بعد 10 سنوات.. صحيفة إسبانية: الربيع العربي مجرد بداية لثورات الكرامة

12

طباعة

مشاركة

بعد 10 سنوات من اندلاع الشرارة الأولى لثورات الربيع العربي، تنوعت مواقف المشاركين والثائرين في هذه الاحتجاجات التي هزت المنطقة برمتها، بين الإحباط والأمل.

وفي حوار مع صحيفة "البايس" الإسبانية، اعترف شاب سوري طلب عدم الكشف عن هويته، شارك في الاحتجاجات ويعيش اليوم في المنفى بينما دمرت الحرب الأهلية بلاده، قائلا: "لو علمت أن نصف مليون شخص سيموتون، لما خرجت للتظاهر ضد النظام".

لكن، وجد آخرون من بين الذين نزلوا إلى الشوارع أسبابا للأمل، ونقلت "البايس" عن مدرس يبلغ من العمر 36 عاما، اختار البقاء في سوريا رغم القمع، قوله إنه "على المدى الطويل، سيكون الأمر إيجابيا".

وعموما، "لم يضع الإحباط من عدم نجاح الموجة الثورية حدا لأحلام الحرية التي طالما حرم منها العرب". 

مصر إلى الأسوأ 

وأوردت الصحيفة أن الشابة المصرية، "روان مازن"، تحدثت عن اللحظات الأولى للثورة قائلة: "عندما غادرت المنزل للمشاركة في الاحتجاجات، تركت رسالة كوصية. وفي الشارع، رأيت للمرة الأولى الكثير من الجنود والقناصة والدبابات، لقد كان مشهدا مرعبا، لكن هدفنا كان لا يصدق". 

وواصلت قائلة: "إن لحظة سقوط الرئيس الأسبق حسني مبارك (في 10 فبراير/شباط 2011)، كانت أسعد لحظة في حياتي، كان الجميع سعداء للغاية، وللمرة الأولى، شعرت أنني تنفست الحرية". 

لكن، منذ انقلاب الجنرال "عبد الفتاح السيسي" على الرئيس الشرعي المنتخب ديمقراطيا "محمد مرسي" عام 2013، تعتبر روان أن "الوضع في البلاد قد تحول من سيء إلى أسوأ".

وعلقت قائلة: "لا توجد حرية، ولا ديمقراطية، ولا حياة بشرية". 

لحظة فريدة

وقالت الصحيفة إن المحامي "أنس جودة"، الذي لا يزال مستقرا في سوريا، يتذكر أنه "شارك بالفعل في حلم عام 2011، مثل كل أصدقائه؛ ودعموا الحركة الاحتجاجية".

وكان أكثر ما يتذكره "جودة" هو "الرغبة في التغيير والأفكار الجديدة.. وتلك البيئة الجديدة التي لم يعتد عليها في سوريا.. حيث بدأ الناس يتحدثون عن الرغبة في الحرية والحقوق.. وعموما، كانت لحظة فريدة".

وأضاف المحامي قائلا: "بعد 10 سنوات، وجدنا أنفسنا على الجانب الآخر تقريبا، تبقى فكرة التغيير في أذهان الجميع".

وواصل مؤكدا: "نحن في بداية عملية طويلة. كانت أعمال الشغب مجرد البداية. الأمر متروك للمجتمعات لإيجاد أفضل طريقة لتحقيق التغيير لأننا لا نستطيع استيراد نموذج، وعلينا تطويره بأنفسنا".

وأضاف جودة: "المهم هو أن نحافظ على الروح، لكن الأمر الآن أكثر صعوبة لأن الغالبية الصامتة، الطبقة الوسطى، تخشى أي شخص يتحدث عن التغيير". 

يمن مدمر

نقلت "البايس" عن المدرس اليمني، "عبده سعد"، قوله: "أتذكر الحماس الذي شاركناه جميعا، والرغبة المشتركة في مستقبل أفضل، ووحدة الأحزاب السياسية، التي تتقاتل حاليا فيما بينها؛ وكذلك الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لتحقيق أهداف الثورة".

وأضاف "لقد شاركت في التظاهرات لأني شعرت أنه واجبٌ وطني وأخلاقي، وأيضا لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة، كما كنت أطمح إلى تحقيق حياة كريمة ومستقبل مزدهر".

وأبدى "سعد" شعوره بالأسف لأن الشعب اليمني "لم يحقق أهدافه، ولأن الظروف سهلت الاضطرابات والعنف الذي كان بمثابة ذريعة للتدخل العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية". 

وواصل قائلا: "لقد دمرت الحرب هذا البلد، وفاقمت الأزمة الاقتصادية والجوع والفقر، كما قتل آلاف المدنيين، وتسببت في نزوح عدة ملايين من الأشخاص. كان من الخطأ إشراك ممثلي النظام القديم في المرحلة الانتقالية". 

ثورات الكرامة

وفي تقرير آخر، نقلت "البايس" عن "كاوا حسن"، نائب رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد "إيست ويست"، قوله إن "عشر سنوات ليست إطارا زمنيا كافيا لتطوير تغييرات كبيرة".

وأضاف "عموما، لم تنته بعد ثورات الكرامة، رغم قمعها، إلا أنها ستتكرر مرة أخرى.. ربما بطريقة أكثر عنفا، وربما لا، وفي جميع الأحوال، من الواضح أنه لا عودة إلى النظام السياسي قبل عام 2011".

وخلال محادثة هاتفية مع "البايس"، اعترف "حسن" أن "المتظاهرين، خلال ثورات الربيع العربي، وجدوا أنفسهم عالقين بين حكومات استبدادية وجهات فاعلةـ غير حكوميةـ استبدادية. وفي الواقع، تدخلت القوى المعادية للثورة حتى في البلدان التي لم تشهد ثورات".

ومع ذلك فإن "حسن" مقتنع بأن "عامل الخوف اختفى إلى الأبد، ولا يمكن لأي قوة في المنطقة أن تكون في مأمن من الاحتجاجات".

وأشار إلى أن "المجتمعات لا تزال تصر على تحدي النظام السياسي، كما تبيّن خلال سنة 2019. في العراق ولبنان، بل والأكثر غرابة في الجزائر، وحتى في السودان حيث أطاحوا بعمر البشير وبدؤوا حركة هشة نحو التحول الديمقراطي".

وأوضحت الصحيفة أن "منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسجل وبشكل ملحوظ أعلى معدلات عدم المساواة الاقتصادية في العالم".

وأشارت إلى أن "القمع نجح في الوقت الحالي، في تكميم أفواه المحتجين"، لكن "حسن" يدافع عن أنه "رغم صمود الأنظمة الاستبدادية، إلا أن مطالب المواطنة الكريمة لن تختفي".

ولفتت الصحيفة إلى أن "حالة السخط بسبب تدهور الأوضاع عالية في المناطق التي تشهد حروبا".

ووفق استطلاعات شركة "يوجوف" فإن "75 بالمئة من السوريين و73 بالمئة من اليمنيين و60 بالمئة من الليبيين يعدّون أنهم أسوأ حالًا مما كانوا عليه قبل الربيع العربي".

لكن حتى في "مصر والعراق والجزائر"، رغم أن نصف هؤلاء لا يعدون أن وضعهم قد ساء، إلا أن ربعهم فقط قالوا إنهم أفضل حالا الآن. 

ممالك البترول

وأوضحت الصحيفة أن "ممالك البترول التي اشترت رغبات الشعوب والسلام بالبترودولار، اختارت التنمية الاقتصادية كبديل للديمقراطية، ومن هنا جاء الالتزام بالتنويع والانفتاح الاجتماعي مع تقييد الحريات السياسية، في تلك الأنظمة الاستبدادية التي تفتقر إلى الموارد، يعمل نهج العصا والجزرة بامتياز". 

وإلى أي وقت يمكن لمواطني منطقة الخليج الصمود أمام موجة القمع، قال محلل "إيست ويست"، حسن إنه "ليس من الواضح إلى أين نتجه، كما أن الأنظمة الحالية أكثر قمعية وأكثر استعدادا لاستخدام القوة، وسيقاتلون حتى الموت للحفاظ على السلطة". 

من جهتها، قالت "لينا الخطيب"، مديرة برامج العالم العربي في مركز الأبحاث البريطاني "تشاتام هاوس"، خلال مؤتمر عبر الإنترنت، إنه "من السابق لأوانه اعتبار أن الربيع العربي قد كان فاشلا". 

أما محلل معهد "إلكانو" الإسباني، "هيثم أميرة فيرنانديز"، فإن "الثورات والتغييرات التي تتبعها هي عبارة عن عملية طويلة، مع العديد من حالات الصعود والهبوط، التي يترتب عنها بالطبع الكثير من خيبات الأمل".

وختم "فيرنانديز" تصريحه بالقول: "عموما، لم تنته أي ثورة ذات تأثير تحويلي في العالم في غضون سنوات قليلة ودون أي ردّة فعل".