انشغال الحوثي بمعركة مأرب.. كيف صب في مصلحة القوات الشرعية باليمن؟

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يبدو أن قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في اليمن قد قررت تحريك جبهة تعز جنوب غربي اليمن المتوقفة منذ أكثر من 5 سنوات، مستغلة تحشيد جماعة الحوثي معظم قواتها إلى مأرب.

وبالفعل تمكنت قوات الجيش مؤخرا مدعومة بأبناء تعز من تحرير عدد من المناطق في محافظة تعز، واستولت على كميات من الأسلحة المتوسطة والثقيلة بالإضافة إلى كميات من الذخائر، إلا أن معوقات عديدة تقف حائلا في تسريع وتيرة معركة التحرير.

فك الحصار

وتحتدم المعارك حاليا في محيط المدينة بغية فك الحصار عنها حيث يدور القتال في كل من شرق المدينة باتجاه مديرية مقبنة، وغرب تعز باتجاه مديرية دمنة خدير، بالإضافة إلى الجهة الجنوبية الشرقية باتجاه مديرية حيفان.

من الناحية الغربية، يتمركز الجيش اليمني على مشارف مدينتي البرح وهجدة، وإذا تمكن الجيش من استعادة المدينتين فإنه يكون قد تمكن من السيطرة على الخط الواصل بين تعز والحديدة (غرب وسط)، ويكون قد تمكن من فك الحصار عن تعز من الجهة الغربية.

أما من الجهة الشرقية، فتدور المعارك في مناطق صبر الموادم والشقب والأحكوم مما يلي مديرية دمنة خدير، وإذا تمكنت القوات الحكومية من تحرير مديرية دمنة خدير بالكامل فإنها سوف تكون قد فكت الحصار عن تعز من الجهة الشرقية، وهي مهمة صعبة تحتاج لتخطيط محكم وقدرات نوعية.

أما إذا تمكن الجيش الوطني من تحرير مديرية حيفان ومدينة الراهدة فإنه يكون قد حرر مدينة تعز من الجهة الشرقية الجنوبية، ومع هذا، فإن التحدي الأكبر يكمن في تحرير منطقة الحوبان، شمال مدينة تعز، حيث تدور معارك قرب الخط الحيوي الذي يصل تعز بالمحافظات الشمالية في إب (وسط) وصولا إلى صنعاء (وسط غرب).

وفق متابعين، فإن حصار مدينة تعز من منطقة الحوبان في الجهة الشمالية للمدينة، هو الأمر الأكثر مشقة وكلفة على المدنيين، حيث يتسبب تمركز الحوثيين في هذا المنفذ الحيوي بخنق المدينة ومضاعفة المشقة على المدنيين، حيث يضطر المسافرون لتغيير خط السير واستغراق أكثر من 6 ساعات عبر طرق بديلة، في الوقت الذي كانوا يصلون إلى قلب مدينة تعز في أقل من نصف ساعة.

تحدي الطبيعة 

ومع أنه لا يحول دون تحرير مدينة تعز سوى مديرية واحدة من كل جهة (دمنة خدير من الشرق، ومقبنة من الغرب، وحيفان من الجنوب الشرقي) إلا أن الطبيعة الجبلية والتضاريس الوعرة تحول دون قدرة الجيش على التقدم على نحو متسارع، وتصعب من مهمة فك الحصار عن تعز.

علاوة على ذلك، فإن مناطق سيطرة المليشيا مزروعة بالألغام، بشكل عشوائي، لذا فإن استعادتها من قبل الجيش الوطني، يضاعف المخاطر على القوات، ويصعب من مهمة الانتشار فيها. 

وإذا تمكن الجيش من تحرير مديرية دمنة خدير شرق تعز، فسوف يصطدم بقوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيا، حيث تتمركز على الحدود بين محافظتي الضالع (جنوب غرب) وتعز.

كذلك الأمر في الجهة الجنوبية الشرقية التي سوف تصطدم بالقوات التابعة للمجلس الانتقالي في محافظة لحج (جنوب)، أما إذا تمكنت من فك الحصار عن تعز من الناحية الغربية، فسوف تلتقي مع القوات المشتركة في الساحل الغربي الذي يقودها طارق صالح (نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح) الموالي للإمارات.

ولاءات متعددة

يمكن لقوات الجيش الوطني فك الحصار عن تعز من الجهة الغربية حيث الخط الرئيس الذي يصل تعز بمدينة المخا (غرب) والحديدة، لو أن قوات طارق صالح  المتمركزة في الساحل الغربي تحركت والتحمت بقوات الجيش الوطني في الجبهات الغربية لمدينة تعز.

لكن طارق صالح حتى الآن لم يقم بأي مبادرة لفك حصار الحوثيين عن تعز، رغم إعلانه محاربة الحوثيين كهدف رئيس، ورغم الدعوات المستمرة داخل معسكر الشرعية للانضمام إلى قوات الجيش الوطني في معركتها الحاسمة ضد جماعة الحوثي.

ويترأس طارق صالح تشكيلات مسلحة أنشأتها الإمارات في الساحل الغربي لليمن، بمحاذاة البحر الأحمر، وتدعمها بأسلحة نوعية، وتدفع لمنتسبي هذه القوات المرتبات الشهرية بشكل منتظم.

وتعارض الإمارات تحقيق أي هدف سياسي أو إستراتيجي لقوات الجيش الوطني، وتسعى إلى زعزعة الاستقرار في اليمن وتقويض الحكومة الشرعية، من خلال دعم الانقلاب في جنوب اليمن.

كما تستهدف أبو ظبي قوات الجيش الوطني بالغارات الجوية، أو من خلال تعريض المدن اليمنية لخطر الصواريخ الحوثية، عبر سحب الدفاعات الصاروخية من مدينة مأرب (وسط)، وجعل المدينة مكشوفة للصواريخ البالستية التي تطلقها جماعة الحوثي.

دور سعودي

ومع هذه التطورات، تزايدت الدعوات للسعودية من أجل تقديم الدعم النوعي الذي يضمن حسم المعركة لصالح الجيش الوطني، وفك الحصار عن تعز، وتقديم دعم عسكري يتناسب مع قدرات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من أبناء مدينة تعز.

في حين رأى آخرون أن دور السعودية، وإن كان مهما، لكنه دور ثانوي، وأن التحدي الأكبر يكمن في وجود إرادة سياسية صادقة لتحرير تعز، عبر قرار يمني يلبي طموح اليمنيين ويعبر عن تطلعاتهم.

وفي هذا السياق يقول الكاتب والصحفي محمد اللطيفي لـ"الاستقلال": "ما يحتاجه الجيش في تعز هو إرادة سياسية رسمية موحدة وصادقة، في جعل قرار مواجهة مليشيا الحوثي الإرهابية يمنيا صرفا، ليأتي بعده الدعم السعودي سندا، وإذا ما صدقت النيات السعودية هذه المرة، وقدمت دعما جويا دقيقا لقوات الجيش، فإن تحرير بقية مديريات تعز، سيكون مسألة وقت".

ويضيف اللطيفي: "ما يمكن تأكيده هو أن التجارب السابقة أكدت أن الركون على الدعم الخارجي، لن يجدي نفعا، وعلى قيادة الجيش حسم قرار مواجهة الحوثي دون انتظار تعليمات دول الجوار، أو مراعاة حساسية الدول الكبرى".

وتابع: "التجارب أيضا أكدت على أن الخارج لا يؤمن سوى بسياسة الأمر الواقع، ويتفاوض مع من يسيطر على الأرض، بغض النظر عن كونه شرعيا أم متمردا".

وأردف الكاتب اليمني قائلا: "بالانتصارات التي يحققها الجيش بتعز، تسير بدون أي إسناد جوي من التحالف، ولذا تجري ببطء لكنها ستمضي بخطط جيدة، إذا ما وجدت الدعم الكافي عسكريا وشعبيا، وتكاتف مع الجيش كل المكونات الصادقة في عداوة المليشيا الحوثية، والتي ترى فيها خطرا وجوديا".

اللطيفي أكد عودت روح النضال ضد مليشيا الحوثي في تعز بعد جمود طويل، مشيرا إلى أن الجيش استطاع تحرير الكثير من مناطق محافظة تعز الغربية، وفرض سيطرته النارية على مواقع مهمة وخطوط إمداد إستراتيجية، واستعاد الجيش معظم مناطق مديرية جبل حبشي، بالتوازي مع سيطرته على مناطق مهمة في مديرية مقبنة، ومنطقة الكدحة".

اللطيفي ختم حديثه قائلا: "لو أتيح للجيش السيطرة التامة على منطقة البرح، وبقية مناطق مقبنة، سيتبقى خط تعز الحديدة، وهذا الخط يحتاج لخطة محكمة لتحريره، كونه مزروعا بالألغام، وفي حال سقوطه، ستكون مسألة تحرير جيوب المليشيا في مناطق كشرعب والمخلاف سهلة، ما يتيح التفرغ بعدها للتحضير للمعركة الأصعب، تحرير شرق المدينة".