وسط أزمات اقتصادية طاحنة.. "طائرة السيسي" تحلق عاليا بغضب المصريين

12

طباعة

مشاركة

تصاعدت حدة الغضب في مصر بسبب الأزمات الاقتصادية المتلاحقة وشح الدولار وتضخم الدين الخارجي ومعاناة الشعب من سوء الأحوال المعيشية، بالتزامن مع نفقات كبيرة وغير ضرورية لرئيس النظام عبدالفتاح السيسي.

آخر الأزمات تمثلت بإعلان بعض الشركات التي تنتج سلعا إستراتيجية قرب نفاد مخزونها، متأثرة بقيود الاستيراد ونقص العملة الأجنبية وأيضا ارتفاع تكلفة النقل والشحن لـ3 أضعاف، حسب قولها.

وخرج بعدها وزير المالية محمد معيط في 29 أغسطس/آب 2022، لنفي أنباء ارتفاع الأسعار بعدما لاقت أصداء وقوبلت بموجة غضب واسعة.

معيط زعم أن الأوضاع العامة للدولة مطمئنة وتسير في الاتجاه الصحيح، مشيرا إلى أن الاقتصاد المصري قادر على تحقيق فائض أولي قبل تسديد الفوائد، رغم كل الصعوبات، وارتفاع تكلفة البترول والقمح والمواد الغذائية.  

وادعى أن ارتفاع الأسعار سببه عالمي، وليس بسبب الأوضاع في مصر، مستطردا: "بقول للمواطنين، معلش (عذرا) هنتحمل الفترة دي لحد ما ربنا يعديها على خير".

وأضاف: "البعض يريد أن يعيد مصر لظروف 2011 (ثورة 25 يناير/كانون الثاني)، ولكن الشعب المصري واعٍ، ولن يضيع بلده.. اللي بره بيحسد مصر على اللي هي فيه، بسبب الاستقرار والتنمية، في ناس عايزين البلد تقع مثل البلاد الأخرى، وعلى الشعب أن يحافظ على البلد".

تصريحات الوزير، أثارت ردود فعل غاضبة بين الناشطين على تويتر، خاصة أنها تزامنت مع الكشف عن توجيه الطائرة الرئاسية التي جرى شراؤها عام 2021 بمبلغ يصل إلى نصف مليار دولار، لطلائها في أيرلندا.

وأرسل نظام السيسي الطائرة المذكورة من طراز "بوينغ 747-8i"، إلى مدينة شانون بأيرلندا نهاية أغسطس 2022 من أجل طلائها، ما أثار سخرية وغضبا واسعا.

واستنكروا عبر تغريداتهم على وسم #ارحل_يا_فاشل، حياة البذخ والترف والرفاهية التي يعيشها السيسي وحكومته، في حين يطالب شعبه بتحمل الأوضاع الاقتصادية، ولا يتحمل هو استخدام طائرات رئاسية استخدمتها الأنظمة السابقة.  

وانتقد ناشطون استمرار السيسي في الإنفاق وشراء طائرة رئاسية جديدة وتجهيزها بمبلغ غير معلن وربما يتخطى ثمنها، في وقت لا يستطيع المواطن تلبية احتياجاته الأساسية، وبينما يتعثر أصحاب الشركات والمشاريع الصغيرة.

ورأوا أن تصريحات وزير المالية تعكس أكاذيب عن قوة الاقتصاد المصري ومخاوف على الكراسي والمناصب من الزوال، مؤكدين أن بناء القصور الرئاسية الجديدة وشراء وتجهيز الطائرة الرئاسية الفخمة والأغلى في العالم من علامات الانفصال عن الواقع والمجتمع.

وواجه ناشطون وزير المالية بتقارير عدة ترصد الوضع الاقتصادي للبلاد، منها تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية، يؤكد أن مصر أصبحت رمزا للمعاناة التي تجتاح الدول الفقيرة على خلفية ارتفاع التضخم وارتفاع فوائد القروض وتراجع النمو العالمي.

وأفاد التقرير بأن قلقا يسود أوساط المستثمرين، وسط ارتفاع مخاطر تخلف مصر عن سداد الديون خشية تكرار نموذجي سريلانكا وروسيا.

ويشار إلى أن السيسي شيد منذ عام 2014 ما لا يقل عن ثلاثة قصور رئاسية جديدة، وأكثر من 10 فيلات رئاسية، لتضاف إلى 30 قصرا تاريخيا واستراحات رئاسية تمتلكها مصر بالفعل -بحسب تقرير لموقع ميدل إيست مونيتور-. 

سخرية وتهكم

واستنكر الصحفي صلاح بديوي، وجود 34 طائرة رئاسية في مصر الأحدث منها ثمنها 500 مليون دولار أي 10 مليار جنيه، وذلك فيما بلغ مجموع الديون الداخلية والخارجية 255 مليار دولار وفقا للبنك المركزي المصري، أي ما يقدر بـ 5.5  تريليون جنيه، متسائلا: "تفتكروا لو احنا مش  فقراء قوى كان اشترى إيه أكثر وأفضل من كده؟".

كما انتقد الصحفي والمحلل عمرو خليفة، خبر صرف السيسي 487 مليون دولار على طائرة رئاسية يأتي في ظل احتمالات التخلف عن سداد القروض، وتعويم، واستيراد شبه منعدم بسبب نقص حاد في الدولار، موضحا أن الرسالة الموجهة للمواطن هي "اتجلد في صمت".

وسخر الإعلامي والناشط الحقوقي هيثم أبو خليل، قائلا: "طائرة وقصور رئاسية بالدين والسلف بالمليارات علشان مصر! مفيش مستشفيات ومدارس علشان مصر؟".

وكتب أحمد سمير: "نصف مليار دولار مقابل طائرة رئاسية والشعب نصه تحت خط الفقر والطائرة تستخدم في الزيارات فقط ولكن يبقي عندنا أحسن طائرة وأكبر جامع وكنيسة وأطول برج مش مهم الشعب المهم الريس يبقي مبسوط حسبي الله ونعم الوكيل فيكم كلكم".

ولفت السياسي عمرو عبدالهادي، إلى أن السيسي "بتاع مفيش معنديش مش قادر أديك" اشترى طائرة أغلى من طائرة ملكة بريطانيا وأحسن من طائرة الملك عبد الله رغم أن الطائرة السابقة تقدر تعيش ١٨ سنه أخرى، ساخرا بالقول: "الطائرة مش غاليه قوي هي ثمنها ٨ مليار جنيه بس".

وأضاف: "تخيلوا المبلغ ده يدعم كم فقير ويوفر نص مليار دولار من الأخضر اللي مش لاقيينه".

وقارن الإعلامي أسامة جاويش، بين واقعتين الأولى في بريطانيا إذ جرى التحقيق مع رئيس الحكومة بوريس جونسون، في فضيحة ورق الحائط، ودفع متبرع 110 آلاف جنيه استرليني لتجديد مقر رئاسة الوزراء وهو مخالف للقانون فتم التحقيق في الواقعة.

أما الواقعة الثانية التي ذكرها جاويش، فهي في مصر حيث اشترى السيسي طائرة رئاسية بـ8 مليارات جنيه وأرسلها لأيرلندا لدهانها ويبني قصور، قائلا: "ومحدش يقدر يتكلم".

مصر المحسودة

وردا على قول معيط إن "اللي برة بيحسدونا على اللي احنا فيه"، اقترح المحلل السياسي والخبير الإعلامي المصري هشام قاسم، كتابة جملة موجهة لجهات المنح والإقراض الدولية على مقدمة الطائرة "يا مقرضين يا عسل، السيسي وصل".

كما اقترح أيضا كتابة جملة أخرى على مؤخرة الطائرة موجهة للرأي العام في الداخل "ما تبصليش بعيون ردية، بص للديون المتلتلة المدفوعة فيا".

وعلق عز سيف على عبارة الوزير "بره بيحسدونا" قائلا: "خصوصاً سويسرا واليابان دول أنا عارفهم عينهم وحشة اوى".

وتهكمت الناشطة غادة نجيب، على تصريحات معيط، قائلة: "بالك انت أعرف دول هتموت وتعمل زيكم.. سمعت مرة دولة منهم بتقول عملوها ازاى دى.. ازاى عرفوا يخلصوا من الأرض والنيل والغاز والأصول مرة واحدة، وكمان إزاى قدروا يعملوا كل هذه الديون الضخمه العظيمة.. احنا بنتحسد ولازم نرقي نفسنا.. ياناس يا شر كفاية آرر".

وأشار عمرو الهواري، إلى أنه أصبح متأكدا تماما أن الوضع الاقتصادي كارثي بعد كلام محمد معيط مع (الإعلامي المقرب من النظام) أحمد موسى أن الدنيا كلها تمام.

ولفت المغرد تيتو، إلى أنه في حين كان محمد معيط يتحدث في التلفزيون عن عجز الموازنة والتضخم والوضع الصعب والترشيد والتقشف، كان يقرأ أخبار الطائرة الرئاسية الجديدة التي يصل سعرها نصف مليار دولار.

وسخر حسن المصري من تصريحات وزير المالية، قائلا: "يا أم نيازى صحى نيازى وقولى له البلد طلعت محسوده مش فاشله الناس اللى برة بيحسدونا على التنمية والاستقرار والأمن اللى احنا فيه".