مركز أبحاث هندي: ابن سلمان يحاول "إثبات نضجه" عبر استرضاء بايدن

12

طباعة

مشاركة

منذ وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، يساور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قلقُ بشأن مستقبل العلاقات بين البلدين، ويحاول يائسا إعادة تأهيل نفسه للحصول على مغفرة الإدارة الجديدة.

بايدن انتقد ابن سلمان، ووصف المملكة بأنها دولة "منبوذة"، وأضاف أنه لن يسمح للنظام السعودي بالاستمرار في انتهاكات حقوق الإنسان، وأنه سيتوقف عن بيعه الذخائر التي تستخدمها المملكة في حربها باليمن

كما أعلن الرئيس الأميركي الجديد أكثر من مرة، أنه سيعود إلى الاتفاق النووي مع إيران، العدو اللدود للسعودية.

وتقول مؤسسة أبوزرفر الهندية للأبحاث "ORF": "يحمّل المراقبون محمد بن سلمان مسؤولية المأساة الإنسانية الناتجة عن تدخل المملكة العربية السعودية في حرب اليمن". 

إضافة إلى تراجع سجل حقوق الإنسان في المملكة، حيث أمر ابن سلمان باعتقال ناشطات حقوق المرأة، وجرى اتهامه بإصدار أمر بقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي. 

وقد ينشر بايدن تقرير وكالة المخابرات المركزية الذي يدين محمد بن سلمان في مقتل خاشقجي، وفق المركز.

خطوات للتصالح

على مدار يناير/كانون الثاني 2021، وبالنظر إلى خطورة نظرة بايدن إلى المملكة، اتخذ محمد بن سلمان عددًا من الخطوات للتصالح مع الرئيس الأميركي الجديد.

أولاً، خففت محكمة الإرهاب السعودية الحكم على الناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول. ويمكن الآن إطلاق سراحها في مارس/آذار 2021. 

ومع ذلك، لا يزال يتعين على لجين أن تقضي ثلاث سنوات تحت المراقبة، والتي يمكن خلالها اعتقالها بسبب أي نشاط "غير قانوني"، كما سيتم فرض حظر سفر عليها لمدة 5 سنوات.

كما جرى تخفيض عقوبة وليد فتيحي، وهو طبيب أميركي سعودي، إلى النصف. وقد اعتقل فتيحي عام 2017 في إطار حملة محمد بن سلمان لمكافحة الفساد وحكم عليه بالسجن ستة أعوام.

اتهمت الحكومة السعودية فتيحي بالتعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين التي يعتبرها النظام الملكي السعودي إرهابية.

علاوة على ذلك، لاحظ ناشطون أن انتهاكات الحكومة السعودية لحقوق الإنسان سجلت انخفاضًا في عمليات الإعدام في البلاد.

 وفقًا للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان السعودي (ESOHR)، أعدمت الحكومة 27 شخصًا في عام 2020.

وهذا أقل رقم مسجل منذ أن بدأت المنظمة مراقبة عمليات الإعدام في عام 2013. وجرى إعدام أكثر من 180 شخصًا في عام 2019.

كما تنازل محمد بن سلمان عن حصار قطر الذي بدأته مع الإمارات والبحرين في يونيو/حزيران 2017، لمعاقبتها على تعميق العلاقات مع طهران ودعمها للإخوان المسلمين، بحسب الاتهامات الموجهة لها من الدول الثلاث. 

وعلى الرغم من اعتراضات الإمارات، وافق ولي العهد السعودي على حل الخلاف مع قطر وفتح التجارة والسفر.

ويقول المركز: "يُنظر إلى بداية حل الخلاف مع قطر على أنها محاولة من محمد بن سلمان ليثبت لبايدن أنه بلغ سن الرشد ويمكنه التعامل مع الاختلافات بطريقة ناضجة".

وساطات أخرى

بعد فترة وجيزة، عرضت قطر التوسط بين الرياض وأنقرة، حيث تراجعت العلاقات لعدة أسباب من بينها حصار الدوحة.

 ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قرار مجلس التعاون الخليجي بأنه "مفيد للغاية"، بل وأعرب عن أمله في أن يمهد الطريق للمصالحة بين السعودية وتركيا.

وبحسب ما قال أردوغان: "نأمل أن يتم إعادة تأسيس مكانتنا مع مجلس التعاون الخليجي، وهذا سيجعل المجلس أقوى". ويقول المركز إن "التقارب بين القوتين من شأنه أن يغير مستقبل المنطقة بشكل كبير، لكنه سيهمش الإمارات".

 في الوقت الحالي، يبدو الأمر يميل للأمل أكثر من الواقعية، فمن غير المرجح أن يكوّن السعوديون صداقات مع تركيا، التي تعد أكبر داعم للإسلاميين السياسيين الذين يعتبرهم محمد بن سلمان عدوًا للنظام الملكي.

في الوقت ذاته، يخشى الكثيرون أن تكون التنازلات المتعلقة بحقوق الإنسان ذات طبيعة تجميلية أيضًا. 

فعلى الرغم من أنه أجرى إصلاحات اجتماعية كبيرة تسمح للشباب بالاستمتاع بالحفلات الموسيقية والاختلاط بين الجنسين بشكل أكثر انفتاحًا، إلا أن مجال المعارضة في الداخل السعودي تقلص كثيرا، وفر العديد من الناشطين الشباب من البلاد خوفا من الاضطهاد.

قبل صعود محمد بن سلمان، كان بإمكان الناشطين أن يطالبوا بإصلاحات قانونية حتى ولو همسا، أما الآن، فلا يمكنهم ذلك. 

لا يزال ولي العهد السابق محمد بن نايف الذي كان رجل الغرب في التعاون ضد تنظيم القاعدة، قيد الإقامة الجبرية ولم يسمع عنه أحد منذ شهور.

مع تولي بايدن الرئاسة، يواجه الرئيس الجديد تحديًا خطيرًا: كيف يتعامل مع المملكة دون خسارة الاستثمارات والعلاقات معها. 

وتستثمر العديد من الشركات الأميركية في مدينة نيوم التي يحلم بها محمد بن سلمان، والتي تعد واحة صناعية ذكية في صحراء المملكة. ويقول المركز الهندي: "يبدو أن السعوديين والإماراتيين قد حصلوا بالفعل على تنازل كبير".

 وبحسب ما ورد من عدة مصادر، يخطط فريق بايدن إشراكهم في مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران، حيث شعرت الرياض وأبو ظبي بالانزعاج عندما أجرى الرئيس الأسبق باراك أوباما مفاوضات سرية مع إيران دونهما.

في الأثناء، ينظم ناشطون حملات تطالب بايدن بمعاقبة السعودية والتوقف عن بيعها أسلحة أميركية. لكن لوبي السلاح في الولايات المتحدة أقوى بكثير من ذلك.

ويوضح المركز: "يبقى أن نرى ما إذا كان بايدن سيفعل ما قاله أم أنه سيختار طريقًا يخدم الشركات الأميركية أكثر".