آلام بالصدر وضيق التنفس.. هل تستمر مضاعفات كورونا بعد التعافي؟

12

طباعة

مشاركة

ظهرت على المتعافين من فيروس كورونا أعراض أخرى، مع مرور الأيام، من آلام في الصدر وضيق في التنفس وعلامات مثل كدمات رخوة على القدمين، مع أعراض تشمل الحمى وفقدان الذوق والرائحة. 

بعض المتعافين من كورونا تبدأ صحتهم في التحسن لأيام، قبل أن تحدث لهم النكسات، ويعود شعورهم بالإرهاق. فالكثير من المتعافين أبلغوا عن موجات من الأعراض على مدى أسابيع، من خفقان القلب إلى الصداع وضيق التنفس والتعب.

بعد كورونا

فيونا لوينشتاين، كاتبة في الولايات المتحدة، شاركت في تأسيس مجموعة على منصة التواصل الاجتماعي "سلاك"، للأشخاص الذين عانوا من كوفيد 19 بعد أن استغرق الأمر أسابيع حتى تعافوا عقب دخولهم المستشفى.

في دراسة استقصائية لأعضاء المجموعة، قال 89٪ من 465 مشاركا: إنهم عانوا من أعراض متقلبة في شدتها وتواترها، 23٪ من المرضى أثبتت إصابتهم بالفيروس التاجي، و28٪ كانت نتائج الاختبار سلبية.

تم إجراء الاختبار ​​بعد حوالي 15 يوما، وإدخال 3.5٪ فقط إلى المستشفى، رغم أن 38٪ زاروا قسم الطوارئ. ومع استمرار الأعراض، شعر بعض المتعافين بالقلق بشأن ما إذا كانوا لا يزالون معديين.

وأفاد تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية، بناء على البيانات الأولية، في فبراير/ شباط 2020، أن الحالات الخفيفة تتعافى من الفيروس في حوالي أسبوعين من ظهور الأعراض، وحوالي 3 إلى 6 أسابيع للحالات الشديدة أو الحرجة.

لكن في الحالتين تحتاج الحالات إلى عدة أسابيع للتعافي. وتستمر المضاعفات لدى بعض الحالات إلى أكثر من 50 يوما بعد الشفاء من المرض. وقد يعاني المتعافى من تعب شديد وألم في الصدر وضيق وسعال - لكن دون حمى وربما مع قشعريرة، مع الأرق وخفقان القلب.

تستمر الأعراض في الظهور والاختفاء، وفي تصريح لصحيفة "الجارديان" الأميركية، قالت إحدى المشتركات في المجموعة، التي أثبت الاختبار أنها مصابة بالفيروس مرتين، ولا تزال تعاني من أعراض أكثر من 50 يوما: إنها قلقة من عدم وجود رؤية واضحة لواقع ما يبدو عليه التعافي حقا.

وأوضحت المتحدثة أن التعافي من منظور طبي يعني ببساطة أن "المريض لم يمت"، مضيفة أن أكثر الأعراض إثارة للقلق حدثت في الأسبوعين الثالث والخامس من المرض.

وقالت: "إنني أقلق من أرباب العمل والحكومات الذين يسارعون إلى استرداد الآلاف الذين ما زالوا يعانون الألم ومضاعفاته، دون فهم أن ذلك تترتب عنه مضاعفات عقلية وجسدية للأشخاص الذين يعانون بالفعل من حالة صحية ضعيفة للغاية.

قبل الإصابة

قال الباحث الأول في الصحة العالمية بجامعة ساوثهامبتون، الدكتور مايكل هيد: "الكثير من الناس يستغرقون أسابيع للتعافي من الالتهاب الرئوي، لكن الفيروس يكون حينها قد هدأ، وبالتالي من غير المرجح أن يكون معديا".

وزاد هيد: "نعلم أن فترة التعافي بعد الإصابة بالالتهاب الرئوي غالبا ما تتأثر بوجود الأمراض المصاحبة وعمر المريض".

المسح الذي أجرته مجموعة سلاك وجد أن ثلثي المستجيبين لديهم أعراض مرضية موجودة مسبقا، خاصة الحساسية الموسمية أو الربو.

دكتور جيمس جيل، المحاضر في جامعة ووريك بإنجلترا قال: "العنصر الجيني قد يلعب دورا، والعوامل الوراثية يمكن أن تمثل حوالي نصف التباين في عدد من الأعراض الرئيسية لكوفيد 19".

جيل أضاف أنه لا يرى سوى حوالي 2 إلى 3 مرضى أسبوعيا يعانون من أعراض طويلة الأمد، مما يشير إلى أن التجربة ليست شائعة. لكن جيل قال: إن البيانات من تفشي مرض "سارس" كشفت أن ما يقرب من ثلث أولئك الذين أصيبوا بهذا الفيروس التاجي لا يزال لديهم تحمل أقل لممارسة الرياضة، رغم وظائف الرئة الطبيعية. 

بينما أكد المتخصص أن كوفيد 19 (كورونا) كان مرضا مختلفا، قال: إنه يمكن أن تكون نسبة من حوالي خُمس إلى ثلث أولئك الذين أصابهم الفيروس أمامهم وقت طويل للشفاء.

بدوره قال الدكتور: "رغم أن الأعراض قد تطول، إلا أنه من غير المحتمل أن يكون الشخص معديا بعد مرور 3 أيام دون ارتفاع في درجة الحرارة، غير أنه يجب علاج السعال بحذر".

وتابع: "نحن نتعلم بشكل يومي وأسبوعي أشياء حول كيفية تعافي الناس من المضاعفات، ولا يمكننا معرفة التأثير طويل المدى حتى نصل إلى المدى الطويل".

التعب المزمن

اتفق البروفيسور ديفيد هيمان من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي مع جيل، قائلا: "كلما تم اكتشاف فيروس جديد يصيب البشر من الحيوانات، يكون قلق كبير بشأن ما هو غير معروف لأن البشر ليس لديهم خبرة سابقة في هذا الفيروس والاستجابة المناعية التي سيسببها". 

مع وجود احتمالات بأن بعض حالات متلازمة التعب المزمن قد تبدأ بعد انتهاء المرض بما في ذلك العدوى الفيروسية، قال جيل: "القلق بدأ في التصاعد. هناك الكثير من الناس يتساءلون عما إذا كنا سنشهد ارتفاعا في حالات التعب المزمن نتيجة كوفيد 19 أم لا. نحن لا نعرف، ولكن هذا شيء نعتقد أنه قد يكون ممكنا".

وافقت أستاذة الطب النفسي البيولوجي في كلية كينجز كوليدج في لندن، كارمين باريانتي، على احتمال ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من متلازمة تشبه متلازمة التعب المزمن. 

وقالت: "لا نعرف ما إذا كان هذا سيحدث مع كورونا لأننا لا نمتلك بيانات المتابعة. لكن الصورة للأسف، سواء من حيث الصورة البيوكيميائية (الاستجابة المناعية) أو التعب الحاد، المنتشر للغاية".

قال جيل: إنه من المهم على أولئك الذين لديهم عدوى الفيروس التاجي أو يشتبه في إصابتهم، التواصل مع أخصائيي العلاج الطبيعي والنصائح الغذائية.

وذكّر الدكتور المرضى بشرب الكثير من السوائل وإجراء تمارين التنفس، مضيفا أنه من الطبيعي أن يستغرق بعض الوقت للتعافي. 

مصير مبهم

مدير مستشفى سان ماتيو في بلدة بافيا في لومباردي الإيطالية، أليساندرو فنتوري قال: "لقد رأينا العديد من الحالات التي يستغرق فيها الأشخاص وقتا طويلا للتعافي. الانزعاج غالبا ما يستمر لفترة أطول لدى الأشخاص الذين يعانون من المضاعفات". 

وقال المتحدث إلى صحيفة نيويورك تايمز: "ليس المرض الذي يستمر لمدة 60 يوما، إنما النقاهة. يعاني معظم الأشخاص الذين يصابون بالفيروس سواء من ظهرت عليهم أعراض بسيطة أو من لم تظهر عليهم، من الالتهاب الرئوي الذي يتسبب في إتلاف الرئتين، مما قد يستغرق شهورا للشفاء".

تشير الدراسات أيضا إلى أن تلف الكلى والقلب والكبد والأعصاب، غالبا ما يصيب المريض الذي التقط المرض عن طريق العدوى، ولا أحد يعرف ما هي التوقعات على المدى الطويل لهؤلاء المرضى.

وقالت طبيبة العناية المركزة في كودوجنو، جنوب شرق ميلانو، الدكتورة أناليزا مالارا، التي قامت بتشخيص أول حالة إصابة في إيطاليا في فبراير/ شباط 2020: إنه لا يوجد حتى الآن فهم واضح لسبب بقاء مضاعفات الفيروس وتأثيراتها لفترة طويلة.

وأضافت: "الافتقار إلى الطاقة والإحساس بالعظام المكسورة أمر شائع، الإرهاق يستمر حتى بعد زوال الأعراض الأكثر حدة، ثم تأتي آلام المعدة والتعب وعودة الحمى".

إصابات خفيفة

يرى بعض المتخصصين أن تجربة المعاناة الطويلة من المضاعفات، إن لم تصنف مرضا حرجا، فهي تستحق المزيد من الاهتمام.

لا يمكن للأطباء سوى التوصية بمسكنات الألم التي لا تستلزم وصفة طبية والراحة في الفراش. فيما قالت إحدى المصابات بالفيروس بعد الشفاء: "إنه يترك شيئا بداخلك، إنك لا تعود أبدا كما كنت من قبل".

في الولايات المتحدة تعتبر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية أن الشخص تعافى إذا مرت 3 أيام بعد التعافي دون مساعدة طبية، وتحسنت أعراض الجهاز التنفسي مثل السعال أو ضيق التنفس. 

ويمكن أن تشير الاختبارات السلبية أيضا إلى التعافي، لكن الاختبارات قد تكون غير دقيقة. وقد لا تظهر الأشعة المقطعية والأشعة السينية للرئة أي إصابات إضافية.

أما الحالات المصابة إصابة خفيفة، يقول المتخصصون الأميركيون: فلا يمكن إدخالهم إلى المستشفى، لكن بالمقابل يوصون باتباع القليل من الإرشادات حول كيفية التعافي. لا يوجد دواء أو علاج محدد بخلاف الراحة والسوائل والأدوية المخففة للحمى.

لكن نظرا لأن الفيروس يمكن أن يختبئ في الجسم لأيام أو أسابيع قبل أن يزداد سوءا، فإن بعض الأطباء يزيدون يقظتهم لمن تعافوا في المنزل بمفردهم.

يروي العديد من مرضى كوفيد 19 الذين يتماثلون للشفاء في المنزل نوادر مماثلة لكيفية عمل الفيروس كل يوم وليلة.

أحد المتعافين قال: "الصباح يميل إلى البدء بشكل طبيعي، لكن مع تقدم اليوم، تتسلل الأعراض الفيروسية، تبدأ درجات الحرارة في الارتفاع، ويصبح الإدراك ضبابيا. ومع حلول الليل، يتصاعد الخوف. على الرغم من الإرهاق والتعب المنهكين، إلا أن العديد من المرضى غير قادرين على الحصول على نوم جيد في الليل".

إصابة الأطفال

منظمة الصحة العالمية ربطت بين الأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وأمراض الرئة المزمنة والسرطان وبين استمرار ظهور المضاعفات بعد المرض. 

23 ٪ من الذي يعانون من المضاعفات، يعانون بالأساس من أمراض الرئة المزمنة (بما في ذلك الربو)، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وكبح المناعة الأكثر شيوعا. 

ورغم أن الأطفال لا يصابون بالمضاعفات، وصفت تقارير من أوروبا وأميركا الشمالية مجموعات من الأطفال والمراهقين تتطلب الدخول إلى وحدات العناية المركزة بسبب حالة التهابية. 

ووصفت تقارير طبية عرضا للمرض الحاد مصحوبا بمتلازمة الالتهاب المفرط، ما أدى إلى الفشل والصدمة  في مجموعة من الأعضاء.

الفرضيات الأولية هي أن هذه المتلازمة قد تكون مرتبطة بكوفيد 19 استنادا إلى الاختبارات المعملية الأولية التي تظهر سيرولوجيا (علم يبحث في تكوين بلازما الدم واحتوائه على أجسام مضادة) إيجابية على غالبية المرضى.

وضعت منظمة الصحة العالمية تعريفا أوليا للحالة واستمارة تقرير حالة للاضطراب الالتهابي متعدد الأنظمة لدى الأطفال والمراهقين.

يعكس تعريف الحالة الأولى السمات السريرية والمختبرية التي لوحظت في الأطفال المبلغ عنها حتى الآن، ويعمل على تحديد الحالات المشتبه فيها أو المؤكدة بغرض تقديم العلاج والإبلاغ المؤقت والمراقبة. ويتم تعديل تعريف الحالة كلما توافرت المزيد من البيانات.