موقع إيطالي: تركيا تعزز نفوذها في إفريقيا على حساب القوى المتهالكة

12

طباعة

مشاركة

قال موقع إيطالي إن "العثمانيين دخلوا مرة أخرى إلى القارة السمراء، حيث تمركزوا في الموانئ العربية المطلة على البحر الأبيض المتوسط ​​إلى الساحل الإفريقي ومن القرن الإفريقي إلى رأس الرجاء الصالح". 

واعتبر موقع "إنسايد أوفر" أن "وصولهم إلى هناك جاء لهدف محدد وهو إثبات الوجود وربما تحقيق الازدهار والتوسع على حساب الآخرين، أو بالأحرى على حساب القوى المتهالكة والشائخة مثل إيطاليا والبرتغال".

وأكد أن الإستراتيجية الخارجية الجديدة لتركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، شملت عدة دول في إفريقيا جنوب الصحراء. 

وبعد أن تمت دراستها بدقة وتنفيذها بعناية، سمحت لتركيا بدخول منطقة "فرانس أفريك" (مستعمرات فرنسا السابقة)، والإبحار إلى أقصى جنوب القارة، بالإضافة إلى التوسع في الفضاء الاستعماري البرتغالي السابق والاستحواذ على النفوذ الإيطالي في القرن الإفريقي.

يرى الموقع أن الرأي العام الإيطالي وجزءا كبيرا أيضا من الطبقة السياسية، أدركوا أنهم "فقدوا" شرق إفريقيا منذ اختطاف موظفة الإغاثة الإيطالية سيلفيا رومانو في 2019.

وتم إطلاق سراحها بعد أن قضت ثمانية عشر شهرا رهن الاحتجاز وذلك بتدخل من المخابرات التركية التي استغلت الفرصة لتلميع صورتها، وفق قول إنسايد أوفر. 

بحسب الموقع، لم "تخسر" إيطاليا نفوذها في تلك المنطقة من شرق إفريقيا و"إنما تم التفريط فيها، أي أنها كانت موضوع نقل ملكية لصالح تركيا".

وفي السياق، اعتبر الموقع حادث الإفراج عن سيلفيا رومانو بمثابة علامة على إصابة شبكة التجسس التابعة للمخابرات الإيطالية في القرن الإفريقي "بالشيخوخة"، في ظل اضطرارها إلى الاستعانة بنظيرتها التركية لإنقاذ الموظفة الإيطالية وذلك لاستحالة التفاوض مع الخاطفين المنتمين إلى حركة الشباب الصومالية.

وتابع الموقع الإيطالي بالقول إن "الانتكاسة التي تعرضت لها إيطاليا شملت مجالات أخرى لا تعد ولا تحصى متعلقة بالمنطقة الإفريقية".

أوضح أن مصير الصومال قد انفصل عن إيطاليا، بعد اتحاد بدأ في أواخر القرن التاسع عشر (بداية الاستعمار).

أسباب التراجع

ويعود ذلك إلى سببين: أولا، الإهمال الذي تعاملت به روما مع مستعمرتها السابقة في فترة ما بعد الحرب الباردة، وثانيا الديناميكية التركية النشطة التي أدت في أقل من ثلاثين عاما إلى طرد شبه كلي لروما من القرن الإفريقي وهو ما حدث أيضا في إثيوبيا وإريتريا. 

واعتبر الموقع أن تركيا حققت نجاحا في اكتساب نفوذ في الصومال مستغلة تراجع إيطاليا، التي أنفقت 270 مليون يورو في السنوات العشرين الماضية في التعاون من أجل تطوير وتعزيز المؤسسات في إطار التزام ثابت من حيث الوجود العسكري للأغراض الإنسانية.

أشار الموقع إلى أن تركيا كثفت منذ 2011، عام المجاعة الشديدة التي ضربت الصومال، من استثماراتها في المنطقة التي تعد رئة القرن الإفريقي ​متجاوزة بذلك الأرقام الإيطالية في عقد واحد. 

في هذا الصدد، أفاد بأن أنقرة استثمرت بأكثر من مليوني دولار شهريا في إعادة الإعمار في عام 2016 وحده، كما تم بناء مطار مقديشو بتمويل تركي. 

وتستضيف العاصمة الصومالية "أكبر سفارة تركية في القارة الإفريقية "وفي عام 2017، جرى افتتاح معسكر تركسوم الذي يضم قاعدة وأكاديمية - أكبر منشأة تركية بالخارج، يغطي مساحة 400 هكتار ويضم ألف شخص بين جنود وطلاب. 

وفيما يتعلق بالتبادل التجاري، أورد الموقع الإيطالي تسجيل زيادة من 187.3 مليون دولار إلى ما يقرب من 251 مليون دولار من عام 2018 إلى 2019.

 كما بلغت قيمة الاستثمارات أكثر من مائة مليون دولار في العقد الماضي، بالإضافة إلى إدارة الشركات التركية للبنى التحتية الإستراتيجية مثل المطار الدولي وميناء مقديشو.

وتستفيد أنقرة من أدوات تأثير تم اختبارها بنجاح في أماكن أخرى، لا سيما بين البلقان وآسيا الوسطى، مثل التعاون الإنساني، والدين (بناء المساجد)، والثقافة، والتلفزيون (تصدير المسلسلات التليفزيونية) والمنح الدراسية، وفق الموقع الإيطالي. 

في العام الدراسي 2019-2020، على سبيل المثال، منحت 98 منحة دراسية للسماح لشباب من أصل صومالي بالدراسة في إحدى الجامعات التركية. 

وفي العام 2020، كان للجانب التركي دور ريادي مطلق من حيث إرسال مساعدات إنسانية وصحية إلى الصومال للمساهمة في مكافحة واحتواء وباء كورونا.

الحضور التركي

نوه الموقع الإيطالي بالقول إن تركيا ترتبط بإثيوبيا بشراكة لا تقل أهمية عن تلك التي تربطها بالصومال. 

وباستثمارات إجمالية تبلغ ملياري وخمسمائة مليون دولار، تعد أنقرة ثاني مستثمر أجنبي في أديس أبابا (تحتل بكين المركز الأول)، وتحاول الاستفادة من التوترات مع أسمرة وجوبا لتقدم نفسها كوسيط سلام في القرن الإفريقي.

واستشهد الموقع مجددا بالأرقام التي اعتبرها أفضل طريقة لفهم عمق ومدى وحجم الوجود التركي في إثيوبيا.

وقال إن مليارين وخمسمائة مليون دولار خصصت لإثيوبيا من إجمالي ستة مليارات دولار استثمرتها الشركات التركية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في السنوات الأخيرة. 

كما ارتفع عدد شركات التركية العاملة هناك من ثلاث شركات في عام 2005 إلى مائتين في عام 2021.

في الختام، تساءل الموقع عن مصير النفوذ الإيطالي في القرن الإفريقي على ضوء هذه البيانات.

وأجاب أن ذلك سيعتمد بدرجة كبيرة على الطريقة التي تقرر بها الطبقة السياسية الإيطالية التحرك.

أي إذا ما ستستمر في الاعتماد على الأدوات التي لا تستطيع الاستفادة منها، مثل التعاون الإنمائي والبعثات الإنسانية والتجارة، أو أنها ستختار بدء لعبة المخاطرة والانضمام إلى صف القوى، مثل مصر والسعودية والإمارات، التي تراقب بعداء مفتوح تحول القرن إلى مقاطعة تركية، وفق وصف الموقع.