عبر مخدرات الأسد.. هكذا يحاول "حزب الله" غزو الأردن والخليج دون سلاح

مصعب المجبل | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تتابعت الأصوات المحذرة من تزايد عمليات استقطاب مليشيا "حزب الله" اللبناني للشباب في المحافظات الجنوبية من سوريا، وتجنيدهم أيضا في عمليات تهريب المواد المخدرة إلى الأردن والخليج.

أهالي تلك المناطق يشكون من استغلال المليشيا للواقع الاقتصادي المتردي جنوب سوريا للسيطرة على هؤلاء الشباب من المجتمع المحلي واستخدامهم في عمليات خارج إطار القانون.

أحد جوانب الخطر في الموضوع أن عمليات تهريب المخدرات تلك باتت تلقي بهؤلاء الشباب إلى "التهلكة"، إذ تتكرر بين الفينة والأخرى حالات سقوط قتلى منهم.

آخر تلك الحوادث جرت أثناء محاولة البعض تهريب المخدرات باتجاه الأراضي الأردنية تسببت في مقتل عدة أشخاص يوم 29 يوليو/ تموز 2021.

المناطق الجنوبية من سوريا (درعا – السويداء – القنيطرة) باتت مسرحا لتغلغل مليشيا "حزب الله" اللبناني بهدف عمليات التجنيد المتعددة ولعدة أهداف على رأسها تهريب المخدرات.

تمدد "حزب الله" اللبناني بهذا الشكل يأتي استثمارا لحالة الفلتان الأمني والحصار الاقتصادي الذي يفرضه النظام السوري على محافظة السويداء.

لذا فإن ثاني جوانب الخطر وفق مراقبين هي استنزاف شباب السويداء الواقعة على الحدود الأردنية، وتشويه سمعة المحافظة والزج بها في "حروب المخدرات".

محطة توزيع

خطط مليشيا "حزب الله" هي جعل السويداء محطة توزيع رئيسة للمواد المخدرة وتهريبها لدول الجوار السوري، معتمدة بذلك على بعض الشباب العاطل عن العمل وعلى بعض عشائر بدو هناك.

مصادر إعلامية أكدت أن مليشيا "حزب الله" اللبناني، شكلت في يونيو/ حزيران 2021 مجموعة محلية أطلق عليها اسم "تجمع شباب القريا"، من متعاونين يتبعون بعض عشائر بدو قاطنين غرب بلدة "القريا" جنوب السويداء.

وبينت المصادر أن مليشيا "حزب الله" تمول هذه المجموعة، وأوكلت إليها مهمة حماية عمليات ترويج وتهريب المخدرات من السويداء باتجاه الأردن.

في المقابل، أعلن الأردن ضبط ملايين الحبوب المخدرة على الحدود مع سوريا السنوات السابقة، ومنع تهريبها عبر أراضيه سواء للداخل الأردني أو بقصد إكمال طريقها عبر الصحراء الأردنية نحو الخليج.

القوات المسلحة الأردنية أحبطت في المنطقة العسكرية الشرقية محاولة تهريب كميات من المواد المخدرة من سوريا بتاريخ 3 أغسطس/ آب 2021، بعد تطبيق قواعد الاشتباك، ما أدى إلى إصابة أحد المهربين وفرار آخرين إلى العمق السوري.

ووفقا لوكالة "عمون" الأردنية، فإنه بعد تفتيش المنطقة تم العثور على 300 ألف حبة كبتاغون مخدرة، و7 أكف من مادة "الحشيش".

سبق ذلك إلقاء القوات الأردنية بتاريخ 30 يوليو/ تموز 2021 القبض على أحد مهربي المخدرات في المنطقة العسكرية الشرقية، وتمكنت من جرح عدد من أفراد المجموعة، فيما لاذ العديد منهم إلى العمق السوري.

وبعد التفتيش جرى العثور على ٣٦٢ ألفا و600 حبة من حبوب "الكبتاغون" المخدرة و٢٧٣ كفا من مواد الحشيش المخدر، بالإضافة إلى سلاح ناري نوع "كلاشنكوف" ومخزن يحتوي على ٣٠ طلقة لنفس السلاح وجهاز رؤية ليلي.

معبر الخليج

ولا توجد أرقام دقيقة لكميات المواد المخدرة التي يجري ضبطها على الحدود (السورية – الأردنية).

وذلك على اعتبار أن الأردن يشهد محاولات متكررة للتسلل وتهريب تلك المواد بصورة شبه يومية، من مناطق نفوذ النظام السوري ونقاط وجود مليشيا "حزب الله" اللبناني في الجنوب السوري.

لا يعد الأردن سوقا مستهلكا لتجارة المخدرات، بقدر ما يمثل ممرا لنقل هذه المواد من سوريا باتجاه دول الخليج العربي، وخاصة السعودية التي تمتد الحدود بينها وبين الأردن مسافة 744 كيلومترا.

وتؤكد مواقع المعارضة السورية أن خط سير شحنات المخدرات ينطلق من مناطق نفوذ "حزب الله" في لبنان، ويمر بحواجز قوات الأسد بسوريا دون تفتيش حتى تصل إلى محافظة السويداء.

موقع "عنب بلدي" نشر في فبراير/ شباط 2021 محادثة إلكترونية نقلا عن أحد المهربين المقربين من "حزب الله" في السويداء، والتي كشف فيها عن كيفية وصول المواد المخدرة إلى السويداء.

في المحادثة، قال المهرب: إن "مادة الحشيش تنطلق من منطقة بعلبك في لبنان، إلى جرود القلمون ثم إلى محافظة السويداء عبر سيارات مدعومة بعناصر مسلحين".

وجزم أنها "تعبر من خلال حواجز النظام السوري، دون سؤال أو تفتيش لحمولتها".

وأضاف أن "الحشيش يصل إلى السويداء، ويخزن ضمن مستودعات ليجهز إلى الوقت المناسب لعملية التهريب إلى الأردن".

وأشار إلى أنه "غالبا ما تكون عمليات التهريب في فصل الشتاء، نظرا لسوء الأحوال الجوية التي تعد فرصة سانحة للتهريب".

استغلال العوز

وأمام تلك المعطيات يبقى السؤال الأهم، هو: كيف تمكنت مليشيا "حزب الله" اللبناني من تجنيد وكلاء محليين جنوب سوريا في مهمة تهريب المخدرات إلى الأردن؟

وفي هذه النقطة يؤكد الإعلامي السوري نورس عزيز أن "حزب الله عمد إلى استقطاب مئات الشباب في تجارة المخدرات وبالأخص من القرى الجنوبية في السويداء المحاذية للحدود الأردنية".

عزيز يضيف لـ"الاستقلال"، أن حزب الله اللبناني "ليس له وجود بشكل فيزيائي في السويداء؛ لذلك لجأ إلى الأذرع وهم الشباب العاطلين عن العمل".

ووفقا للإعلامي السوري المنحدر من السويداء، فإن "آلاف الشباب الذين رفضوا الخدمة الإلزامية في صفوف قوات الأسد منذ عام 2012، أصبح بعضهم أمام نقص الموارد والبطالة؛ ضحية أي عرض يقدم لهم ويجلب المال".

ويجزم بأنه "دخل هؤلاء الضحايا من عمليات التجنيد إلى ليبيا أو العمل مع حزب الله اللبناني راتب يصل إلى 250 ألف ليرة سوري (78 دولار) والمهمة هي المساعدة في تهريب المخدرات عبر الحدود".

صحيفة "الغارديان" البريطانية اعتبرت في تقرير لها في 7 مايو/ أيار 2021، أن سوريا تحولت إلى "دولة مخدرات" عبر إنتاج مخدر "الكبتاغون".

وبينت الصحيفة أن تصنيع المخدر في قلب أراضي النظام السوري بات مصدرا لكسب مالي كبير في ظل اقتصاد منهار، مؤكدة أن ما توفره تلك التجارة يتجاوز اقتصاد سوريا المتداعي بسبب الحرب.

في هذا السياق، يعتبر الأكاديمي والباحث الاقتصادي السوري، الدكتور رفعت عامر، أن نجاح مليشيا "حزب الله" اللبناني في تجنيد الشباب السوري في عمليات تهريب المخدرات يعود لاستغلال "حالة الفقر والفساد وفقدان الأمل لدى هؤلاء".

ويضيف لـ"الاستقلال": "وكذلك "سيطرة غريزة البقاء لشعب لم يشهد في العشر سنوات الأخيرة إلا القتل والتدمير والنهب والتشليح والموت العشوائي، مع غياب الإرادة الوطنية السورية البديلة عن النظام السوري".

ويؤكد أن "هذه المليشيات التي جلبت لسوريا جرت بتوافق وخطط إيرانية مدروسة".

ويضع الأكاديمي السوري يده على الأسباب الرئيسة التي تدفع مليشيا "حزب الله" اللبناني للتركيز في الوقت الحالي على العبث بالمنطقة الجنوبية.

ويتحدث عن "توافقات ضمنية إسرائيلية إيرانية لتشكيل خط ممتد حول منطقة الجولان لحماية إسرائيل، ويقوم بتنفيذه حزب الله إضافة لدوره في حمايتها من الخاصرة الجنوبية للبنان"، وفق قول عامر.

وذهب الباحث الاقتصادي السوري للقول: إن "إسرائيل همها الأول حماية أمنها، لذا فهي ترى في إيران ومليشيا حزب الله موضوعيا صمام أمان أكبر من أي جماعات أخرى غير مقادة من دولة واحدة".

شراكة إستراتيجية

ويشير "مركز التحليل والبحوث العملياتية" الذي يركز على الوضع في سوريا إلى "أنها (سوريا) أصبحت دولة مخدرات لنوعين رئيسين يثيران القلق، هما الحشيش والكبتاغون".

وبين أن "سوريا أصبحت مركزا عالميا لإنتاج الكبتاغون إذ يجري الآن تصنيعه وتطويره تقنيا بمعدل أكبر مما مضى".

المركز البحثي أكد أنه "عام 2020 وصلت قيمة صادرات سوريا السوقية من الكبتاغون إلى ما لا يقل عن 3.46 مليار دولار".

ويرتبط حزب الله اللبناني بشبكة واسعة من المسؤولين الأمنيين التابعين لنظام الأسد، والذين تحولوا من "أمراء الحرب" إلى "أمراء مخدرات"، نظرا للأرباح الطائلة التي يجنونها من تسهيل مرور هذه المواد عبر سوريا.

ويلعب هؤلاء وفق تأكيد موقع "SY24" دورا في نقل هذه المواد بسيارات عسكرية، من القلمون الغربي القريب من الحدود اللبنانية إلى البادية السورية الممتدة نحو الحدود الأردنية والعراقية".

الموقع أكد أن "ذلك يجري بتنسيق مع ضباط من النظام السوري ليسهل تهريبها إلى الأردن أو العراق".

إعلان السعودية في 23 أبريل/ نيسان 2021 ضبط 2 مليون قرص "إمفيتامين" مخدر، مخفية داخل شحنة رمان قادمة من لبنان، يعد دليلا على أن الكميات المنتجة لا تنتجها ورشة صغيرة، بل يحتاج الأمر لمعامل وتقنيات خاصة بالتصنيع والتخزين.

واعتبر حينها أن تهريب الشحنة داخل ثمرة الرمان في السعودية، لم يكن ليتم إلا بتسهيل مباشر من النظام السوري ومن حزب الله اللبناني الذي يدير عددا من مصانع الأدوية التي توقفت عن العمل في سوريا لإنتاج آلاف الأقراص المخدرة.