"هستيريا ماكرون".. هل تنقذ فرنسا حليفها حفتر بشكاية تركيا للناتو؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "صباح" التركية، مقالا للكاتب حسن البصري يالجين، تحدث فيه عن الدور الفرنسي في ليبيا، وأسباب لجوء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على حلف "الناتو" في الوقت الحالي، وتقديم شكوى ضد تركيا بعد مساندتها لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا.

وقال الكاتب في مقاله: إن الجميع لم ينس بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حين قال عن حلف شمال الأطلسي الناتو إن الحلف في حالة الموت الدماغي أو السريري. وفي هذا التصريح يمكن أن يفهم ضمنا أن الجيش الفرنسي يمكن أن يتولى الدفاع عن أوروبا في غياب أميركا.

بطولة زائفة

ولفت يالجين الى أن البطولة الزائفة أمر هين وفي المقابل حين تغدو الأمور جدية يركض الناس لمن يستطيع إنقاذهم. وأضاف: "ماكرون يريد أن يشتكي تركيا إلى الناتو بسبب قيام أنقرة بدعم الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في ليبيا! وهذا يعد أفضل مؤشر على التناقضات واليأس الذي أصاب رأس رئيس بلا رؤية".

وتابع: لو كان غير ذلك ما لجأ إلى الناتو في هذا الأمر بالذات وإذا كانت هناك عنده أي فكرة صغيرة عن السياسة الخارجية والشؤون الأمنية في رأسه، لما تطرق للناتو وإقحامه في مثل هذه الأمور".

وزاد الكاتب: "في الحقيقة ليس لدى ماكرون رؤية حول ما الذي يجب أن يقوم به الناتو مثلا أو قرارات سيتوجب عليه اتخاذها في هذا الصدد. في الأساس كيف يطلب المساعدة من مؤسسة تعاني من الموت الدماغي".

وأوضح أن "فرنسا اليوم تعد واحدة من المسؤولين الرئيسيين عن الأزمة في ليبيا والناتو يعرف ذلك جيدا وهم من أسهموا في تحريك الناتو وقواته بسرعة وأنهوا حكم القذافي بسرعة البرق و لا يزال الأميركيون غاضبين للغاية من فرنسا بشأن ذلك".

في المقابل- يضيف الكاتب- باريس متأذية تماما من نفوذ أنقرة المتزاد في ليبيا وفي القارة السمراء بشكل عام وهي التي أسست عبر قانون سياسة من الاحتلال واستغلال الثروات".

وأردف: "ستحاول البحث عن السفن التركية في شرق البحر المتوسط وعندها لن يكون لعضوية كل من الدولتين أي قيمة خاصة إذا ما حدث أي اشتباك بينهما في المتوسط حتى لو كان اشتباك صامت بالرادار وتبادل رسائل التحذير. وعند القول بأن هذا لا يليق بتركيا فبأي حق تبحث السفن الفرنسية عن نظريتها التركية في المتوسط. وما دام أيضا تأمل من الناتو مددا لماذا تطلق عليه إنه ميت دماغيا؟

انتهى الخداع

في المحصلة -يؤكد الكاتب- لا يدرك ماكرون ما يقوله والأمر ليس له علاقة بدعم تركيا للطرف الشرعي في ليبيا هم يرون أن ما يحدث في ليبيا ضد رغباتهم وضد أهوائهم ومصالحههم وبالتالي لا مشكلة عندهم في دعم الانقلابيين والسير على هواهم في المقابل تقوم القيامة عندما تدعم تركيا الحكومة المعترف بها دوليا.

واستطرد قائلا: لا يزال الأوروبيون، وخاصة فرنسا، لا يدركون حقيقة العالم الجديد. لقد انتهت أيام الخداع في الشرق الأوسط المتسترة بأميركا ولم يعد سرا خطط ماكرون وتصريحاته من ذلك كله آخرها فقبلها كان يتعلق الأمر بسوريا حيث تحدث عن إرسال جنوده هناك، لكن لم يحدث ذلك بعد وإن كان ذلك ممكنا فليرسل أيضا إلى ليبيا، وإلا فعليه ألا يتعب نفسه كثيرا بهذا الأمر.

وكانت تركيا ردت على انتقادات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدورها في ليبيا، وحملته مسؤولية جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، كما اتهمت مصر التي تهدد بالتدخل عسكريا في ليبيا، بالتبعية لباريس وأبوظبي.

وفي 24 يونيو/ حزيران 2020، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو: إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يقف وراء ارتكاب حفتر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في ليبيا، داعيا لمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم.

وأضاف تشاووش أوغلو أن فرنسا تناقض نفسها بشأن ليبيا من خلال دعمها الانقلابي حفتر من جهة، ودعم مجلس الأمن الدولي الذي هي عضو فيه لحكومة الوفاق، من جهة أخرى.

ويرى مراقبون أن القول بوجود سياسة فرنسية متماسكة ومقنعة إزاء ليبيا أمر صعب، فقد انجرفت باريس إلى تأييد حفتر، بدعوى أنه رجل "قوي"، مع غض النظر عن سعيه إلى إقامة حكم عسكري، لا مدني، فيما كان ينقض على تفاهمات مؤتمري برلين وموسكو، في وقت كان وفد الأمم المتحدة برئاسة الأمين العام أنطونيو جوتيريش يزور ليبيا، والمبعوث الأممي، غسان سلامة، يستعد لمغادرة موقعه على وقع الصراع الإقليمي والدولي في هذا البلد.

وبينما تتحدث باريس عن قلقها على الوضع الأمني الإستراتيجي للاتحاد الأوروبي، فقد ظلت عاجزة أو غير راغبة بالتفاهم مع دولة أوروبية معنية بالشأن الليبي وعضو في حلف الأطلسي، وهي إيطاليا، وظل الصراع على النفوذ مع الشقيقة الأوروبية هو ما يحكم سياستها، ومنه الصراع على عقود النفط بين شركتين كبيرتين للبلدين.

هستيريا ماكرون

من جهته، علق الكاتب الهندي بوبي جوش على انتقادات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدور تركيا في ليبيا، منتقدا تصريحاته بشأن ليبيا بأنها تحولت من المغالاة والنفاق إلى شيء أقرب إلى الهستيريا، بعدما دعم مجرم حرب مشتبها به ضد حكومة معترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس.

وانتقد جوش في عموده بموقع شبكة "بلومبيرج" الإخبارية ماكرون بأنه ربما يعاني ضعفا في الذاكرة، وأنه نظرا لجميع التقلبات والمنعطفات الأخيرة في الحرب الأهلية الليبية والتعقيدات التي سببتها نحو 12 جهة أجنبية فقد تضيع مساهمة فرنسا الأساسية في هذه الدوامة.

وتابع الكاتب الهندي قائلا: على الرغم من نفي التقارير التي تفيد بأن فرنسا زودت المتمردين بالأسلحة والتي ظهرت في إحدى قواعد اللواء المتقاعد خليفة حفتر، عيّن ماكرون نفسه صانع سلام وأضفى شرعية على قائد المتمردين الذي لم يتخل أبدا عن طموحه في الاستيلاء على طرابلس بالقوة.

ونوه إلى أنه مع وجود حلفاء آخرين أكثر التزاما وراءه، ولا سيما مصر والإمارات وروسيا، تمكن حفتر من معاملة رعاته الفرنسيين كما عاملوا الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة بتجاهل صارخ.

ومع ذلك- يضيف جوش- حشر ماكرون نفسه في زاوية حفتر ولن يتخلى عن رجله. وفي حين انحصرت فرنسا في شجار مع إيطاليا حول مصالح الطاقة انتقلت عباءة صانع السلام إلى مدعين آخرين، حيث استضاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الاجتماعات، وحتى رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي حاول اختلاق وقف لإطلاق النار.