أميركا تدفعها للانسحاب.. لوفيجارو: لهذا تتمسك إيران بالاتفاق النووي

12

طباعة

مشاركة

لا تزال السلطات الإيرانية متمسكة بالاتفاق النووي رغم إلغاء الولايات المتحدة الاستثناءات التي تستفيد منها بعض الشركات الأجنبية العاملة على المشاريع النووية في طهران، في آخر خطوة لفك الارتباط الأميركي بالاتفاق الدولي المبرم عام 2015.

تحت عنوان "النووي: طهران تقاوم الفخ الأميركي"، سلط الكاتب جورج مالبرونو في مقال له بصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية الضوء على الأسباب التي تجعل الإيرانيين متمسكين بالاتفاق الذي بات على وشك الانهيار.

وعلى الرغم من أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تشن منذ انسحابها من الاتفاق الدولي في 2018، حملة ضغط قصوى على طهران، فإنها مددت العمل بهذه الإعفاءات بانتظام، دون أن يرافق ذلك ضجة إعلامية.

لكن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن في 27 مايو/ أيار 2020، أن واشنطن قررت إلغاء الإعفاءات من العقوبات الأميركية التي تستفيد منها بعض الشركات الأجنبية العاملة على المشاريع النووية في إيران.

وتساءل مالبرونو: "في صراعها مع دونالد ترامب، هل ستستمر إيران في استخدام البطاقة النووية من أجل إفساد الحملة الانتخابية (الأميركية) لمن يريد أن يخنق الجمهورية الإسلامية؟".

وأضاف: "إذا استمرت إيران في تكثيف تخصيب اليورانيوم، فقد تكون الأزمة الصحية لفيروس كورونا (كوفيد-19) في الولايات المتحدة، حيث توفي أكثر من 100 ألف شخص، قد غيرت آراء القادة الإيرانيين". 

وأوضح أنه في الانتخابات المقبلة يريد الإيرانيون هزيمة الشخص الذي انسحب من الاتفاق النووي الدولي الموقع عام 2015 وفرض، اعتبارا من عام 2018، عقوبات جعلت الاقتصاد الإيراني يجثو على ركبتيه.

وأشار إلى أنه بناء على إلغاء الإعفاءات التي تشمل تطوير مفاعل "أراك" وإمداد مفاعل طهران للبحوث باليورانيوم المخصب وتصدير وقود المفاعلات الإيرانية المستهلك، فإن الدول التي ما زالت ملتزمة بالاتفاق الدولي والمنخرطة في هذه المشاريع النووية المدنية أصبحت معرضة لعقوبات أميركية إذا لم تنسحب من هذه المشاريع، وهذا الأمر يتعلق بروسيا بالدرجة الأولى.

فك الارتباط

تشهد الإدارة الأميركية جدلا منذ عدة أشهر بشأن ما إذا كان يتعين عليها إخضاع هذه البرامج النووية المدنية للعقوبات، وبالتالي منع الشركات الروسية والصينية والأوروبية التي ما زالت تعمل في هذه البرامج من الاستمرار في ذلك.

وفي رده على هذه الخطوة، قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمال فندي في بيان صحفي: "وضع حد للاستثناءات بشأن التعاون النووي مع إيران (...) لن يكون له تأثير حقيقي على عمل إيران المستمر". 

ووفقا له، فإن طهران قادرة على التزود بالوقود النووي عبر روسيا، حيث قال بهروز فندي: "وقودنا يأتي إلينا من موسكو دون أي مشكلة عندما يكون هناك حاجة. في حال انتهى الوقود، لدينا إمكانية تصنيعه في المستقبل من دون الاستناد على أي دولة أخرى".

وينوه مالبرونو بأنه من وجهة نظر طهران، جرى اتخاذ هذه "المحاولة اليائسة"، ردا على شحنات النفط التي أرسلتها إيران هذا الأسبوع (أواخر مايو/أيار) رغم أنف واشنطن إلى فنزويلا، وهي دولة تخضع أيضا للعقوبات الأميركية.

وأكد كاتب المقال أنه من خلال هذا القرار الأخير، الذي يعد جزءا من سياسة "الضغوط القصوى" التي تدعو إليها واشنطن، يعتقد معظم الخبراء أن الهدف الأميركي المنشود هو إخراج طهران من اتفاقية 2015. 

ونقل عن الأكاديمي البلجيكي جوناثان بيرون، المتخصص في الشأن الإيراني "الهدف هو دفع الإيرانيين لارتكاب خطأ من خلال ترك الاتفاقية بحيث يتم إعادة العقوبات على طهران، في حالة الخروج، من قبل جميع الموقعين على هذه الاتفاقية، وليس من قبل الولايات المتحدة وحدها، مع تشجيع الانهيار الاقتصادي للبلاد".

صمود إيراني

وأوضح بريان هوك، المبعوث الأميركي إلى إيران، للصحفيين أن إستراتيجية بلاده تجاه الجمهورية الإسلامية تخيّر طهران بين التفاوض مع الولايات المتحدة أو مواجهة انهيار اقتصادي نتيجة عقوباتها.

وبحسب جورج مالبرونو، حتى الآن، هذه الإستراتيجية نجحت جزئيا فقط، حيث يعاني الاقتصاد، وكذلك العديد من الإيرانيين، لكن طموحات طهران النووية لم تتقلص، ولم تمتنع عن التدخل في شؤون عدد من الدول العربية. بل العكس ما حدث في كلتا الحالتين. 

ولفت إلى أنه احتجاجا على العقوبات الأميركية، بدأت إيران منذ الصيف الماضي في تجاهل التزاماتها النووية، ودفع هذا الانسحاب التدريجي الدول الموقعة الأوروبية (فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا) إلى بدء إجراءات ضد إيران لانتهاكها هذا النص، الذي بات على وشك الانهيار.

وبين كاتب المقال أنه في نوفمبر/ تشرين ثاني 2020، أكد أحدث تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران كثفت تخصيب اليورانيوم إلى 551 كجم. 

لكن يقول جوناثان بيرون: "على الرغم من أن إيران قلصت الوقت الذي تستغرقه لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب وصنع سلاح ذري إلى حوالي عام، لا مصلحة مطلقا لطهران في تجاوز الإطار الصارم للاتفاقية للتوصل إلى موقف حيث لن يكون أمام الأوروبيين خيار آخر سوى الاعتراف بأن الاتفاقية لم تعد قائمة".

وأشار إلى أنه في الوقت الحالي تسعى الولايات المتحدة إلى تقديم قرار إلى مجلس الأمن الدولي يمدد الحظر المفروض على مبيعات الأسلحة التقليدية لإيران، والذي ينتهي وفقا للاتفاقية النووية، في أكتوبر/ تشرين أول 2020، وهو ما تعرضه في الوقت الحالي موسكو وبكين، لذلك، لا مصلحة لطهران في إخراجهم من الترتيبات النووية.

وخلص جوناثان بيرون إلى أنه "طالما أن عمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرخصة من إيران، فإننا لا نزال في وضع تحت السيطرة"، لافتا إلى أنه سيتم تجاوز الخط الأحمر عندما تمنع إيران مفتشي الوكالة الدولية من الوصول إلى بعض المواقع النووية.