خمر وجنس وحمل دون زواج.. هذه خطة ابن زايد لبناء "الإمارات الجديدة"

أحمد يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"الطريق إلى المستقبل يتضمن فصل الدين عن الدولة، وهذا ما نفعله في الإمارات، وما نؤمن به" هذا ما قاله سفير أبوظبي لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة في 14 أبريل/ نيسان 2021.

العتيبة رجل ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لدى واشنطن، كان يبشر بتحول بلاده إلى دولة علمانية، بينما كانت حكومته تعد حفنة من القوانين الصادمة التي تسعى إلى تغيير مجتمعي وثقافي في البلاد شكلا ومضمونا، بعيدا عن القيم الإسلامية الأساسية، التي تميز بها شعب الإمارات طويلا.

الحمل خارج إطار الزواج، وشرب الخمر للمسلمين، والعلاقات الجنسية المحرمة، كلها أصبحت مباحة داخل زمام الدولة الخليجية، بموجب القوانين المستجدة. 

التحلل الكامل للنظام الإماراتي من مضامين الشريعة الإسلامية، يمكن تلخيصه في مشهد السجال الشهير بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في 29 يوليو/ تموز 2018.

قال آبي أحمد وقتها لابن زايد "لا حاجة لنا بأن تعلمونا الدين، فقد ضاع منكم، ما نريده منكم أن تعلمونا اللغة العربية سريعا لنفهم الإسلام الصحيح جيدا، ثم نعيدكم أنتم أيضا إلى الطريق الصحيح".

خارج الإطار 

لم تعد المرأة العزباء "الحامل" خارج إطار الزواج في الإمارات بحاجة إلى مناورات أو هروب لتجاوز المشكلة، كل ما عليها أو على شريكها، التقدم للحكومة الإماراتية بطلب للحصول على شهادة ميلاد للطفل وسوف يحصلون عليها فورا.  

ففي 30 أبريل/ نيسان 2021، نشرت الحكومة الإماراتية بيانا أعلنت فيه عن تغيير سياستها المتعلقة بالأطفال المولودين خارج إطار الزواج، بموجبه يسمح للآباء غير المتزوجين بالحصول على استمارة طلب للحصول على شهادة ميلاد للطفل الناتج عن تلك العلاقة.

ووقع على هذا الأمر القانوني الشيخ منصور بن زايد، نائب رئيس الوزراء، ووزير شؤون الرئاسة في دولة الإمارات. 

وكانت المرأة غير المتزوجة التي تحمل خارج إطار الزواج، وتعيش في دولة الإمارات كمواطنة أو مقيمة، تواجه الترحيل أو السجن وفقا لقوانين البلد، التي كانت تحرص على التأكيد على إسلامية قوانينها وثقافتها.

ومن ثم كان الأجانب تحديدا في هذا الموقف يضطرون إلى السفر خارج البلاد، من أجل عقد زواج سريع أو اختيار إنهاء الخدمة والعودة إلى بلادهم، لكن مع القوانين المستحدثة أصبح الأمر مجردا من تلك العوائق.

ليبرز الحديث عن مدى التعارض بين هذه القوانين، ودستور الدولة، حيث تنص المادة 7 منه على أن "الإسلام هو الدين الرسمي للاتحاد، والشريعة الإسلامية مصدر رئيس للتشريع فيه، ولغة الاتحاد الرسمية هي اللغة العربية".

 كما أن المادة 6 "تضع الدين الإسلامي في مقدمة الروابط التي تربط شعب الاتحاد بالوطن العربي".

تشريعات صادمة 

الإجراءات الأخيرة لم تكن مستجدة على ما وصف بحقبة "الإصلاحات" التشريعية التي تجريها حكومة أبوظبي على مدار شهور فائتة، في سياق العلمنة الواضحة للقوانين والحياة العامة. 

وهو ما تم في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، عندما أعلنت الإمارات عن تعديل شامل في قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية في البلاد، مما يسمح للأزواج غير المتزوجين بالتعايش في سكن واحد، ورفع القيود المفروضة على شرب الخمر، وتجريم ما يعرف بجرائم الشرف. 

التعديل الأكثر جدلا تمثل في السماح "بالمعاشرة بين الأزواج غير المتزوجين"، وكان يمثل جريمة في الإمارات تستوجب العقاب من السلطات، وإن تم التغافل في بعض المناطق مثل إمارة دبي، التي تمثل المركز المالي الأكثر حرية في البلاد، ويعيش فيها كثير من الأجانب من مختلف الجنسيات، وبموجب القوانين المستحدثة تم تعميم الأمر وتقنينه.

كما نصت التعديلات أيضا على "إتاحة المجال لغير المواطنين لاختيار القوانين التي تطبق على تصرفاتهم في شؤون الميراث والتركات في قانون الأحوال الشخصية". 

علقت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، على تلك التعديلات، قائلة: "على الرغم من توفر الخمور على نطاق واسع في الحانات والنوادي في المدن الساحلية الفخمة بدولة الإمارات، كان يحتاج الأفراد إلى ترخيص صادر عن الحكومة لشراء أو نقل أو تناول الكحول في منازلهم".

وأضافت: "لكن القانون الجديد سيسمح للمسلمين الذين منعوا من الحصول على تراخيص بشرب المشروبات الكحولية بحرية، وذلك بإلغاء العقوبات المفروضة على استهلاك الكحول والمبيعات والحيازة لمن يبلغون من العمر 21 عاما وأكثر".

وأرجعت الوكالة تلك الإجراءات، أنها جاءت "في أعقاب صفقة تاريخية توسطت فيها الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات بين أبوظبي وإسرائيل، والتي من المتوقع أن تجلب تدفق السياح الإسرائيليين والاستثمار إلى الإمارات".

ويذكر أن صحيفة "بيلد" الألمانية، أفادت في 3 مايو/ أيار 2021، أن السلطات الإماراتية وافقت على استضافة أضخم مهرجان "خمور" في العالم، وأكدت أن مهرجان البيرة سيعقد في دبي، بعد إعطاء الإمارات الضوء الأخضر للحدث، الذي يتضمن أطول "بار بيرة في العالم"، يصل طوله إلى 60 مترا. 

وأشارت إلى أن حفلة الشرب سوف تبدأ يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 وسيسعى الحدث إلى محاكاة مهرجان البيرة الأصلي في مدينة ميونيخ الألمانية. 

وكان القانون الإماراتي يعاقب المسلمين المدانين بشرب الخمور بالحبس أو الغرامة أو الجلد أحيانا، وذلك انطلاقا من أصل التشريع الإسلامي، وحتى وقت قريب كانت المحاكم الإماراتية لا تزال تعاقب به.

وهو الأمر الذي انطبق على جرائم أخرى كالزنا، ووصل إلى حد التعزير للأكل أو الشرب في نهار رمضان، وهو فعل مجرم وفقا لقانون الدولة قد يكلف صاحبه حبسا لمدة شهر أو غرامة تصل إلى (2000 درهم). 

عهود الشر 

الأستاذ بجامعة الأزهر الدكتور محمد أبو زيد، وصف الإجراءات التشريعية الأخيرة التي أقرتها حكومة أبوظبي، فيما يتعلق بالقوانين الشخصية والمدنية في البلاد بأنها "مخالفة بشكل قاطع لأسس الشريعة الإسلامية" وتنتهك بشكل أساسي مقاصد الشريعة التي جاء بها الإسلام. 

وقال في حديثه لـ"الاستقلال": "مقاصد الشريعة خمسة مقاصد أولها حفظ الدين، ثم النفس، والعقل، والعرض، وأخيرا المال، والقوانين الإماراتية لم تحفظ هذه كلها".

وأضاف: "لا يمكن لدولة تكتب في دستورها أنها دولة إسلامية، وتستمد قوانينها من روح الشريعة الإسلامية أن تقر هذه القوانين المجحفة التي تبيح الزنا وشرب الخمر، والإنجاب خارج إطار الزواج، وتشيع الفاحشة بين شعب جله من المسلمين". 

وتساءل: "إلى أي شريعة أو منهاج استند حكام الإمارات في إصدار مثل هذه القوانين؟ فالدولة بها كليات وجامعات متخصصة في الشريعة الإسلامية، وبها عدد هائل من العلماء والدعاة، بالإضافة إلى الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، التي لها نشاطات حتى خارج حدود الإمارات، في القارة الآسيوية تحديدا".

وتابع: "لماذا لم يتم الاستعانة بهم أو الرجوع إليهم؟ ولماذا لم يصدر هؤلاء بيانات تندد بتلك التطورات الخطيرة على المجتمع الإسلامي الإماراتي؟".

وأوضح: أن "الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي تحديدا تميزت على مدار عقود بأنها مجتمعات إسلامية أصيلة، ومحافظة بطبعها، وتحرص على قيم الإسلام والعائلة والقبيلة، هكذا كانت فطرتهم التي جبلوا عليها من قديم الأزل".

 ولكن الانفتاح الذي شهدته الإمارات وتحديدا دبي التي أصبحت مركزا للتجارة والسياحة أدى إلى تحلل كامل من القيم الإسلامية، وإن بقي خيط رفيع متمسك بالإسلام كهوية للدولة والمجتمع.

 ومع الوقت قطع ذلك الخيط، واتجه النظام إلى العلمانية المطلقة، وكأن محمد بن زايد يريد أن يجدد عهود أتاتورك في تركيا والحبيب بورقيبة في تونس، وفق تعبيره.