المؤتمر العام الخامس لحزب الإصلاح اليمني.. 13 عاما من التأخير

هل يمكن لحزب الإصلاح استعادة دوره الوطني وتحقيق أهدافه التنظيمية في ظل الظروف الحالية؟

هل يمكن لحزب الإصلاح استعادة دوره الوطني وتحقيق أهدافه التنظيمية في ظل الظروف الحالية؟

فهد سلطان | 2 months ago

12

طباعة

مشاركة

المحتويات

المقدمة: 

هيكلية حزب الإصلاح

المحور الأول: أثر ثورة فبراير على تعثر مؤتمر الحزب 

  •  التداعيات السياسية 
  • التداعيات العسكرية 
  • تشكيل التحالف العربي وعاصفة الحزم 

المحور الثاني: انتقال قيادة الحزب العليا إلى خارج اليمن

  • ارتهان قيادة الحزب للتحالف السعودي
  •  غياب قواعد العمل الحزبي 

المحور الثالث: ضرورة انعقاد المؤتمر العام الخامس

  •  رفد الحزب بدماء جديدة 
  •  غياب المؤسسية وطغيان الأبوية 
  •  قرار الحرب بعيدا عن مؤسساته 

الخاتمة

المقدمة:

خلال الفترة الأخيرة طرح كثيرون في الساحة اليمنية عددا من التساؤلات عن الأسباب الحقيقية وراء تأجيل المؤتمر العام الخامس لحزب الإصلاح الإسلامي لأكثر من ثلاثة عشر عاما، فهل يعود السبب فقط إلى التداعيات السياسية والعسكرية التي شهدها اليمن كما تبرر قيادة الحزب؟ أم أن هناك عوامل أخرى تتعلق بالبنية التنظيمية له والتحديات التي تواجهه على المستوى الداخلي والخارجي؟

كيف أثر ارتهان الحزب للتحالف السعودي على قدرته على اتخاذ قرارات مستقلة؟ وهل يمكن عد هذا الارتهان عاملا رئيسا إضافيا في تعثره وعدم قدرته على عقد مؤتمره العام وتجديد دمائه؟

هل يمكن لحزب الإصلاح استعادة دوره الوطني وتحقيق أهدافه التنظيمية في ظل الظروف الحالية؟ وما هي الخطوات التي يجب أن يتخذها الحزب لإعادة بناء نفسه والتخلص من حالة الجمود التي يعاني منها منذ سنوات؟

هيكلية حزب الإصلاح

يتكون الحزب:

1-المؤتمر العام

2-مجلس الشورى 

3-الهيئة العليا 

4-الأمانة العامة 

المؤتمر العام:

هو السلطة العليا في الحزب، وقراراته ملزمة لجميع هيئات الأعضاء وينعقد مؤتمره العام مرتين بصفة اعتيادية خلال أربع سنوات.

في الدورة الأولى: يجري الانتخاب لهيئاته العليا وهي: مجلس الشورى، الهيئة العليا، الأمانة العامة، الهيئة القضائية.

في الدورة الثانية: فوفقا للائحة، فهي تُخصص بشكل أساسي لمناقشة الأمور الإدارية للحزب. 

يشمل ذلك مراجعة أداء الهيئات المنتخبة وتقييم تنفيذ القرارات والتوصيات الصادرة عن الدورة الأولى، والنظر في القضايا التنظيمية والإدارية التي تحتاج إلى تعديل أو تحسين.

وبالتالي فالدورة الثانية تعد فرصة للحزب لمراجعة وتقييم سياساته وأنشطته الداخلية بهدف تعزيز كفاءته وتنظيمه.

مجلس الشورى

هو الجهة المسؤولة عن بلورة أهداف الحزب وقرارات وتوصيات المؤتمر العام، ومراقبة الأجهزة المختصة.

الهيئة العليا

وهي القيادة السياسية العليا للحزب، وتتكون من رئيس الهيئة العليا ونائبه ورئيس مجلس الشورى والأمين العام والأمينين العامين المساعدين وعشرة أعضاء منتخبين من مجلس الشورى ورئيس كتلة الإصلاح النيابية في البرلمان.

الأمانة العامة

هو الجهاز التنفيذي المباشر في الحزب وتتكون من: الأمين العام، الأمين العام المساعد للشؤون التنظيمية والمالية والإدارية، الأمين العام المساعد للشؤون السياسية، الدائرة السياسية، دائرة التنظيم والتأهيل، دائرة الإعلام والثقافة، دائرة التوجيه والإرشاد.

كما يتكون من دائرة التعليم، الدائرة الاقتصادية، دائرة الشؤون الاجتماعية، دائرة النقابات والمنظمات، دائرة الشؤون المالية والإدارية، دائرة التخطيط والإحصاء، الدائرة الفنية، دائرة الطلاب، الدائرة النسائية، الدائرة القانونية، دائرة الاتصال الخارجي، دائرة الانتخابات العامة.

أجهزة القضاء التنظيمي 

هي الجهة المختصة بتقدير المخالفة على العضو وتقرير إيقاع العقوبة عليه، ويتكون من الهيئة القضائية، اللجان القضائية المحلية، رئيس الهيئة القضائية، ستة أعضاء ينتخبهم مجلس الشورى.

الوحدات التنظيمية المحلية

وتتكون من: المؤتمر المحلي، هيئة الشورى المحلية، والمكتب التنفيذي المحلي يتكون من: رئيس المكتب، أمين المكتب، الأمين المساعد للمكتب، رؤساء الدوائر المحلية.

مؤتمرات الحزب العامة التي عقدت بين عامي (1994م– 2009م) 

عقد المؤتمر العام الأول للحزب تحت شعار "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" بدورتيه الأولى في الفترة من 20 سبتمبر/أيلول إلى 24 من نفس الشهر لعام 1994.

أما الدورة الثانية فقد عقدت في الفترة من 20 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 21 من نفس الشهر 1996.

وعقد المؤتمر العام الثاني تحت شعار "معا من أجل بناء دولة المؤسسات وتعزيز المسار الديمقراطي الشوري وتحسين الأوضاع المعيشية للشعب".

وكانت دورته الأولى من 6 إلى 8 أكتوبر/تشرين الأول 1998، فيما الدورة الثانية في 18 إلى 20 نوفمبر 2000م.

وعقد المؤتمر العام الثالث في الدورة الأولى تحت شعار "مع الإصلاح من أجل صيانة الحريات ومكافحة الفقر" في الفترة من 28 إلى 30 ديسمبر 2003.

وكانت الدورة الثانية تحت شعار “النضال السلمي طريقنا لنيل الحقوق والحريات” في الفترة من 12 إلى 13 فبراير 2005.

أما المؤتمر العام الرابع فقد انعقد تحت شعار "النضال السلمي طريقنا للإصلاح الشامل" في دورته الأولى في الفترة من 24 إلى 26 فبراير 2007.

وكانت دورته الثانية في 11 فبراير 2009، ومنذ ذلك التاريخ توقفت المؤتمرات العامة حتى اليوم، وكان يفترض أن التحضير جارٍ لعقد المؤتمر العام الثامن عام 2024. 

المحور الأول:

 أثر الثورة اليمنية (ثورة 11 فبراير 2011) على تعثر المؤتمر العام الخامس للحزب

انطلقت الثورة الشبابية الشعبية في نفس العام الذي كان من المفترض أن يعقد الحزب مؤتمره العام الخامس، حيث كان المؤتمر العام الرابع-الدورة الثانية-قد انعقد في أواخر عام 2009، وكان للثورة تداعياتها السياسية والعسكرية التي فاقمت الوضع المحلي وجعلته على شفا حرب أهلية، حيث كانت الحرب النتيجة النهائية لثورة فبراير الشعبية السلمية.

ــــ التداعيات السياسية

تمثلت هذه التداعيات في "المبادرة الخليجية" التي قدمتها دول الخليج العربي على شكل اتفاق سياسي لنقل السلطة سلميا، جرى توقيعه بين طرفي السلطة والمعارضة في الرياض في نوفمبر 2011، لكنها تركت فيها ثغرات كبيرة أسهمت في إضعاف السلطة وتوسيع الخلافات والصراعات بين الفرقاء السياسيين.

وأعقب هذه المبادرة انتخاب رئيس توافقي للجمهورية في فبراير 2012، ثم الدخول في مؤتمر شامل للحوار الوطني لمناقشة القضايا الوطنية الملحة (18 مارس/آذار 2013-24 يناير/كانون الثاني 2014).

كل تلك المستجدات على الساحة الوطنية اليمنية فرضت على حزب الإصلاح (الإسلامي) الانخراط في الحراك السياسي المتصاعد ومحاولة ملء الفراغ في السلطة، مع أحزاب المشترك (المعارضة)، وفقا لمقتضيات المبادرة الخليجية وما تضمنته من آلية نقل السلطة.

ولا ريب أن تلك الأحداث المتسارعة على طريق ثورة التغيير السلمية وما شهدته من صراع سياسي بين طرفي السلطة (المؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح) والمعارضة المتمثلة في أحزاب اللقاء المشترك (أحزاب قومية ويسارية وإمامية وإسلامي)، وفي المقدمة منها حزب الإصلاح فرضت على هذا الأخير تأجيل عقد مؤتمره العام الخامس إلى حين. 

وكان من المؤمل استقرار الأوضاع السياسية عقب انتخاب رئيس جديد للجمهورية والفراغ من مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي أنهى عمله بالفعل نهاية يناير 2014، بوثيقة سياسية مهمة وقع عليها كل الأطراف ومثلت خارطة طريق واضحة للخروج من الأزمة اليمنية.

التداعيات العسكرية 

للأسف الشديد لم تفض الأوضاع السياسية الجديدة في البلاد، بما فيها المبادرة الخليجية والانتخابات الرئاسية، ومؤتمر الحوار الوطني الشامل، كما أمل الكثيرون، إلى استقرار البلاد وعودة الحياة السياسية وتحقيق أهداف ثورة فبراير السلمية.

إذ كانت قوى الثورة المضادة والدولة العميقة تتربص بالثورة الشعبية السلمية وتعمل جاهدة لإحباطها، وعلى الفور تحالفت تلك القوى (الحوثيون وعلي عبدالله صالح عفاش رأس النظام السابق) وتآمرت ضد المشروع الوطني السلمي المتمثل في ثورة 11 فبراير، وأسقطته في انقلاب عسكري يوم 21 سبتمبر 2014. 

وهو ما شكل عائقا إضافيا قسريا حال دون انعقاد المؤتمر العام الخامس للإصلاح وأدى مرة أخرى إلى تأجيله إلى أجل غير مسمى.

  •  تشكيل التحالف العربي وعاصفة الحزم

انطلق ما يسمى عاصفة الحزم لمواجهة الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة والشرعية في اليمن، ومعها دخلت البلاد مرحلة جديدة بعد انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية وإسقاط الدولة، ووجد حزب الإصلاح نفسه مضطرا للقتال إلى جانب التحالف العربي الذي أعلن ما يسمى عاصفة الحزم يوم 26 مارس 2015، لاستعادة الدولة والشرعية ودحر الانقلاب الحوثي. 

هذا العبء العسكري الذي فرض على الحزب-أو بالأصح فرضه على نفسه-مثل مسوغا جديدا وتبريرا إضافيا لقادته كي يهملوا فكرة عقد المؤتمر العام الخامس نظرا لحالة الحرب المفاجأة التي دخلتها البلاد. وكذلك بعد انخراط معظم منتسبي الحزب فيها دفاعا عن الدولة والجمهورية، وتشرد معظم قادة وكوادر الحزب وتشتتهم خارج البلاد واعتقال الحوثيين عددا كبيرا من منتسبيه.

المحور الثاني

انتقال قيادة الحزب العليا إلى خارج اليمن

مثّل هذا الأمر أحد أهم التحديات التي واجهت الحزب وحالت دون التئام شمله والعمل على إعادة بنائه من جديد. 

والواقع أن عاصفة الحزم التي قادها التحالف السعودي ضد الانقلاب الحوثي عملت وبسرعة على تحرير المحافظات الجنوبية في اليمن من قبضة الحوثي. وكان لافتا حقا أن يتم دحر الحوثيين بتلك السرعة القصوى من عدن وبقية المحافظات الجنوبية، فيما ظلت بقية المحافظات الشمالية، وبالأخص تعز ومأرب، تكافح-إلى اليوم-لتجنب السقوط في قبضة مليشيا جماعة الحوثي.

والحقيقة أيضا أنه كان بمقدور قيادة الإصلاح إدارة دفة الحزب من المحافظات الجنوبية المحررة، حيث تحتفظ بقاعدة شعبية عريضة فيها. كما كانت قادرة كذلك على البقاء وإدارة شؤونها الحزبية الداخلية من محافظة مأرب التي استعصت على الحوثيين، أو من محافظة تعز التي استطاعت طرد المليشيا من أجزاء واسعة من المحافظة وإعلان الانتفاضة والمقاومة الشعبية ضدهم. 

لكن قيادة الحزب للأسف فضلت الانتقال إلى خارج البلاد-السعودية تحديدا-لإدارة شؤون الحزب والمشاركة في الحكومة الشرعية التي اختارت هي أيضا المنفى عوضا عن الوجود في العمق اليمني والمشاركة في معركة استرداد الدولة من الداخل. وهنا ظلت البلاد تعيش حالة حرب منذ إطلاق عاصفة الحزم وطيلة ثماني سنوات، إلى أن توصلت السعودية إلى تفاهمات سرية مع الحوثي لوقف تدخل التحالف العربي والذهاب إلى مفاوضات سياسية لإنهاء الأزمة.

ومع ذلك لم تكن تلك الحرب لتمنع الحزب من الالتئام وعقد مؤتمره العام في أي من المحافظات الجنوبية المحررة أو في تلك التي تشهد مقاومة شديدة ضد الحوثيين مثل مأرب وتعز. كما لم تكن الحرب في ذاتها لتمثل عامل إعاقة بقدر ما كان ينبغي لها أن تمثل عامل تحفيز لقيادة الحزب للمضي نحو المؤتمر العام الخامس للحزب، وإيجاد الحلول ومقاربتها لعقد المؤتمر، بيد أن تعلل قادة الحزب بالحرب وتفضيلهم البقاء خارج البلاد جعلهم يغفلون ويتناسون موضوع عقد المؤتمر العام الخامس. هذا إضافة إلى صمت الجميع عن إثارة هذه القضية، وبالتالي حاولت القيادة ترحيل هذا الموضوع دون وضع أفق لحسمه. 

  •  ارتهان قيادة الحزب للتحالف السعودي

الواقع أن التدخل السعودي في اليمن تحت لافتة التحالف العربي وعاصفة الحزم لدحر الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة والشرعية مثّل بداية استلاب السيادة الوطنية والقرار السياسي اليمني. واستطاعت السعودية تحت ذلك الغطاء إضعاف ليس الدور السياسي للحكومة الشرعية وحسب بل ودورها العسكري أيضا، واحتكرت القرار السيادي بيدها، وجردت الحكومة الشرعية اليمنية من كل سلطاتها وصلاحياتها في اتخاذ قرارها وفق ما تمليه مصالحها الوطنية العليا.  ولأن حزب الإصلاح كان أحد أهم مكونات الحكومة الشرعية فقد وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه أمام سطوة التحالف السعودي وشدة نفوذه وهيمنته على القرار السيادي اليمني برمته. 

وهكذا وجد حزب الإصلاح نفسه أمام معضلة حقيقية، فمن جهة هو شريك في الحكومة الشرعية ويقاتل إلى جانبها ولا يمكنه الخروج عنها لأن خروجه، في حال فكر فيه، سيعد بمثابة خروج على الإجماع الوطني وسيعرضه لمخاطر ليس أقلها الاستهداف والاجتثاث.

ومن جهة ثانية هو حريص على كسب ود المملكة ويجدها فرصة ثمينة لتمتين علاقة إستراتيجية معها تجنبه السقوط المحتوم الذي لاقته بعض التيارات الإسلامية في بعض الأقطار العربية عقب ما عرف بثورات الربيع العربي. 

وبهذا الشكل، ونتيجة لتلك المخاوف التي سيطرت عليه، وعدم تمرسه سياسيا، وجد الإصلاح نفسه وقد سلم هو أيضا قراره للتحالف السعودي الذي حرص على الإمساك بقرار الشرعية اليمنية وكل ملحقاتها من الأحزاب المنضوية فيها. 

كما أن ارتهان الحزب للشرعية ومن ثم للقرار السعودي الممسك بها والمتحكم بمصيرها أظهره وكأنه إحدى أدوات السياسة السعودية في اليمن، وكأنه لا يستطيع أن يمارس دوره الوطني بمعزل عن القرار والتوجه السعودي. 

حتى إن البعض ليتساءل عما إذا كان الحزب يمتلك بالفعل مشروعا وطنيا أم أنه يفضل العمل ضمن المشاريع الإستراتيجية للغير. 

والنتيجة الموجعة لهذا الارتهان هو توظيف الحزب وكل طاقاته وإمكاناته بعيدا عن المشروع الوطني بل وبعيدا حتى عن مصالح الحزب نفسه، ليكون أحد أخطر تجليات ذلك النكوص والارتهان وسوء التقدير هو تعطيل الدور الوطني للحزب من جهة.

وكذلك إعاقة الحزب في بناء قدراته وإعادة بناء نفسه وامتلاك قراره من جهة ثانية وذلك عبر التملص من عقد مؤتمره العام الخامس ووضع كم هائل من الأعذار والمحاذير والعراقيل المفتعلة في طريقه.

- غياب قواعد العمل الحزبي

الحقيقة أن الحزب لا يحتكم لقواعد واضحة من العمل الحزبي المنظم تلزمه بالسير وفقا لها، بل إنه لا يلتزم حتى بقواعد ومواد النظام الأساسي للحزب التي تلزمه بعقد مؤتمره العام تحت أي ظروف كانت.

 والسبب في ذلك أن الحزب لا يزال ينظر إلى نفسه-في الوعي الباطن-لا كحزب سياسي بل كجماعة دينية دعوية فرضت عليها الظروف التلفح بوشاح الحزبية، على الرغم من مرور 34 عاما على إعلانه حزبا سياسيا ومشاركته في السلطة أكثر من مرة.

تلك النظرة القاصرة لأهمية وفاعلية وضرورة تكريس قواعد وبروتوكولات العمل الحزبي في أوساط الحزب وبالدرجة الأولى بين قياداته العليا تقف عائقا استثنائيا للحيلولة دون الذهاب لعقد مؤتمر الحزب العام وتجديد قياداته وتحديد أولوياته وضبط مشروعه.

أضف إلى ذلك، قلة الوعي لدى قواعد الحزب بضرورة وأهمية أن يكون لهم دورهم الفاعل ومشاركتهم في رسم سياسة وتوجهات الحزب والدفع به قدما نحو الممارسة الديمقراطية الداخلية وتكريس قواعد وبروتوكولات العمل الحزبي ومنح الأعضاء حقهم الطبيعي في الاختيار والتجديد وإعادة بناء قدرات الحزب وفق متطلبات المرحلة التاريخية والتطورات السياسية الداخلية والخارجية.

المحور الثالث

ضرورات الانعقاد للمؤتمر العام الخامس؟

من الناحية القانونية هناك ضرورة الالتزام بمواد النظام الأساسي للحزب والتي تؤكد على ضرورة انعقاد المؤتمر العام في موعده المحدد. 

فالمادة 26 تشير إلى أن المؤتمر العام يُعد أعلى سلطة تنظيمية للحزب ويجب أن ينعقد بصورة دورية وفقا للائحة الداخلية للحزب. إذ يتم تحديد مواعيد انعقاده بشكل محدد، وإلا فهناك مخالفة للائحة الداخلية وللأسس الديمقراطية التي يقوم عليها الحزب.

هذه المادة تُلزم الحزب بعقد مؤتمره العام في الموعد المحدد، وتؤكد على أهمية هذه الخطوة لضمان المشاركة الواسعة لأعضائه في اتخاذ القرارات الرئيسة والمصيرية المتعلقة بتوجهاته وسياساته.

  • رفد الحزب بدماء جديدة 

إن انعقاد المؤتمر يعني انتشال الحزب من حالة الركود والجمود الذي أعاق تقدمه وجعله رهنا لمصالح أطراف خارجية.

وتجديد الحزب وإعادة بناءه يمثل الخطوة الأولى على طريق إعادة بناء وتشكيل الحياة السياسية اليمنية ودفعها قدما نحو استعادة الدور الوطني للشرعية الوطنية في مواجهة الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة والخروج من حالة المراوحة وغياب الرؤية في الأزمة اليمنية.

  • غياب المؤسسية وطغيان الأبوية

من خصائص التجمع اليمني للإصلاح-بحسب النظام الأساسي للحزب-أنه يقوم على مبدأ الشورى الملزمة في اتخاذ القرارات. ويعد ذلك مقوما من مقومات الشخصية التي يعمل على تأصيلها والتربية عليها، كما أنه ينطلق من مبادئ الإسلام عقيدة وشريعة ومن الديمقراطية المنضبطة بأحكام الإسلام والحرية بمفهومها الإسلامي.

وطبقا للنظام الأساسي للحزب فإن المؤتمر العام ومجلس شورى الحزب هما أعلى هيئاته القيادية اللتان تشرفان على رسم وتوجيه سياسات الحزب ومراقبة أدائه.

ويعد المؤتمر العام هو السلطة العليا في الإصلاح الذي يختص وحده بانتخاب رئيس الحزب ونائبه ورئيس الهيئة القضائية، إضافة إلى إقرار برنامج العمل السياسي وتقويم أداء هيئات الحزب. 

ومن المفترض أن يعقد المؤتمر العام للحزب دورة اعتيادية كل عامين، ويحق له أن يعقد دورات استثنائية بطلب من الهيئة العليا أو ثلثي أعضاء مجلس الشورى أو ثلث أعضاء المؤتمر العام (المادة 15).

أما مجلس الشورى فمن أهم اختصاصاته انتخاب الأمين العام للحزب والأمينين العامين المساعدين، ومتابعة الهيئة العليا والأمانة العامة في تنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر العام للحزب ورسم السياسة العامة للإصلاح في المجالات كافة (المادة 23).

وهكذا نجد أن النظام الأساسي للحزب قد أصل بشكل جيد ووضع بوضوح الأساس المتين للعمل المؤسسي داخل الحزب وفصّل مهام واختصاص كل هيئاته القيادية. 

كما أعطى صلاحيات واسعة لأعضاء المؤتمر العام ومجلس الشورى بالدعوة والعمل لعقد المؤتمر العام للحزب أو مجلس شورى الحزب بحسب أغلبية الحضور في الحالات الاستثنائية.

بيد أن الملاحظ أنه طوال فترة الحرب ثم الفترة التي أعلن التحالف العربي وقف الحرب مع الحوثيين، وهي الفترة الممتدة لأكثر من عامين، لم يبادر أيّ من أعضاء المؤتمر العام أو من أعضاء مجلس شوراه، ناهيك عن أعضاء الهيئة العليا، للدعوة إلى عقد المؤتمر العام الخامس لإعادة النظر في سياسة الحزب وتقويم أدائه خلال المرحلة السابقة. 

هذه السلبية وعدم الفاعلية في ممارسة العمل التنظيمي داخل مؤسسات الحزب وفقا لنظامه الأساسي تعكس غياب ثقافة ومرتكزات العمل المؤسسي لدى قيادات وأعضاء الحزب، وارتهان جمهوره وقياداته الوسطية للقيادة العليا.

وكذلك يدل على تسليمهم أمر الحزب وقراره لتلك القيادة من منطلق أبوي بحت، يرى فيها الاستحقاق لكونها تمثل القيادة التاريخية والأب الروحي لها. 

والواقع أن القيادة التاريخية للحزب مارست بالفعل- بصورة مباشرة أو غير مباشرة-دورا أبويا صارخا كظهير لدورها القيادي، واستطاعت من خلال ذلك فرض إرادتها ورغباتها.

كما جعلت من الحزب مطية لرغبات الآخرين تحت ذرائع شتى أملتها إكراهات الحرب وضرورات التحالفات السياسية والإستراتيجية مع بعض الأطراف الداخلية والخارجية. 

كل ذلك أدى في نهاية المطاف إلى غلق أو تجميد موضوع عقد المؤتمر العام الخامس للحزب لأنه يتعارض كلية مع توجهات ورغبات قادته الذين يجدون أنفسهم في وضع مريح يغنيهم عن المساءلة ويضع بأيديهم مقدرات الحزب دون حسيب أو رقيب.

  • قرارات مصيرية بعيدا عن مؤسسات الحزب

الوضع الراهن الذي يعيشه الحزب والدور المنوط به سواء مع حكومة الشرعية أو التحالف السعودي والذي أظهره في أضعف حالاته وجعله يبدو في وضع التابع لا الشريك والجندي لا القائد، هو نتيجة طبيعية ومنطقية لغياب دور مؤسساته المعنية برسم سياسته ومراقبة نشاطه وتقويم أدائه.

وذلك لصالح فريق قيادي لا يزيد عن اثنين أو ثلاثة، استحوذ على قرار الحزب وتحكم بمصيره ووظف طاقاته ومقدراته بعيدا عن أهدافه ومشروعه الوطني ليجعل منه أداة طَيّعة في مشاريع الغير.

كان الحزب قد قرر النزول مع ثورة 11 فبراير الشبابية السلمية في 2011 بعد استفتاء داخلي أخذ فيه رأي القاعدة العريضة له والتي أقرت وباركت تلك الخطوة. 

بيد أن الحزب في الخطوات التالية التي أعقبت العمل الثوري لم يعد مرة أخرى إلى استطلاع وأخذ رأي قواعده في الخطوات السياسية التي اتخذها.

وذلك سواء تلك المتعلقة بالموقف من المبادرة الخليجية التي مثلت طوق نجاة لنظام علي عبدالله صالح، أو فيما يتعلق بانتخاب رئيس توافقي جديد جرى اختياره من داخل الحزب الحاكم نفسه الذي قامت الثورة عليه لتفتح بذلك الطريق أمام عملية تدوير وإعادة سلطة الحزب الحاكم بأدوات ورموز جديدة مثلت امتدادا طبيعيا للدولة العميقة، وأسهمت من موقعها في الثورة المضادة وإجهاض ثورة الشعب السلمية وإدخال البلاد في دوامة صراع جديد. 

على أن الأخطر من ذلك كله أنه حينما أعلن التحالف السعودي ما يسمى بعاصفة الحزم والحرب ضد الحوثيين تحت لافتة استرداد الدولة والشرعية ودحر الانقلاب سارعت تلك القيادات المستحوذة على قرار الحزب إلى إعلان مباركتها الحرب السعودية بل والانخراط فيها عسكريا ودفع كوادر الحزب إلى ساحة المعركة التي لم تحسب حسابها وتداعياتها على أعضاء الحزب نفسه وعلى الشعب اليمني كله. 

فمن جهة أدى إعلان مباركة الحزب، عبر بيان رسمي، للتحالف السعودي إلى شن الحوثيين حملة اعتقالات واسعة في صفوف الحزب في كل المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم والزج بعشرات الآلاف من الإصلاحيين في السجون وتشريد الآلاف منهم خارج البلد ومصادرة ممتلكاتهم وتعذيب الكثير منهم الذين قضوا في المعتقلات. 

من جهة ثانية، فقد اتخذت القيادة المستأثرة بقرار الحزب، خطوة المشاركة في الحرب والانخراط في التحالف السعودي دون الرجوع إلى مؤسسات الحزب المعنية. 

كما أنها لم تعمل على وضع اشتراطات وتفاهمات مع التحالف يضمن مصالح الحزب ويحول دون تعرضه للاستهداف مستقبلا ويجعل منه شريكا أساسيا في إدارة الدولة ويحول دون التراجع عن أهداف وإستراتيجية الحرب المعلنة ضد جماعة الحوثي أو تركها في منتصف الطريق، وهذا ما حصل بالفعل. 

فقد ذهب التحالف السعودي لإبرام تفاهمات سرية مع جماعة الحوثي تضمن مصالحه وترك الشرعية وحيدة في ساحة الحرب التي لا تزال مفتوحة مع مليشيات الحوثي، في الوقت الذي بقي الإصلاح يتحمل العبء الأكبر من تكلفة تلك الحرب العبثية من الناحية البشرية.

والحقيقة أنه لو لم يكن قرار الحزب مختطفا لما ذهب بتلك السرعة إلى حرب مفتوحة بلا ضمانات حقيقية من التحالف تنهي الانقلاب وتعيد الدولة والشرعية وتحافظ على وحدة البلد الذي أخذ في التشرذم والتفكك نتيجة لغياب الوعي الوطني من جهة وتربص التحالف السعودي وكيده من جهة أخرى.

الخاتمة:

وبناء على ما سبق فهناك ثلاث حالات محتملة في حالة استمرار حزب التجمع اليمني للإصلاح في التباطؤ في عقد المؤتمر العام الخامس:

الحالة الأولى، تراجع التأثير السياسي للحزب، فقد يؤدي التباطؤ في عقد المؤتمر العام الخامس إلى زيادة التعبير عن استياء القاعدة الشعبية مقدرة أن الحزب يتخلى عن قيمه الأساسية المتعلقة بالشورى والديمقراطية الداخلية. وعلى المدى البعيد قد يؤدي إلى انشقاقات داخل الحزب، مما يضعف قوته وتأثيره على الساحة السياسية اليمنية. 

الحالة الثانية: تآكل الاستقلالية لدى الحزب، في حالة استمر الحزب في تأجيل المؤتمر العام الخامس تحت ذرائع مختلفة، يجعله بمرور الوقت، يفقد استقلاليته في اتخاذ القرارات السياسية وخاصة مع وضع الشتات الذي يعيشه، وهنا قد يصبح الحزب مجرد أداة تنفيذية لأجندات القوى الإقليمية، مما يضعف مصداقيته لدى قاعدته الشعبية ويقلل من فرصه تحقيق أهدافه الوطنية.

الحالة الثالثة: تعاظم التوترات مع القاعدة الشعبية، فقد يؤدي التأخير المستمر لعقد المؤتمر إلى تزايد التوترات بين القيادة وقاعدة الحزب الشعبية، وقد يشعر الأعضاء والكوادر الحزبية بأنهم مستبعدون من عملية صنع القرار وأن مصالحهم وتطلعاتهم لا تؤخذ في الحسبان، مما يهدد استقرار الحزب ويضعه أمام تحديات كبيرة في الحفاظ على وحدته وتماسكه.