خلافات عميقة.. ما مصير الحشد الشعبي بالعراق بعد انسحاب 4 فصائل؟

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

قرار رئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي، في 22 أبريل/نيسان 2020، بفك ارتباط 4 فصائل من هيئة الحشد الشعبي، أثار تكهنات كثيرة بشأن مصير المؤسسة المُشكّلة من 67 فصيلا شيعيا، استجابة لفتوى "الجهاد الكفائي" للمرجع الشيعي علي السيستاني عام 2014 لمحاربة تنظيم الدولة.

الفصائل الأربعة التي قرر عبدالمهدي إنهاء علاقتها بالحشد الشعبي، جميعها تابعة للمرجع السيستاني، وهي: فرق "العباس"، "الإمام علي"، ولوائي "الله أكبر وأنصار المرجعية"، ودعت بشكل علني بقية الفصائل للانضمام إليها، في أول انشقاق علني داخل "الحشد".

سيطرة إيرانية

لعل أسباب الانفكاك تكشف حالة الصراع بين الفصائل التي تعرف بالولائية لأنهم يدينون بالولاء لنظام ولاية الفقيه بقيادة المرشد الإيراني علي خامنئي، والأخرى الفصائل المرجعية، الذين يتبعون مرجعية رجل الدين الشيعي علي السيستاني في مدينة النجف.

يبلغ عدد الفصائل الولائية 44 فصيلا من مجموع 67 بالحشد الشعبي، ويصل عدد أفرادهم إلى 78 ألف عنصر من أصل 164 ألفا، فيما تشكل الفصائل الأربعة المنشقة، إضافة إلى فصيلي "سرايا السلام" بقيادة مقتدى الصدر، و"سرايا عاشوراء" بزعامة عمار الحكيم، أبرز المناوئين للولائيين.

وبقرار فك ارتباط الفصائل الأربعة، تصبح الفصائل الولائية هي من تهيمن على هيئة الحشد، والتي كانت سببا في خلاف سابق بين الطرفين، وذلك لاعتراض "فصائل المرجعية" على قرار تعيين عبدالعزيز المحمداوي "أبو فدك" القريب من إيران، نائبا لرئيس الهيئة خلفا لأبو مهدي المهندس الذي قتل بغارة أميركية مع الجنرال الإيراني قاسم سليماني في 3 يناير/ كانون الثاني 2020.

وفي السياق، نقلت صحيفة "المدى" العراقية عن قيادي سابق في الحشد الشعبي (لم تذكر اسمه) قوله: "الهيئة تشهد صراعا منذ تأسيسها بين جناحي الداخل وإيران". وأكد أن "التدخلات الإيرانية، كانت سببا في إعلان 4 فصائل عسكرية داخل الهيئة، الانفكاك من الحشد والارتباط مباشرة مع الحكومة".

وأشار القيادي السابق في الحشد الشعبي أن "قرار الانفصال جاء بعد أن باشر (أبو فدك) في منصبه بديلا عن أبو مهدي المهندس". وكانت قد هددت في وقت سابق بمغادرة الهيئة، بسبب احتكار الجناح الإيراني المناصب الحساسة في الهيئة، بحسب "المدى".

وقبل أيام قليلة من إعلان قرار فك ارتباط الفصائل الأربعة عن الحشد الشعبي، تحدث أحمد الصافي وكيل مرجعية رجل الدين الشيعي علي السيستاني في النجف، عن مشروع جديد لتلك الفصائل.

ونص المشروع، بحسب بيان لـ"فرقة العباس"، على أن تكون كل الفصائل المنضوية تحت جناح الحشد الشعبي "وطنية" في إشارة مبطنة إلى وجود فصائل لديها ولاءات خارجية.

وحسب محللين، فإن انضمام "فصائل المرجعية" للقوات الأمنية العراقية، أبعد الشكوك عن أن هذه الفصائل تعمل بعيدا عن القيادة العامة للقوات المسلحة، وهو الاتهام الذي كثيرا ما لاحق فصائل الحشد، لا سيما في موضوع الصراع الإيراني الأميركي.

وأكد المحللون أن هذه خطوة عملية لإشراك هذه الفصائل تحت قيادة الجيش، وهو ما أكده المحلل السياسي رعد الإبراهيمي في تصريحات صحفية بقوله: "هذه خطوة عملية لوضع هذه القوات في الجيش العراقي، لتكون تحت قيادة الجيش دون التعرض لاتهامات بانتمائهم لإيران".

تجنب المواجهة

وبخصوص تداعيات انفكاك الفصائل الأربعة عن الحشد، لا سيما أن من تبقى هم غالبية من يوالون إيران، قال المحلل السياسي أحمد الأبيض: "الفصائل المرتبطة بالحرس الثوري ستصبح ضمن تسلسل الاستهداف الأميركي".

وأوضح الأبيض في تصريحات صحفية أن تلك الفصائل الموالية لإيران هي: "عصائب أهل الحق، والنجباء، وكتائب حزب الله"، لافتا إلى أن "القصة كلها تندرج في إطار الصراع الداخلي، والصراع الدائر بين واشنطن وطهران".

المحلل السياسي توقع أن "تبقى الفصائل التي انسحبت من الحشد الشعبي، خارج دائرة الاستهداف الأميركي. أما الأخرى التابعة لمقتدى الصدر وعمار الحكيم، فإنها ليست مناهضة بشكل علني للأميركان، ولا تستهدفهم".

وفي المقابل، قال المحلل السياسي وائل الركابي: "قرار عبدالمهدي جاء بناء على طلب تلك الفصائل التي تتبع المرجعية الدينية الشيعية"، لافتا إلى أن "خصوصية القرار اعتمدت على رؤية المرجعية بأن هناك تهديدا أميركيا واضحا لاستهداف قادة الحشد الشعبي والفصائل".

وأضاف الركابي في تصريحات صحفية: "عندما تصرح الولايات المتحدة بأنها ستستهدف مراكز ثقافية، وكانت قد قصفت سابقا مطار كربلاء، لذلك حتى لا تضع المرجعية نفسها في موقف المجابهة، ويعطي ذلك الذريعة بأن تُستهدف المراقد المقدسة لدى الشيعية".

واستبعد المحلل السياسي أن "يتسبب انسحاب فصائل المرجعية بتداعيات على الحشد الشعبي، كأن يتفكك أو ينقسم إلى نصفين، لأن الجميع يرتبطون بالقائد العام للقوات المسلحة". واستدرك: "لكن على الأرض لدينا كيان اسمه حشد شعبي، وشيء آخر يدعى فصائل مقاومة، والطرفان موقفهما موحد ضد الأميركيين".

ترغيب وترهيب

الخطوة التي اتخذتها "فصائل المرجعية" أثارت غضب الموالين لإيران في الحشد الشعبي، بل وصل الحد إلى تهديد بالقتل لأحد قادة الألوية المنسحبة، وذلك بعدما رفض عروضا مغرية لإلغاء قرار فك الارتباط.

ونقلت شبكة "رووداو" الكردية عن مصادر عراقية (لم تسمها) قولها: إن "تهديدا ضمنيا يحمل معنى إهدار الدم طال أحد قادة ألوية العتبات المنسحبة من هيئة الحشد الشعبي".

وكشفت أن "التهديد صدر عن قيادي في الفصائل التابعة لهيئة الحشد"، لافتة إلى أن "التهديد جاء بعد رفض فصائل المرجعية، عروضا مغرية، تضمنت مناصب سيادية في الهيئة".

ومن الناحية القانونية، قال الخبير طارق حرب: "قانون الحشد الشعبي رقم (40) لسنة 2016 في الفقرة ثانيا من المادة الأولى، أوجبت ارتباط هذا الحشد بجميع أفراده وتشكيلاته من القوات المسلحة بالقائد العام للقوات المسلحة، وذلك يعني أن الفصائل المنسحبة ترتبط بالقائد العام، وله أن يقرر ما يشاء بارتباط ألوية من الحشد به مباشرة دون المرور بسلسلة المراجع الموجودة في قيادة الحشد".

وتابع: "لذلك فإن ما أصدره رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، يوافق قانون الحشد ويوافق المادة (78) من الدستور التي اعتبرت القائد العام للقوات المسلحة، المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، أي بجميع سلطاتها وأقاليمها ومحافظاتها وجيوشها والشعب والأرض لأن مصطلح الدولة الذي أورده الدستور وخوله رئيس الوزراء يشمل الجميع".

وأكد حرب في منشور على حسابه بفيسبوك أن "أمر رئيس الوزراء بارتباط بعض ألوية الحشد الشعبي به دستوري قانوني، ولا يحتاج إلى ناطق رسمي لكي ينطق به، وكل من يخالف هذا الأمر يكون قد خالف أحكام المادة (42) من الدستور ويتم تشكيل مجلس تحقيقي ويحال من لم ينفذ الأمر إلى المحكمة العسكرية".

في 24 أبريل/نيسان 2020، قال الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة عبدالكريم خلف خلال تصريح صحفي: إن "رئيس الوزراء لم يوافق على البيان الصادر بشأن ألوية الحشد الشعبي".

ومن الناحية القانونية، قال الخبير طارق حرب: "قانون الحشد الشعبي رقم (40) لسنة 2016 في الفقرة ثانيا من المادة الأولى، أوجبت ارتباط هذا الحشد بجميع أفراده وتشكيلاته من القوات المسلحة بالقائد العام للقوات المسلحة، وذلك يعني أن الفصائل المنسحبة ترتبط بالقائد العام، وله أن يقرر ما يشاء بارتباط ألوية من الحشد به مباشرة دون المرور بسلسلة المراجع الموجودة في قيادة الحشد".

وتابع: "لذلك فإن ما أصدره رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، يوافق قانون الحشد ويوافق المادة (78) من الدستور التي اعتبرت القائد العام للقوات المسلحة، المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، أي بجميع سلطاتها وأقاليمها ومحافظاتها وجيوشها والشعب والأرض لأن مصطلح الدولة الذي أورده الدستور وخوله رئيس الوزراء يشمل الجميع".

وأكد حرب في منشور على حسابه بفيسبوك أن "أمر رئيس الوزراء بارتباط بعض ألوية الحشد الشعبي به دستوري قانوني، ولا يحتاج إلى ناطق رسمي لكي ينطق به، وكل من يخالف هذا الأمر يكون قد خالف أحكام المادة (42) من الدستور ويتم تشكيل مجلس تحقيقي ويحال من لم ينفذ الأمر إلى المحكمة العسكرية".

في 24 أبريل/نيسان 2020، قال الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة عبدالكريم خلف خلال تصريح صحفي: إن "رئيس الوزراء لم يوافق على البيان الصادر بشأن ألوية الحشد الشعبي".

غير أن وثيقة رسمية تناقلتها وسائل الإعلام، تؤكد أمر عبدالمهدي بربط الألوية: "2، 11، 26، 44" (فرقتي: الإمام علي والعباس، ولوائي: الله أكبر وأنصار المرجعية) بالقائد العام للقوات المسلحة، إداريا وعملياتيا.

وفي 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، أقر البرلمان العراقي، قانون "هيئة الحشد الشعبي" وسط مقاطعة نواب تحالف القوى السني، الذي عدّ إقرار البرلمان قانون الحشد الشعبي "نسفا للشراكة الوطنية".

وجرى التصويت على القانون وسط خلاف بين الكتل السياسية على فقرات في القانون تتعلق بالتوازن وتوزيع النسب بين مكونات الشعب ومشاركة جميع المحافظات بالدفاع عن مدنهم، وألا يقتصر على محافظة دون أخرى. كما يدور الخلاف حول أعداد "الحشد الشعبي"، وألا تتجاوز 100 ألف مقاتل.

ورأى مراقبون سياسيون، أن إقرار قانون الحشد الشعبي وجعله إحدى قوة رسمية جاء بدفع من إيران، والهدف من ذلك هو تحويله إلى نسخة ثانية من الحرس الثوري، لحماية المكتسبات السياسية الشيعية في العراق.

ويصرف لهيئة الحشد الشعبي من ميزانية الدولة شهريا 98 مليونا ونصف المليون دولار، حيث تحصل الفصائل الولائية على أكثر من 70 بالمئة منها، إضافة إلى سيطرتهم على الهيئة القيادية بالكامل، وجميع الأقسام الإدارية، في المؤسسة المرتبطة بمكتب القائد العام للقوات المسلحة.