رمطان لعمامرة.. "ساحر بوتفليقة" يعود لخارجية الجزائر رغم سقوطه مع النظام

وهران - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

باقتراح من الوزير الأول الجزائري أيمن عبد الرحمن، عين الرئيس عبد المجيد تبون، في 7 يوليو/تموز 2021، على رأس وزارة الخارجية، رمطان لعمامرة، الذي سبق وشغل المنصب في عهد الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة.

واعتبر تعيين الرجل القوي في عهد بوتفليقة، مفاجأة أثارت استغراب الأوساط السياسية، وغضب الشارع، إذ كان لعمامرة من الشخصيات التي قادت مساعي حثيثة لإنقاذ حكم بوتفليقة من خلال جولاته الخارجية، بعد اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط 2019. 

تنحي بوتفليقة في أبريل/نيسان 2019 تبعه مباشرة انسحاب لعمامرة من منصب نائب الوزير الأول.

حل الأزمة

في تصريح لشبكة "سبوتنيك" الروسية، قال نائب رئيس مجلس الأمة الجزائري، فؤاد سبوتة: إن "عودة لعمامرة لوزارة الخارجية وتكليفه أيضا بشؤون الجالية في الخارج يشير إلى أكثر من دلالة".

وأضاف أن "الكثير من الملفات بقيت عالقة منذ مدة، إضافة إلى التطورات الأخيرة في الملف الليبي، وكذلك الوضع في مالي، وما يجري على الحدود الجزائرية - المغربية، وما يحدث من تطورات بين البلدين، وأن عودة لعمامرة مرتبطة بكل هذه الملفات".

وسبق للعمامرة أن لعب دورا محوريا في الأزمة التي شهدتها ليبيا، قبل مقتل زعيمها معمر القذافي على أيدي الثوار، حيث حاول تسويق المبدأ الإفريقي القاضي بعدم السماح بأي تدخل عسكري في ليبيا، كما طرح من منصبه المذكور سلسلة من الحلول السياسية لتجاوز الأزمة الليبية وقتها.

في 16 أبريل/نيسان 2020 أعلن سحب موافقته على الاقتراح الذي قدمه له من طرف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 7 مارس/آذار 2020 ليكون مبعوثا أمميا ورئيس البعثة في ليبيا.

وقال لعمامرة، حينها: "أعطيته موافقتي المبدئية من باب التزامي تجاه الشعب الليبي الشقيق والهيئات الدولية والإقليمية المعنية بإيجاد حل للأزمة الليبية، يبدو أن المشاورات التي يقوم بها غوتيريش منذ ذلك الحين لا تحظى بإجماع مجلس الأمن وغيره من الفاعلين، وهو إجماع ضروري لإنجاح مهمة السلم والمصالحة الوطنية في ليبيا".

في 21 أبريل/نيسان 2020، صرح الناطق باسم الرئاسة الجزائرية ووزير الاتصال محمد السعيد بلعيد أن تحفظ عضو بمجلس الأمن حول ترشيح لعمامرة لشغل منصب المبعوث الأممي "يعود لاعتبارات محلية تحركها بعض الأنظمة ليست لها مصلحة في حل مشكلة الشعب الليبي، وأن هذا يعتبر فشلا للأمين العام للأمم المتحدة".

من هو لعمامرة؟

ولد لعمامرة في ولاية بجاية عام 1952، تخرج من المدرسة العليا للإدارة، اشتغل سابقا في منصب الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية، وكذلك كمبعوث للأمم المتحدة إلى ليبيريا بين 2003 و2007.

وفي المجال الدبلوماسي، اشتغل سفيرا للجزائر لدى الأمم المتحدة في الفترة بين 1993 و1996، وانخرط في العديد من الوساطات لحل عدد من النزاعات في القارة الإفريقية، حتى تم تعيينه وزيرا للشؤون الخارجية في 11 سبتمبر/أيلول 2013.

لعمامرة سبق له أن شغل منصب أمين عام الوزارة الخارجية، وعلى صعيد المنظمات الدولية اشتغل "حاكم مجلس" الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في عام 2008 انتخب رئيسا لمفوضية مجلس السلام والأمن الإفريقي، وهو الأمر الذي سمح للجزائر من تبوء مقعد طلائعي داخل هاته الهيئة المؤثرة على الساحة الإفريقية.

وصفته مجلة "جون أفريك" الفرنسية بـ"الدبلوماسي متعدد الكفاءات" الذي له اطلاع بالكثير من الملفات منها قضايا المرتزقة والتسلح، إصلاح الأمم المتحدة، السلاح النووي، الحكم الرشيد، وقضية إقليم الصحراء الغربية.

مباشرة بعد تعيينه أكد لعمامرة، في 14 يوليو/تموز 2021، أن استئناف النزاع المسلح بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو "يستحق اهتماما أكبر من المجتمع الدولي". 

ودعا لعمامرة في كلمته أمام المؤتمر الوزاري لمنتصف المدة لحركة بلدان عدم الانحياز، الأمين العام للأمم المتحدة إلى الإسراع في تعيين مبعوثه الشخصي وإطلاق عملية سياسية ذات مصداقية بين طرفي النزاع، بهدف الوصول إلى حل سياسي عادل ودائم يضمن "حق تقرير المصير لشعب الجمهورية العربية الصحراوية"، العضو المؤسس في الاتحاد الإفريقي.

وأكد لعمامرة أن الجزائر ستواصل تعزيز قيم التعددية في جميع جهودها الهادفة إلى الدفع بالحلول السياسية والسلمية للأزمات الموجودة في جوارها وما وراءه، وكذلك في مبادراتها المتعددة التي تروم تحفيز الاندماج الاقتصادي الإقليمي والقاري.

ملفات عالقة

ذهبت بعض التقارير إلى أن تعيين لعمامرة هو "إعادة الاعتبار" لشخصية دبلوماسية تعرف بأنها "متزنة وبراغماتية"، ومن أكثر الملفات المعقدة التي تنتظر "الساحر الدبلوماسي" كما يحلو للبعض تسميته في الجزائر، الوضع في دولة مالي التي تربطها حدود شاسعة جنوب الجزائر.

كما أن الأزمة في الجارة الشرقية ليبيا كانت وما زالت من أكثر الملفات الأمنية الإقليمية التي تطرح نفسها.

حط رئيس النيجر، محمد بازوم في مطار هواري بومدين، يوم 13 يوليو/تموز 2021، حيث كان في استقباله صالح قوجيل رئيس مجلس الأمة، ورمطان لعمامرة الذي تولى مؤخرا مقاليد وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية.

في الجزائر العاصمة، وجد الأخير رمطان لعمامرة في انتظاره، وقد بدت العلاقات بينهما ممتازة، والتي أقاموها عندما كان بازوم نفسه وزيرا للخارجية، وهو التقارب الذي سيسهل التعاون والمفاوضات بين البلدين.

ويعتبر الدبلوماسي الجزائري لعمامرة من بين أبرز الدبلوماسيين في الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، خاصة وأنه متخصص في مجال الوساطة الدولية لحل النزاعات.

وعام 2003، كلف لعمامرة بمنصب مبعوث للأمم المتحدة إلى ليبيريا حتى 2007، بين الحكومة و"حركة الليبيريين المتحدة من أجل المصالحة والديمقراطية"، وانتهت وساطة لعمامرة باتفاق الأطراف المتنازعة على وقف الحرب الأهلية ووضع السلاح.

عام 2008، عين مفوضا لمجلس السلم والأمن الإفريقي، وأعيد انتخابه على رأس المجلس إلى غاية 2010.

وفي سبتمبر/أيلول 2017، عينت الأمم المتحدة الدبلوماسي الجزائري لعمامرة عضوا في المجلس الاستشاري الأممي رفيع المستوى المختص في الوساطة الدولية والذي يضم 18 شخصية دولية.

وفي يوليو/تموز 2018، انضم لعمامرة إلى مجلس إدارة منظمة "مجموعة الأزمات الدولية"، وهي منظمة غير حكومية مقرها بروكسل.

وفي الربع الأول من 2018، كلف لعمامرة بمهمة وساطة إفريقية في الأزمة السياسية بمدغشقر، وهي المهمة التي انتهت باتفاق الحكومة والمعارضة على تحديد 7 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه موعدا لإجراء الانتخابات الرئاسية.

وكلفه رئيس الاتحاد الإفريقي موسى فكي، في سبتمبر/أيلول 2018 بمهمة مبعوث الاتحاد إلى الانتخابات الرئاسية في مدغشقر، وتحددت مهمة لعمامرة في تقييم الوضع في مدغشقر ودعم عملية التحضير للانتخابات الرئاسية.

وآخر منصب إفريقي تولاه لعمامرة، كان تعيينه من قبل الاتحاد الإفريقي بداية العام 2021 "ممثلا ساميا للاتحاد من أجل إسكات البنادق".