"الاختيار" أبرزها.. كيف أوحى السيسي للمنتجين بأفكار مسلسلات رمضان؟

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم في مصر قبل 7 سنوات، ومنظومة الحكم العسكرية، تسيطر على الفضائيات، عن طريق ذراعها الإعلامية "إعلام المصريين" الشركة التابعة لجهاز المخابرات، وإخراج معظم المنافسين من السوق.

ما حدث مع الفضائيات حدث أيضا مع سوق الدراما المصرية عن طريق شركة "سينرجي" التابعة لإعلام المصريين، ورئيسها تامر مرسي، الذي استحوذ على خارطة الدراما الرمضانية للعام 2020، على غرار الأعوام السابقة. 

عملت "منظومة الدراما العسكرية" على التوسع في إنتاج محتوى سياسي، بتوجهات محددة، مثل مسلسل "الاختيار" الذي ينمق من صورة ضابط الجيش بملابسه المموهة وذات اللون "الكاكي".

في يونيو/حزيران 2017، تحدث السيسي عن أهمية السيطرة على صناعة الدراما، وعن عدم الرضاء عن محتوى المسلسلات، وحجم الإنفاق عليها.

قبضة "سينرجي" 

من خلال سينرجي المملوكة لجهاز المخابرات العامة، أحكمت السلطة قبضتها على صناعة الدراما الرمضانية، وعلى غرار العام السابق، استمرت الشركة في الهيمنة على معظم مسلسلات رمضان لهذا العام 2020.

العام الماضي، وجهت سينرجي ضربة موجعة لشركات الإنتاج المنافسة، ولسوق العمل الدرامي، بإنتاجها 15 مسلسلا، وهو ما حدث أيضا خلال دراما رمضان 2020.

فمن أصل 24 عملا فقط، أنتجت "سينرجي" 13، وهي: "البرنس، الفتوة، نحب تاني ليه، فرصة تانية، النهاية، القاهرة كابول، هجمة مرتدة، الاختيار، ليالينا، تيمون وبومبا، وصل أمانة".

بالإضافة إلى مسلسل "فلانتينو" بطولة عادل إمام الذي تم اتخاذ قرار باستكماله بعد خروجه من السباق الرمضاني الماضي، وكذلك مسلسل "بـ100 وش"، بعد توقيع عقد شراكة بين شركة العدل جروب منتجة المسلسل والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية. 

في مايو/ آيار 2019، صدر قانون إلزام شركات الإنتاج بخفض أجور الفنانين، وهو ما قلص أجور نجوم الصف الأول إلى النصف، واستمر نفس الأمر خلال العام الجاري، مع استثناء الفنان عادل إمام، حيث تقاضى 40  مليون جنيه (نحو 2.5 مليون دولار)، من سينرجي المسؤولة عن إنتاج مسلسل "فلانتينو" الذي يقوم ببطولته. 

ووفقا للمنتجين جمال العدل وطارق الجنايني، فإن المنتجين قد اجتمعوا رفقة تامر مرسي، الذي يمثل شركة سينرجي ومجموعة إعلام المصريين، وقرروا استثناء عادل إمام وحده لمكانته وتاريخه الفني.

وجاء في ترتيب الأجور بعد إمام، محمد رمضان بطل "البرنس"، وحصل على 18 مليون جنيه، ثم الممثل أمير كرارة بطل "الاختيار"، وحصل على 11 مليون جنيه، وفي المركز الرابع ياسر جلال عن مسلسل "الفتوة" بأجر بلغ 9 ملايين جنيه، ليصبح إجمالي ما أنفقته سينرجي على 4 ممثلين فقط هو 83 مليون جنيه (نحو 5.2 مليون دولار)، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية، وتدهور في العديد من القطاعات بسبب أزمة كورونا. 

مسلسل "الاختيار"

مسلسل "الاختيار" يروي قصة وفاة العقيد أحمد المنسي، من تأليف باهر دويدار وإخراج بيتر ميمي، وبطولة أمير كرارة الذي يجسد دور منسي، ووصل أجر كرارة إلى 11 مليون جنيه (نحو 700 ألف دولار) مرتفعا بخمسة ملايين عن أجره العام الماضي في الجزء الثالث من مسلسل "كلبش" الذي جسد فيه دور ضابط شرطة أيضا.

المسلسل الذي وصفه إعلاميو النظام مثل خالد أبو بكر، بأنه سيكون علامة فارقة في تاريخ الدراما العربية، حاز على اهتمام بالغ من أجهزة الدولة، في محاولة لترميز ضباط شاركوا في عمليات عسكرية داخل سيناء التي تعاني من اضطرابات عارمة، وتهجير وقتل للمدنيين والأهالي منذ عام 2013. 

الفنان أحمد العوضي قال إنه يشارك أمير كرارة في بطولة "الاختيار" برمضان 2020، ويقدم فيه شخصية "هشام عشماوي"، ضابط الصاعقة الذي انشق عن الجيش وقام بأكثر من عملية مسلحة ضد القوات المصرية، وتحديدا في الصحراء الغربية، ثم قبض عليه في درنة الليبية، وأعدم في 4 مارس/ آذار 2020.

في 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، خلال الندوة التثقيفية الـ29 للقوات المسلحة، المنعقدة في مركز المنارة للمؤتمرات بالقاهرة، قال السيسي: "هشام عشماوي كان زميلا للشهيد البطل أحمد المنسي. يا ترى إيه الفرق بين هشام عشماوي وأحمد المنسي، ده ضابط وده ضابط، والاثنين كانوا مع بعض في فرقة واحدة".

أجهزة المخابرات والإعلام التقطت جملة السيسي والمفارقة، لتقوم بإنتاجها دراميا خلال مسلسل "الاختيار" وهو ما يفسر جزءا من سر التركيز على شخصية العقيد أحمد منسي، دونا عن غيره من الضباط الذين قضوا نحبهم في سيناء.

منتج الظل

تامر مرسي هو أحد أبرز أدوات المخابرات للسيطرة على المحتوى الدرامي، ظهر اسمه بقوة على ساحة الإنتاج في فبراير/ شباط 2018، عندما أعلنت داليا خورشيد، رئيس مجلس إدارة شركة "إيجل كابيتال"، المالكة لمجموعة "إعلام المصريين"، قبول استقالة المهندس أسامة الشيخ من رئاسة مجلس إدارة المجموعة، وتعيين مرسي مكانه.

مرسي هو صاحب شركة "سينرجي للإنتاج الفني" التي هيمنت على سوق الدراما بشكل كامل، واستطاع من خلالها أن يقدم العديد من المسلسلات منذ 2007، كما أنتج عدة أعمال للفنان عادل إمام منها مسلسل "فرقة ناجي عطا الله"، كما أنتج برنامج "YES, I’M FAMOUS" الذي ظهر به العديد من النجوم العالميين على رأسهم لاعب كرة القدم العالمي ليونيل ميسي.

وفي 8 أبريل/ نيسان 2019 أعلن تامر مرسي أنه بدأ العمل على إعادة هيكلة القنوات الفضائية في مجموعة "إعلام المصريين" من أجل ما أسماه النهوض بالرسالة الإعلامية ورسم مستقبل أفضل للإعلام، وبدء الخطوات التنفيذية لهيكلة القنوات الفضائية التابعة لشركات "إعلام المصريين" و"دي ميديا"، وكان ذلك جزءا أساسيا من سيطرة جهاز المخابرات على المحتوى المرئي بشكل عام، وصناعة الدراما بشكل خاص.

رقابة خانقة

وسائل إعلام عالمية رصدت سيطرة منظومة السيسي على صناعة الدراما، وفي 3 أبريل/ نيسان 2019، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية مقالة لمدير مكتبها السابق في القاهرة والشرق الأوسط، الكاتب الصحفي الأميركي ديكلان والش.

والش قال: "السيسي يحول سلطته الكاسحة إلى ركن جديد من أركان المجتمع المصري وهي الدراما التلفزيونية. في شهر رمضان من كل عام تلتف الأسرة المصرية حول التلفزيون لمتابعة الدراما التلفزيونية التي تقوم على إنتاجها مؤسسات كبيرة في البلاد بميزانيات ضخمة".

مضيفا: "هذه الدراما يقوم ببطولتها كبار الفنانين المصريين، التي تشمل الميلودراما والأعمال التاريخية الكبرى والأعمال التي تركز على بطولات رجال الشرطة، وتعد الدراما التلفزيونية المصرية هي الأكثر انتشارا ويتم عرضها في المنطقة العربية والشرق الأوسط". 

من أبرز ما رصده الكاتب الأميركي، ما قاله في تصريحه: من أن "الفنانين ذكروا أنه تم إجبارهم على اتباع الموضوعات التي حازت على موافقة الرقابة العسكرية، مثل تعظيم دور الجيش والشرطة، وذم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، ومن لا يلتزم منهم بهذه القواعد، فإن أعمالهم لن يتم عرضها على شاشات التلفزيون".