هؤلاء القتلة فازوا بجائزة نوبل.. هل ينضم إليهم محمد بن زايد؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تزايد الحديث مؤخرا عن جهود تسعى لترشيح ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لنيل جائزة نوبل للسلام، بعد الإعلان عن توقيعه اتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل في واشنطن 15 سبتمبر/أيلول 2020.

رجل الدين التونسي الحاصل على الجنسية الفرنسية حسن الشلغومي صرح لصحيفة البيان الإماراتية مؤخرا، أن منظمات وجمعيات ناشطة في أوروبا تقوم بجهود من أجل ترشيح ابن زايد إلى جائزة نوبل للسلام، بعد إعلانه في 13 أغسطس/آب 2020، عن "اتفاق تاريخي" مع إسرائيل.

في حال ترشيح ابن زايد لنوبل سينضم لقائمة طويلة من المجرمين والقتلة ممن حصلوا على نوبل عبر سجل أسود من الانتهاكات مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحم بيجن الذي حصل على الجائزة عام 1979، بعد توقيعه اتفاقية كامب ديفيد مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات.

كذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز الذي حصل عليها عندما كان وزيرا للخارجية عام 1993، بعد توقيعه اتفاقية "أوسلو" مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وأيضا زعيمة ميانمار "أونغ سان سو تشي".

سو تشي حصلت على نوبل عام 1991، لنضالها ضد الاستبداد العسكري، لكنها تواجه عاصفة انتقادات جراء عمليات التطهير العرقية التي يقوم بها جيش بلادها بحق أقلية الروهينغا المسلمة في إقليم أراكان، غربي البلاد، منذ عام 2017، الأمر الذي حدا بالبعض للمطالبة بسحب الجائزة منها.

قائمة القتلة

يواجه ابن زايد جرائم عديدة، تتراوح بين القتل تحت التعذيب والتنكيل وقصف المدنيين وإنشاء السجون السرية في اليمن ودعم مليشيات بالمال والسلاح، ورفعت ضده دعوى قضائية في المحكمة العليا بباريس في ديسمبر/كانون الأول 2018 من قبل منظمة التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات، بصفته الحاكم الفعلي والمسؤول الأول عن تلك الانتهاكات.

تتضمن الدعوى ملفا يحوي أكثر من 1000 حالة لضحايا تم التنكيل بهم في السجون السرية الإماراتية في اليمن، كما يحوي الملف حالات قتل متعمد لمدنيين من خلال قصف الطائرات الإماراتية لأحياء مدنية في اليمن.

في 17 يوليو/تموز 2020، تم قبول الدعوى في المحكمة العليا بباريس التي  أعلنت فتح تحقيق قضائي ضد ابن زايد بشأن احتمال "التواطؤ في أعمال تعذيب" في حرب اليمن.

تأتي تلك الجرائم جنبا إلى جنب مع جرائم أخرى ارتكبها ابن زايد بعد أن تورطت الطائرات الإماراتية باستهداف أكثر من 300 جندي من الجيش اليمني، في 29 أغسطس/آب 2019، وهو ما نفته أبوظبي، ثم عادت لتعترف بأنها استهدفت مجاميع إرهابية كانت تهاجم حلفاءها في عدن.

مستنقع اليمن

جرائم ابن زايد لا تقف عند ذلك الحد، فأبوظبي متهمة بتنفيذ مئات الجرائم منذ تدخلها في اليمن صيف 2015، من بينها اغتيال قيادات وشخصيات اجتماعية ودينية في عدن، وكشف تحقيق استقصائي لوكالة بازفيد نيوز الأميركية أن أبوظبي تعاقدت مع شركة حماية أمنية تدعى "الرمح" لتصفية عدد من الشخصيات في عدن.

ويضاف إلى سجل جرائم ابن زايد، دعمه للملشيات بالسلاح والأموال، سواء في اليمن أو ليبيا، في إطار دعمها للثورات المضادة ببلدان الربيع العربي، ويسعى الضحايا لرفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الدولية لمقاضاة ابن زايد.

مجلة فوربس الأميركية هاجمت ابن زايد، ووصفته بـ "ديكتاتور استخدم موارد بلاده المالية والعسكرية للقضاء على الميول الديمقراطية في المنطقة تحت ذريعة محاربة التطرف".

وتطرق وليام هارتونغ، مدير برنامج الأسلحة والأمن بمركز السياسة الدولية بالولايات المتحدة، في المقال الذي نشرته المجلة على موقعها الإلكتروني، للدور الذي يلعبه ابن زايد وبلاده في المنطقة، وتورطهم في دعم مليشيات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر بليبيا ضد حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، فضلا عن ضلوع بلاده في الهجمات التي ترقى إلى جرائم حرب في اليمن.


 دير ياسين

في هذا السياق تبرز مجزرة دير ياسين الذي يعد بطلها الأول رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحم بيجن، الحاصل على جائزة نوبل للسلام.

فجر 9 أبريل/نيسان 1948، استيقظ الفلسطينيون من أهالي قرية دير ياسين الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة، على هجوم من عناصر عصابتي "الأرغون" و"شتيرن" الصهيونيتين، من الجهتين الشرقية والجنوبية للقرية.

وإثر مقاومة عنيفة من الأهالي ضد العصابتين، تم استدعاء دعم من عناصر "البالماخ"، وهي قوات الصاعقة غير الرسمية التابعة للمستوطنات اليهودية، فقامت بشن قذائف الهاون على القرية، ما مهد لاقتحام القرية.

يقول الكاتب الفرنسي باتريك ميرسيون عن تفاصيل هذه المجزرة: "المهاجمون لم يخوضوا مثل تلك المعارك من قبل، فقد كان من الأيسر لهم إلقاء القنابل في وسط الأسواق المزدحمة عن مهاجمة قرية تدافع عن نفسها، لذلك لم يستطيعوا التقدم أمام هذا القتال العنيف".

بعد الاقتحام، قامت العصابات الصهيونية، بقتل أي شيء أمامها، كما اعتقلت عشرات الأطفال والشيوخ والنساء والشباب وأوقفتهم أمام جدران وأمطرت عليهم الرصاص، ما أدى إلى استشهاد 254 من أبناء القرية، ثم قامت بتشويه الجثث وبتر الأعضاء وبقر بطون الحوامل.

علاوة على ذلك قامت العصابات باعتقال 25 فلسطينيا وجرهم في أحياء وشوارع القدس، كما كانت القوات الرومانية تفعل قديما، ثم قامت بإعدامهم رميا بالرصاص، أمام المارة، وعقب تلك المذبحة شرعت بتفجير البيوت.

تلك المذبحة حدثت بعد أسبوعين فقط من توقيع اتفاقية سلام، طالب بها رؤساء المستوطنات اليهودية ووافق عليها الفلسطينيون من أهل دير ياسين.

رئيس عصابة

الجدير بالذكر أن عصابة الأرغون التي قامت بتنفيذ تلك المذبحة المروعة، كان يقودها في تلك الفترة الإسرائيلي مناحم بيجن الذي أصبح رئيسا لوزراء الكيان الصهيوني في عام 1977.

ومع أن مناحم بيجن هو المسؤول عن تلك المذبحة المروعة التي حصدت أرواح أكثر من 254 شخصا، وشردت نحو 400 آخرين، تم منحه جائزة نوبل للسلام عام 1978، وذلك لما تم اعتباره جهودا لإرساء السلام و توقيعه اتفاقية كامب ديفيد مع الرئيس المصري أنور السادات عام 1979، والتي حصل عليها مناصفة مع السادات.

ومع توقع الكثيرين بأن سلوك بيجين سيتغير بعد حصوله على نوبل للسلام، إلا أنه استمر في سلوكه العدائي، فقد كان المسؤول عن قصف المفاعل النووي العراقي عام 1981، والمسؤول عن اجتياح جنوب لبنان لضرب قواعد المقاومة الفلسطينية، وما رافق ذلك الاجتياح من جرائم.

وبعد تاريخ من الاعتداءات والانتهاكات للإنسانية، قدم بيجن استقالته، حيث تدهورت صحته بعد بلوغه السبعين، وعانى من الاكتئاب لاحقا، ثم عاش منعزلا في شقته حتى وفاته عام 1992، نتيجة أزمة قلبية عن 78 عاما.

مجزرة قانا

مجزرة قانا هي إحدى أفظع المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، والمسؤول عنها رئيس الوزراء الأسبق شمعون بيريز الذي حصل على جائزة نوبل قبل عامين فقط من ارتكابه للمذبحة.

حصلت مجزرة قانا ظهر 18 أبريل/نيسان 1996، حيث قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مقر قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) في قرية قانا جنوب لبنان، وأدى قصف المقر إلى استشهاد 106 مدنيين، وإصابة نحو 150 بجروح مختلفة.

كانت إسرائيل قد شنت عملية عسكرية على لبنان، سمتها عملية "عناقيد الغضب"، في الفترة من 11 وحتى 27 أبريل/نيسان 1996،أعلنت فيها أنها تستهدف المقاومة اللبنانية، لكنها قصفت عددا من المدن والبلدات، من بينها العاصمة بيروت، وخلفت نحو 175 شهيدا و300 جريح، ونزوح عشرات الآلاف، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة في المنشآت.

وبسبب تلك العملية الهمجية، لجأ أكثر من 800 مدني معظمهم نساء وأطفال، إلى مقر قيادة "يونيفيل" طلبا للمأوى والحماية، لكن القصف الإسرائيلي استهدف المقر ليسفر عن تطاير أشلاء نحو 250 قتيلا وجريحا، في عملية وصفت بأنها الأكثر وحشية في الحرب الإسرائيلية على لبنان.

اجتمع مجلس الأمن للتصويت على قرار يدين إسرائيل، لكن الولايات المتحدة كالعادة أجهضت القرار باستخدام حق النقض الفيتو، بحجة أن "الجيش الإسرائيلي لم يكن يعرف بوجود مدنيين في مركز اليونيفيل حينذاك"، رغم تقديم أدلة من قبل لبنان تثبت أن إسرائيل كانت على علم بأن مدنيين يحتمون في مركز قوات الأمم المتحدة.

قاتل الأطفال

تلك المجزرة ارتكبت في عهد بيريز، الذي منح في 1994 جائزة نوبل للسلام لدوره عندما كان وزيرا للخارجية في توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، في 13 سبتمبر/أيلول 1993.

بيريز الحاصل على نوبل للسلام، انخرط منذ بداية حياته في عصابات "الهاجاناه" الصهيونية، وهي القوات المسؤولة عن تنفيذ الكثير من الهجمات ضد الفلسطينيين خلال فترة الانتداب البريطاني لفلسطين قبل عام 1948.

عند منحه الجائزة، تناسى العالم، بيريز قاتل الأطفال في مجزرة قانا، وأحد أهم مهندسي العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، والعدوان على غزة الذي ارتكبت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكات ضد المدنيين الفلسطينيين في 2008، وكان حينها  بيريز رئيسا لدولة الاحتلال.

انتهاكات ميانمار

الانتهاكات بحق أقلية مسلمي الروهينغا في ميانمار هي القضية الأكثر حضورا، حيث يتعرضون لمجزرة جماعية تطال الرجال والنساء والأطفال، منذ عام 2012، عقب اندلاع أعمال شغب بين الأكثرية البوذية والأقلية المسلمة، فيما تتورط زعيمة ميانمار "أونغ سان سو تشي" الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، بالسماح بارتكاب تلك الانتهاكات.

وحسب تقارير للأمم المتحدة، فإن اغتصابا جماعيا يحصل للأمهات أمام أطفالهن، بالإضافة إلى الاعتداء على فتيات ونساء حوامل وتعذيبهن، كما يواجه مسلمو الروهينغا انتهاكات عديدة تتنوع بين الطعن والحرق والقتل والدفن بمقابر جماعية، كما يواجهون اعتداءات جسدية تصل لحد رش الحمض على وجوه القتلى حتى يصعب التعرف على هوياتهم.

في أغسطس/آب 2017، فر 740 ألفا من الروهينغا بعد حملة قمع للجيش في ميانمار حيث غالبية السكان من البوذيين، وحذرت بعثة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة بجنيف في ديسمبر/كانون الأول 2019، من أن نحو 600 ألف من الروهينغا الذين لا يزالون في ميانمار يواجهون خطر التعرض "لإبادة"، مشيرة إلى أن عودة مئات آلاف اللاجئين منهم أصبح أمرا "مستحيلا".

ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 ديسمبر/كانون الأول 2020، على قرار يدين بشدة انتهاكات حقوق الإنسان ضد مسلمي الروهينغا والأقليات الأخرى في ميانمار، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب والاغتصاب والوفاة أثناء الاحتجاز.

وفضلا عن الانتهاكات ترفض حكومة ميانمار (بورما) رفضا قاطعا منح مسلمي الروهينغا الجنسية البورمية، بحجة أنهم لم يكونوا موجودين على الأرض البورمية قبل الحرب الإنجليزية عام 1823، كما قامت بتجريد البقية من جنسياتهم.

سحب جوائز

تقرير الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2019 أكد أن "أونغ سان سو تشي لم تستعمل سلطتها كزعيمة للبلاد، ولا مكانتها للحد من الأحداث أو وقفها، كما أن السلطة المدنية ساهمت بتغاضيها عما كان يجري في اقتراف الجرائم الشنيعة التي وقعت".

تضررت سمعة سان سو تشي عالميا كمدافعة عن حقوق الإنسان، وتم سحب العديد من الجوائز التي حازتها في وقت سابق، من بينها جائزة العفو الدولية التي سحبت في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

كما سحبت كندا الجنسية الفخرية التي كانت منحتها لها، في أكتوبر/تشرين الأول 2018، بينما سحبت منها مدن عديدة بريطانية بينها غلاسكو وإدنبرة وأوكسفورد لقب المواطنة الفخرية، كما سحب منها متحف المحرقة في واشنطن جائزة إيلي فيزل.

غير أن لجنة نوبل (النرويجية) صرحت في 30 أغسطس/آب 2018، أنها لن تسحب جائزة نوبل للسلام من أونغ سان سو تشي رغم صدور تقارير أممية تدين تجاهلها إيقاف تلك الانتهاكات، وأصوات تطالب بسحب الجائزة منها.