أبوعلي الحاكم.. معلّم ابتدائي هارب من السجن يقود عمليات الحوثي السرية

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

"سجين سابق، معلّم ابتدائي، قائد عسكري"، ألقاب تطلق على القيادي الحوثي عبدالله يحيى، المعروف إعلاميا بـ"أبوعلي الحاكم"، والذي يحمل حاليا رتبة لواء ركن، ويشغل منصب رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية لدى حكومة الحوثيين (غير معترف بها دوليا) في صنعاء.

"أبوعلي الحاكم" يُعد الرجل الثاني في قيادة الجماعة اليمنية المدعومة من إيران، بعد زعيمها عبدالملك الحوثي، فهو ينخرط في جميع الملفات الإستراتيجية للمليشيا التي انقلبت على الشرعية في عام 2014، وسيطرت على العاصمة صنعاء ومعظم مدن شمال اليمن.

غياب لافت

لم يرد أي ذكر لعبدالله يحيى الحاكم في أي من بيانات الحوثيين في الأحداث الأخيرة التي شهدها البحر الأحمر، بعد الهجمات التي شنتها مليشيا الحوثي على الملاحة البحرية في ديسمبر/كانون الأول 2023، والتي ردت عليها بريطانيا والولايات المتحدة بسلسلة من الضربات الجوية.

وبحسب تقرير لمجلة "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية، نشرته في 26 يناير/كانون الثاني 2024، فإن الحاكم غائب عن بيانات الحوثيين منذ هجمات البحر الأحمر، رغم أنه الرئيس الفعلي لهيئة الاستخبارات والاستطلاع التابعة للمليشيا وقائد عملياتها السرية الخارجية.

ولفتت المجلة المعنية بالشؤون الاستخباراتية إلى أن الحاكم المعروف أيضا باسمه الحركي "أبوعلي"، واحد من المتشددين في المليشيا اليمنية الذين لا يتنازلون لـ"أعدائهم" حتى عندما يناقش زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي مسألة ما إذا كانوا سيواصلون عملياتهم في البحر الأحمر. 

وتعتقد الولايات المتحدة أن عبدالله يحيى الحاكم يقف وراء الهجمات التي شنتها المليشيا على السعودية عبر الزوارق والطائرات المسيرة والصواريخ، وأن "أبوعلي" من قدامى المنتسبين للحوثيين، وهو المسؤول عن عملياتها الخارجية. 

وأفادت المجلة الفرنسية بأن الحاكم قد تحدث علنا في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 عن إعداد 10 آلاف مقاتل تحت قيادته لخوض مواجهة بحرية واسعة النطاق في البحر الأحمر ضد التحالف (العسكري) الذي تقوده السعودية في اليمن منذ عام 2015.

لكن صحيفة "الوطن" السعودية، كانت قد تحدثت في 12 سبتمبر/ أيلول 2023، أن "هناك غليانا كبيرا في صفوف ما يسمى المخابرات الحوثية، التي يقودها شكليا أبوعلي الحاكم، ومن أبرز أوجه التحديات التي تواجه الأخير، هو خلاف خفي بينه وبين القيادي محمد علي الحوثي".

وذكرت الصحيفة نقلا عن مصدر قالت إنه عسكري يمني (لم تكشف هويته)، أن "الخلاف بين محمد علي الحوثي، وعبدالله الحاكم، على خلفية تعيين الأخير برتبة لواء في الاستخبارات، وبعد ذلك تمت ترضية الأول بتعيينه عضوا في المجلس السياسي (أعلى سلطة للحوثيين)، ولم يكن مرضيا له".

وأشارت إلى أن "الحاكم يواجه تهديدات من بعض القيادات العسكرية في قطاع ما يسمى الاستخبارات الحوثية، حيث ينتقدون قرارات تصدر ضدهم باسمه وتوقيعه، وهناك جانب آخر من الموظفين بالمخابرات يرى عدم أهلية الأخير لقيادتهم ومنحه رتبة عليا دون أحقية".

"مطلوب عالمي"

أدرج اسم عبدالله يحيى الحاكم في قائمة العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، إضافة إلى رئيس اليمن السابق علي عبدالله صالح، والقيادي عبدالخالق الحوثي، لتهديدهم السلام والاستقرار في اليمن.

وشملت لائحة الاتهامات من مجلس الأمن ضد الحاكم ومن معه، أنهم استخدموا العنف لتقويض العملية السياسية وعرقلة تنفيذ عملية الانتقال السياسي في اليمن، وتهدف العقوبات لوضعهم في قائمة المنع من السفر إضافة إلى تجميد أصولهم المالية.

وقد أُدرج اسم عبدالله الحاكم على قائمة الولايات المتحدة للإرهاب العالمي، فيما لم يكن الحوثيون مدرجين على تلك القائمة حتى 17 يناير/كانون الثاني 2023، للسماح بمرور المساعدات الإنسانية إلى اليمن. 

في نوفمبر 2021، كشفت المخابرات العسكرية السعودية عبر المتحدث باسم التحالف تركي المالكي أن لديها لقطات لأبي علي الحاكم أثناء وقوفه بجانب القيادي في حزب الله حسن حمية.

وعد المالكي اجتماع الحاكم وحمية في مدينة الحديدة الساحلية الإستراتيجية، البوابة الرئيسة للواردات في شمال اليمن، بمثابة علامة على تورط الحزب في الساحة اليمنية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وضعت المملكة العربية السعودية عبدالله الحاكم في التسلسل رقم 5 بين المطلوبين الأربعين من قيادات الحوثيين، وخصصت مبلغ قدره 20 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله أو الكشف عن مكانه.

وبحسب "إنتلجنس أونلاين"، فإن أبوعلي الحاكم يمتلك شبكة واسعة من المصادر خارج مناطق سيطرة الحوثيين، مع علاقات ممتدة من السعودية إلى القرن الإفريقي.

وأكدت المجلة الفرنسية، أنه في عام 2021، أمر أبوعلي الحاكم ممثلي مليشيا الحوثي في دمشق بالضغط لتحقيق تعاون أكبر مع رئيس الأمن العسكري للنظام السوري اللواء كفاح الملحم، خاصة ضد تنظيمي القاعدة والدولة.

وفي ديسمبر 2023، أثناء لقائه مع زعماء القبائل في منطقة الجوف، زار أبوعلي الحاكم العديد من معسكرات الحوثيين حيث تُخزَّن الصواريخ والطائرات المسيرة والذخائر.

يعتزم الحاكم استعادة السيطرة على مدينة مأرب الإستراتيجية، فخلال الزيارة نفسها في شهر ديسمبر إلى القبائل الموالية للحوثيين قرب الجوف في الشمال والبيضاء في الجنوب، سعى أبوعلي لضبط علاقاته القبلية المتعددة بعد أن تسلل إلى العديد من القبائل في شبوة ومأرب، وفقا للمجلة الفرنسية.

معلم ابتدائي

عبدالله يحي الحاكم الذي يقدّر عمره فوق الـ 50 عاما، تلقن أيديولوجيا مليشيا الحوثي منذ البداية، بعد أن تلقى تعليمه لدى منظمة "الشباب المؤمن" الثقافية والدينية التي أنشئت في عام 1992 وتتبع المذهب الزيدي (طائفة شيعية). 

ويعرف عنه بأنه كان معلما سابقا للصفوف الابتدائية من مدينة ضحيان في محافظة صعدة، القاعدة الخلفية للحوثيين، لكنه أصبح قائدا محليا في الأيام الأولى لتمرد المليشيا على الجيش اليمني في عام 2004، وذلك من دون أي تدريب أو مؤهلات عسكرية سابقة.

أعتُقِل الحاكم في سجن البحث الجنائي في صنعاء إبان الحرب الأولى التي شنها الجيش اليمني على الحوثيين عام 2004، ثم فر من السجن في وقت لاحق متنكرا إثر زيارة عائلية له، واتُهِم آنذاك عدد من حراسات السجن بالتواطؤ في عملية تهريبه.

وبعد سنوات عديدة في عام 2014 عندما انقلب الحوثيون على الشرعية اليمنية، أصبح رمزا داخل المليشيا، كونه أشرف على  العمليات العسكرية التي مكنتهم من السيطرة على محافظة عمران، ثم السيطرة على الطرق المؤدية إلى صنعاء.

وكان الحاكم حاضرا عندما استولى الحوثيون على قصر الرئيس اليمني السابق عبدربه هادي في يناير 2015، ثم أسسوا لحكم المليشيا المدعومة من إيران في العاصمة صنعاء بالشراكة مع عشيرة علي عبدالله صالح رئيس البلاد الأسبق. 

في الأول من ديسمبر 2017، عاد صالح الذي كان خصما ثم حليفا للحوثيين لينضم إلى التحالف الذي تقوده السعودية، ليشرف الحاكم على الحملة ضد الرئيس الأسبق لليمن والتي انتهت بمقتل الأخير في الرابع من الشهر ذاته. 

واستمر الحاكم في التدرج بالمسؤوليات التي تمنحها له مليشيا الحوثي، فقد شغل منصب قائد لقوات الحرس الجمهوري إلى جانب مهام رئاسته للاستخبارات العسكرية كمكافأة له على دوره في قتل علي صالح. كما أنه يظهر في الصور برتبة لواء ركن، والتي لا يعرف من أي كلية حربية حصل عليها.