رغم توضيحها.. لهذا انقسم اليمنيون تجاه موقف "حماس" من الحوثيين

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

اندلع جدل واسع بين اليمنيين عقب تسليم ممثل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في اليمن معاذ أبو شمالة، درع تكريم لعضو المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين محمد الحوثي وإيصاله شكر وتقدير الحركة للجماعة.

التقى أبو شمالة الحوثي في 7 يونيو/حزيران 2021، وسلمه الدرع تقديرا لـ"جهوده في دعم القضية الفلسطينية ودعم المقاومة تحديدا".

وقال أبوشمالة إن "هذا اللقاء الطيب هو تتويج للعلاقات بين حماس وأنصار الله (الحوثيين)، ربنا يزيد من هذه العلاقة ويجمعنا وإياهم دائما في طريق التحرير والنصر، وأن تنكسر كل هذه المؤامرات والهجمة على المقاومة وإن شاء الله النصر قريب".

إزاء ذلك كتب محمد علي الحوثي تغريدة على حسابه في تويتر قال فيها: "تكريمي من حماس شرف كبير لي، لقد كنت أنوي إهداءه لشهداء الجمهورية اليمنية خلال العدوان على اليمن، لكني حاضر للتنازل عن الدرع وإرساله لقيادة النظام السعودي إذا أفرج عن الأخوة المعتقلين لديه من دولة فلسطين".

وتابع: "نجدد عرض مبادرة التبادل المعلنة من (زعيم الجماعة) القائد السيد عبدالملك الحوثي بهذا الخصوص".

وانقسم اليمنيون تجاه موقف حماس إلى قسمين، الأول يتبنى وجهة النظر الأولية التي تطرحها الحركة، من كون ذلك الشكر ليس إلا عرفانا بالجهود التي يقدمها الحوثيون للمقاومة الفلسطينية، ولا يعني إقرار الموقف السياسي للجماعة أو تأييد انتهاكاتها ضد اليمنيين.

وقسم آخر رأى أن المقاومة وضعت يدها بيد قاتل ونسفت المعايير الأخلاقية التي يجب أن تراعيها إزاء جماعة قتلت اليمنيين وشردتهم واعتقلتهم وعذبتهم.

وكتب عبدالله القيسي منشورا قصيرا له على حسابه في فيس بوك قال فيه: "أي سياسة ليس لها سقف أخلاقي هي دمار على الإنسان والمجتمع عاجلا وآجلا، وأستغرب من أولئك الذين يطلبون الفصل بين السياسة والأخلاق؟!هل يدركون ماذا يعملون، إنهم ببساطة يعطون الخنجر لقاتلهم؟!".

وكتب أحد المشاركين في فعاليات دعم حماس  الناشط اليمني عبدالله الرسمي رسالة للحركة قال في جزء منها: "كان الأولى بها بما أنها تحفظ حديث -من لا يشكر الناس لا يشكر الله-، أن تشكر اليمن أولا، الذي كان ولا يزال داعما ومساندا للمقاومة".

وأضاف: "لا نملي على حماس كيف تتصرف ولا نطعن فيها، لكن (نرفض أن) تكرم المليشيات التي تقتل أطفالنا وتفجر بيوتنا ومساجدنا وتحتل مدارسنا وجامعاتنا، والتي كانت إلى الأمس القريب ساحة لفعاليات المقاومة والتي احتضنت قاعاتها الكثير من مهرجانات نصرتها قبل أن تحول المليشيات عددا منها إلى أوكار للتجهيل".

وتابع: "نقول لحماس لا، ونطالبها بالاعتذار، وما فعله ممثلها اليوم طعنة وجرح لن يندمل ما لم تعتذر لليمن".

تبرير مرفوض

بعد موجة الغضب هذه، أوضحت حماس في بيان لها أن أي تصرف أو تصريح يفهم منه أنه انحياز لأي طرف من أطراف النزاع باليمن "هو موقف شخصي لا يعبر عن الحركة وقيادتها"".

ومع هذا فلم يقبل كثير من اليمنيين هذا التبرير، وطالبوا حماس بالاعتذار، خصوصا أن من قام بتكريم الحوثيين هو ممثلها الرسمي في اليمن، كما طالبوها بتحديد موقفها بشكل واضح من جماعة الحوثي.

وقدم محمد عبدالعزيز الرنتيسي نجل الشهيد عبد العزيز أحد أبرز مؤسسي حركة حماس، في فيديو مصور، اعتذاره إلى الشعب اليمني إزاء ما وصفها بـ"زلة" مكتب الحركة في صنعاء.

وقال في الفيديو الذي بثه عبر حسابه في "تويتر": "حدث ما حدث من زلة من المكتب وكان يجب أن يكون على الحياد من كل ما يحدث في اليمن وأن يبقى على مسافة من الجميع".

وأضاف: "حدثت الزلة وأخطأ عن غير قصد وجئت لأضم صوتي إلى صوتكم وغضبكم من هذا الموقف وأملي بكم كبير أن تمر هذه الغلطة وأرجو أن تقبلوا اعتذاري بصفتي الشخصية من غزة واعتذار كل أحرار القضية الفلسطينية عما حدث".

وتمنى الرنتيسي من حركة حماس ومكتبها في صنعاء "البقاء على مسافة من الجميع في قضايا أمتنا وأحبابنا سواء في اليمن أو سوريا أو غيرها".

عقب ذلك أصدر  حزب الإصلاح اليمني بيانا في 10 يونيو/حزيران 2021 استنكر فيه ما أقدم عليه ممثل حركة حماس "في الوقت الذي تنزف فيه دماء اليمنيين وتتفحم جثث أطفالهم بسبب صواريخ الحوثي البالستية وطائراته المسيرة المفخخة في مأرب وتعز والحديدة والضالع".

وقال البيان الذي نشره رئيس الهيئة العليا للحزب محمد اليدومي، إن ما قام به ممثل حماس يعد استفزازا لليمنيين الذين يواجهون الصلف الحوثي السلالي كما يواجه الشعب الفلسطيني الشقيق الصلف الصهيوني الغاشم.

واستغرب الحزب أن يصدر هذا التصرف من "حركة مقاومة للاحتلال الذي احتل الأرض الفلسطينية وشرد أبناء الشعب الفلسطيني وقتلهم بدم بارد وهو ذات السلوك الذي تقوم به جماعة الحوثي الإرهابية بحق أبناء الشعب اليمني".

وأضاف: "كان الأحرى بحماس أن تحترم حق الشعب اليمني في مقاومة الإجرام الحوثي وأن تنأى بنفسها عن الوقوع في هذا الفعل المشين لا سيما وهي تقاوم الظلم والإجرام ولا يصح أن تقبل على اليمنيين ما ترفضه للشعب الفلسطيني".

ابتلاع سياسي

ويربط كثيرون بين خطوة ممثل حماس بارتباط الحوثيين بإيران، شأنهم شأن حزب الله في لبنان.

وكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وجه في 21 مايو/أيار 2021، الشكر لإيران على تزويدها الفصائل الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة بالمال والسلاح.

وقال هنية في كلمة له، ”أوجه الشكر للذين قدموا المال والسلاح للمقاومة، إيران لم تبخل عن مد المقاومة بالمال والسلاح والتقنيات".

ذلك التقارب شمل أيضا حزب الله المدعوم من قبل إيران.

وكان إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري قد أجريا زيارة لأمين عام جماعة حزب الله في لبنان حسن نصر الله مطلع سبتمبر/أيلول 2020. وفي اللقاء تم "استعراض مفصل لمجمل  التطورات السياسية والعسكرية في فلسطين ولبنان والمنطقة".

وأصدر حزب الله بيانا في 6 سبتمبر/أيلول 2020 قال فيه "تم التأكيد على ثبات محور المقاومة وصلابته، في مواجهة كل الضغوط والتهديدات والآمال الكبيرة المعقودة عليه".

 كما جرى التاكيد على "متانة العلاقة بين حزب الله وحركة حماس والقائمة على أسس الإيمان والأخوة والجهاد والمصير الواحد، وتطوير آليات التعاون والتنسيق بين الطرفين".


 

وأيضا، وجه القيادي في حركة حماس أسامة حمدان في 20 مايو/أيار 2021 رسالة شكر لرئيس النظام السوري بشار الأسد وثمن موقفه في "مساندة ودعم المقاومة الفلسطينية". 

وأجرت قناة "الميادين"، حوارا مع حمدان، أكد خلاله أن "موقف الأسد الداعم للمقاومة ليس غريبا ولا مفاجئا، ومن يحيينا بتحية نرد بخير منها"، مؤكدا أن "من الطبيعي أن تعود العلاقات بدمشق إلى وضعها السابق".

وكان الأسد استقبل وفدا ضم عددا من قادة القوى والفصائل الفلسطينية وممثليها، من بينهم الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي"، زياد النخالة.

وذكر نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبو أحمد فؤاد، أن الأسد قال خلال اللقاء: "إن أبواب سوريا مفتوحة لكل فصائل المقاومة بغض النظر عن تسمياتها".

ووجه الأسد تحية إلى مقاومي "حماس" والجهاد الإسلامي، وكل الفصائل المقاومة في فلسطين.

وكان هذا الموقف قد استفز الفصائل الثورية السورية حيث اعتبروا أنه يتجاهل كل جرائم الأسد، ويضفي مشروعية قومية وعربية على الأسد باعتباره مقاوما، في حين أنه "قاتل وسفاح ومجرم حرب".

ويخشى مراقبون من أن تتمكن إيران من ابتلاع حماس سياسيا، وتطوعها لأن تكون جزءا من مشروعها التدميري في المنطقة، خصوصا بعد التقارب الذي أبدته مع إيران ومع فصائلها التابعة لها في سوريا ولبنان واليمن، لكن الحركة تقول إنها لا تخضع لأجندة أحد وتقبل دعما غير مشروط.

مزايدة وترويج

وجماعة الحوثي كانت قد اقتحمت مقرات حماس والمؤسسات الأخرى الخيرية التي تقدم الدعم لفلسطين، مثل مؤسسة القدس - فرع اليمن، و"الأقصى الخيرية" في صنعاء، وفروعهما في المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة، ونهبت محتوياتها واعتقلت موظفيها فور سيطرتها على مؤسسات الدولة.

ففي أبريل/نيسان 2015، اقتحم مسلحون حوثيون مقر جمعية "الأقصى" في شارع الرباط بصنعاء، ونهبوا المحتويات والممتلكات الخاصة بالجمعية، بما فيها صناديق التبرعات، واعتقلوا العاملين فيها، ناهيك عن اقتحام فروعها في عدة محافظات، واعتقال مسؤوليها.

كما أقدم الحوثيون في 10 أغسطس/آب 2015 على اعتقال "محمد العديل" الذي يشغل عدة مناصب، منها ممثل الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين في اليمن، وعضو مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية ببيروت، ومنسق ورئيس القوافل التي تم تسييرها لكسر الحصار عن غزة، لأربع مرات.

ومنذ تأسيسها قبل نحو 30 عاما، كانت جمعية "الأقصى" تقدم الدعم وتعول أكثر من 3 آلاف يتيم فلسطيني، ونحو 350 أسرة بشكل دائم، وتشرف على إنشاء عشرات المشاريع في فلسطين، بحسب بيان للجمعية أدانت فيه الاقتحام ونهب ممتلكاتها واعتقال العاملين معها.

وفي 23 فبراير/شباط 2015، اقتحمت جماعة "الحوثي" مكتب حركة "حماس" في صنعاء، واعتقلت العاملين فيه.

وفي الفترة ذاتها، اقتحم الحوثيون فرع منظمة القدس الدولية في اليمن، ومقر النادي الفلسطيني بصنعاء، واعتقلوا العاملين فيهما من الجنسية اليمنية والفلسطينية.

وحتى الوقت الحالي، تحكم "الحوثي" سيطرتها على تلك المؤسسات، رغم أن بعضها دولية لها فروعها في اليمن، ولم تسمح لها بمعاودة نشاطها.

لهذا فقد كان أحد أوجه النقد الذي وجهه اليمنيون لحماس أن الحوثيين اقتحموا كل المؤسسات واعتقلوا الموظفين الذين تضامنوا مع الحركة وقدموا الدعم لها.

لكن مؤخرا، أعلنت جماعة الحوثيين عن مبادرة لإطلاق سراح أسرى سعوديين لمبادلتهم بقيادات وأعضاء من حماس تعتقلهم الرياض وهو ما ردت عليه الحركة بالقبول والترحيب والشكر.