارات دبلوماسييها وقادة استخباراتها المستقبليين.