"قضاء مساند".. كيف تتلاعب أسماء الأسد بقطاع الاتصالات في سوريا؟

مصعب المجبل | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تدل مؤشرات كثيرة على رغبة النظام السوري بوضع يده على قطاع الاتصالات الخلوية في سوريا، وبإشراف مباشر من قبل أسماء الأخرس، زوجة رأس النظام بشار الأسد، وذلك ضمن خطط مدروسة بدأ تنفيذها عام 2020.

وتعتبر شركتا الاتصالات، "MTN" السورية، وهي فرع عن مجموعة "MTN"، الجنوب إفريقية العالمية، و"سيريَتل"، الرئيستين والمهيمنتين على سوق الاتصالات الخلوية في سوريا.

وأبلغت وزارة الاتصالات التابعة للنظام السوري، في 27 أبريل/نيسان 2020، شركتي "سيريَتل" و"MTN" بضرورة تسديد مبالغ مستحقة لخزينة النظام عليهما، والبالغة 233.8 مليار ليرة سورية، وذلك "لإعادة التوازن إلى الترخيص الممنوح لكلا الشركتين"، وفق ما جاء بإعلان الوزارة عبر صفحتها على فيسبوك.

عملية ابتزاز

لكن حدثا مفاجئا هزَّ الأوساط السورية، حينما أصدرت حكومة الأسد قرارات بحق رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام ورجل الأعمال البارز، في 19 مايو/أيار 2020، أقساها الحجز الاحتياطي على أمواله وأموال زوجته وأولاده.

كما أقر القرار تعيين حارس قضائي على شركته "سيريتل" للاتصالات، ومطالبته بدفع مبالغ مالية ضخمة، وتجميد التداول بأسهم الشركة في بورصة دمشق.

ما دفع رامي مخلوف، الذي يعرف بأنه رجل الظل، والوكيل الحصري لكل عقود الاستثمار بسوريا، لمهاجمة تلك القرارات، والقول إنه يتعرض لضغوطات من أجل التنازل عن الشركة، شرحها في سلسلة تسجيلات مصورة نشرها عبر صفحته الشخصية بفيسبوك. 

وشكل تقليم أظافر مخلوف المعروف بأنه يد الأسد الاقتصادية، أولى المؤشرات على وجود رغبة داخل العائلة الحاكمة لتقويض هيمنته على الاقتصاد السوري، لصالح شخصيات تتبع لأسماء الأخرس مباشرة. 

ووفقا لموقع الاقتصادي السوري، فإن أرباح "شركة سيريَتل موبايل تيليكوم"، عام 2019 بلغت نحو 59.36 مليار ليرة سورية، (65.159 مليون دولار) مرتفعة بأقل من 1 بالمئة مقارنة مع أرباح 2018 التي بلغت 58.88 مليار ليرة سورية.

 وسجلت أرباح "شركة MTN" حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2019، 693 مليون ليرة، متراجعة 88 بالمئة عن أرباح الفترة المقابلة في 2018 والتي بلغت 6.1 مليار ليرة.

وفي عملية ابتزاز واضحة للشركة الأم (MTN) العالمية، من أجل دفعها لبيع حصتها إلى الجانب السوري، أصدرت حكومة النظام السوري قرارا بتاريخ 25 فبراير/شباط 2021، يقضي بفرض حراسة قضائية، على شركة اتصالات "MTN" السورية.

 واتهم النظام الشركة بمخالفة شروط عقد الترخيص، وحرمان خزينة الحكومة نسبة 21.5 بالمئة من مجموع الإيرادات.

لم تمض أيام على الخطوة الاستفزازية هذه، حتى حددت مجموعة "MTN" العالمية للاتصالات، بتاريخ 28 فبراير/ شباط 2021، مبلغ 65 مليون دولار ثمنا لبيع حصتها في سوريا، رغم إخضاع النشاط للحراسة القضائية، وفق رويترز.

ونفت المجموعة الاتهامات وقالت إنها تنوي الطعن على الحكم.

وسيكون الحارس القضائي المعين، هو "تيلي إنفست"، والتي تسعى لشراء حصة المجموعة العالمية البالغة 75  بالمئة، باعتبار أنها تملك بالأساس حصة 25 بالمئة من أسهم "MTN" السورية. 

أذرع خفية

وشركة "تيلي إنفست" هي أحد مشغلين اثنين أطلقا خدمة الاتصالات الخليوية في السوق السورية منذ عام 2002 تحت اسم "إنفستكوم"، إلا أنها ما لبثت في عام 2007 أن أتمت عملية اندماج مع مجموعة (MTN) العالمية. 

وتمتلك (MTN) العالمية حوالي 75 بالمئة من (MTN) سوريا، فيما يمتلك شريكها "تيلي إنفست" الـ 25 بالمئة الباقية من الأسهم.

وهي خطوة قرأها مراقبون سوريون على أنها محاولة لتسهيل مباحثات الاستحواذ الكامل على شركة "MTN".

 فقد عينت شركة "تيلي إنفست" المحسوبة على جناح أسماء الأسد، عضو مجلس الإدارة محمد حمدون ممثلا عنها في شركة "MTN"، بدلا من نسرين حسين إبراهيم، التي تخضع للعقوبات الأميركية، نظرا لأنها تشغل المديرة العامة لشركة "توليب للتجارة"، إحدى الواجهات الاقتصادية الداعمة لعائلة الأسد.

وبدا واضحا أن الموجة التنظيمية المدروسة لقطاع الاتصالات في سوريا، تتولى مهماتها شركات محسوبة على تيار أسماء الأسد.

اسماء الاسد تستولي على شركة MTN عن طريق شركة “Tele Invest و مجلس إدارتها يسار ونسرين إبراهيم . اجر الحراسة 10 ملايين ليرة سورية شهريا

Posted by Nasir Houshan on Thursday, February 25, 2021
  وفي هذا الصدد اعتبر الباحث الاقتصادي في مركز عمران للدراسات الإستراتيجية محمد العبد الله، أنه "يمكن النظر إلى قيام نظام الأسد بالسيطرة على شركتي الاتصالات الرئيستين سيريتل وMTN باعتبار قطاع الاتصالات من أكثر القطاعات الاقتصادية ربحية وإدرارا للدخل".

 وألمح الباحث في تصريح لـ "الاستقلال" إلى أن "نظام الأسد مؤخرا بدأ يدرك بأن موارده المالية آيلة للنفاذ بسبب العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليه، وأنه بحاجة لتأمين المتطلبات المالية اللازمة لاستمرار حكمه".

وأردف أن "المتتبع لحركة أذرع النظام الاقتصادية التي تتربع على عرش إدارتها زوجته أسماء يدرك تماما سعي النظام للسيطرة على ما تبقى من موارد اقتصادية تشكل له عوامل قوة من أجل استمراره. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف تم تسخير جميع مؤسسات النظام الأمنية والقضائية والإدارية".

فضيحة : كالعادة سرقة علنية لاسهم شركة MTN لصالح الست !! دمشق : (كلنا شركاء ) بعد صدور قرار المحكمة الإدارية بدمشق...

Posted by Ayman Abdel Nour on Friday, February 26, 2021

خطة تصفية

وحول مصير شركة "MTN" والتي بدأت عملها في سوريا عام 2007، يعتقد العبدالله أن الشركة "تدرك تماما عدم قدرتها على المجابهة لا على المستوى القضائي ولا الأمني للاستمرار في سوريا".

وقال الباحث الاقتصادي إن الخطة التي لجأ إليها النظام السوري لتصفية شركة MTN والاستحواذ عليه، جرت من خلال "تعيين شخصيات مقربة من أسماء الأسد في مجلس إدارتها أو من ناحية تسخير النظام القضائي في سوريا لفرض الأحكام التي تجبرها على الانسحاب ومغادرة البلد".

 ويتضح هذا جليا مع إقدام محكمة القضاء الرابعة بدمشق على وضع شركة "تيلي أنفست ليمتد" التي تملك أسماء الأسد اليد العليا فيها، وتحوز نسبة 25 بالمئة من رأسمال الشركة ممثلة برئيس مجلس إدارتها "حارسا قضائيا" على شركة MTN ،تمهيدا لإتمام صفقة الشراء الكاملة، وفق العبدالله. 

محاولة النظام السوري ابتلاع قطاع الاتصالات الخلوية عبر محاصرة شركة MTN العالمية، لإجبارها على بيع حصتها بسوريا، وخاصة بعد كف يد رامي مخلوف عن قطاع الاتصالات والاستحواذ على شركته "سيريتل"، هو أمر يتلاقى مع المصالح الإيرانية بالبلاد.

إذ كشفت مصادر إعلامية في منتصف أبريل/نيسان 2019، عن قرب إدخال مشغل إيراني ثالث للاتصالات الخلوية إلى سوريا.

وقد أظهرت التسريبات أن المشغل الإيراني الجديد يستحوذ على حصص من شركتي "سيريتل" و"MTN"، تعود وفق العقد إلى رجال أعمال وشخصيات رسمية في دمشق وطهران.

وهذا ما لفت إليه في معرض حديثه الباحث الاقتصادي، محمد العبد الله، بقوله: قد يكون مسعى النظام للسيطرة على قطاع الاتصالات محاولة منه لتهيئة البيئة الملائمة لانطلاق المشغل الخلوي الجديد والمحسوب على إيران وتمهيدا لنجاحه وسيطرته الكاملة على سوق الاتصالات في سوريا، مقابل الدعم الإيراني اللامحدود لاستمرار بقائه في حكم هذا البلد".

مفاجأة كبيرة: شركة MTN طلعوا حرمية متل شركة سيرياتيل... بجد صدمة العمر. ماكنت متوقع منيح يلي انتبه السيد الرئيس بالآخر. أنا توقعت انه ينتبه.

Posted by Jamal Daood on Thursday, February 25, 2021

ويتقاطع هذا الطرح مع تأكيد الدكتور خالد تركاوي، الخبير الاقتصادي السوري في مركز جسور للدراسات، من "أن هناك محاولة لإعادة هيكلة القطاع الاقتصادي السوري بما يضمن إعادة تموضعه بيد بشار الأسد بشكل رئيس".

وأردف في حديث لـ"الاستقلال": "وقد تكون أسماء الأسد مكلفة بالملف، لكن هذا لا ينفي أنه كل ما يجري في إطار العائلة وبأوامر مباشرة من بشار".

وأضاف أن "قضية ترخيص شركة الاتصالات الإيرانية هو قبل عام 2011، لكن جرى الحديث عنه قبل أكثر من خمس سنوات، وهو مرتبط بشكل رئيس بسياسة الأسد للتوجه نحو إيران".

وكانت صحيفة الوطن"، الموالية للنظام، ذكرت في 23 يناير /كانون الثاني 2017، أن شركة "MCI" الإيرانية تستعد للدخول إلى سوق الاتصالات السوري، بعد حصولها على رخصة المشغل الثالث للخليوي. 

وأكد حينها وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة النظام السوري السابق، أديب ميالة، أن المشغل الثالث سيكون تابع لشركة سورية- إيرانية.

في هذا السياق يرى مدير مركز القارات الثلاث للدراسات الباحث السوري أحمد الحسن، أن "أسماء الأسد تعتمد حاليا إستراتيجية طويلة الأمد لاستثمار فرص سياسية في فترة لاحقة في سوريا لأنها تدرك أن المراحل القادمة بحاجة إلى تبادل أدوار للمحافظة على مكاسب عائلة الأسد".

ونوه الحسن في تصريح لـ "الاستقلال" إلى أن "أسماء الأسد تحتفظ أيضا بمجموعة اقتصادية سابقة تم اقناعهم بعدم الترشح لمجلس الشعب مثل مجموعة حمشو والشهابي (رجال أعمال) وعدة شخصيات أخرى لإعطائهم دور في مرحلة لاحقة".