صرخات سينمائية.. 5 أفلام تشرح لك تاريخ العنصرية ضد السود في أميركا

محمد صلاح | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

على الرغم من أن الدستور الأميركي يمنع التفرقة على أساس اللون أو الجنس أو الدين، إلا أن أحداث العنف والقتل التي تقع ضد المواطنين السود بصورة متكررة، تشي بأن جذور العنصرية ما تزال متأصلة في ثقافة الشرطي الأبيض، وأنها أعمق من أن تُجتث رغم كل قوانين المساواة والحرية واحترام حقوق الإنسان التي تتبناها واشنطن.

فقد نشرت صحيفة "واشنطن بوست" أن 1014 أميركيا أسودا قتلتهم الشرطة في عام 2019. وأكدت دراسة أجرتها منظمة غير حكومية معنية بمراقبة الأداء الشُرطي "أن السود يُقتلون على يد الشرطة، أكثر بثلاث مرات من البيض".

ووفقا للتقارير المقدمة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، فإن هناك قتيلين من السود، يتم قتلهما بواسطة شرطي أبيض أسبوعيا. كما تشير تقارير أخرى إلى أن 18% من السود الذين قتلتهم الشرطة في الأعوام السبعة الماضية كانوا تحت سن 21 عاما.

وفي 12 يونيو/حزيران أطلق شرطي في مدينة أتلانتا الرصاص على مواطن أميركي من أصول إفريقية، يدعى رايشارد بروكس، وهو أب لثلاثة أبناء وعمره 27 عاما، فأرداه قتيلا "دون أن  يبدر منه ما يشير إلى أنه مصدر تهديد".

وجرى ذلك بعد نحو شهر على مقتل جورج فلويد في مدينة مينيابوليس، إثر ضغط شرطي أبيض بركبته على عنقه لعدة دقائق، متجاهلا توسلاته التي كرر فيها قوله: "لا أستطيع التنفس".

وجاء مقتل الاثنين بعد سلسلة من حوادث مقتل أميركيين من أصول إفريقية بيد الشرطة، تم توثيقها بالفيديو وأشعلت احتجاجات واسعة في أنحاء البلاد.

ومما يُحسب للسينما الأميركية أنها أبدت اهتماما كبيرا لا تنقصه الجرأة، بفضح عنصرية البيض تجاه أصحاب البشرة السوداء من خلال معالجات مختلفة، تخيرنا من بينها هذه المجموعة من الأفلام.

وحوش ورجال (Monsters and Men)

دراما واقعية يخيم عليها الغضب والخوف والحزن، مستوحاة من حادث مقتل المواطن الأسود، إريك غارنر، الذي مات أثناء اعتقاله عام 2014، مرددا نفس مقولة جورج فلويد "لا أستطيع التنفس".

قدمها هذا الفيلم الأميركي الذي أنتج عام 2018، من تأليف وإخراج رينالدو ماركوس غرين، وقام ببطولته جون ديفيد واشنطن، وأنتوني راموس، وكلفن هاريسون، وداريوس لارسون.

وتدور أحداثه حول مقتل أميركي أسود على يد رجال شرطة بيض، وتأثير انتشار فيديو الحادث في إشعال الاحتجاجات وأحداث الشغب في المدينة.

وعلى الرغم من تركيزه على التفرقة العنصرية ووحشية الشرطة، لكن غرين اختار تناول الظاهرة من خلال المواقف المتباينة لـ3 شبان أميركيين سود:

دينيس ويليامز (جون ديفيد واشنطن) الشرطي الأسود الذي يفكر في الترقية المهمة التي تنتظره، وهو يرى زميله الشرطي الأبيض يطلق النار على مواطنه الأسود بيغ دي (داريوس لارسون).

وماني (أنتوني راموس) الحارس اللاتيني، الذي ما أن يلمح صديقه بيغ دي، يتعرض للقتل محاطا بستة رجال شرطة، حتى يصور الجريمة وينشرها على يوتيوب، لتتصدر الصفحة الأولى للصحف في اليوم التالي. ويتعرض لاقتحام الشرطة شقته بحثا عن مقطع الفيديو الذي فجر الأوضاع بالمدينة.

وزيريك (كلفن هاريسون) تلميذ المدرسة الثانوية الموهوب في لعبة البيسبول، الذي لم يمنعه طموحه للنجومية التي تنتظره في مجال الرياضة من رفع صوته ضد وحشية الشرطة.

الكراهية التي تمنحها (The Hate U Give)

فيلم درامي أميركي إنتاج 2018، يتناول عنف الشرطة تجاه السود، من خلال عائلة تعيش في حي تسكنه أغلبية سوداء في ولاية جورجيا، وهو مقتبس من رواية تحمل نفس الاسم صدرت في 2017، للكاتبة الأميركية إنجي توماس، وسلطت الضوء على وحشية الشرطة بواقعية صادمة.

الفيلم كتبه أودري ويلز، وأخرجه جورج تيلمان جونيور، وقام ببطولته أماندلا ستينبيرج، ريجينا هول، راسل هورنزبي، ألجي سميث، وأنطوني ماكي. وتدور أحداثه حول فتاة مراهقة سوداء تدعى ستار كارتر (أماندلا ستينبيرج)، ذات سلوك معتدل وغير تصادمي ولديها ابتسامة دافئة دائما. 

تشهد مقتل صديقها خليل هاريس (أليج سميث) بسهولة غريبة في حادث عرضي، على يد ضابط شرطة أبيض تعامل مع فرشاة شعر في يد الفتى، على أنها سلاح ناري قاتل، فقتله على الفور.

وبعد أن ظلت ستار تُخفي هويتها حفاظا على حياتها كشاهد عيان وحيد، من بطش ضباط الشرطة وعصابات الحي المتحالفة معهم، قررت الكشف عن شخصيتها ولعب دور متزايد في الدعوة إلى وقف عنف الشرطة، بعد أن فاجأت هيئة المحلفين الكبرى الجميع بعدم توجيه اتهام للضابط القاتل، لتنفجر الاحتجاجات وأعمال الشغب في المدينة على إثر ذلك.

لم يغفل الفيلم دور الإعلام الذي جعل من مقتل خليل أحد الأخبار الرئيسية، وركز على سلوكه الشخصي وعائلته وتحكم في نوعية الأسئلة التي تطرح حول القضية في المقابلات التلفزيونية. 

محطة فروتڤيل (Fruitvale Station)

فيلم سيرة ذاتية أميركي أنتج عام 2013، كتبه وأخرجه ريان كوجلير، وقام ببطولته مايكل بي. جوردن، وميلوني دياز، وكيفين دوراند.

أخذت أحداثه عن واقعة حقيقية هزت الولايات المتحدة، حدثت بمحطة فروتڤيل في لوس أنجلوس، لشاب أميركي أسود (22 عاما) يُدعى أوسكار غرانت (مايكل بي جوردان)، قتله ضابط شرطة في الساعات الأولى من يناير/ كانون الثاني عام 2009، بإطلاق النار عليه من الخلف، بينما كان يقضي أوقاتا سعيدة بصحبة زوجته وأصدقائه.

وقتل هذا الرجل في إطار الأعمال الوحشية التي ترتكبها الشرطة لدوافع عنصرية، بلا رادع. 

محطة فروتڤيل، فيلم مؤثر يصور في إطار درامي، الظلم الذي لا يزال يدمر حياة الكثيرين في مقتبل عمرهم بمعدلات كبيرة للغاية، بطريقة تراجيدية لوصف الأحداث محاكية تماما للواقع.

فقد كان من اللافت أن تتضمن افتتاحية الفيلم تسجيلا مصورا حقيقيا من الهواتف الخلوية لركاب القطار لحظة وقوع الحادث.

كما ساهم تصوير إصرار أسرة أوسكار والولاية بأكملها أن تأخذ العدالة مجراها، بمحاكمة أفراد الشرطة القتلة، في جعل الفيلم قطعة فنية مشحونة عاطفيا تجسد مأساة مؤلمة لحياة إنسان انقضت مبكرا، ما أثار سلسلة من الاحتجاجات وأعمال الشغب في جميع أنحاء المدينة.

الفيلم حصد 38 جائزة ورُشح لـ55 أخرى، ووصفته الجارديان البريطانية بأنه "فيلم حساس وعمل جريء يرقى إلى بادرة إيمانية إنسانية، ودراما صعبة ومؤثرة عن حياة الأميركيين من أصل إفريقي".

الثالث عشر (13th )

فيلم وثائقي أميركي أنتج في عام 2016، ليكشف أن التعديل الدستورى الثالث عشر بإلغاء الرق والعبودية، والذي أقر في نهاية عام 1865، ليس إلا حبرا على ورق في الواقع، وأن العبودية ما زالت منتشرة فى الولايات المتحدة، لا سيما في السجون.

ويظهر ذلك من خلال نظرة متعمقة ومعلومات ثرية، حشدها مؤلفه ومخرجه آفا دوفيرناي، بالتعاون مع الكاتب سبنسر أفريك، وأداء النجوم ميلينا عبد الله، ميشيل ألكسندر، كوري بوكر.

كما يُظهر الفيلم حال السجون الأميركية المكتظة بما يزيد على ربع المساجين على كوكب الأرض، وأن واحدا من بين كل ثلاثة رجال سود يتعرض للسجن فى حياته.

ويعرض بالتفصيل كيف تضخمت صناعة السجون فى أميركا، وأصبح لها لوبي من الشركات المتعاقدة مع إدارات السجون من أجل توريد ملابس وأغذية وخدمات أمن وحراسة لملايين المسجونين.

كما يوضح كيف زادت أعدد المسجونين من أقل من مائتي ألف شخص عام 1970، لتتخطى مليونين اليوم، نصفهم من المواطنين السود الذين لا تتعدى نسبتهم 7% من عدد سكان الولايات المتحدة.

كما يكشف الفيلم الأساليب التي يلصق بها رجال الشرطة البيض الجرائم بالمواطنين السود، مبررا بذلك ظهور حركة "حياة السود مهمة" التي نشأت فى المجتمع الأميركي الإفريقي بهدف التخلص من العنف ضد الأشخاص السود، منوها لكلمات الرئيس دونالد ترامب العنصرية، التى يتودد فيها للشرطة، ويتوعد من يخرج على القواعد.

شوارع من؟ (Whose Streets?) 

فيلم وثائقي أميركي تم إنتاجه عام 2017 عن الكيفية التي قتلت بها الشرطة الشاب الأسود مايك براون البالغ من العمر 18 عاما، في أغسطس/آب عام 2014، بدم بارد بعدة رصاصات في إحدى ضواحي سانت لويس وأثارت احتجاجات عنيفة، وأكسبت حركة "حياة السود مهمة" شهرة أكبر على المستوى الدولي.

كما فجرت تساؤلات عن التمييز العنصري بحق السود ومعاملتهم كغرباء ومنحرفين، وكيف يمكن منع تكرار قتلهم وبأي الوسائل.

الفيلم كتبته وأخرجته صباح فوليان، بالتعاون مع دامون ديفيس، وأهدته إلى براون. وقام بالتمثيل ليزلي ماكسبادن، ومايكل براون الأب، وديفيد ويت.

ويُظهر كيف اختار أهالي الضحايا احتلال الشوارع بوصفها مسرحا للقتل وشاهدا على عنصرية الشرطة، وخرجوا يهتفون بسؤال غاضب: شوارع من؟ لتجيب الجموع: إنها لنا، في مشاهد لم تظهر في وسائل الإعلام الأميركية، حتى عرضها الفيلم بعيون كاميرات الناشطين التي صورت الأحداث بما تضمنته من مشاهد عنف وحراك سلمي.

رصد الفيلم تحولات مهمة في وعي الضحايا أظهرت شجاعتهم وقدرتهم على التنظيم واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة لتوثيق نشاطهم وما يتعرضون له من اضطهاد، بواسطة أداة النضال السلمي الجديدة وهي "الكاميرا" التي كرس لها الفيلم نصف زمنه تقريبا.

كما خصص الفيلم مساحة للحركة الشعبية المسماة "مراقبو الشرطة"، وهي حركة تبنت مشروعا لتسجيل تحركات الشرطة عبر كاميرات فيديو صغيرة، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.