صحيفة روسية: لهذا توقف الحوار الليبي في تونس بشكل مفاجئ

12

طباعة

مشاركة

في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، انتهت جلسات ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس، دون تسمية حكومة انتقالية تشرف على إجراء انتخابات محتملة عام 2021.

وقالت رئيسة البعثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز خلال مؤتمر صحفي عقدته في تونس مساء ذلك اليوم: "لدينا الآن خريطة واضحة لإجراء الانتخابات. اتفقنا على الاجتماع مجددا عبر الإنترنت خلال أسبوع".

وعن هذا الموضوع، قالت ماريانا بيلنكاي الكاتبة والمحللة المتخصصة في الشؤون الإفريقية في صحيفة كوميرسانت الروسية: "توقف منتدى الحوار السياسي الليبي، الذي عقد في تونس تحت رعاية الأمم المتحدة، بشكل غير متوقع فور ورود أنباء النجاحات الأولى في العمل".

شكوك ليبية

ومع ذلك، فقد تم بالفعل الإعراب عن شكوك في أن السياسيين الليبيين سيكون لديهم الوقت للاستعداد للانتخابات من عدمه.

تضيف بيلنكاي: "لا يوجد وضوح بشأن من سيقود ليبيا خلال الفترة الانتقالية، لكن الشيء الرئيسي هو أنه ليس كل الليبيين يثقون في مندوبي المنتدى أو حتى مستعدون للتعرف على القرارات التي يتخذونها".

وذكرت أنه "في البداية، كان من المفترض أن تستمر الجولة الأولى من الحوار في ضاحية العاصمة التونسية قمرت، أسبوعا، لكن بعد ذلك وردت أنباء عن تمديد أعمال المنتدى حتى 20 نوفمبر/تشرين الثاني، وفجأة انتهى كل شيء قبل ذلك بكثير، رغم وعود ستيفاني ويليامز باستمرار الحوار خلال أسبوع".

وبحسب قولها: كان هناك تقدم "جيد للغاية" في المفاوضات، حيث تمكن 75 مندوبا (شخصيات ليبية) في المنتدى من الاتفاق على إجراء الانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، وكذلك على الخطوات التي ينبغي أن تسبق هذا الحدث. 

بالإضافة إلى ذلك، هناك اتفاق على تمثيل المرأة والشباب في الحكومة، وبات الآن من الضروري اختيار متطوعين لتشكيل لجنة تعمل على "الأساس الدستوري للانتخابات". وأكدت ويليامز أن "النزاع الذي دام عشر سنوات لا يمكن حله في أسبوع واحد".

من بين المشاكل الرئيسية التي لم تحل، تشكيل إدارة انتقالية، والتي ينبغي أن تحكم البلاد حتى الانتخابات، وفق الكاتبة.

وأردفت: "نحن نتحدث عن كل من المجلس الرئاسي والحكومة المؤقتة، إذ يجب أن يتألف المجلس من رئيس ونائبين يمثلون جميع مناطق ليبيا الثلاث (طرابلس وبرقة وفزان). يجب أن يكون رئيس الحكومة ونائباه من مناطق مختلفة أيضا". 

وعلى الرغم من أن ستيفاني ويليامز جادلت بأنها لم تأت بعد لمناقشة الأسماء، فإن وسائل الإعلام المعتمدة لدى المنتدى أفادت بأن عملها توقف على وجه التحديد بسبب الخلافات حول هذا الموضوع. 

على سبيل المثال، تزعم مصادر وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي" أن ويليامز حاولت إقناع المشاركين في المنتدى بالتصويت على أعضاء مجلس الرئاسة ورئيس الحكومة واثنين من نوابه ليلة المؤتمر الصحفي.

ولكن طالب أكثر من نصف المندوبين في المنتدى بعثة الأمم المتحدة بتأجيل التصويت على المناصب القيادية العليا في البلاد حتى 15 ديسمبر/كانون الأول.

وبحسب قناة الجزيرة القطرية، لم يتمكن المندوبون حتى من الاتفاق على مبادئ وآليات الاختيار للمجلس الرئاسي، ناهيك عن المرشحين المحتملين، وفق الكاتبة.

 على سبيل المثال، يصر ممثلون من شرق البلاد على أن يرأس المجلس الرئيس الحالي لمجلس النواب، عقيلة صالح، الذي لم يحصل بعد على موافقة دولية. 

في الوقت نفسه، تزعم مصادر "العربية" السعودية أنه تم التوصل إلى اتفاق بين المشاركين في الحوار على توزيع جديد للمناصب. وعلى وجه الخصوص، استقال ممثلو إقليم طرابلس من منصب رئيس المجلس الرئاسي لصالح برقة، شريطة أن يحتفظوا بمنصب رئيس الوزراء.

تستطرد الكاتبة: "على خلفية مثل هذه الرسائل المتناقضة في شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الليبية، ظهرت معلومات عن محاولات رشوة مندوبين من قبل ممثلين لبعض السياسيين الليبيين من أجل تحقيق إدراجهم في قائمة القيادة".

وعدت بعثة الأمم المتحدة بالتحقيق في هذه المعلومات. ومع ذلك، يواصل العديد من الليبيين المطالبة بالشفافية في المنتدى. ولا يزال من غير الواضح على أي أساس تم اختيار المندوبين، مما يعطي أسبابا للمطالبات المتبادلة للأطراف.

نقاشات مستمرة

وتضيف الكاتبة: "بالإضافة إلى ذلك، هناك نقاشات مستمرة على الأسس الدستورية التي ينبغي أن تجري الانتخابات على أساسها، وهناك دعوات للمجلس الأعلى للدولة لاعتماد دستور قبل الانتخابات". 

وقد كانت هناك تصريحات تشير إلى احتمال إجراء استفتاء على الدستور في فبراير/شباط 2021، حيث تتم مناقشة القضية الدستورية ليس فقط في تونس، ولكن أيضا على مسارات تفاوضية أخرى. 

على الأرجح، تقول الكاتبة: إنه سيتم تقديم حل جاهز لمندوبي المنتدى. ومع ذلك، فشلت جميع المحاولات الأخيرة لوضع دستور جديد لليبيا في الوقت المخصص لذلك. وهذا يثير الشكوك حول إمكانية إجراء انتخابات في ديسمبر/كانون الأول.

ومن القضايا الصعبة الأخرى انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، حيث جرى تسجيل البند الخاص بذلك في اتفاق وقف إطلاق النار الذي أقرته اللجنة العسكرية "5 + 5" في جنيف أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2020، والتي تضم ممثلين عن طرفي النزاع. 

لكن هذا لا يعني أن الجانبين مستعدان لتنفيذ هذه النقطة. علاوة على ذلك، لا يعتمد الكثير هنا عليهم، بل على الدول الراعية، كما أن موقفهم يمكن أن يعقد بشكل كبير عملية تشكيل الحكومة، تقول الكاتبة.

كتب جلال حرشاوي، الباحث في الشؤون الليبية في معهد كلينجيندال الهولندي للعلاقات الدولية، على تويتر: أن إحدى الصعوبات في تشكيل حكومة وحدة وطنية واحدة، معترف بها في جميع أنحاء ليبيا، مرتبطة بالتوافق على منصب وزير الدفاع.

ورأى أن القائد الأعلى للقوات الليبية والقواعد العسكرية التركية والروسية الدائمة والضباط الإماراتيين سيظلون في أماكنهم. لذلك، تعمل الأمم المتحدة على ما يمكن حله دون نزاعات صاخبة. 

فور انتهاء المنتدى، توجهت ستيفاني ويليامز إلى مدينة البريقة الليبية للتباحث مع ممثلي طرفي الصراع حول توحيد حماية المنشآت النفطية، وهو ما ورد أيضا في اتفاق وقف إطلاق النار.

ورافقها في الرحلة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله. وأثناء الزيارة، كررت ويليامز التأكيد على أن "اتفاق وقف إطلاق النار يجري تنفيذه، مع إحراز تقدم على الجبهة العسكرية".

وقال رومان جراندجان، مدير مركز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للحوار الإنساني، لصحيفة كوميرسانت: "في ظل ظروف صعبة للغاية، بينما لا نزال نكافح وباء كورونا، وتحت ضغط هائل من داخل ليبيا وخارجها، حقق 75 مشاركا في المنتدى عدة نتائج مهمة. ومع ذلك، ما زلنا في بداية تنفيذ خريطة الطريق التي طوروها".

ستكون الخطوة التالية -تعيين المجلس الرئاسي ورئيس الوزراء والموافقة عليهما- حاسمة، وهو الذي سيجعل من الممكن تنفيذ خريطة الطريق المتفق عليها في تونس، وفق قوله.

وتكمل الكاتبة اقتباس رومان جراندجان: "يجب على اللاعبين الإقليميين والدوليين دعم نتائج الاجتماع في تونس لإعادة ليبيا إلى الليبيين". وأضاف أنه يشعر بالتشجيع بسبب عدم وجود قتال في ليبيا منذ عدة أشهر.