بمساعدة أنظمة عربية.. هذه "القصة الحقيقية" لثروة ملك إسبانيا السابق

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

قدمت صحيفة إسبانية، سلسلة من المعلومات الحصرية التي تكشف الأسس الخفية لثروة الملك الفخري السابق، خوان كارلوس الأول.

وقالت "بوبليكو"، إن ثروة الملك السابق لا تستند إلى عمولات بنسبة مئوية من النفط الخام المستورد، كما كان يعتقد، ولكن على الاتجار بالأسلحة، متحدثة عن "تفاصيل القصة الحقيقية للاحتيال الهائل والجهات التي تديرها". 

وأوضحت أن وريث العرش الإسباني الذي عينه الديكتاتور، فرانسيسكو فرانكو، كان مهووسا، حتى قبل تعيينه، بتجميع ثروة كبيرة لم تكن لدى والده أبدا.

ولتحقيق ذلك، يروج خوان كارلوس دي بوربون (الأول) بكل الوسائل لـ"مانويل برادو وكولون دي كارفاخال"، أفضل صديق له منذ أوائل الستينيات، لجعله ثريا بأي وسيلة، سواء كان ذلك عبر التقرب من البيوت الملكية الأخرى - ليس فقط الأوروبية - بتقديم الهدايا أو الاستفادة من العلاقات الاقتصادية الدولية للدولة. 

وأوردت الصحيفة أن خوان كارلوس الأول، عين منذ صعوده للعرش صديقه عضوا في مجلس الشيوخ عن طريق التعيين الملكي، وجعله سفيرا عاما لإسبانيا، وكذلك مسؤولا خاصا للملك ومسؤولا عن جميع أعماله، بدءا من الأكثر ربحية: بيع الأسلحة.

100 مليون

ونقلت الصحيفة أن الزيارة الأولى للملوك الإسبان إلى الرياض، في أكتوبر/تشرين الأول 1977، شهدت تفاوض الملك الفخري في الوقت الراهن، أي ملك إسبانيا آنذاك، على إنشاء مشروع إسباني سعودي مشترك، من المفترض أن يوجه التجارة بين البلدين: وهو شركة القنطرة للصادرات الأيبيرية.

وخلال هذه الصفقة، عين الأمير فهد - في ذلك الوقت، الرجل القوي للنظام الثيوقراطي للملك خالد، خليفة فيصل - رجل الأعمال وتاجر السلاح، عدنان خاشقجي، مندوبا سعوديا في القنطرة، والذي ستمتلك شركته "ترايد إنترناسيونال" 50 بالمئة من رأس المال.

من جانبه، عين خوان كارلوس مانويل برادو رئيسا للشركة التي ستمولها، بنسبة 50 بالمئة من الجانب الإسباني، الأموال العامة الإسبانية.

وبينت الصحيفة أن النية في إبقاء هذا المشروع المشترك خارج نطاق السيطرة المالية للخزانة العامة يتضح من خلال الإبقاء على شركة القنطرة للصادرات الأيبيرية خارج مدريد أو الرياض، وتأسيسها في لندن، باعتبارها "شركة توصية بالأسهم".

وخلال تلك السنوات، كانت جميع العمليات الدولية لبيع الأسلحة والمواد العسكرية تعتبر "مسائل سرية"، نظرا لأنها من "الأفعال والوثائق والمعلومات والبيانات التي يمكن لمعرفتها من قبل أشخاص غير مأذون لهم أن تضر بأمن الدولة أو تعرضها للخطر"، وفقا للمادة الثانية من القانون التاسع المؤرخ في 1968، بشأن الأسرار الرسمية.

وأشارت الصحيفة إلى العلاقة الجيدة التي كانت تربط الملك الفخري الإسباني بالملك السعودي الحالي، سلمان بن عبد العزيز.

ونظرا لأن الملك الفخري لم يكن يحصل على عمولات كبيرة من مشتريات النفط الخام، أرسل خوان كارلوس مانويل برادو والأمير الجورجي الروسي زوراب تشوكوتوا، لطلب قرض من الملك سلمان، خلال زيارة إلى قصره الفخم في ماربيلا، وقد كان يحتاج هذه الأموال ليكون قادرا على العمل كوسيط لشركات أخرى.

وأوردت الصحيفة أن الملك سلمان وافق على طلب خوان كارلوس، وتحدث إلى إخوته، وقدم له قرضا لمدة 10 سنوات، دون فوائد، بقيمة 100 مليون دولار.

ونقلا عن أحد الشخصيات المقربة جدا للملك خلال تلك الفترة، فقد استخدم الملك الإسباني آنذاك هذه الأموال من أجل أن ينصب برادو مديرا لأحد أكبر البنوك الأوروبية، ومن ثم تمويل أنشطتهم كوسطاء للعمليات التجارية الدولية والمضاربات العقارية. 

خاشقجي والقنطرة

ونوهت الصحيفة بأن استعداد برادو وخاشقجي للقيام بصفقات غير شفافة لتهريب الأسلحة من خلال القنطرة يتضح عبر تسجيلها في الملاذ الضريبي في قبرص باسم "شركة محدودة مسجلة إتش إي 8048"، في 13 أغسطس/آب 1982.

وهكذا يمكن أن تعمل خارج سيطرة كل من الحكومتين السعودية والإسبانية.

لكن في عام 1985، قدمت إسبانيا أول تقرير رسمي لها عن أهم شركات مبيعات الأسلحة الإسبانية، ببيانات من السنوات السابقة، ووضعت "القنطرة" على رأس القائمة.

وأمام هذا الموقف، اعترفت الحكومة الإسبانية آنذاك بأنها لا تتحكم في الوجهة النهائية لصادرات مواد الحرب، ولا حتى في العمولات المترتبة عن هذه الصفقات. 

وفي يناير/كانون الثاني 1989، قرر المعهد الوطني للصناعة الإسباني حل شركة "القنطرة" بسبب الفضيحة التي سببتها لائحة اتهام خاشقجي في قضية إيران كونترا، وذلك بعد عملية بيع أسلحة لإيران، وانتهاك الحظر ضدها.

لكن، قبل معاقبته، نقل خاشقجي كل أسرار القنطرة إلى تاجر الأسلحة من أصل لبناني، عبد الرحمن الأسير، كما قدمه إلى محيطه الذين اعتادوا على حفلاته الخاصة الفخمة. 

وبهذا الشكل، استمرت تجارة بيع الأسلحة في الفرع القبرصي التابع لشركة القنطرة لما يقارب عامين آخرين، حتى تم حلها في قبرص في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1990.

 وعلى سبيل المثال، في صيف 1989، تفاوض الأسير في العاصمة الرباط؛ لبيع سبع طائرات "سي إن 235" للمغرب، من صنع الشركة الإسبانية "كازا".

وخلال هذه الصفقة، تحصل الأسير وشركاؤه (برادو، نيابة عن الملك، الذي يشاركه في جميع الاستثمارات التي يقوم بها، وتشوكوتوا) على عمولة كبيرة بنسبة 20  بالمئة من السعر الإجمالي للمبيعات.

عمولات ضخمة

وكشفت الصحيفة أنه في وقت لاحق، حصل الأسير على وثيقة موقعة من الأمين العام لإدارة الدفاع الوطني المغربي، تسمح له بمواصلة بيع الأسلحة للمغرب لسنوات بمبلغ إجمالي قدره 570 مليون دولار. 

عموما، تعتبر هذه الصفقة أكبر عملية بيع للأسلحة من قبل الحكومة الإسبانية للمغرب في ذلك الوقت، والتي ستضيف عمولات يتقاسمها الوسطاء، وصلت إلى 12 مليونا و500 بيزيتا (عملة إسبانيا سابقا). 

وفي هذا المعنى، كشف أحد أصدقاء الملك، الذي كان على دراية جيدة بهذه الصفقة أن "العملاء الذين عملوا مع القنطرة تعاملوا مع جميع البلدان الممكنة لتهريب الأسلحة، مستفيدين من كل الحروب والصراعات التي حدثت في تلك السنوات".

وأشارت الصحيفة إلى أن شركة القنطرة للصادرات الأيبيرية كانت في عام 1984، بالفعل أكبر مصدر للأسلحة في إسبانيا.

من ناحية أخرى، أضحت مصر، التي تشتري السفن الحربية والمركبات العسكرية من الشركات الإسبانية، أفضل زبون لها.

وبهذه الطريقة حصلت شركة "إناسا" على عقود لبيع آلاف شاحنات "بيجاسو" ومئات العربات المدرعة للجيش المصري بقيمة تقارب 600 مليون دولار.

من جانبها، باعت شركة "بازان" طرادتين للعملاق العربي.

وقد جرت كل هذه الصفقات بفضل خط القروض الميسرة التي فتحتها إسبانيا لحكومة القاهرة من خلال 8 اتفاقيات بقيمة إجمالية متوقعة تبلغ 22 ألف مليون بيزيتا.

وعموما، تعمل هذه القروض الإسبانية على تزويد وزارة الدفاع المصرية بهذا السلاح. 

ونقلت الصحيفة أن مصر توقفت عن تسديد المدفوعات عام 1985، في خضم الأزمة المالية العالمية ولم تعد تلك الأموال المقترضة إلى إسبانيا.

 وبالطبع، تحصل شركات الأسلحة الإسبانية على المبلغ الإجمالي الذي حررت فواتير به، ويحصل شركاء القنطرة على العمولات الطائلة كاملة، على حساب قروض الدولة هذه.

في مرحلة موالية، بعد 10 سنوات، تعين على إسبانيا أخيرا أن تغفر لمصر، حوالي 18 مليونا و8  آلاف بيزيتا، التي تم تمويل هذه الشركات من خلالها. لذلك، فإن العملية برمتها، بما في ذلك عمولات الملك وشركائه، قد دفعت من الأموال العامة الإسبانية.