تجاهل اغتيالات قضاة "دوائر المخدرات".. غضب لإفراج رئيس العراق عن تاجر حشيش

12

طباعة

مشاركة

رغم الإحصاءات التي أكدت مقتل 74 قاضيا في العراق منذ عام 2003 كانوا مكلفين بقضايا فساد وإرهاب ومخدرات، أصدر الرئيس برهم صالح عفوا خاصا عن نجل لؤي الياسري محافظ النجف السابق، جواد، المدان بقضية مخدرات.

وكشف عن ذلك بعد تسريب وثيقة معنونة بـ"سري وشخصي وعاجل" ومؤرخة في 5 يناير/كانون الثاني 2022، تحمل توقيع صالح، وبها قرار بإعفاء المدان جواد لؤي جواد الذي اعتقل عام 2018 بتهمة التجارة بالمخدرات.

الوثيقة تداولها ناشطون على تويتر، موجهين إدانات مباشرة للرئيس العراقي ومطالبين بمحاسبته ومحاكمته على القرار، الأمر الذي دفع رئاسة الجمهورية لإصدار بيان في 26 فبراير/شباط 2022 تتبرأ فيه من القرار وتلقي باللائمة على مجلس الوزراء.

الرئاسة العراقية أفادت بأن مرسوم العفو الجمهوري صدر بناء على التوصية الواردة إلى رئاسة الجمهورية بموجب كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء، مشيرة إلى أنه صدر وفق سياقات دستورية وقانونية محددة استنادا لأحكام المادة "73 / أولا" من الدستور.

وأوضحت أن "رئيس الجمهورية وجه بإجراء تدقيق وتحقيق عاجل للوقوف على أولويات إصدار المرسوم، وستعالج أي خلل قانوني مترتب عليه، وإعلان نتيجة التحقيق إلى الرأي العام في أسرع وقت".

إلا أن البيان الجمهوري أيضا أثار المزيد من الغضب والجدل بين الناشطين على تويتر، إذ أكدوا أن "الجرائم المخلة بالشرف لا تملك أي جهة سياسية كانت، بما فيها رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، صلاحية إصدار العفو الخاص عليها".

وذكر ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #برهم_يحمي_تجار_المخدرات، بالناشطين والسياسيين والمعارضين القابعين في السجون ظلما وعدوانا وجورا، مؤكدين أنهم أولى بإصدار مراسيم العفو الرئاسية بدلا من تجار المخدرات.

وأشاروا إلى أن جواد لؤي اعتقل في 2018 ضمن عصابة متلبسا بحوزته نحو 88 كيلو غرام حشيشة وكبتاغون، وأدانته محكمة جنايات "الكرخ" في بغداد بتجارة المخدرات، وحكم بالسجن المؤبد، كما ألزم بدفع غرامة مالية قدرها 25 ألف دولار.

موقع "المونيتور" الأميركي أكد أن العراق شهد اغتيالات ممنهجة للقضاة منذ عام 2003، حيث كان معظمهم يتولى التحقيقات في قضايا المخدرات والفساد التي تورطت فيها شخصيات وأحزاب متنفذة.

الأبرياء أولوية

وبرز حديث الناشطين عن الأبرياء المكدسين بالسجون دون أن يلتفت لهم أي مسؤول أو يكلف نفسه عناء حل أزمتهم، بينما يولون أهمية قصوى لتجار المخدرات لكونه ابن مسؤول.

عضو المنظمة الأميركية العراقية لمكافحة الفساد، علي فاضل، قال: "كان يفترض أن يكون العفو عن الأبرياء القابعين في السجون منذ سنوات بلا ذنب وبلا جريرة، وليس عن تجار المخدرات ومافيات الفساد".

وأضاف: "عندما يتخذ رئيس الجمهورية قرار عفو خاص عن تاجر مخدرات فقط لأن والده محافظ، هنا يجب محاكمة رئيس الجمهورية بتهمة انتهاك الدستور".

وأعادت الماجدة العراقي نشر تغريدة فاضل موضحة أن هناك مواد بالدستور العراقي الذي كتبوه على حسب ما تقتضيه مصالحهم تنص على أنه لا يحق لرئيس الجمهورية العفو عن هكذا جرائم، وإن حصل هذا فيجب إعفاؤه من رئاسة الجمهورية. واستهجنت المغردة سارة، الإفراج عن تاجر المخدرات لأنه ابن مسؤول، بينما هناك مئات الآلاف من المغيبين والمسجونين ظلما بحجة تنظيم الدولة وبوشاية كاذبة من المخبر السري وغيره تكاد أن تغص السجون بالمسجونين ظلما، متسائلة: "لماذا لا يتحرك برهم لإعادة محاكمتهم والإفراج عنهم أم أن هؤلاء ليس لديهم قريب مسؤول بهذه الحكومة الفاسدة؟!".

حضيض الدولة

واستهجن ناشطون عفو الرئيس العراقي عن تاجر مخدرات، مذكرين بمعاناة القضاة الذين يقتلون على أيدي تجار المخدرات وأتباعهم لوقف المحاكمات. 

وقال المعارض، مشعان الجبوري، إن "مرسوم العفو الذي أصدره الرئيس صالح عن تاجر المخدرات نجل محافظ النجف يظهر الحضيض الذي وصلته الدولة!".

ووصف السياسي، طارق الهاشمي، ما حدث بأنه "يوم أسود" للوطن وبشرى سارة لتجارة المخدرات، فبينما يغرق الشباب في طوفان لم يسبق له مثيل يمنح تاجر مخدرات العفو الخاص، أما الأبرياء المسجونون والمطاردون ظلما وعدوانا وبتهم مفبركة فلا بواكي لهم، مشيرا إلى أن الدستور يوظف لغير أغراضه. وأشار المغرد مصطفى جاسب إلى أنهم "يقتلون القاضي الشهيد أحمد فيصل لأنه كان يمارس عمله بمنع انتشار المواد المخدرة، ثم بعد أيام يخرجون أحد تجار المخدرات في العراق"، قائلا إن "أدق تحليل لإصدار العفو عن ابن لؤي الياسري هو أن تتنازل عن منصبك كمحافظ مقابل نطلق سراح ابنك تاجر المخدرات". المحامي الدولي، خالد الشمري، لفت إلى أن "برهم بعد انتهاء ولايته يطلق سراح المجرمين وتجار المخدرات"، ساخرا: "هذه ختامية قراراته التي أضرت بمصلحة الشعب العراقي".

رئيس لا يؤتمن

واستنكر ناشطون بيان رئاسة الجمهورية التي علقت فيه على العفو الخاص عن عصابة تجارة المخدرات، قائلة إن "رئيس الجمهورية وجه بإجراء تدقيق وتحقيق عاجل للوقوف على أوليات إصدار المرسوم، وسيتم معالجة أي خلل قانوني مترتب عليه، ورئيس الجمهورية لم ولن يتهاون في مجابهة التحدي الخطير المتمثل بالترويج للمخدرات".

وتعجب الكاتب والباحث السياسي شاهو القرة داغي من بيان رئاسة الجمهورية قائلا: "تدقيق وتحقيق!".

وسخر الناشط نزار حسين مهاوي من البيان، مغردا: "الشغلة انكشفت وصارت رأي عام؟ ها أوكي، راح نراجع القرار ونفتح تحقيق حتى نعرف الملابسات! عبالنا تعبر مثل غيرها بلا دوخة راس، يلا هسه نرتبها، يتدلل الشعب، المهم المحافظ تغير والولد طلع وهسه گاعد بتركيا يضرب كباب اسكندر". ووصفت أماني كيكة، بيان رئاسة الجمهورية بـ"الكارثة" وعدته حنثا باليمين بالمحافظة على الدستور، متسائلة: "ما الذي يجري؟ كل شيء يتحور ويسير حسب مصالح الكرسي، العراق في خطر".

وعلق الناشط عمر الشيخ على بيان الرئاسة متسائلا: "كيف يمكن أن يؤتمن رئيس الجمهورية على البلاد وهو يوقع على مراسيم عفو عن مجرمين؟".