السعودية وإيران.. خصمان لدودان جمعهما انتهاك حقوق المعارضين بالخارج

12

طباعة

مشاركة

تشترك السعودية وإيران، الخصمان اللدودان في الشرق الأوسط، في أمر واحد، هو قيادتهما هجمات على المعارضين في الخارج، إذ تقول منظمة فريدوم هاوس الأميركية إنها وثقت تجاوزات للدولتين فيما يخص تلك الهجمات. 

وقالت صحيفة البايس الإسبانية إن محكمة بلجيكية أصدرت في 4 فبراير/شباط 2021 حكما بالسجن 20 عاما في حق دبلوماسي إيراني بتهمة التخطيط لهجوم فاشل ضد مجموعة من المعارضة الإيرانية في عام 2018. 

وتعد هذه المحاكمة أول إدانة من هذا النوع بعد سلسلة من القضايا التي تورط نظام طهران في اضطهاد معارضيه في أوروبا. بهذا المعنى، لا يعد النظام الإيراني الوحيد في ملاحقة معارضيه خارج حدوده.  

في حقيقة الأمر، يوجد المزيد من الديكتاتوريات التي توسع قمعها في الخارج، وهو ما أكدته في فبراير/شباط فريدوم هاوس. 

إيران والسعودية

وبعد الصين، يوجد اثنين من أكبر المعتدين العابرين للحدود في الشرق الأوسط: إيران والمملكة العربية السعودية، إلى جانب غيرها من الأنظمة. 

وأضافت الصحيفة أن القتل والاختطاف والتهديد والترحيل غير القانوني وكل شيء يؤدي إلى إسكات النقد هي من الأساليب المميزة لهذه الأنظمة. 

في هذا السياق، تصدر مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في القنصلية السعودية بإسطنبول عناوين الصحف حول العالم. لكن لا يعرف كل الضحايا بشكل جيد.  

وفي تقرير فريدوم هاوس، الذي يحمل عنوان "بعيدا عن الأنظار، ليس بعيد المنال"، تُعرض تفاصيل 608 حالات قمع عابرة للحدود، نفذتها 31 دولة منذ عام 2014. 

لكن تلك المنظمة، التي تمولها الحكومة الأميركية تقدر أن الهجمات لا تؤثر فقط على ضحاياها المباشرين، بل تتعدى ذلك، حيث تعمل على ترهيب وإكراه حوالي 3.5 مليون شخص حول العالم. 

وأوضحت الصحيفة أن التقرير الذي أصدرته منظمة فريدم هاوس، يؤكد أن "ما يبدو أنها حوادث منعزلة عند النظر إليها بشكل منفصل، من جريمة قتل هنا وخطف هناك؛ هي في الواقع تهديد دائم في جميع أنحاء العالم".

 وتؤثر هذه الحوادث على حياة الملايين من الناس وتغير طريقة عيش الناشطين والصحفيين والناس العاديين، وفق المنظمة.

ويوضح التقرير ذاته أن "القمع العابر للحدود لم يعد أداة استثنائية، ولكنه ممارسة عادية ومؤسسية من قبل عشرات البلدان التي تحاول المراقبة والسيطرة على مواطنيها في الخارج".

وأوردت الصحيفة أنه للقيام بذلك، تستخدم الأنظمة القمعية جميع الموارد المتاحة لها. وتتنوع هذه الأساليب من مراقبة الشبكات الاجتماعية إلى الترهيب الجسدي للمعارضين أو المنفيين وابتزاز عائلاتهم، وتشمل أيضا الضغط على الدول التي لجؤوا إليها. 

وبحسب التقرير، فإن معظم أنشطة هذه الديكتاتوريات تتضمن درجة معينة من التعاون بين بلد الضحية والدولة المضيفة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالترحيل غير القانوني، مثل الترحيل الذي أعاد الصحفي روح الله زم إلى إيران من العراق المجاور، والذي أعدم فيما بعد.  

وأوردت الصحيفة أن هذا التواطؤ ليس ممكنا في جميع الأحوال. ومن بين الدول التي تقدر بحوالي 79 دولة، التي سجلت فيها الحالات التي جمعتها منظمة فريدوم هاوس، هناك أيضا العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة وديمقراطيات أخرى لا تمتثل إلى هذه الأساليب. 

لكن، أمام هذا الرفض، تلجأ هذه الديكتاتوريات إلى استخدام صيغ وأساليب أخرى، مثل إلغاء جواز السفر للحد من تحركات الخصم في الخارج أو استغلال موارد القانون الدولي.  

وندد التقرير باستغلال عشرات الدول، بما في ذلك الصين وروسيا وإيران، لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول). 

وينعكس ذلك في إساءة استخدام تنبيهاتهم، المعروفة باسم "النشرات الحمراء العامة المتعلقة بالأشخاص المطلوبين"، لمحاولة اعتقال المعارضين أو طرد المنفيين.

إسكات الخصوم

وأفادت الصحيفة بأنه إذا كان هدف إسكات الخصوم والعديد من التكتيكات أمرا شائعا بين هذه الديكتاتوريات، فإن كل دولة تقدم أيضا خصائصها المميزة. 

على سبيل المثال، تركز الصين، المسؤولة عن ثلث الحالات المسجلة، على أقليات الإيغور والتبت وأتباع حركة فالون غونغ.  

أما روسيا التي يثير خصوم الرئيس فلاديمير بوتين فيها قلقا خاصا، وإيران والسعودية؛ فتستهدف جميع المنفيين الذين يعبرون عن استيائهم ومعارضتهم بشكل عام وتحاول جلبهم إلى بلدانهم، حتى لو كان ذلك عن طريق الخداع. 

وبينت البايس أن ترهيب المعارضة الإيرانية في الخارج مكثف بشكل خاص. ومنذ ثورة 1979، لجأ النظام الإيراني إلى قتل المعارضين في المنفى.

 وبعد هدنة في بداية القرن، لجأت إيران مرة أخرى إلى هذا التكتيك والاختطاف والترحيل غير القانونيين. 

ومنذ عام 2014، يربط التقرير طهران بخمس جرائم قتل أو محاولات اغتيال في ثلاث دول، إلى جانب خطط محبطة في دولتين أخريين على الأقل؛ يحاكم أحد المسؤولين عنها في بلجيكا. 

أما الأسلوب الأكثر انتشارا والأقل وضوحا فيتمثل في التجنيد الطوعي أو القسري للإيرانيين الذين يعيشون في الخارج، "وهو عنصر أساسي في حملة القمع العابر للحدود".  

ونوهت الصحيفة بأن الهاجس الآخر الذي يؤرق الأنظمة الديكتاتورية يتمثل في الصحفيين. وفي هذا المعنى، تعد الصحفية الإيرانية، مسيح علي نجاد، مثالا واضحا على ذلك. 

وفي تصريح لها لصحيفة البايس خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2020، أكدت الصحفية أن المضايقات على الشبكات الاجتماعية تحولت إلى تهديدات بالقتل بعد إعدام الصحفي روح الله زم. 

وبالنسبة لها، فقد امتد الضغط إلى عائلتها، ففي الوقت الراهن، يقبع شقيقها في السجن لرفضه التعاون في ترتيب خدعة لتعود علي نجاد إلى إيران. 

وقبل عام، ذكرت مراسلون بلا حدود أن مائتي صحفي إيراني منفي يتعرضون للترهيب، ويتعرض ربعهم إلى التهديدات بالقتل.  

وذكرت الصحيفة أنه فيما يتعلق بالسعودية، تسلط فريدم هاوس الضوء على جانب خاص بالنوع الاجتماعي، يميّز المملكة عن البلدان الأخرى. 

وجاء في التقرير: "قد يرجع ذلك جزئيا إلى هياكل ضبط الأسرة، ولكن أيضا إلى الإسقاط الاستثنائي لناشطات حقوق المرأة السعودية، مما يجعلهن أهدافا للدولة نفسها".  

ويقدم التقرير مثالا على ذلك، يتجسد في حالة دينا علي السلوم، التي حاولت في عام 2017 الفرار إلى أستراليا لتجنب زواج قسري، والتي أعيدت من الفلبين، حيث تعرضت للإيقاف. ويشدد التقرير على أنه: "لا يمكن أن يحدث ذلك دون تدخل الدولة السعودية". 

علاوة على ذلك، يسلط التقرير الضوء على تعاون ممالك الخليج الأخرى في ما لا يقل عن ثلاثة من بين 10 عمليات ترحيل غير قانونية لمواطنيها وثّقتها المنظمة؛ بما في ذلك تسليم الناشطة السعودية لجين الهذلول من قبل الإمارات العربية المتحدة في عام 2018.  

ويعلق التقرير أن "النطاق الشامل للتعاون بين دول الخليج غير معروف". ويذكر أن هناك مؤشرات على أن هذا التعاون يدار "على المستوى الشخصي، بغض النظر عما تنص عليه الاتفاقيات الأمنية الرسمية".