بسبب الحرب وكورونا.. صحيفة روسية: دول العالم تتوجه نحو القومية

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة روسية أن العالم يشهد منذ سنوات توجها متسارعا نحو أفكار القومية والدولة الوطنية، بدلا من تصور العولمة والكيان الواحد الذي كان سائدا في العقود الأخيرة.

وأوضحت صحيفة "لينتا دوت رو"، أن القومية تساعد أي دولة تتبناها في تأسيس هوية جامعة ومن ثم تحقيق نهضة في الأصعدة كافة، لكنها زعمت أن ذلك لا ينطبق على الحالة الأوكرانية.

أمر واقع

وذكرت الصحيفة الروسية أن القومية والتنافس بين القوى العظمى أصبح أمرا واقعيا في العلاقات الدولية.

فقد أظهرت جائحة فيروس كورونا والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أن الديمقراطيات الليبرالية ليست مستعدة دائما للعمل كجبهة موحدة والدفاع عن المصالح المشتركة على حساب مصالحها.

ففي عام 2016، وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، والذي صرح بنفسه أنه قومي حينها، أصبح من الواضح أن ليس كل الناخبين في الدول الغربية يدعمون فكرة العولمة.

وشعر السياسيون الأميركيون والأوروبيون بذلك وتوجهوا إلى القومية.

ففي فرنسا لا يزال حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف يكتسب شعبية، كما تعارض الأحزاب الحاكمة في المجر وبولندا كل عام الاتجاهات السياسية الليبرالية في الاتحاد الأوروبي، وزيادة تدفق المهاجرين والتعددية الثقافية.

وعن القومية الروسية، نقلت الصحيفة عن "ميخائيل ريميزوف" رئيس معهد الإستراتيجية الوطنية الروسي قوله: "من الصعب التحدث عن القومية في روسيا".

وأضاف، لأن هذا المصطلح أصبح كلمة قذرة في العهد السوفييتي. واليوم، عندما يتحدثون على التلفزيون عنه فهم يذكرون عدد القتلى القوميين عادة. 

وتابع: لذلك أصبح هذا المصطلح وصمة عار كبيرة. لا يتعلق الأمر بما إذا كنا نحب الكلمة أم لا. فالقضية هنا هي أننا بحاجة إلى لغة محايدة ملائمة لوصف الواقع. 

وأكد أن التصور الغامض لمصطلح القومية في روسيا يرجع على الأرجح إلى حقيقة أن الكثيرين وضعوه بالخطأ على قدم المساواة مع النازية وحتى الفاشية.

وأوضح ريميزوف أن وصف الأمة نفسها سواء هي ثقافية أو تاريخية أو وراثية يعتمد على الأذواق وأنواع القومية.

ولكن في العموم تركز القومية على استمرارية واتصال الأجيال بالتحديد على النقيض من المفهوم الليبرالي للعقد الاجتماعي.

الفاشية والنازية

وعد ريميزوف "الفاشية" أنها من أكثر المفاهيم غموضا. وأصبحت كذلك لأن الحركة السياسية الإيطالية التي استخدمتها لم تكافح من أجل تعريفات واضحة.

وولدت الفاشية كأسلوب، لا كإيديولوجيا منهجية. وسمات هذا الأسلوب هي عبادة الفعل المباشر، والقوة، بما في ذلك عنف الشارع كوسيلة للجدل، والتظاهر، وعبادة الحرب في حد ذاتها، وطاقة الجماهير المشحونة، وما إلى ذلك.

ومن وجهة نظر علم النفس القومي، كان هذا إلى حد كبير مظهرا من مظاهر التبجح للإيطاليين، الذين لعبوا دور الرومان القدماء، ولم يكونوا كذلك. 

بالمعنى الدقيق للكلمة، الفاشية ليست سوى فاشية إيطالية في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين.

وبدأ استخدام المصطلح لاحقا على نطاق أوسع كاسم شائع لمجموعة كاملة من الحركات اليمينية المتطرفة، والتي كانت عديدة جدا في أوروبا بين الحربين العالميتين الأولى والثانية.

أما النازية فهي تعرف بالاشتراكية القومية الألمانية. وهي فكرة بدائية بالفعل بشكل مدهش للفكر السياسي المتطور إلى حد ما، وحتى الفكر السياسي الدقيق الذي كان موجودا آنذاك في ألمانيا.

فقد كانت عناصر الأسلوب الفاشي المذكورة أعلاه متأصلة أيضا في النازية الألمانية. لكن أضيف إليها العنصرية ومعاداة السامية ليس كشعور يومي، ولكن على وجه التحديد كعقيدة.

وبالطبع، لقد أصبحت نظاما أكثر شمولية بمعنى العنف الجماعي ضد فئات كاملة من السكان والإجماع القسري. وبنفس الأهمية، فقد أصبحت نظاما أكثر توجها عالميا.

وفكرة النظام العالمي الواحد في النازية مهمة للغاية وقد حاول أدولف هتلر تحقيقها.

فمن حيث المبدأ، هي أحد أشكال العولمة، حيث يتم وضع الشعوب والبلدان بشكل صارم في "سلسلة غذائية" واحدة. فهل كانت القومية الألمانية أحد مكونات الاشتراكية القومية؟

القومية الأوكرانية

وأجاب ريميزوف بالقول: نعم. كانت القومية مكونا في العديد من الحركات السياسية في القرنين التاسع عشر والعشرين.

فكان هناك حركات من جميع الأنواع: ليبرالية، ويسارية، ومحافظة. وهي مجموعة متنوعة من التركيبات الأيديولوجية.

لذلك، على سبيل المثال، اعتقد "بنديكت أندرسون" الأستاذ الفخري للدراسات الدولية، والمتخصص بالدراسات الآسيوية في جامعة كورنيل الأميركية أن القومية في حد ذاتها ليست أيديولوجية سياسية.

بل هي عنصر من عناصر الصورة الحديثة للعالم، والتي حلت محل الوعي الأسري والديني في العصور الوسطى.

وفي سياق متصل قال ريميزوف: "أعتقد أن القومية الأوكرانية منذ البداية كان لها شكل سلبي". 

بمعنى أنها كانت قائمة على إنكار الهوية الروسية. هذا الإنكار هو بيت القصيد منه.

فمن ناحية أخرى، بعد ثورتين قوميتين في كييف في عامي 2004و 2013، فشل الأوكرانيون تماما في استخدام إمكانات القومية من أجل التنمية السلمية.

وعلى الرغم من أن القلة الأوكرانية من حيث الولاء لدولتهم تبدو في بعض الأحيان أفضل من الروسية.

إلا أن هذا لا يغير حقيقة أن القومية في أوكرانيا من الناحية الاقتصادية لا يمكن الدفاع عنها.

وقال: أنا لا أتحدث عن غياب أو وجود النجاح في الاقتصاد، ولكن عن اختيار النموذج نفسه.

ومن الواضح أن هذا ليس فشلا، ولكنه خاصية منهجية معينة للقومية الأوكرانية: فهي تقنية تُستخدم في إطار مشروع إمبراطوري عالمي مختلف تماما، وليس وطنيا.

فهو مشروع واسع النطاق ومدروس حقا، يتم تنفيذه من قبل النخب الغربية، حيث لا يوجد مكان للدول القومية على هذا النحو وكذلك الأمم كنظم اجتماعية.

لكن في بعض الأحيان يكون هناك مكان للتعبئة القومية.