أحمدي نجاد.. رئيس إيراني سابق يعود للأضواء عبر تغريده خارج السرب

يواصل الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، إثارة الجدل بتصريحاته التي توصف بأنها "تغريد خارج سرب" النظام في إيران، وآخرها ما يتعلق بالحرب التي تشنها حليفة بلاده الأولى روسيا على جارتها أوكرانيا، منذ 24 فبراير/شباط 2022.
وكان الموقف الرسمي الإيراني من الحرب هو ما صرح به المرشد الأعلى للبلاد علي خامنئي في الأول من مارس/آذار 2022 حين قال إنهم مع إيقاف الحرب، وفي الوقت الذي اتهم فيه الولايات المتحدة بصنع الأزمة الأوكرانية، تجنب التطرق لما ترتكبه روسيا في مدن أوكرانيا.
وكذلك برر عدد من المسؤولين الإيرانيين غزو روسيا لأوكرانيا، حيث كتب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، على حسابه عبر "تويتر" في 24 فبراير 2022 أن "أزمة أوكرانيا متجذرة في استفزازات الناتو (حلف شمال الأطلسي)".
مثير للجدل
مع بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، غرد نجاد على "تويتر" في 3 مارس 2022، بتصريحات أشاد فيها بمقاومة الشعب الأوكراني.
وخاطب الشعب الأوكراني ورئيسه فولوديمير زيلينسكي بالقول: "مقاومتكم كشفت المخططات الشريرة لأعداء الإنسانية، الشعب الإيراني يقف بجانبكم، ويشيد بهذه المقاومة البطولية".
وفي اليوم التالي، أعقبها بتغريدة أخرى ندد فيها بغزو روسيا لأوكرانيا، وقال مخاطبا الرئيس الروسي: "أدعو (فلاديمير) بوتين إلى إنهاء الحرب والعدوان في أسرع وقت ممكن، ويمنع إدراج اسمه في قائمة كبار المجرمين في التاريخ".
The great nation of #Ukraine
— Mahmoud Ahmadinejad (@Ahmadinejad1956) March 2, 2022
President #Zelenskyy
Your honorable and almost unrivalled resistance uncovered the Satanic plots of enemies of mankind.
Trust that the great nation of #Iran is standing by you,while admiring this heroic persistence .
التصريحات المثيرة للجدل لم تكن الأولى من نوعها، فقد اعترف الرئيس الإيراني الأسبق باستخدام حكومة طهران للبلطجية والمشاغبين في قمع احتجاجات 2009 بشكل عنيف، الأمر الذي شكل اعترافا لأول مرة بقمع المظاهرات من شخص كان على رأس السلطة في إيران وينتمي للتيار المتشدد.
وأفاد نجاد الذي حكم إيران لولايتين متعاقبتين امتدت من 2005 وحتى 2013، خلال مقطع مصور تناقلته مواقع إيرانية في 14 مارس 2021، بأن "الحكومة نظمت البلطجية والمشاغبين من أجل الاستفادة منهم لتنفيذ عمليات حرق الممتلكات العامة".
ورغم القطيعة بين إيران والسعودية منذ عام 2016 على خلفية إعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، بعث محمود أحمدي نجاد رسالة "ودية" إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حول حرب اليمن، وإمكانية إنهاء الصراع فيها.
الرسالة التي كشفت فحواها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في يوليو/ تموز 2020، دعا فيها نجاد إلى "تشكيل لجنة من شخصيات موثوقة عالميا تعنى بالحرية والعدالة لإجراء محادثات مع الطرفين (الرياض والحوثي بهدف إنهاء الأزمة وإحلال السلام والصداقة".
Former President Mahmoud Ahmadinejad was in Dubai for #Expo2020 and I'm so confused by these photos.
— Holly Dagres (@hdagres) October 18, 2021
Did they know who he was? Or did they see Iranians taking photos and join in just because? (Quite a few Iranians took photos with him btw) pic.twitter.com/LVXobq9Xom
وفي 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 جذبت زيارة الرئيس الإيراني الأسبق إلى معرض دبي العالمي الأنظار، حيث التقطت صور له مع عدد من الشابات جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي. كما أثارت هذه الزيارة انزعاج السلطات الإيرانية.
هذه هي الزيارة الأولى التي يجريها أحمدي نجاد إلى دولة أجنبية منذ انتهاء ولايته في العام 2013، حيث سافر إلى الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في مؤتمر على هامش معرض دبي العالمي "إكسبو"، الذي يستمر إلى غاية 31 مارس 2022.
انتهت زيارة نجاد قبل الأوان بسبب ضغوط من سلطات بلاده. وبحسب وسائل إعلام إيرانية، فقد ألغت القنصلية الإيرانية مؤتمرا صحفيا كان مقررا لنجاد، لكنه عاد إلى إيران قبل الموعد المحدد.
وبحسب وكالة فارس الإيرانية، فإن السلطات الإماراتية "طالبت أحمدي نجاد بمغادرة البلاد على وجه السرعة" دون ذكر الأسباب.
لكن المعمم الإيراني، عباس أميرفر، قال إن أحمدي نجاد أراد "أن يكون في دائرة الضوء مرة أخرى" وأن الزيارة كانت "وسيلة لجذب انتباه (الإعلام) إليه" بعد أن "اختفى من الساحة السياسية"، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية في 16 فبراير 2022.
الرئيس الايراني السابق احمد نجاد فى #الامارات ���� ويزور اكسبو #دبي 2020 . pic.twitter.com/cNclYBOhwj
— عادل سيف القطي (@Adel1636) October 16, 2021
رئيس متشدد
ولد محمود أحمدي نجاد عام 1956 في قرية آرادان بمحافظة سمنان شمالي إيران، ثم انتقل في سن الرابعة إلى طهران، حاصل على الدكتوراه في هندسة النقل والتخطيط من جامعة إيران للعلوم والتقنية عام 1997، وعمل أستاذا جامعيا.
نجاد ينتمي إلى التيار المحافظ الذي يوصف بالمتشدد، حيث تذكر العديد من التقارير، أنه أثناء قيام الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988 انضم إلى الحرس الثوري الإيراني، وخدم في جهاز المخابرات والأمن العام.
لكن مستشاره مجتبى سمارة هاشمي قال إنه "لم يكن يوما عضوا أو مسؤولا بالحرس الثوري الإيراني"، حيث كان أقرب ما يكون بمتطوع في الباسيج.
أصبح عمدة لبلدية طهران عام 2003، ثم رئيسا لجمهورية إيران الإسلامية.
تولى مهام رئاسة الجمهورية منذ 3 أغسطس/آب 2005 بعد تغلبه على منافسه هاشمي رفسنجاني، وأعيد انتخابه في 12 يونيو/حزيران 2009 على حساب منافسه مير حسين موسوي، وظل رئيسا حتى 15 يونيو/ حزيران 2013.
يعتبره أنصاره، "رجلا بسيطا" يحيا حياة "متواضعة"، وبعدما أصبح رئيسا، أراد الاستمرار في سكنه بمنزل الأسرة المتواضع في طهران، إلا أن مستشاريه الأمنيين أجبروه على الرحيل.
لكن العديد من المنظمات الحقوقية والحكومات الغربية، انتقدت سياسة أحمدي نجاد في مجال حقوق الإنسان.
ووفقا لتقرير صادر عن رابطة حماية حقوق الإنسان: "منذ تولي الرئيس أحمدي نجاد السلطة، ومعاملة المعتقلين قد ازدادت سوءا في سجن إيفين، وكذلك في مراكز الاعتقال السرية التابعة للسلطة القضائية ووزارة الاستخبارات والحرس الثوري الإسلامي".
وأضافت أيضا أن "احترام حقوق الإنسان الأساسية في إيران، وخاصة حرية التعبير وتكوين الأحزاب قد تدهورت في عام 2006. فالحكومة تعذب بشكل روتيني المنشقين المعتقلين، وتسيء معاملتهم. بما في ذلك الحبس الانفرادي لفترات طويلة".
وفي 12 يونيو/ حزيران 2021، قال أحمدي نجاد في مقابلة بالفيديو، إن مسؤول مكافحة إسرائيل في وزارة الاستخبارات الإيرانية كان جاسوسا لها.
وأشار إلى أن ذلك جعل إسرائيل تنجح بتنفيذ عمليات تجسس کبیرة في إيران، من بینها الاستيلاء على وثائق نووية وفضائية من مراكز حساسة.
وأشار إلى تفاصيل ما أسماه "عملية إسرائيل المكثفة" داخل إيران، لافتا إلى وجود "عصابة أمنية" رفيعة المستوى في بلاده.
وأكد أن "هذه العصابة الأمنية الفاسدة عليها أن تشرح دورها في اغتيال العلماء النوويين والتفجيرات في نطنز. لقد سرقوا وثائق مهمة للغاية في تورقوز آباد وفي منظمة الفضاء. هذه ليست مزحة، هذه وثائق أمن البلاد، لقد جاؤوا وأخذوها".
جاءت تصريحات أحمدي نجاد بعد يومين من حديث رئيس الموساد السابق، يوسي كوهين، عن نفوذ المخابرات الإسرائيلية في البرنامج النووي الإيراني.
بما في ذلك قوله إن الموساد كان يراقب العالم النووي محسن فخري زاده لسنوات، وکان قریبا منه جسديا قبل اغتياله في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.
الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد يتهم نظام الملالي باستخدام البلطجية لقمع التظاهرات الشعبية pic.twitter.com/87cs00ysQV
— ا لـحـد ث (@AlHadath) March 15, 2021
مستبعد مرتين
بعد فترة قصيرة من انتخابه رئيسا، زعمت بعض وسائل الإعلام الغربية بأن أحمدي نجاد كان بين الطلاب الذين اقتحموا السفارة الأميركية في طهران إبان الثورة الإيرانية على حكم الشاه عام 1979، مما أثار أزمة الرهائن، وهو ما أنكرته الحكومة الإيرانية.
بعد الثورة الإيرانية التي قطف ثمارها رجل الدين روح الله الخميني وأصبح مرشدا أعلى لإيران عام 1979، بات أحمدي نجاد عضوا في مكتب تعزيز الوحدة، وهي منظمة وضعت لمنع الطلاب من التعاطف أو التحالف مع منظمة مجاهدي خلق المعارضة.
كانت أولى مناصبه السياسية، تعيينه كحاكم لمقاطعتي ماكو وخوي في محافظة أذربيجان الغربية خلال الثمانينيات. ثم أصبح مستشارا للحاكم العام لمحافظة كردستان لمدة عامين.
وخلال دراسته للدكتوراه في طهران، عين حاكما عاما لمحافظة أردبيل في عام 1993، حتى استبعده محمد خاتمي في 1997، فعاد أحمدي نجاد بعد ذلك إلى التدريس.
أحمدي نجاد من أشد المعارضين لسياسة الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنه عزز العلاقات بين إيران وروسيا وفنزويلا وسوريا ودول الخليج العربي.
خلال فترة ولايته، كانت إيران واحدة من كبار مانحي المعونة إلى أفغانستان.
أكد أحمدي نجاد مرارا أن البرنامج النووي الإيراني معد للأغراض السلمية، وليس لتطوير الأسلحة النووية.
وتحت قيادته، رفضت إيران نداءات مجلس الأمن الدولي لإنهاء تخصيب اليورانيوم داخل إيران.
يعرف رئيس إيران الأسبق بتعليقاته المعادية للولايات المتحدة وإسرائيل، لذا فهو دائما عرضة للانتقاد من جهات غربية عديدة.
وقد دعا إلى حل دولة إسرائيل وإجراء انتخابات حرة في فلسطين. وأعرب عن اعتقاده بأن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى صوت قوي في المنطقة مستقبلا.
وفي عام 2006، اعتبرت مجلة "تايم" البريطانية الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد من بين المئة شخصية الأكثر تأثيرا في العالم.
ورشح نجاد لانتخابات الرئاسة مرتين في 2017 و2021، حيث كان يواجه رفضا من المرشد الأعلى علي خامنئي بعودته للترشيح، لكن استبعد من مؤسسة "مصلحة تشخيص النظام" التي تعد أعلى سلطة للمصادقة على المرشحين.
المصادر
- أحمدي نجاد:على بوتين أن ينهي الحرب ويمنع إدراج إسمه في قائمة كبار المجرمين في التاريخ
- محمود أحمدي نجاد: مقاومة الشعب الأوكراني كشفت المخططات الشريرة لأعداء الإنسانية
- “الحركة الخضراء”.. لماذا أقر نجاد بجلب طهران بلطجية لقمع الاحتجاجات؟
- وكالة "فارس" الإيرانية: الإمارات ترغم أحمدي نجاد على قطع زيارته ومغادرة أراضيها
- جدل وأخبار مضلّلة خلال زيارة محمود أحمدي نجاد لمعرض دبي العالمي
- أحمدي نجاد: أكبر مسؤول إيراني لمكافحة التجسس الإسرائيلي كان جاسوسا لإسرائيل
- خامنئي يكشف موقف إيران تجاه "الحرب" في أوكرانيا ويحمل أمريكا المسؤولية
- أحمدي نجاد يبعث برسالة ودّية إلى ابن سلمان حول اليمن
- محمود أحمدي نجاد