مستقبل المشروع الحوثي باليمن في ضوء التطورات السورية.. التحديات وفرص البقاء (رؤية استشرافية)

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

المحتويات

المقدمة

إسقاط الحوثيين.. لماذا الآن؟

دوافع الجانب الأميركي لمواجهة الحوثيين

ترتيبات الجانب الأميركي للتصدي للحوثيين

ترتيبات الحكومة الشرعية للتصدي للحوثيين

موقف الحوثيين

الحوثيون.. التحديات وفرص البقاء

الخاتمة

المقدمة

مع نجاح المعارضة السورية في إسقاط نظام الأسد يوم الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 وإحكام قبضتها على مقاليد الحكم في سوريا، توجهت الأنظار صوب المليشيات الحوثية في اليمن وعلت الأصوات -داخل اليمن وخارجه- التي تطالب بضرورة العمل لإسقاط المشروع الحوثي وحليفه الإيراني في اليمن.

أمام هذا التحشيد العسكري الغربي، ومسارعة الحكومة اليمنية الشرعية للتنسيق مع شركائها الدوليين والإقليميين استعدادا لمرحلة مقبلة فاصلة، هل يمكننا القول إن قرار إسقاط الحوثيين قد تم اتخاذه بالفعل؟ وكيف سيتعامل الحوثيون مع هذا التهديد الوجودي لكيانهم وسلطتهم؟ 

إسقاط الحوثيين.. لماذا الآن؟

تمدد الحوثيون وتوسع نشاطهم العسكري وتضخم طموحهم السياسي تحت سمع وبصر اللاعبين الدوليين؛ الأميركيين والبريطانيين تحديدا، الذين لم يغفلوا عن اليمن ومراقبة أداء اللاعبين المحليين وصعود بعضهم، وفي المقدمة منهم الحوثيون الذين شرعوا منذ وقت مبكر في نسج علاقات سرية مع طهران لتقوية مركزهم، ومن منتدى الشباب المؤمن انطلقوا لبناء تنظيمهم الخاص، وبفعل طموحهم الشديد في السلطة حولوا “منتدى الشباب المؤمن” ذي الصبغة الفكرية إلى “تنظيم الشباب المؤمن” المسلح، ومنه خرجت مليشيا الحوثي المتمردة التي نازعت الرئيس السابق علي عبد الله صالح السلطة وخاضت معه ستة حروب (2004-2010) ذهب ضحيتها أكثر من 25 ألف جندي يمني بحسب يحيى الحوثي الشقيق الأكبر لزعيم الجماعة[1].

لكن الفاعلين الدوليين لم يُظهروا تعاطفهم مع الحوثيين وحسب، بل رفضوا بشكل قاطع توصيفهم كجماعة متمردة، وعندما نهض الشعب اليمني في ثورة شعبية سلمية (فبراير/شباط 2011م) لبناء دولة ونظام جمهوري جديد لم تجد تلك الأطراف الدولية سوى الحوثيين أنفسهم لتستخدمهم كحصان طروادة لتقويض الثورة من الداخل ومعاقبة الشعب اليمني على تجاوزه الخطوط الحمراء.

فكان الحوثيون رأس الحربة في الثورة المضادة التي تحالفت مع الدولة العميقة ليس لإسقاط ثورة الشعب وحسب بل وإسقاط البلد برُمّته في انقلاب عسكري (سبتمبر/أيلول 2014) حظي بمباركة القوى الدولية نفسها عبر فرضها ما سُمي حينها اتفاق السلم والشراكة[2] الذي عمّد سلطة الحوثيين وانقلابهم العسكري، الذي اُستخدم لاحقا كذريعة لإشعال الحرب في اليمن ووضعه تحت الوصاية الدولية والإقليمية باسم اللجنة الرباعية (أميركا-بريطانيا-السعودية-الإمارات) ومن ثمّ تقاسمه بين تلك الأطراف كغنيمة حرب يخوضها وكلاء محليون. 

والآن وبعد 10 سنوات من الانقلاب الحوثي وغض الطرف عن كل انتهاكاته بحق اليمنيين طوال تلك الفترة والتساهل معه في بسط سيطرته وبناء قدراته العسكرية، ثم شطبه من لائحة الإرهاب الأميركية من قبل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مطلع العام 2021م، وبعدما ظلت كل القرارات الدولية بشأن اليمن حبيسة الأدراج كي لا يتأذى "الحوثي"، وبعد أن كانت خارطة الطريق السعودية الحوثية قاب قوسين أو أدنى من التوقيع لتمكين "الحوثي" والاعتراف به كدولة، تعالت الأصوات بضرورة تأديب "الحوثي" وتطبيق القرارات الدولية بشأنه وبالأخص القرار الدولي (2216)[3] فلماذا الآن فقط؟! وما طبيعة الدوافع التي حفّزت الأميركان وحلفاءهم لخوض مواجهة مباشرة مع الحوثيين في مثل هذا التوقيت؟

دوافع الجانب الأميركي لمواجهة الحوثيين

1-تحول الحوثيين إلى تهديد دولي. من خلال استمرار تهديدهم لأمن السفن والملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو ما تسبب في خسائر كبيرة للاقتصاد العالمي وأضعف من جانب آخر موقف الولايات المتحدة وشركائها وأظهرها قليلة الحيلة في مواجهة مخاطر جماعة مليشاوية منفلتة تقف متحدية المجتمع الدولي وتبتزه عبر فرض رسوم نقدية على عبور السفن من منطقة باب المندب[4].

والواقع أن القوى الدولية المعنية بالملف اليمني تسعى جاهدة لتحويل الحوثيين إلى تهديد دولي يُشرعن سياساتها وتدخلاتها في اليمن واستئثارها به، كما أن الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة وحلفاؤها (بريطانيا-إسرائيل) تحت شعار مواجهة التهديدات الدولية الحوثية يمكن أن يُنظر إليها على أنها بمثابة دورة جديدة من دورات إعادة التدوير والتأهيل لجماعة الحوثي بعدما أضحت الأوضاع المحلية مهيأة للخلاص منهم. 

وبالتالي فالطرف الدولي يقوم الآن بنفس الدور الذي اضطلع به التحالف السعودي من قبل، والذي جاء للحرب في اليمن لا لاستعادة الدولة ودحر الانقلاب الحوثي بل لتثبيته ومنع اليمنيين من إسقاطه، لأنهم لو تركوا هذا الأمر لهم لكانوا قد فرغوا من الحوثيين منذ وقت بعيد واستعادوا دولتهم.

لذا يقوم التحالف الدولي باستكمال ما بدأ به التحالف السعودي من تمديد للأزمة اليمنية عبر إعادة تدويلها لتسويغ صراع جديد لا أفق له مع الحوثيين ليس لإسقاطهم بل لمنحهم فرصة أخرى للبقاء، ولكي تبقى الأزمة اليمنية تدور في وضع اللاحل، وتبقى اليمن تدور في فلكهم. كما أن محاربة إسرائيل تعزز شعبية الحوثيين في الداخل وتشتت الانتباه عن الوضع الاقتصادي البائس في اليمن وفقا لبعض المراقبين[5] 

2-تهديد الجماعة لأمن إسرائيل. بصرف النظر عما إذا كانت جماعة الحوثي تستهدف إسرائيل نصرة لمظلومية غزة كما تدّعي أو كعمل دعائي لتسويق نفسها كمقاومة مدافعة عن قضية المسلمين الأولى وتصديقا لشعارها: الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، فإن ما قامت به في النهاية ألحق الضرر بإسرائيل وعرّض أمنها لمخاطر حقيقية، حتى لَيُمْكِننا القول إن الحوثيين تورطوا بالفعل في معركة أكبر منهم بعدما ظنوا- ربما- أن عملياتهم العسكرية ستظل استعراضية، لكنها استحالت في نهاية المطاف إلى صِدام فعلي، وأدت إلى استعداء القوى الغربية التي تُعِدُّ أمن إسرائيل خطا أحمر غير مسموح بتجاوزه، فيما أظهر الحوثيون عدم كفاءتهم في التصدي للضربات الانتقامية التي دمّرت البنى التحتية للبلاد. 

3-تعزيز الحوثيين لنفوذ إيران في المنطقة. في نهاية المطاف فإن تحركات الحوثيين في البحرين الأحمر والعربي (خليج عدن) يأتي ضمن المشروع الإيراني الذي يهدف لتوسيع نفوذه في تلك المنطقة ويمنحه ورقة ضغط ومساومة في مواجهة خصومه من الأطراف الدولية والإقليمية، ويجعل من إيران لاعبا مؤثرا بل ومتحكما في أهم المضايق المائية المتحكمة في إمدادات النفط والغاز لتلك القوى، ويتحكم كذلك في جزء مهم من حركة التجارة العالمية، الأمر الذي يمثل تهديدا مباشرا لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

4-تحوّلُ الحوثيين إلى حليف لأطراف معادية للغرب. وفي المقدمة منها روسيا التي تحاول الاستثمار في الحوثيين لإزعاج خصومها الغربيين واستنزاف بعض قواهم خارج أوكرانيا.

وسعت روسيا على نطاق أوسع إلى تأجيج عدم الاستقرار من الشرق الأوسط إلى آسيا لخلق مشاكل للولايات المتحدة. وعلى الأرجح فإن الصواريخ الفرط صوتية التي يطلقها الحوثيون على إسرائيل هي روسية الصنع وتمثل تهديدا حقيقيا لأمن إسرائيل وأمن الملاحة والسفن الغربية في المنطقة. 

وفي السياق قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إن روسيا "قدمت الدعم للحوثيين في استهدافهم لحركة الملاحة في البحر الأحمر، وذلك بتزويد الجماعة المدعومة من إيران بـ"بيانات أقمار اصطناعية"[6].

وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، لشبكة CNN، إن الروس "يشكلون مشكلة كبيرة الآن في اليمن بسبب محادثاتهم مع الحوثيين بشأن إمكانية توريد الأسلحة"[7]. وحذرت وكالات المخابرات الأميركية من أن روسيا قد تسلح المليشيات الحوثية في اليمن بصواريخ متقدمة مضادة للسفن ردا على دعم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للضربات الأوكرانية داخل روسيا بأسلحة أميركية[8].

وبحسب مراقبين فإن الاهتمام الروسي بجماعة الحوثيين، يعكس تحولا في السياسة الخارجية لموسكو، حيث تبحث عن حلفاء جدد في المنطقة لتعزيز مكانتها في الشرق الأوسط، خاصة في ظل تزايد الضغوط الدولية وتغير التحالفات التقليدية، وفي هذا الاتجاه ما تزال سفارة روسيا في صنعاء تعمل ويديرها القائم بالأعمال، ومن المرجح أن يعود السفير الروسي إلى صنعاء مفوضا فوق العادة[9]. 

ويذهب آخرون إلى أن روسيا ترى أن التحالف مع الحوثيين الذين يسيطرون على شمال اليمن قد يتيح لها الحصول على وجود عسكري في اليمن، ما يعزز من قدرتها على الوصول إلى المحيط الهندي، في الوقت الذي تطمح إلى توسيع نفوذها البحري وإنشاء ممر إستراتيجي يمتد من البحر الأسود إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي، وأنها قد ترى في التحالف مع الحوثيين فرصة لتحقيق هذه الأهداف[10].

لقد تحوّل الحوثيون بفعل امتلاكهم السلاح النوعي الروسي والإيراني وانخراطهم في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من مجرد ذراع إيرانية إلى لاعب إقليمي استطاع نسج تحالفات دولية تهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

5-وصول مخطط الفوضى الخلّاقة في اليمن إلى نهايته. وبالطبع فقد كان الحوثيون أنفسهم أحد أهم أدوات الفاعلين الدوليين والإقليميين في صناعة الفوضى الخلّاقة في اليمن ووصوله إلى حالة التشظي والانهيار التي يعيشها اليوم، بعبارة أخرى، فقد استنفد الحوثيون مهمتهم وبات اليمن جاهزا للمضي في مخطط التقسيم والتقاسم.

وهذا المخطط سيتم بوجودهم أو بغيابهم لا فرق، بيد أن مقتضيات تمرير هذا المخطط بما في ذلك محاصرة المشروع الإيراني في اليمن والمنطقة، تقضي بضرورة التعامل مع التهديد الحوثي بأحد أمرين؛ إما تحجيمه وإضعافه مع الاحتفاظ به لأدوار مستقبلية أخرى، وهو ما نرجّحه, وإما تصفيته بشكل نهائي وإخراجه من المشهد اليمني بالكلية، وهذا احتمال ضعيف لا تؤيده الوقائع.

فحزب الله الذي شنّت عليه إسرائيل أعنف حرب شهدها في تاريخه لا يزال حاضرا في المشهد اللبناني- وإن كان بصورة أضعف- وهو ما ينبئ بأن قرار تصفية نفوذ ودور الأقليات الشيعية (الحاكمة) في المنطقة لم يُتخذ بعد من قِبل اللاعبين الدوليين وأنهم مازالوا يدّخرونها لمهام مستقبلية أخرى.

زِد على ذلك، فجميع الضربات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية التي نالت اليمن حتى الآن تجنبت تماما القيادات الحوثية من المستويات القيادية كافة، ما يشي بوجود رغبة للاحتفاظ بها لأدوار مستقبلية، وإن كان وزير الدفاع الإسرائيلي هدد صراحة الحوثيين عقب الضربات الإسرائيلية التي نالت محطات الكهرباء في العاصمة صنعاء فجر 19 ديسمبر/كانون الأول 2024 بالقول "على الحوثيين معرفة أن يدنا الطويلة ستصل إليهم"[11].

6-حاجة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين إلى حلف (سنّي) في مواجهة الحلف الروسي الإيراني. يفترض هذا الرأي أن منطقة الشرق الأوسط ستشهد تنافسا محموما وصراعا حادا قد يتطور إلى حرب واسعة بين المحور الغربي بقيادة أميركا وحلفائها والمحور الشرقي بقيادة روسيا وحلفائها في إيران والصين وكوريا الشمالية. وبناء عليه، فالمحور الأميركي بحاجة إلى كسب دول المنطقة السنية وحشدها وراءه في مواجهة محور روسيا-إيران. وثمن ذلك هو كسر الأذرع الإيرانية في المنطقة وإنهاء سيطرتها لصالح المكوّن السني. ويُفسر البعض أحداث لبنان وسوريا في هذا السياق.

ومع وجاهة هذا الرأي إلا أنه من الصعوبة تعميمه على الحالة الإيرانية كلها في المنطقة، إذ يمكن القول إن لكل حالة من الأذرع الإيرانية وضعها الخاص، والإستراتيجية الأميركية الخاصة بالمنطقة على الرغم من صراعها مع إيران في كثير من الملفات إلا أنها تحتاجها في ملفات أخرى بما فيها أذرعها الطائفية التي أسهمت بصورة كبيرة في تفتيت الحالة السنية وإضعافها وصولا إلى ابتزازها وممارسة الضغوط عليها بورقتي الطائفية والإرهاب، وهما ركيزتا الإستراتيجية الأميركية في المنطقة.

وبالتالي تظل الحاجة قائمة على المدى القريب والمنظور لمليشيا الحوثي للعب أدوار خاصة في الملفين اليمني والسعودي؛ ملف الطائفية وملف الإرهاب. أضف إلى ذلك، لا يبدو أن الأميركيين متفقون مع شركائهم الأوروبيين في كثير من القضايا من قبيل حصص الإنفاق على حلف الناتو المفروضة على أعضائه، فقد تعهد الرئيس الأميركي المنتخب ترامب خلال حملته الانتخابية بترك حلفاء الناتو بلا دفاع إذا فشلوا في إنفاق ما يكفي على الدفاع ما أثار ذعر العواصم الأوروبية[12].

كما هدد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية، إذا لم تشتر الدول الأعضاء فيه المزيد من النفط والغاز الأميركيين[13]. هذه الخلافات وغيرها تشي بصعوبة ذهاب حلف الناتو في حرب مفتوحة مع روسيا وحلفائها، أقله على المدى المنظور.

ترتيبات الجانب الأميركي للتصدي للحوثيين

بشأن الترتيبات الأميركية الجارية والمرتقبة لمواجهة الحوثيين فقد نحت باتجاهين: الأول توجيه مزيد من الضربات العسكرية لبعض المواقع الحيوية الحوثية آخرها تنفيذ القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) في 22 ديسمبر/كانون الأول 2024 غارات جوية على منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة للقيادة والسيطرة يديرها الحوثيون في العاصمة صنعاء[14]. وقبلها استهداف وزارة الدفاع في قلب العاصمة صنعاء يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2024[15]، وقبله بيومين قصف أميركي بريطاني استهدف محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر غربي اليمن، بعد توقف قرابة نصف شهر[16]. أما الثاني فيتجه نحو ممارسة ضغوط وإجراءات عقابية سياسية واقتصادية على الحوثيين منها:

1- دراسة إمكانية إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية[17].

2- وقف تدفق الأسلحة القادمة للحوثيين من إيران للحد من الهجمات التجارية واستهداف المصالح الغربية[17].

3-مطالبة الولايات المتحدة العراق إغلاق مكتب الحوثيين وطرد قياداتهم[19]، وهناك أنباء عن طلب مماثل من سلطنة عُمان.

4- أدرجت وزارة الخزانة الأميركية، اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للحوثيين ورئيسها عبدالقادر المرتضى، في قائمة العقوبات بموجب الأمر التنفيذي 13818 المتعلق بمنتهكي حقوق الإنسان[20].

5-أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول 2024، فرض عقوبات على عشرات الأفراد والكيانات وشركات الصرافة لدورهم في "الاتجار بالأسلحة وغسل الأموال وشحن النفط الإيراني غير المشروع لصالح الحوثيين"[21].

6- وتتضمن العقوبات، المنتظر إجراؤها، إيقاف الرمز الدولي الخاص باليمن في مناطق سيطرة الحوثيين، وهو مفتاح خط الاتصال الدولي (00967)، ما يعني ذلك عزل الحوثيين للتواصل والاتصال مع العالم[22].

7- كما تشتمل العقوبات وقف البوابة الإلكترونية (Portal) الدولية الخاصة بمنافذ الإنترنت، ووقف "السويفت" المصرفي عن البنوك التابعة للحوثيين، ووقف الرمز البريدي والملاحة البريدي[23].

ولن يتوقف الأمر كما يبدو عند ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية أو الضربات الجوية محدودة التأثير بل من المتوقع أن يأخذ تحركا ميدانيا من خلال منح الضوء الأخضر للتحالف العربي وشركائه للقيام بعمل عسكري محدود ضد الحوثيين، وفي هذا السياق قالت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، في تحليل لها: إن الغرب لن يسمح لمجموعة صغيرة إرهابية في اليمن بتعطيل التجارة البحرية العالمية بشكل كامل، في الوقت الذي تترنح فيه إيران وتفقد سوريا، مضيفة القول، "ومع تجريد إيران من قوتها بشكل حاد، قد تكون السعودية والإمارات وقطر وعمان ومصر والأردن على استعداد لتوفير قوة برية مشتركة للعمليات في اليمن ضد الحوثيين"[24].

ووفق تقرير لمجلة «The Maritime Executive» الأميركية فقد تتوسع وتتكثف الهجمات الجوية على اليمن، أو قد تستأنف الفصائل داخل اليمن، مثل قوات المقاومة الوطنية المدعومة من الإمارات بقيادة طارق صالح، الحرب لأنها حريصة على القيام بذلك.

وطبقا للتقرير "فإن ما سيحدث في اليمن في عام 2025 غير مؤكد، ولكن من الواضح أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر لمدة عام آخر"، لافتا "إما أن يتم تقسيم اليمن بين الفصائل الحالية، كل منها مدفوع براعيها الأجنبي الخاص، أو سيحدد اليمنيون مستقبلهم السياسي من خلال حل خلافاتهم فيما بينهم"[25]. 

ترتيبات الحكومة الشرعية للتصدي للحوثيين

الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا تحاول اغتنام الفرصة المواتية لتضييق الخناق على الحوثيين المعزولين دوليا والذين باتوا أكثر عزلة نتيجة استعدائهم القوى الدولية في البحر الأحمر وانخراطهم في حرب غزة، وحددت الشرعية بوضوح مطالبها من حلفائها الأميركيين بشأن التعامل مع التهديدات الحوثية، حيث طرح السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي في مداخلة له أمام مجلس الشيوخ الأميركي، ثلاثة تدابير للإستراتيجية الأميركية للتعامل مع الحوثيين في اليمن، تتمثل في: (1) إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية مثل تصنيف الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، (2) دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة،(3)استهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي[26].

وتستبعد الحكومة اليمنية إمكان تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم وتتحرك مع شركائها الدوليين والإقليميين لحشد التأييد لإسقاط الحوثيين، وبحث رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي وأعضاء المجلس، مع سفراء الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا والسعودية والإمارات، ومع قائد القوات المشتركة للتحالف السعودي الإماراتي الفريق الركن فهد بن حمد السلمان، التطورات الميدانية في اليمن وتعزيز الأهداف المشتركة[27].

واطلع مجلس القيادة الرئاسي، يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 2024، على تقرير من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، حول الموقف العسكري، وجهوزية القوات المسلحة في مختلف الجبهات، في التصدي للمليشيات الحوثية[28] في سياق تحضيرات الحكومة الشرعية-وفق مراقبين- لمعركة قادمة مع جماعة الحوثي.

كما أعلن طارق محمد صالح، عضو المجلس الرئاسي، رفع الجاهزية لمواجهة الحوثيين عسكريا وقال إنه "يجب إسقاط جماعة الحوثي بالقوة المسلحة. مضيفا: لا بد أن تشهد صنعاء ما شهدته دمشق، التي عادت إلى حاضنتها العربية بعد أن أسقط الشعب السوري وصاية النظام الإيراني إلى الأبد"[29].

من جانبها أعلنت القوات المسلحة اليمنية، أنها على أتم الجاهزية لخوض معركة الخلاص من مليشيا الحوثي التي تعيش حالة من الإرباك والضعف جراء تهاوي المشروع الإيراني في المنطقة[30].

وكشف الخبير العسكري العميد محمد عبدالله الكميم أن المناقشات الجارية في الرياض تتركز حول مرحلة اليمن ما بعد مليشيا الحوثي الإرهابية، مؤكدا أنه لا مكان للحوثيين في مستقبل البلاد، وأوضح أن النقاشات تتناول ترتيبات المرحلة الانتقالية، بما في ذلك تحقيق السلام بين جميع الأطراف[31].

بيد أن المثير للدهشة أن تأتي إسرائيل من مسافة 2000كم لتحارب الحوثي في اليمن، وتأتي الولايات المتحدة وبريطانيا كذلك من أعالي البحار لتقاتل الحوثي في اليمن، فيما قوات الشرعية اليمنية المرابطة على مرمى حجر من قوات الحوثي يُحظر عليها التقدم خطوة واحدة صوب معاقل الحوثيين في صنعاء وصعدة والحديدة، فما معنى ذلك؟

يفضل اللاعبون الدوليون مواجهة الحوثيين بأنفسهم وعدم السماح لقوات الشرعية بالزحف على معاقلهم كونهم ليسوا في وارد إنهاء وجودهم بل تأديبهم والحد من قدراتهم، وإذا سُمح لقوات الشرعية بالتقدم فسيكون ضمن نطاق محدود، فاللاعبون الكبار يرغبون في استمرار لعبتهم بما يخدم مصالحهم المرتبطة بالأطراف كافة الموالية والمناوئة معا.

موقف الحوثيين

لا تخفي مليشيا الحوثي مخاوفها من التصعيد ضدها وتعترف بأنها تمر بمرحلة خطيرة بالتزامن مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. جاء ذلك على لسان القيادي عبد الكريم الحوثي، وزير داخلية الانقلاب، خلال اجتماع مع قيادات المليشيا الأمنية مطالبا برفع اليقظة والشعور بالمسؤولية لإفشال ما أسماها المؤامرات الخبيثة التي تحاك ضدهم[32].

فيما خرج زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي عقب الغارات الإسرائيلية على صنعاء فجر الخميس 19 ديسمبر/كانون الأول 2024، في خطاب قال فيه "نحن على مستوى الموقف مستمرون في التصعيد، ولا نأبه بما يقوم به الأعداء، فنحن في حالة حرب معهم ومواجهة مفتوحة معهم. مبينا أنه منذ بداية الإسناد للشعب الفلسطيني وإلى اليوم تم القصف بـ 1147 صاروخا باليستيا ومجنحا وطائرة مسيرة مع عمليات البحرية بالزوارق الحربية. وتم استهداف 211 سفينة مرتبطة بالأعداء"[33].

وقال الحوثي في خطاب متلفز للتعليق على تداعيات سقوط نظام الأسد: إنهم سيتصدون لأي تحرك، وقد أعدوا له برا وبحرا وجوا وجندوا مئات الآلاف من الشعب”[34].

إذن فالموقف الحوثي الرسمي حدده بوضوح زعيم الجماعة وهو الدخول في حرب مفتوحة مع الولايات المتحدة وحلفائها ومواصلة الهجمات البحرية على السفن المرتبطة بالاحتلال والولايات المتحدة وبريطانيا، وبالهجمات على عمق الأراضي المحتلة. وهو موقف يهدف بالأساس إلى كسب الشارع اليمني واستمالته ليلتف حول المشروع الحوثي ويدافع عنه بصفته أضحى الحامل لقضايا الأمة والمدافع عنها.

ولأن الحوثي يفتقر لمشروع وطني مُقنع قادر على توحيد اليمنيين فهو يهرب إلى مشروع بديل عابر للحدود من خلال الاستمرار في لعبة الموت لأميركا وإسرائيل. ويؤمل الحوثي أن يملأ الفراغ الحاصل فيما يسمى محور المقاومة بعد هزيمته في لبنان، ليحل مقام نصر الله كقائد وتحل جماعته مقام حزب الله كمقاومة، والهدف إحراز مكاسب في الداخل اليمني. إنه يشدّ القوس للخارج لينطلق السهم للداخل.

وفي الوقت الذي يحاول الحوثي الظهور قويا ومتحديا للقوى الدولية والإقليمية، تعمل جماعته على عدد من المسارات الداخلية والخارجية في محاولة احتواء الوضع المتأزم الذي تعيشه الجماعة، وسنبدأ بالمسارات على الصعيد الخارجي وهي ثلاثة[35].

المسار الأول: عدم الانحناء أو إظهار الضعف تجاه التصعيد الغربي وتجاوز الأزمة السورية.

المسار الثاني: التواصل عبر القنوات الخلفية مع سلطنة عُمان والسعودية لفتح خط مع الولايات المتحدة لبحث كيف يمكن الوصول إلى اتفاق.

المسار الثالث: الاندفاع نحو اتفاقات تمهيدية برعاية الأمم المتحدة.

في المسار الأول توعد الحوثيون بمواصلة الهجمات البحرية على السفن المرتبطة بالاحتلال والولايات المتحدة وبريطانيا، وبالهجمات على عمق الأراضي المحتلة. ولم يتأخر الرد فقد أعلن الحوثيون (الجمعة 20 ديسمبر) عن تنفيذ عمليتين عسكريتين بعدد من الطائرات المسيرة ضد أهداف للعدو الإسرائيلي، إحداها بالاشتراك مع المقاومة الإسلامية في العراق[36].

ومع بزوع فجر يوم السبت 21 ديسمبر كان الحوثيون قد أطلقوا صاروخا باليستيا على يافا المحتلة (تل أبيب)، حيث أعلنت القوات المسلحة اليمنية، في بيان رسمي، عن استهداف هدف عسكري للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة بصاروخ فرط صوتي نوع فلسطين2، ولم تنجح الدفاعات والمنظومات الاعتراضية في التصدي له[37].

وقالت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية إن الجيش يحقق في سبب الفشل باعتراض الصاروخ اليمني الذي انفجر بتل أبيب وخلف 30 مصابا[38]. وتوالت الضربات الحوثية في استهداف الكيان الإسرائيلي، ففي 24 ديسمبر أعلن الحوثيون عن تنفيذ عملية ضد هدف عسكري للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع فلسطين2[39].

وفي 25 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلنت جماعة الحوثي مجددا، استهداف هدف عسكري للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي[40]. وهدد عضو المجلس السياسي للجماعة محمد علي الحوثي باستهداف المصالح الأميركية "بلا خطوط حمراء" في الشرق الأوسط، إذا استمر استهدافها لليمن[41].

وفي المسار الثاني والثالث أعلنت جماعة الحوثي استعدادها لتوقيع خارطة الطريق فوراً (مع السعودية) لبدء تسوية سياسية في اليمن[42]، كما أعلنت موافقتها على اتفاق اقتصادي مع الحكومة المعترف بها دوليا تحت رعاية الأمم المتحدة يضمن تسليم رواتب الموظفين الحكوميين بانتظام وحل المشكلات الاقتصادية والمالية في البنك المركزي المنقسم في البلاد، وتشكيل لجنة تسوية لرفع الحظر عن تصدير النفط والغاز[43]

أما على الصعيد الداخلي فقد سارت التحركات الحوثية في مسارين اثنين:

المسار الأول: مسار مهادن ومتصالح مع القوى المجتمعية الأكثر تأثيرا بغية تحييدها وقطع الطريق عليها للقيام بأي دور قد يتسبب في انفجار الوضع الداخلي، من ذلك[44]

1. التواصل مع كثير من مشايخ اليمن، وضخ ملايين الريالات لهم عبر عبد الكريم الحوثي وزير داخلية الانقلاب.

2. مواصلة الضغوط على قيادة المؤتمر في صنعاء، للقبول بالدخول معهم في شراكة في الحكومة، وحتى الآن لم يُقبل عرضهم.

3. إطلاق وعود بدفع رواتب 6 شهور لموظفي الدولة، والاتفاق على انتظام صرف نصف راتب من بداية العام الجديد.

المسار الثاني: مسار متوحش ومتغطرس ينال الكثير من فئات الشعب ويعاملها بقسوة لإخماد أي تمرد وإسكات أية أصوات مطالبة بالحقوق، حيث شن الحوثيون حملة اختطافات في أمانة العاصمة صنعاء (شمالا) وإب (وسط اليمن)، وفي محافظة تعز جنوبا، وذلك في ظل حالة الذعر التي تعيشها الجماعة[45]. في الوقت الذي دفعت بعدد من التعزيزات العسكرية (عتاد وأفراد) إلى عدد من الجبهات المحادة بين محافظتي البيضاء (وسط) ولحج (جنوبي اليمن)[46].

وبحسب مصادر صحفية لجأت مليشيا الحوثي إلى تجميع عناصر إرهابية من تنظيمي القاعدة وداعش بعد إطلاق سراحهم من السجون الخاضعة لسيطرتها في سياق استعدادها لتسليم تلك العناصر المتطرفة بعض المناطق بهدف تنفيذ عمليات عدائية ضد المحافظات المحررة[47].

غير أن تلك الإجراءات لم تمنع بعض القبائل اليمنية مثل قبائل بني مطر (صنعاء) وقبائل رداع (البيضاء) وقبال إب من كسر القيود الحوثية والاعتصام في الشوارع للمطالبة بحل مشاكلها العالقة مع جماعة الحوثيين، وهو ما يشي ببوادر تمرد قبلي يلوح في الأفق.

من جانب آخر، وفي إطار الترتيبات الداخلية أفادت المصادر بأن قيادة الجماعة الحوثية تجري حاليا نقاشات داخلية عالية المستوى حول اختيار "قائد بديل" للجماعة يمكن تنصيبه في حال تعرض زعيمها لأي استهداف[48]. وبعد تحذيرات إسرائيلية، أكدت مصادر إعلامية خروج العشرات من قيادات الحوثي السياسية والعسكرية من صنعاء إلى مناطق في صعدة وحجة وعمران والحديدة واختفائها تماما من صنعاء أخيرا.[49]

الحوثيون.. التحديات وفرص البقاء

يمر الحوثيون اليوم بأخطر مراحلهم التاريخية ويواجهون في الوقت الحالي ثلاثة تهديدات حقيقية يمكن أن تزعزع كيانهم وتحجّم دورهم ونفوذهم لكنها لم تصل بعد إلى مرحلة الاستئصال وهي:

التهديد الأول: تهديد خارجي يتمثل في الضربات الانتقامية لكل من إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، وهي ضربات تستهدف في الوقت الراهن البُنى التحية للحوثيين ولليمن ككل، ومن المتوقع أن تنال لاحقا قيادات حوثية كما حدث لحزب الله.

فقد كشف مصدر لهيئة البث الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي يدرس شن هجوم واسع على الحوثيين في اليمن[50]. لكن من غير المرجح أن تتطور إلى حرب شاملة تجتث الحوثيين لأنه لا مؤشرات فعلية تنبئ بأن قرار إسقاط الحوثيين قد تم اتخاذه من قبل تلك الأطراف التي لا تزال مترددة في إعلان حرب شاملة على إيران وأذرعها في المنطقة لحسابات إستراتيجية خاصة بها. وما نرجحه أن تعمل تلك الأطراف وفق مبدأ "هزيمة الحوثيين لا إسقاطهم".

في المقابل، فقد استنفرت جماعة الحوثي جهدها منذ وقت مبكر في إعادة تعبئة قدراتها وقواتها ومخابئ قادتها، وأجرت تحديثات شاملة لأنظمة الأمن والاحترازات وتكتيكات الانتشار والتوزيع، وآليات تمركز القيادة والعمليات، هروبا من الهجمات الأميركية والبريطانية، والهجمات الإسرائيلية، التي تستهدف الجماعة منذ يناير/كانون الثاني 2024، ومثلت الهدنة الأممية الهشة فرصة ذهبية أمام الحوثيين لينصرفوا نحو تطوير قدراتهم العسكرية لتوفير ملاذات آمنة لقيادة الجماعة وأنشطتها وتخزين الأسلحة والذخائر النوعية وتأمين مراكز التصنيع الحربي وورش تجميع الصواريخ والطائرات غير المأهولة وذلك في إطار استعدادات الجماعة لحروب طويلة الأمد، وتحسبا لهجمات متوقعة.

وقامت الجماعة بتوزيع القواعد العسكرية على مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها، مع التركيز على محافظة صعدة بدرجة رئيسة، والمحافظات الجبلية المجاورة، عمران وحجة، لتحديث وبناء قواعد سرية كبيرة وشبكات كثيرة من الطرق، ثم العاصمة صنعاء والمرتفعات المحيطة بها، وكذلك محافظة الحديدة والمرتفعات الغربية المطلة على البحر الأحمر[51].

التهديد الثاني: تهديد داخلي يتمثل في قوات الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف السعودي-الإماراتي والتي تتحين الفرصة للانقضاض على الحوثيين واجتثاثهم وتنتظر الضوء الأخضر الخارجي كون قرار إسقاط العاصمة والحوثيين ليس بيدها بل بيد التحالف السعودي الإماراتي والذي بدوره يأخذ قراره من الراعي الأميركي البريطاني، وهؤلاء لم يقرروا بعد إنهاء سلطة الحوثيين لأسباب ومصالح تخصهم.

في حين يخشى التحالف السعودي أن يصبح عرضة لصواريخ الحوثيين ومسيّراتهم التي باتت تصل تل أبيب وبمقدورها الوصول إلى الرياض وأبو ظبي بسهولة. كما أن واقع تجربة عاصفة الحزم طيلة عشر سنوات والتي لا تزال تراوح مكانها، وكثرة خطوطها الحمراء التي وضعتها أمام تقدم الجيش اليمني تشي بأن لدى تحالف دعم الشرعية في اليمن مشروعا آخر لا يتطابق بالضرورة ومشروع الحكومة الشرعية.

وفي هذا الإطار، قال معهد أميركي إن السعودية والإمارات لا تريدان العودة إلى الحرب في اليمن، الذي يشهد صراعا منذ 10 سنوات، رغم التغيرات في المنطقة وسوريا[52].

التهديد الثالث: تهديد داخلي كذلك يتمثل في احتمال انفجار الشارع أو نشوب تمرد قبلي مسلح نتيجة الضغوط الحوثية المتزايدة وممارساتهم القمعية، فالحوثيون لم يقدموا نموذج دولة بل ظلوا يمارسون السلطة كعصابة.

والواقع أن هذا التهديد هو الأشد خطورة على الحوثيين، لجهة امتلاك الشعب اليمني للسلاح وبلوغ حالة الاحتقان والغليان الشعبي ذروته. وقد حاولت بعض القبائل من قبل، في حجة شمال غربي اليمن وذمار (وسط) والبيضاء (جنوب شرقي صنعاء) التصدي للحوثيين ومواجهة عسفهم وجبروتهم ولكنها خُذلت من الشرعية التي بقيت متفرجة ولم تمد لها يد المساعدة، وهذا ما يجعل القبائل اليوم مترددة وحذرة من فتح مواجهات مسلحة مع جماعة الحوثي.

على أن البعض قد يراهن على نشوب خلافات في أوساط الجماعة تزعزع صفوفها من الداخل، وهو وارد ولا ريب لكن لا يمكن التعويل عليه لبلوغ التغيير المنشود، فإيران تلعب دورا كبيرا في تنظيم عمل الجماعة واختيار قادتها والتغلب على خلافاتها الداخلية.

ويبقى الاحتمال الأرجح بالنسبة للفاعلين الدوليين الإبقاء على سلطة الحوثيين، وإن على المدى المنظور، ولكن بدرجة أقل مما في السابق، هشة وضعيفة ومطاوعة، حتى تنضج بوجودهم شروط تقسيم اليمن وتقاسمه، ويظلوا من جهة أخرى شوكة في الخاصرة السعودية والعربية ككل، وورقة مساومة وابتزاز لتمرير السياسات الغربية في المنطقة.

فرعاية حركات تمرد (شيعية) في البلاد العربية وتمكينها من السلطة لا يحول دون تطورها وحسب ولحاقها بركب التقدم بل يصنع كذلك حواجز سياسية وأيديولوجية أمام مشروع الوحدة العربية ويعيق تقدمه، ويحول دون انعتاق شعوب المنطقة من ربقة الأنظمة المستبدة التي تدور في فلك الغرب.

الخاتمة

يواجه الحوثيون تهديدا مصيريا خارجيا وداخليا، من قبل أطراف دولية وإقليمية ومحلية تريد تصفية حساباتها معهم، ولكل أجندته الخاصة، واختلاف الأجندات هذا يؤجل قرار إسقاطهم ويمنحهم وقتا أطول في السلطة، صحيح أن هنالك تأهبا محليا وجاهزية عسكرية للانقضاض على الجماعة، إلى جانب تواصل الضربات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية للأهداف الحوثية على امتداد اليمن لكن ذلك لن يغير شيئا في معادلة الصراع الذي سيبقى في دائرة الاستنزاف محليا وفي دائرة الردع خارجيا.

الحوثيون استعدوا بشكل أفضل لمواجهة طويلة الأمد مع أميركا وحلفائها، وقوات الشرعية قد يُسمح لها بخوض مواجهات محدودة معهم لتفريغ غضبها المحتقن لكن دون السماح بإحراز مكاسب على الأرض.

لا يزال الحوثيون يمتلكون فرصة أخرى للبقاء قد تطول وقد تقصر لكنها مواتية لهم على أية حال، فتعدد اللاعبين في الملف اليمني وصراع المصالح بينهم، وارتهان الإرادة والقرار اليمني للخارج، وغياب أي قيادة محلية في الداخل قادرة على تنسيق جهود اليمنيين صوب التحرر، وتماسك الحوثيين حتى اللحظة وتطوّر قدراتهم تباعا، ومقدرتهم على نسج علاقات خارجية مع دول مناوئة لخصومهم، وتحوّلهم إلى لاعب إقليمي يمتلك القوة والجرأة التي يفتقدها الطرف الشرعي، كل ذلك يؤجل إلى حين مسألة سقوطهم. وعندما تزول تلك الأسباب فسيزولون.

المصادر

[1] يحيى الحوثي للعربية. نت: حرب صعدة حصدت 25 ألفا من الجيش اليمني، العربية نت- 03 ديسمبر 2005

     على الرابط: https://2u.pw/sefZZWhI

[2] انظر نص اتفاق السلم والشراكة الوطنية لإنهاء الأزمة في اليمن. على الجزيرة نت-22سبتمبر 2014.

       على الرابط: https://2u.pw/tjdHHT1f

[3] انظر نص القرار الدولي رقم (2216) بشأن اليمن على موقع الأمم المتحدة على الرابط:

             على الرابط: https://2u.pw/2guYYmj3

[4] انظر تقرير فريق الخبراء الدوليين المعني باليمن لعام 2024 والذي يؤكد أن الحوثيين يجنون ما يقارب من (180) مليون دولار شهريا كرسوم عبور من السفن التي تُدْفع مقابل عدم استهدافها- موقع الأمم المتحدة على الرابط:

                 https://2u.pw/cD1KCszU

[5] محاربة إسرائيل تعزز شعبية الحوثيين في الداخل. الموقع بوست - ترجمة خاصة -24 ديسمبر, 2024

         على الرابط: https://almawqeapost.net/news/104706

[6] تقرير: روسيا ساعدت الحوثيين في استهداف سفن بالبحر الأحمر، الحرة -25 أكتوبر 2024

          على الرابط: https://2u.pw/U9EekUoq

[7] مصدر يكشف لـ CNN عن محادثات روسيا مع الحوثيين بشأن الأسلحة. سي. إن. إن عربي -27 سبتمبر / أيلول 2024

           على الرابط: https://2u.pw/YdcBVkFz

[8] ردا على دعم أوكرانيا.. روسيا تخطط لتسليح الحوثيين. العربية نت-: 19 يوليو ,2024.

           على الرابط: https://2u.pw/il7kEuVk

[9] خبراء: روسيا قد تتدخل في أزمة البحر الأحمر وتقدم دعما للحوثيين - مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية

              مركز صنعاء للدراسات الإسترتيجية-29 أغسطس، 2024. على الرابط:

               https://sanaacenter.org/ar/publications-all/news-ar/23364

[10] المصدر السابق

[11] رسالة تحذير إسرائيلية للحوثي.. "سنؤذيكم أضعافا مضاعفة"، الحدث نت - 19 ديسمبر 2024، على الرابط:

                            https://2u.pw/CMV03qg7

[12] ترامب يريد من أوروبا زيادة الإنفاق الدفاعي للناتو إلى 5%، العربية نت-20 ديسمبر 2024.

                       https://2u.pw/RaDpeM8t

[13] ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية، صحيفة الرياض- 20 ديسمبر 2024.

                      https://www.alriyadh.com/2109834

[14] الحوثيون يكشفون خسائر الغارات الإسرائيلية على موانئ الحديدة. الجزيرة نت -22/12/2024

           على الرابط: https://2u.pw/SaHf423k

[15] الجيش الأميركي يعلن قصف منشأة قيادة وسيطرة تابعة للحوثيين. الجزيرة نت-17 ديسمبر 2024، على الرابط:

 https://2u.pw/1J6qSATK                                

[16] الأول منذ 15 يوما.. قصف أميركي بريطاني يستهدف الحديدة باليمن. الجزيرة نت-15ديسمبر 2024، الرابط:

                             https://2u.pw/Isc2spsN

[17] واشنطن تدرس إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية. يمن مونيتور-17 ديسمبر، 2024

                             https://2u.pw/cDCGNkqn

[18] قائد الأسطول الأميركي يقول إن وقف تدفق الأسلحة للحوثيين مفتاح لوقف الهجمات التجارية.

           يمن مونيتور-17 ديسمبر، 2024، على الرابط:

                           https://2u.pw/0bdyLs5j

[19] حصري- الولايات المتحدة تطالب العراق بإغلاق مكتب الحوثيين وطرد قياداتهم

               يمن مونيتور-16 ديسمبر، 2024، على الرابط: https://2u.pw/EKxpXelu

[20] انظر المصدر أونلاين- ٠٩ ديسمبر ٢٠٢٤، على الرابط:

         https://almasdaronline.com/articles/307237

[21] بينهم محافظ مركزي صنعاء.. عقوبات أميركية جديدة على قيادات وكيانات حوثية، يمن مونيتور- 19 ديسمبر، 2024

                     https://2u.pw/UOKrq9ZN

[22]،[23] إيقاف السويفت عن بنوك صنعاء ومفتاح خط الاتصال الدولي.. عقوبات دولية تهز الحوثيين

        نيوز لاين -9/12/2024، على الرابط: https://newsline-ye.com/news106051.html

[24] تحليل أميركي يحدد الخيارات العسكرية للتخلص من الحوثيين. الموقع بوست – (ترجمة خاصة) 

             14 ديسمبر 2024، على الرابط: https://almawqeapost.net/news/104421

[25] عواقب وخيمة لاستمرار عناد الحوثيين.. يمن شباب نت - ترجمة خاصة-17 ديسمبر, 2024

        على الرابط: https://2u.pw/BUAPGfgP

[26] مصادر دفاعية لـ"ديفانس لاين": ضربات مرتقبة تستهدف قدرات وقادة جماعة الحوثي

         ديفانس لاين- 14 ديسمبر 2024، الرابط: https://defenseliney.com/posts/154

[27] بالتزامن مع حراك دبلوماسي في الرياض... بلقيس نت -18/12/2024، الرابط: https://2u.pw/exOj6ZHI   

[28] مجلس القيادة الرئاسي يوجه بإصلاحات شاملة لتحسين كفاءة مؤسسات الدولة. وكالة سبأ الشرعية- 24-12-2024

           على الرابط: https://www.sabanew.net/story/ar/122271

[29] مؤشرات المعركة الفاصلة.. طارق يرفع الجاهزية والحوثي يحشد. الأول- 14 ديسمبر, 2024 

            على الرابط: https://al-awal.net/16868

[30] انظر موقع يمن شباب نت-14 ديسمبر, 2024، الرابط: https://2u.pw/sRihaVog

[31] خبير عسكري يكشف ما جرى مناقشته في الرياض ويؤكد أن مرحلة الحوثي انتهت

        عدن الغد - 17 ديسمبر 2024، الرابط: https://www.adengad.net/news/777669

[32] مليشيا الحوثي تقرّ بأنها تمر بمرحلة خطيرة. بلقيس نت-16/12/2024. 

           على الرابط: https://2u.pw/SQauH39B

[33] قائد الثورة: العدوان الإسرائيلي على بلدنا لن يثنينا عن موقفنا المناصر لفلسطين ومستعدون لمواجهة أي 

           مستوى من التصعيد. وكالة سبأ (الحوثية):19 ديسمبر 2024، على الرابط:

          https://www.saba.ye/ar/news3411670.htm

[34] كيف واجه الحوثيون مخاوف سيناريو مشابه لسوريا في مناطق سيطرتهم؟ يمن مونيتور-14 ديسمبر، 2024

           https://2u.pw/KBUanUQz

[35] حصري- الحوثيون يتحفزون لمواجهة زلزال سقوط الأسد السوري بتقديم التنازلات للخارج

            يمن مونيتور- 12 ديسمبر، 2024- https://2u.pw/xxWaK7ic

[36] القوات المسلحة تنفذ عمليتين ضد أهداف للعدو الإسرائيلي إحداها بالاشتراك مع المقاومة الإسلامية في العراق

        وكالة سبأ (الحوثية)، 20 ديسمبر 2024، على الرابط: https://www.saba.ye/ar/news3411867.htm

[37] القوات المسلحة تستهدف هدفا عسكريا للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة. وكالة سبأ (الحوثية)- 21 ديسمبر 2024

                     على الرابط: https://www.saba.ye/ar/news3412108.htm

[38] صاروخ يمني يصيب 30 إسرائيليا والجيش يحقق في فشل الاعتراض. الجزيرة نت-21 ديسمبر 2024

                                على الرابط: https://2u.pw/u88zMDyW

[39] القوات المسلحة تستهدف هدفا عسكريا للعدو الإسرائيلي بصاروخ فرط صوتي. وكالة سبأ 0الحوثية) 24 ديسمبر 2024

             على الرابط: https://www.saba.ye/ar/news3413681.htm

[40] القوة الصاروخية تستهدف هدفا عسكريا للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة. سبأ:(الحوثية) 25 ديسمبر 2024

           على الرابط: https://www.saba.ye/ar/news3414038.htm

[41] إسرائيل تدرس شن هجوم رابع على اليمن بعد استهدافها بصاروخ حوثي. الجزيرة نت 25 ديسمبر 2024

              على الرابط: https://2u.pw/6iSVR8Z1

[42] الحوثيون: مستعدون لتوقيع خارطة الطريق فورا. يمن مونيتور- 18 ديسمبر، 2024، الرابط: https://2u.pw/r3es65J9                            

[43] الحوثيون يتحفزون لمواجهة زلزال سقوط الأسد السوري بتقديم التنازلات للخارج

                 يمن مونيتور- 12 ديسمبر، 2024، الرابط: https://2u.pw/xxWaK7ic

[44] انظر صفحة السفير السابق عبد الوهاب طواف على منصة اكس. الرابط: https://2u.pw/iGEwiDIB

[45] ذعر ما بعد سقوط الأسد.. جماعة الحوثي تشن حملة اختطافات بصنعاء وإب- العربية. نت- على الرابط:

https://2u.pw/krBbUZWa                                                   

[46] مليشيا الحوثي تدفع بتعزيزات عسكرية إلى الجبهات المحادة بين البيضاء ولحج، يمن شباب نت ـ 18 ديسمبر, 2024،

                                  على الرابط:  https://2u.pw/a21s2zm7

[47] كشف مخطط حوثي خطير يستهدف هذه المحافظات.. نفذته إيران بالعراق وسوريا سابقا، نيوز لاين، 21ديسمبر2024

                     على الرابط: https://newsline-ye.com/news106558.html

[48] الحكومة اليمنية تطالب بضرب القيادة الحوثية ودعم تحرير الحديدة. ديفانس لاين- 14 ديسمبر 2024

                                على الرابط: https://defenseliney.com/posts/154

[49] خوفا من الاستهداف.. خروج قيادات حوثية من صنعاء. العربية نت-21-12-2024. على الرابط: 

                        https://2u.pw/uvMQuR7O

[50] إسرائيل تخطط لهجوم واسع.. والحوثي "سنضرب بلا خطوط حمراء". العربية نت-21-12-2024

          على الرابط: https://2u.pw/pXDqtPHd

[51] يفرون إلى الكهوف والتعسكر تحت الأرض. ديفانس لاين- 20 ديسمبر 2024

                                على الرابط:  https://defenseliney.com/posts/158

[52] رغم انحسار محور إيران.. معهد أميركي: السعودية والإمارات لا ترغبان في عودة الحرب باليمن (ترجمة خاصة)

               الموقع بوست - ترجمة خاصة -20 ديسمبر, 2024، https://almawqeapost.net/news/104598