عزت الشابندر.. سياسي عراقي نجا من الإعدام وندم على إسقاط صدام

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

اشتهر بلعب دور الوسيط بين القوى السياسية المختلفة في العراق، والتنسيق مع دول المنطقة النافذة في البلاد، لتشكيل الحكومات التي تعاقبت بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، وأصبح يطلق عليه وصف "عراب الصفقات".

"عزت الشابندر" (71 عاما) سياسي عراقي بارز وبرلماني سابق، بات مؤخرا يثير الجدل بتصريحات ينتقد فيها الطبقة السياسية الشيعية الحاكمة، ويحذر من الفوضى جراء سياسات قادة القوى المتصدرة للمشهد السياسي بالعراق منذ 18 عاما، ويصفهم بأنهم "غمان" وتعني بالعامية "مغفلين أو سذج".

وفي 8 يونيو/ حزيران 2020، قال الشابندر: "إذا كان عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي هو آخر عهود الشيعة بعد العام 2003، حيث حفر زعماء تغانم السلطة قبورهم بأيديهم، فإن أخشى ما أخشاه هو أن يكون الكاظمي هو آخر رئيس للوزراء قبل الفوضى".

منتقد لاذع

رغم انتمائه إلى المكون الشيعي في العراق وقربه من إيران وحزب الله اللبناني والنظام السوري الذي يعرف بـ"محور المقاومة"، لكنه يوجه انتقادات لاذعة إلى الطيف السياسي الشيعي ولإيران كذلك، لا سيما في تعاملها مع العراقيين إبان لجوئهم إليها في الثمانينيات.

السياسي الشيعي، نشر تغريدة على "تويتر" في 4 مايو/أيار 2021 قال فيها: "نداء عاجل، علي بن أبي طالب يخاطب جميع زعماء الكتل السياسية في العراق، والشيعة في مقدمتهم، وكل من منحوه الثقة من الرئاسات الأربع، مع وزرائهم ووكلائهم ومدرائهم: (أتيتكم بجلبابي هذا وثوبي فإن خرجت بغيرهن فأنا خائن). كم منكم يملك شرف وشجاعة هذا الخطاب مع  شعبه وربه؟".

وفي مقطع فيديو مسرب من مقابلة تلفزيونية أجراها مع قناة عراقية عام 2010، وصف الشابندر حزب "الدعوة الإسلامية" الشيعي الذي انتمى إليه في شبابه، بأنه "حزب متخلف، وأنه عبارة عن عشيرة تافهة ليس لديها دين ولا أخلاق".

وقال الشابندر: إن "تجربة الإسلام السياسي الشيعي في الحكم قد فشلت، واليوم السارق منهم، ومن ينفذ الاغتيالات والاختطافات منهم، ولا يعرفون التعامل مع الولايات المتحدة".

ووصف خلال المقطع المسرب، رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بأنه كان "أغبى" شخص لديه ضمن الحلقة الحزبية التي كان يرأسها بمنطقة الكرادة في العاصمة بغداد.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2019، تسرب مقطع صوتي آخر للشابندر خلال الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، وصف فيها أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بأنهم "مجموعة من القتلة وقطاع الطرق" الذين يسيطرون على بناية "المطعم التركي" ملاذ المحتجين في ساحة التحرير وسط بغداد.

وشن هجوما لاذعا في المقطع ذاته على قيادات حزب "الدعوة"، واصفا إياهم بأنهم خانعين للمحتجين، ويطلبون منهم حمايتهم، حيث كان موقفه أيضا سلبيا من المتظاهرين ووصفهم بـ"شاربي الخمر والزناة والشاذين جنسيا".

مرشح للحكومة

موقف الشابندر من المتظاهرين وصفه مراقبون بأنه كان ردة فعل منه على رفض الناشطين طرح اسمه ليكون رئيسا للحكومة خلفا للمستقيل عبد المهدي، وذلك بعدما رفعوا صورته وعليها علامة الرفض.

وفي 2 أبريل/ نيسان 2020، أعلن الشابندر سحب ترشيحه إلى منصب رئاسة الوزراء، وقال خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة فضائية عراقية: "قررت سحب اسمي لأن أكون مرشحا إلى منصب رئاسة الوزراء"، وذلك بعد أيام من إعلانه، أنه مرشح لشغل منصب رئيس الوزراء وقد حصل على دعم من الكتل السنية والكردية.

بعد غياب عن العراق دام 23 عاما، عاد إليه في 2003 وشارك في الانتخابات التشريعية عام 2005 وحصل على مقعد في البرلمان عن "القائمة العراقية" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي.

بعدها ترك "القائمة العراقية" بدعوى تفرد علاوي في اتخاذ القرارات، وانضم لقائمة "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، ليفوز بانتخابات 2010، وظل في قائمة المالكي حتى انتخابات 2014، لكنه فشل في الحصول على مقعد في البرلمان.

وصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عبر مقال نشر في 22 أغسطس/آب 2014 الشابندر بأنه "حليف الأسد والمشرع العراقي السابق الذي كان مسؤول الاتصال بين بغداد ودمشق".

ويصف ناشطون عراقيون الشابندر بأنه من "أكثر الموالين لإيران"، وأشاروا إلى دفاعه عن حكومة عبد المهدي بطريقة مثيرة للاستغراب.

وأطلقوا عليه وصف "عراب الصفقات" بين روسيا والحكومات العراقية المتعاقبة للحصول منها على رشاو قدرت بمئات الملايين من الدولارات، خصوصا عبر صفقات للأسلحة بها شبهات فساد، وحصد منها الشابندر أموالا طائلة في 2016، لكنه ينفي ذلك.

من تصريحاته المثيرة للجدل عام 2016، انتقاده اللاذع للحكومات المتعاقبة في العراق بعد عام 2003 والتي أدارها رؤساء وزراء شيعة.

وقال الشابندر حينها: إن "الشيعة لم يقدموا شيئا للعراقيين عدا إقامة الشعائر الحسينية وزيارات المراقد المقدسة، وتركوا البلد يعاني من الفقر والفساد".

ولم يسلم من تصريحات الشابندر، رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي، بقوله إن "إيران هي من صنعته، وأوهمته بأنه زعيم للسنة في العراق، وصدق ذلك"، مشيرا إلى أن من وصفهم بـ"الغمان والأغبياء" من الشيعة هم من انتخبه ليكون في منصبه هذا.

محكوم بالإعدام

الشابندر مولود ببغداد عام 1950، تعرض إلى الاعتقال 4 مرات، كونه كان عضوا ناشطا في حزب الدعوة الإسلامية منذ عام 1967، ثم انشق عنه مع مجموعة "جند الإمام" وتزعم عام 1975 حركة "المسلمين العقائديين".

الشابندر تاجر من عائلة معروفة في بغداد، وشقيقه الأكبر الطبيب نزار الشابندر كان بعثيا ويشغل منصب وكيل وزير الصحة عزت مصطفى، الذي كان عضو مجلس قيادة الثورة في نظام البعث.

وخلال مقابلة تلفزيونية مع "بي بي سي" عام 2016 قال الشابندر: "من حسن حظي كلما أعتقل يتدخل هذا الوزير ويطلق سراحي"، وفي عام 1977 حكم عليه بالإعدام بعد 7 أشهر من التوقيف بتهمة "البصق يوميا" على صورة الرئيسين الراحلين صدام حسين وحسن البكر، مضيفا "من أوشى بي هو موظف شيعي كان يعمل معي في إحدى الدوائر الحكومية".

وفي تلك الحقبة، أعدم شـقيقـه الأصغر محمد علي وزوج أختـه محمد منعم الصفار عام 1984 واعتقلت شقيقته نضال في 1989 وظهرت على شاشات التلفاز على أنها "مجرمة وخائنة"، وقبلها اضطر شقيقه غالب بعد عدة اعتقالات إلى ترك العراق عام 1977.

وأوضح الشابندر أن إعدام شقيقه الأصغر لأنه "كان ناشطا في الجناح المسلح لحزب الدعوة، وليس الفكري للحزب، وكان خطرا كونه يجمع السلاح لمرحلة المواجهة في 2 يوليو/ تموز 1980".

قصة الهروب

قرر الشابندر الهروب من العراق عام 1982 بسبب الملاحقات الأمنية، إلى الكويت، وبقي فيها 6 أشهر مختفيا لأنه لا يحمل وثائق رسمية، ثم خرج منها بتزوير جواز السفر، وذهب إلى سوريا، وبعدها إلى طهران التي قضى فيها 18 شهرا.

حارب إلى جانب القوات الإيرانية ضد القوات العراقية في حرب الثماني سنوات بين البلدين إبان ثمانينيات القرن العشرين، وكان حينها مسؤولا مباشرا عن زعيم ائتلاف "الفتح"، هادي العامري وآخرين من العراقيين المقيمين في إيران.

وعن هذه الحقبة، أقر الشابندر أن "الإيرانيين ورغم ذلك، لم يحترموا العراقيين الذين كانوا يحاربون إلى جانبهم، بل وكانوا يشتموننا ويبصقون في وجوهنا ويتعاملون معنا بعنصرية".

بعدها أقام الشابندر في سوريا ولبنان وأصدر صحيفة "البديل" وكانت أهم صحيفة عراقية معارضة بدون منافس.

وفي سوريا احتضنه القيادي في النظام محمد ناصيف خيربك (أبو وائل) الذي يلقب بـ"عراب الحركات الشيعية" في العالم العربي، فقد كان يشغل منصب معاون نائب الرئيس للشؤون الأمنية في سورية.

شارك الشابندر في معظم الأنشطة السياسية المعارضة لنظام صدام و"له نشاط في إقحام وكسب الموقف الدولي لصالح القضية العراقية بعدما كانت محصورة ضمن حدود إقليمية ضيقة"، حسب تعبيره، لكنه اعترف في أكثر من مقابلة تلفزيونية مؤخرا بأن المعارضة لم يكن لديها وعي سياسي حين أسقطت نظام صدام عام 2003.

وأكد السياسي العراقي في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 أنه "لو كان في وقتها (أيام المعارضة) يمتلك الوعي الذي هو عليه اليوم لوقف ضد الغزو الأميركي وليبقى صدام بالحكم"، متهما الولايات المتحدة بـ"تدمير العراق من أجل إسرائيل"، وأن الأميركيين "هم من علم السياسيين العراقيين على سرقة بلدهم".