مجتبى خامنئي.. نجل المرشد الإيراني الذي يقترب من وراثة عرش أبيه

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في ظل تضارب الأنباء بخصوص تدهور صحة المرشد الإيراني علي خامنئي، أعيد طرح اسم نجله الأبرز "مجتبى" لخلافته في منصب يشكل أهمية كبيرة في إيران والمنطقة بشكل عام.

وفي 5 ديسمبر/كانون الأول 2020، ذكرت مجلة "نيوزويك" الأميركية أن "خامنئي نقل سلطاته إلى ابنه مع تصاعد المخاوف بشأن تدهور صحته"، لكن السلطات الإيرانية نفت بعد يومين عبر وكالة "فارس" الرسمية، ووصفت الحديث عن تدهور صحة خامنئي بأنها "شائعات".

شخصية غامضة

إعادة طرح اسم، مجتبى خامنئي، من جديد لخلافة والده، أثار الحديث عن شخصية وصفتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بأنها "غامضة"، فهو رجل دين مثل والده.

اسمه الكامل "مجتبى علي جواد الحسيني خامنئي"، يبلغ من العمر 51 عاما، وهو الابن الثاني من بين 6 أولاد للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، بعد شقيقه مصطفى، وله شقيقان آخران هما: محسن ومیثم، وشقيقتان.

يواصل "مجتبى" إكمال تعليمه الديني في مدينة "قم" التي انتقل للدراسة فيها منذ عام 1999. للوصول إلى مرتبة "آية الله" إذ إن منصب المرشد الأعلى، يحتم على شاغله الحصول عليها، وهي أعلى درجة دينية لدى الشيعة.

زوجة "مجتبى" هي ابنة غلام علي حداد عادل، وهو أستاذ جامعي، ورئيس مجلس الشورى السابق، ومن الواضح أن "خامنئي" حريص على أن يُصاهر رجال الدين وقيادات السياسة لأغراض عدة، ليس أقلها طمأنتهم وكسب ثقتهم إلى صفّه.

ورغم أن "علي خامنئي" ليس ملكا ولا يمكنه ببساطة نقل السلطة إلى ابنه، إلا أن "مجتبى" يتمتع بسلطة كبيرة داخل الدوائر الموالية لوالده، بما في ذلك في مكتب المرشد القوي، الذي يشرف على الهيئات الدستورية.

وفي عام 2009، جرى تسليط الأضواء على "مجتبى" خلال الحملة القمعية العنيفة ضد الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها، إذ يعتقد أنه كان مسؤولا بشكل شخصي عن حملة القمع.

ثراء وسطوة

تقارير صحفية أفادت بأن مجتبى، يعتبر الأكثر ثراء ونفوذا من بين الشخصيات السياسية في إيران، إذ تقدر ثروته بنحو 3 مليارات دولار، أودع معظمها في بنوك المملكة المتحدة وسوريا وفنزويلا وعدد من دول إفريقيا، أما مقدار ثروته من الذهب والألماس فيبلغ 300 مليون دولار.

وأشارت التقارير إلى أن "مليار دولار" من مجموع ثروة مجتبى، حصل عليها من الضريبة الخاصة على مبيعات النفط، فهو يفرض دولارا واحدا على كل برميل نفط صادر إلى الصين والهند، وما بين 5 إلى 15 دولارا على مبيعات النفط الإيراني بشكل عام.

ووضع مجتبى يده على أراض واسعة ملك الدولة، في مدينة مشهد، محولا إياها إلى ملكيته الخاصة، وأهداه رئيس البرلمان الحالي "محمد باقر قاليباف" عندما كان رئيسا لبلدية طهران، هكتارات واسعة من أراضي الدولة في أعالي منطقة عباس آباد في العاصمة ومناطق أخرى.

وتشير تقارير إلى أن نجل خامنئي يمتلك في مدينة مشهد أكبر مركز للتسوق (مول) فيها، إضافة إلى أضخم مشروع سكني تجاري، وطائرة سفر خاصة، وطائرة هليكوبتر للرحلات العاجلة، وأسطولا من سيارات المرسيدس حديثة الصنع، وأحصنة.

كذلك يسيطر "مجتبى" على أصول مالية ضخمة، ففي 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وخلال الذكرى الأربعين لأزمة الرهائن، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مجتبى، مشيرة إلى أن مجموعة من الأسباب وقفت وراء اتخاذ القرار.

وذكرت الوزارة على موقعها، أن مجتبى خامنئي كان من بين من شملتهم العقوبات، لأنه "يمثل والده بصفة رسمية، رغم أنه لم يُنتخب أو يُعيّن في منصب حكومي، باستثناء عمله في مكتب والده".

وأضافت: أن المرشد الأعلى الإيراني "فوض جزءا من مسؤوليات قيادته إلى ابنه، الذي عمل عن قرب مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني (قاسم سليماني)، إلى جانب عمله مع الباسيج، لتعزيز طموحات والده المزعزعة لاستقرار المنطقة، وأهدافه المحلية القمعية".

وعادت وزارة الخزانة الأميركية لتأكيد أنها فرضت العقوبات على مجتبى، لأنه "تصرف أو زُعم أنه تصرف، نيابة عن أو لصالح المرشد الأعلى، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".

وبعد الانتخابات الإيرانية في 12 يونيو/حزيران 2009، جمّدت الحكومة البريطانية حسابا مصرفيا في بنك بريطاني بقيمة 1.6 مليار دولار، بناء على طلب من الاتحاد الأوروبي. وتردد أن الحساب مملوك للحكومة الإيرانية، ويتحكم فيه مجتبى خامنئي.

مرشح "الثوري"

وحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز"، في يناير/كانون الثاني 2020، فإن المتشددين في إيران يعتقدون أن لهم اليد العليا لاختيار خليفة خامنئي، ويعتمد الاختيار على ميزان القوة داخل إيران، والذي يميل الآن أكثر لصالح الحرس الثوري وأنصاره من المتشددين.

ونقلت الصحيفة عن محللين، قولهم: إن "للحرس الثوري بعض التأثير على المرشد علي خامنئي، لكنه يظل مواليا له ويحترم كلمته الأخيرة في جميع الشؤون، وبالتالي فإن الزعيم المقبل، قد لا يتمتع بذات السلطة التي يملكها خامنئي".

وحسب التقرير، فإن مجتبى يخوض معركة محتدمة مع المرشح الآخر المتحمل إبراهيم رئيسي، لخلافة خامنئي (81 عاما) في منصب المرشد الأعلى، ورغم أن الخلافة لم تناقش علنا، إلا أن التكهنات في الكواليس لم تتوقف حول الشخصية التي يفضلها الحرس الثوري لخلافة خامنئي، ممثلة في نجله مجتبى.

ووفق دراسة نشرتها المتخصصة في الشأن الإيراني "فاطمة الصمادي" بموقع "الجزيرة نت" في 15 مارس/آذار 2015، فإن مجتبى خامنئي، هو الرجل القوي الذي يجمع بين تأييد الحرس الثوري وقوات التعبئة "باسيج"، وعدد لا يُستهان به من رجال الدين.

وكشفت وثيقة لـ "ويكيليكس" مسربة: "أن المرشد الأعلى علي خامنئي يحضِّر ابنه الذي تلقى تعليما دينيا ليخلفه في منصب المرشد"، وقد تعاظم حضور مجتبى ونفوذه خلال السنوات الأخيرة في مختلف المؤسسات القوية في إيران.

لعب "مجتبى خامنئي" دورا كبيرا في انتخاب أحمدي نجاد عام 2005، وقد اتهمه "مهدي كروبي" صراحة بالتدخل في الانتخابات بصورة غير قانونية، وكذلك الحال في الانتخابات الرئاسية العاشرة، وإعادة انتخاب أحمدي نجاد 2009، وأثناء الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات خرجت شعارات تندد بدور مجتبى خامنئي.

ورغم التعقيد الذي يحيط بانتخاب خليفة المرشد، إلا أن مجتبى، يبقى في مقدمة الأسماء التي تطرح على هذا الصعيد، فهو من "السادة" (الانتساب لآل النبي محمد حسب قولهم).

كما أن "مجتبى" ما زال شابا مقارنة بباقي المرشحين (51 عاما)، ولديه نفوذ مالي وأمني، ويمتد هذا النفوذ إلى خارج إيران، حيث تجمعه علاقات قوية مع قادة كبار في حزب الله، ووُجهت له اتهامات بخصوص صفقات تجارية مع الخارج، وفقا للدراسة.

لكن أبرز نقاط ضعفه، غيابه عن الفضاء العام، وعدم مشاركته بالنشاطات العامة، ولم يقدّم إلى اليوم ما من شأنه أن يدعم موقعه في مجال الاجتهاد الديني، ويضاف إلى ذلك ما قد يساق من نقد على صعيد "توريث ولاية الفقيه"، حسبما ذكرت الدراسة.

وخلال السنوات العشر الماضية، قال بعض رجال الدين: "إن مجتبى يتم إعداده ليكون فقيها دينيا، وهو ما من شأنه أن يعزز موقفه ورتبته على نحو غير عادي في دائرة رجال الدين في إيران".

وتحقيقا لهذه الغاية، قام "مجتبى" بإعطاء دورات دينية متقدمة في مدرسة قم منذ عام 2009، وفقا لموقع "جهان نيوز" المحافظ، وهو ما أزعج بعض رجال الدين الذين يعتقدون أن مجتبى يستغل منصب والده.

وأفاد الموقع الإيراني، بأن رجال الدين المقربين من خامنئي يقومون بدعوة رجال الدين المشهورين في قم للمساعدة في رفع مجتبى إلى موقع "الفقيه" كخطوة أولى في إعداده لدور المرشد الأعلى بعد وفاة والده.